ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 18/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

بين ميسلون و سقوط القنيطرة

ما بين آل العظمة و آل الأسد

د. / هشام الشامي

اجتمع المؤتمر السوري ( الذي تشكل بعد نجاح الثورة العربية الكبرى و خروج الجيش العثماني من سوريا و دخول الشريف فيصل بن حسين بن علي لدمشق ) يوم (7/3/1920) وقرر إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية (أي بلاد الشام و هي : سوريا و لبنان و فلسطين و الأردن)، ونودي بفيصل بن الحسين ملكاً عليها. وفي اليوم التالي توج فيصل ملكاً في ساحة المرجـة بدمشق، وشكلت وزارة برئاسة علي رضا الركابي.

ولكن فرنسا وإنكلترا رفضتا نتائج المؤتمر ، واجتمعتا في (سان ريمو) بتاريخ (25 /4 /1920) وقررتا:

1- وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. على أن يكون لبنان منفصلاً عن سوريا.

2- وضع فلسطين والأردن تحت الانتداب الإنجليزي. مع الالتزام بوعد بلفور بشأن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين .

و بذلك يكون الإنجليز قد خانوا التزاماتهم مع الشريف حسين بن علي شريف مكة الذي كان قد اتفق مع  السفير الإنكليزي مكماهون  بأن يدخل الحرب العالمية الأولى مع الحلفاء ضد العثمانيين ، مقابل تسليمه ملكاً على العرب في القسم الآسيوي من الوطن العربي . و أوفوا بالمقابل تعهداتهم مع الفرنسيين ( كما التزموا مع اليهود )، عندما اجتمع سفيرهم سايس مع السفير الفرنسي بيكو عام 1916 و تقاسما المنطقة العربية ، و هي ما تزال بعهدة الشيخ المريض ( الدولة العثمانية ) ، فيما سُمي بمعاهدة سايس بيكو .

 وعلى إثر اجتماع سان ريمو  وجـه الجنرال الفرنسي (غورو) الذي كان يحتل سواحل سوريا و لبنان إنذاره الشهير إلى الحكومة السورية يطلب فيه:

 1- قبول الانتداب الفرنسي على سوريا.

 2-تسليم خط الحجاز الحديدي للجيش الفرنسي.

3- إلغاء التجنيد الإجباري ، وحل الجيش السوري، وتسليم عتاده للفرنسيين.

قبل الملك فيصل هذه الشروط، وأصدر قراراً بتسريح الجيش السوري. وأرسل ذلك خطياً للجنرال غورو، الذي ادّعى أن الجواب لم يصله وتحرك ليدخل دمشق بالقوة العسكرية. وزحف بعشر كتائب مشاة، وست كتائب فرسان، وسبع كتائب مدفعية، وضم جيشه مزيجاً من الفرنسيين، ومن جنود المستعمرات الفرنسية كالصوماليين و السنغاليين والجزائريين وغيرهم.

أما الشعب فقد حركته غريزته الوطنية ، واتهم الحكومة بالذل والخنوع، وهاجم قلعة دمشق يريد الحصول على السلاح للمقاومة، وقامت المظاهرات في المدن السورية مطالبة بالدفاع عن الوطن و عدم التخاذل، واستقالت الحكومة، وشكلت حكومة جديدة برئاسة هاشم الأتاسي، و كان يوسف العظمة وزيراً للدفاع فيها، فأعلنت نظام التجنيد الإجباري واستعدت للدفاع عن سوريا.

وفي تموز 1920اتجهت جموع المتطوعين من دمشق لملاقاة الجيش الفرنسي الزاحف إليها ، وانضم إليهم عدد من أفراد الجيش السوري المسرح بقيادة وزير الدفاع يوسف إبراهيم العظمة ، ومعهم كتيبة مدفعية، قطعت هذه الجموع حوالي ثلاثين كيلو متراً باتجاه الغرب، فالتقت بطلائع الجيش الفرنسي عند سهل ميسلون، وركزت المدفعية أسلحتها بقيادة ملازم أول من الجيش السوري المنحل، وبدأت تقصف الجيش الفرنسي فأوقفته عن التقدم...

