ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 20/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

تـعذيب النسـاء في السـجون السورية ـ 11

مولودة في سجن تـدمـر

  إعـداد الدكتور خالد الاحمد*

الشعب كله متهم في سوريا ، رجاله ونساؤه ، أطفاله وشيوخه ، كلهم متهمون ، يجب أن يسحقوا ، وأن تملأ بهم السجون والمعتقلات ، ويذبحوا ويتسلى بهم الساديون ، أزلام النظام الأسـدي ، الذين نفخ فيهم أسـد الحقـد الطائفـي ، وسـخرهم لذبـح المواطنين رجالاً ونسـاء ، من جميع الفـئات ، والأعمـار والأجناس ...

قدم لنـا الأخ محمد سليم حمـاد ( يحفظه الله ، وجعل ذلك في صفحات أعماله الصالحة يوم القيامة ) ، قدم لنا كتاب ( تدمر ، شاهد ومشهود ) بين فيها صفحة من صفحات التعذيب الذي  صبـه أزلام النظام الأسدي على رجال سوريا الأحرار ، على خيرة أبناء الشعب السوري .

وتـذكر لنا هذه المـرة ( هبـة الدبـاغ ) يحفظها الله في كتابها ( خمس دقائق فقط : تسع سنوات في سجون الأسد ) ، هبـة الدباغ ، الوحيدة التي بقيت من أسرتها الحموية ، التي أبادوها بكاملها في عام (1982) ، ونجت هي لأنها فس السجن ، وشقيقها ( صفوان ) لأنه خارج سوريا .... وقتل أزلام الأسد حوالي ( عشرة ) من أفراد أسرتها ، من الأب إلى الأم ، إلى الأطفال الصغار ، والبنات الصغيرات ، في مجزرة حماة الكبرى (1982) التي عجـز المغول والتتار والصليبيون والفرنسيون على أن يفعلوا مثلها ... فلنسمع ماتقوله هبـة الدبـاغ ( واسأل الله أن يجعله في صحائف أعمالها يوم القيامة ) ... فقد قدمت وثائق نادرة وحقيقية ضـد نظام القتلة الأسـدي ...

 

تقـول هبـة الدبـاغ :

كانت أم خالد أمية أ . وأم زهير أ . قد أمضيتا عاماً كاملًا في سجن التحقيق العسكري بدمشق قبل أن يأتوا بهما إلى قطنا أواخر عام 84 ، لكن كلتيهما كانتا قد فقدتا أحب الأحباب من عائلتيهما وعانتا في سبيلهم الكثير . وأما أمية فهي ابنة عالم شهيرمن علماء دمشق هو الشيخ أحمد أ . الذي استشهد اثنان من أبنائه (علاء ومصطفى) واعتقل الثالث والأكبر (شهاب ) ويقال أنهم أعدموه بتدمر فيما بعد . . ولقد تم اعتقال أفراد العائلة كلهم مرتين أو ثلاث بما فيهم إحدى حفيدات الشيخ أحمد الطفلة شيماء وكان عمرها سنتين فقط ، فيما كان الشيخ أحمد في السبعينات من عمره ! ولا أزال أذكر كيف قال الرائد عبد العزيز ثلجة في التحقيق : - انظري . . هذا الشيخ أحمد عامل حاله شيخ أنا أحرقت له لحيته بالنار ! وكانوا قد اعتقلوهم أول مرة ثم أطلقوا سراحهم ، فلما استشهد ولداه أعادوهم إلى الإعتقال ! وأما أمية فقد نالت نقمة مضاعفة مرة بسبب والدها وإخوتها والثانية بسبب زوجها وهو طبيب من حلب اسمه صالح خ . - اعتقل قبل أن نعتقل نحن بعام كامل بتهمة التعامل مع الإخوان ومدهم بالمال ، وفي البداية اعتقلوا ابنهم معه وكان عمره 16 سنة فقط ثم أطلقوا سراحه لاحقاً على أساس أن يتعامل معهم ، لكن أمه هربته إلى تركيا مباشرة لتنجو به ، فلما عادت تم اعتقالها ، وبقيت قرابة العام في سجن التحقيق العسكري قبل أن تنقل إلى قطنا . وفيما تم الإفراج عن أم خالد بعد بذل وساطات كبيرة في العام التالي ، فإن زوجها لم يخرج إلا بعد خروجنا بأكثر من عام . ولا أزال أذكر أنها لما دخلت المهجع في قطنا ورأتني أمامها شهقت وهي تقول لي : - أنت هنا ؟ ألم يرموك من الطائرة ؟ قلت وقد تملكني الدهشة . ماذا ماذا تقصدين : قالت : سمعنا والله أنهم رموك من الطائرة وبكينا عليك وقتها أشد البكاء !!! وأما أم زهير التي كانت في الأربعينات من عمرها فقد استشهد أخواها أيضاً مع بدايات الأحداث في مواجهات مع المخابرات بدمشق ، وصارت لهما شهرة وصيت وقتذاك ، وكا نت أم زهير قد ذهبت لتأدية فريضة الحج بشكل عادي ، فلما عادت اعتقلوها أيضاً من غير سبب واضح ، وأمضت قرابة السنة في سجن التحقيق العسكري قبل أن ترافق أم خالد إلى قطنا وتخرج معها عام 85 .

 

ســنوات عجــاف

كانت ثلاثة أيام وحسب قد مضت على زواج السيدة ابتسام ع . من زوجها الطبيب الذي يؤدي خدمته الإلزامية في اللاذقية حينما تم اعتقاله وشقيقه لسبب لا تعرفه ابتسام إلى اليوم . . فبذلت المسكينة وعائلتها الكثير من النقود ووسطوا وهم من عائلة معروفة في اللاذقية الوساطات الكبيرة حتى تمكنت من زيارته في تدمر خمس دقائق فقط لم تكن كافية حتى لتلتقط أنفاسها وهي تراه بحالة من التعذيب والهوان مزرية . . وبعد أقل من شهر واحد على تلك الزيارة وجدت ابتسام نفسها مكبلة الأيدي ، يقتادها عناصر المخابرات العسكرية إلى فرع التحقيق العسكري في اللاذقية ثم إلى الفرع الرئيسي في دمشق . . لتمضي سبعة أو ثمانية أشهر من الضياع هناك قبل أن تحط بها الرحال بيننا بعد بضعة أسابيع وحسب من وصول مجموعة أمية ، فتمضي معنا من غير ما سبب تعرفه بضع سنوات عجاف ، وأما الزوج فظلت أخباره منقطعة عنها حتى بعدما خرجت من السجن ، وكان آخر ما بلغها من أنباء تسربت عن حالته المؤلمة أنه أصيب بالسل ، ونقل من مهجع كان فيه في سجن تدمر إلى مكان مجهول!

 

شــو الـك بالقـصر

لم تمض أسابيع قليلة من وصول ابتسام حتى أطلت ضيفة جديدة علينا هي أمل ل . قادمة من سجن الأمن السياسي بحماة . وكانت أمل قد خرجت أثناء الأحداث إلى الإمارات حيث يقيم إخوة لها هناك ، فلما عادت عام 85 لزيارة أهلها وبلدها ألقوا القبض عليها في المطار واقتادوها مباشرة إلى الأمن السياسي بحماة ، وتم تعذيبها هناك بشكل قاس لتعترف بعلاقاتها التنظيمية وبأحوال إخوتها الملاحقين ونشاطاتهم ، ولقد حدثني زوج عمتي وكان وقتها في السجن نفسه أنهم كانوا لا يستطيعون النوم عند سماع صوتها في التعذيب وبعد ذلك نقلت أمل إلى قطنا وظلت هناك حتى خرجت معنا بعد قرابة خمس سنوات . . ورغم ذلك وعندما انعقدت لجنة النظر في أمرنا في الفترة الأخيرة برئاسة حسن الخليل رمقها من عليائه بنظرة امتهان وقرف وهو يقول : - شو إلك بالقصر . . مبارح العصر وجاية لتطلعي معهم !

 

الطفلــة العجــوز !