ثم لم يكن بد من انتصار الجيش الفرنسي المتفوق بالعدد و العدة على مجموعة من المتطوعين، والجنود، استشهد معظمهم، و في مقدمتهم وزير الدفاع يوسف العظمة ، بعد أن قرروا أن لا يمر العدو إلا على أجسادهم، فصمدوا وقابلوا الجيش الفرنسي بقليل من العتاد و الخبرة ، حتى تمكن الفرنسيون من الانتصار عليهم، ودخل الجنرال غورو دمشق،  في أوائل شهر (آب) 1920م، و توجه إلى ضريح صلاح الدين الأيوبي، فدخله بلباسه العسكري بكل عنف وتهكم وركل المقام بقدمه قائلاً: ( قم يا صلاح ها قد عدنا )..

كان يوسف إبراهيم العظمة ( المولود في حي الشاغور بدمشق و خريج المدرسة الحربية باستنبول ) يعلم أنه لابد من معركة فاصلة مع الفرنسيين، ولم يكن يمنعه من خوضها معرفته أنه سيخسر المعركة، واعتقد أن مشي فرنسا على جثث المقاومين ، أفضل وأشرف للشعب السوري، من فتح أبواب البلاد للجيش الفرنسي يدخلها ويمشي في شوارعها مستعلياً متكبراً بدون مقاومة.

كان رحمه الله يوقن أنه خارج إلى ملاقاة ربه، ولذا قال لساطع الحصري وهو يودعه قبل انطلاقه إلى المعركة: (إني أترك ابنتي الوحيدة ليلى أمانة في أعناقكم).

و كذلك كان رجاله المجاهدين – و أكثرهم من علماء الدين الأفاضل و في مقدمتهم الشيخ الشهيد عبد القادر كيوان: خطيب و إمام الجامع الأموي الكبير - ، الذين استشهد معظمهم ، يعلمون نتيجة المعركة سلفاً ، و لكنهم آبوا أن يدخل العدو وطنهم سوريا وهم على قيد الحياة ، وسجلوا هذا الموقف المشرف في صفحة التاريخ بماء من ذهب .

 و عندما سمع الملك فيصل بن الحسين باستشهاد يوسف العظمة ومن معه من العلماء قال: (إني أحني رأسي احتراماً لجميع هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الاحتجاج على اعتداء لم يعرف له التاريخ مثيلاً).

و بعد أقل من خمسة عقود من معركة الكرامة في ميسلون ، وفي يوم العاشر من حزيران من عام 1967 التاسعة و النصف صباحاً ، أعلن وزير الدفاع آنذاك اللواء حافظ الأسد سقوط القنيطرة بالبلاغ رقم (66 )، و ذلك قبل دخول الجيش الإسرائيلي للمدينة ، وكان عبد الرحمن الأكتع وزير الصحة يومذاك في جولة ميدانية جنوب القنيطرة ، يقول: سمعت نبأ سقوط القنيطرة يذاع من المذياع ، وعرفت أنه غير صحيح لأننا جنوب القنيطرة ولم نـر جيش العدو ، فاتصلت هاتفياً بحافظ الأسد وزير الدفاع وقلت لـه : المعلومات التي وصلتكم غير دقيقـة ، نحن جنوب القنيطرة ولم نـر جيش العدو !!! فشتمني بأقذع الألفاظ ومما قاله لي : لا تتدخل في عمل غيرك يا ... ، فعرفت أن في الأمر شيئاً !!؟

وقد صرح رئيس الأركان البعثي (أحمد السويداني) بأنه لم يُستشَر في البلاغ الذي أعلن سقوط القنيطرة، وإنما سمعه من الإذاعة كغيره من المواطنين” .

و يقول الدكتور سامي الجندي ( من مؤسسي البعث و وزير إعلام سابق في حكومة البعث ):

“كانت آرائي كلها ضد الحرب، ولم أُخفِ أبداً أن الحكم كان يعد لهزيمة، بل كان يعد لهزيمة العرب الآخرين، كي يبقى هو “الثوري الوحيد، سيد المناخ الثوري العربي” .بينما كان وزير الدفاع حافظ الأسد يقول: “هناك إجماع في الجيش السوري، الذي طال استعداده - ويده على الزناد - على المطالبة بتعجيل المعركة، ونحن الآن بانتظار إشارة من القيادة السياسية”

و يقول الدكتور سامي الجندي مشيراً إلى وجود خطة مشبوهة:

“عندما نتتبع فصول معركة الجولان، نجد أن العسكريين الذين قاوموا، فعلوا ذلك دون أوامر، أما الذين صدرت إليهم الأوامر فقد انسحبوا بناء على خطة، ترى ما هي الخطة؟!

تم إخلاء السكان من الجولان منذ 5/حزيران، لماذا؟! لست بحاجة إلى القول: إن سقوط القنيطرة قبل أن يحصل، هو أمر يحار فيه كل تعليل نبنيه على حسن النية”•

 و يقول أيضاً : “فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون ـ و أنا في باريس ـ مندوب سوريا في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة، ووصول قوات إسرائيل إلى مشارف دمشق، ومندوب إسرائيل يؤكد أن شيئاً من ذلك لم يحصل” “قال لي الدكتور إبراهيم ماخوس وزير الخارجية السوري يومها : إنها كانت خطة ماهرة لإرعاب العالم من أجل إنقاذ دمشق” .

وفي أحد اجتماعات الحزب التي أعقبت الجريمة، قال إبراهيم ماخوس أمام الرفاق: “لا تنسوا أن الهدف الأول من الهجوم الإسرائيلي، هو إسقاط الحكم التقدمي الثوري في سوريا، وكل من يطالب بتبديل حزب البعث هو عميل لإسرائيل”؟! .

و الأعجب و الأغرب من ذلك أن وزير الدفاع الذي أعلن من دمشق سقوط القنيطرة بهذه المسرحية التراجيدية ، كوفئ فأصبح رئيساً للجمهورية ، بل أصبحت سوريا كلها ملكاً له و لأسرته من بعده ، فبعد ثلاثين سنه قضاها في حكم سوريا ، ورّث الحكم لولده ، و ما تزال القنيطرة – ومعها كل أرض الجولان المعطاءة و جبل الشيخ الاستراتيجي - ترزخ تحت نير الاحتلال الصهيوني ، و مع ذلك لم تطلق آية رصاصة باتجاه المحتلين منذ انتهاء حرب تشرين / رمضان عام 1973 التي خسرنا فيها قرى أخرى، و اكتفى جيش الأسد العقائدي بتجريب سلاحه و تدريب أزلامه في حماة و حلب و جسر الشغور و جبل الزاوية و تدمر و القامشلي ولبنان ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في تل الزعتر والبداوي والبارد وعين الحلوة و .. 

و أصبح الطيران الإسرائيلي في عهد الأسد الثاني يتدرب في سماء سوريا الأسد و يتمختر فوق قصور الرئاسة ، و يقصف عين الصاحب حول العاصمة ،وعناصر الموساد تغتال الناشطين الفلسطينيين في قلب العاصمة السورية، ثم يخرج وزير الدفاع السوري بكامل أوسمته و نياشينه و زينته ليرد على العدوان قائلاً : لن تستطيع إسرائيل جرنا إلى معركة تخطط لها ، و سنرد في الوقت المناسب . أما متى هذا الوقت المناسب؟ ، فالجواب في يد الأسد الثاني التي امتدت لتصافح الرئيس الإسرائيلي رغم رفض الصهاينة إجراء أي مفاوضات أو لقاءات مع السوريين ، مع كل التنازلات و المبادرات و التصريحات و النوايا الحسنة!!؟ التي أبداها أهل النظام في دمشق تجاه الصهاينة. بينما رفضت يد الأسد الثاني كل الأيدي الممتدة و النداءات الصادقة والمبادرات المخلصة التي أطلقتها قوى المعارضة الوطنية لإنقاذ الوطن والدفاع عنه في زمن التحديات الجثام.

و الجواب في قول الشاعر :

أسد علي و في الحـروب نعامة *** فتخاء تجفل من صفير الصافر

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