وانقضت أسابيع قليلة أخر . . وحضر ضيوف جدد لينضموا إلينا في رحلة الشقاء . . وكأن هذا الوطن ضاق بالصالحات فما عاد يرى لهن مكاناً فيه إلا هذين المهجعين المتكدسين ! كانت القادمتان هذه المرة أختين شقيقتين من حلب أولاهما رغيدة ق . وهي مدرسة تربية إسلامية والأخرى عائشة مدرسة لغة انجليزية . ولقد ابتدأت حكاية الأختين المنكوبتين حينما لوحق زوج رغيدة وهو مهندس ولها منه ولدان وبنت وانقطعت عنها أخباره ، ثم لم تلبث وأن بلغها نبأ استشهاده في دمشق ، فلم تجد من وسيلة لإعالة أسرتها إلا أن تذهب إلى السعودية وتتعاقد هناك كمدرسة ، وذهبت معها أختها عائشة وزوجها ، وأمضوا هناك بضع سنين قبل أن يقرروا العودة لأول مرة وزيارة الأهل والبلد وحضور زفاف واحدة من بنات أخيها . . وحملت الأسرتان أفرادهما في سيارة جيمس مليئة بالهدايا والتحف النادرة وبجهاز كامل للعروس . . فلما وصلوا حدود درعا أوقفهم أمن الجمارك فهالهم ما معهم من متاع ثمين ، ولم يلبثوا أن غابوا عنهم لحظات ثم عادوا يخبرونهم بأنهم مطلوبون لمخابرات أمن الدولة . . فأخذوا السيارة بما فيها واقتادوا الأختين والزوج إلى سجن كفر سوسة ، وأرسلوا وراء أهلهم فسلموهم أولاد عائشة التسعة وأبناء رغيدة الثلاثة ! وفي كفر سوسة لم يتورع المحققون هناك عن تعذيب الأختين رغم أن عائشة كانت حاملاً في شهرها السادس أو السابع ، وكان من المضحكات المبكيات أنهم أرادوا من رغيدة معلومات عن زوجها الذي استشهد قبل سنوات ! ثم لم يلبثوا وأن اتهموا كلا الأختين بالتنظيم . . وبعد شهرين من المعاناة والعذاب حولوهما إلى قطنا . . فلما وصلتا كانت عائشة في شهرها التاسع وقد سلم الله لها الحمل . . ولما دنا ميعاد الولادة رجونا المقدم مدير السجن أن يسمح لرغداء س . القابلة أن تأتي لتزور الليلة عندنا من مهجعها الثاني . . فوافق دون أن يعلم السبب . . وظلت رغيدة تعاني ألم الطلق حتى ولدت مع تباشير الفجر بنتا سمتها تسنيم . . ولا أزال أذكر أنها كانت صباحية العيد الكبير . . فلما جاءت المولودة أحسست حينما نظرت إليها أن شعر رأسي قد وقف من كثرة ما كانت هزيلة مجعدة الجلد كعجوز في آخر العمر ! وبقيت رغيدة معنا إلى آخر فترة فيما خرجت عائشة قبل انتقالنا إلى دوما . . وأما زوجها فلم يخرج إلا بعدنا بشهور . . وعندما طالبوا بالسيارة وما كان فيها ورغم وساطات وسطوها لذلك فإنهم لم يحصلوا حتى على جواب !

 

نـزيـلات تـدمر !

كان سجن تدمر حتى ذلك التاريخ كالقبر المقفل . . الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود ! فلما خرجت مجموعة من النساء منه وقدمن إلينا كانت حادثة أشبه بالمعجزات وسرعان ما بلغنا أن سبب إحضارهن هو انتشار السل والجرب هناك ، إضافة إلى الإنتهاء من بناء سجن جديد دشنوه لخدمة الوطن هو سجن "صيدنايا! ولهذه الأسباب قاموا أولاً بتصفية المعتقلين لديهم ، فأعدموا الذين قرروا إعدامهم ، ونقلوا بقية من يريدون الإبقاء عليهم وجرى نقل النساء إلى قطنا ضمن هذا السياق وتجميعهن في نفس المكان . وضمن السياق نفسه وصلت خمس نسوة إلينا في دفعة واحدة فيما تم التصرف مع بقية النساء المعتقلات هناك بطرق مختلفة .

 

مـأســاة "أم حســان"

كانت ثلاث من القادمات من أسرة واحدة : أم حسان خديجة س . التي كانت في الخمسينات من العمر ومعها ابنتاها سلوى ويسرى ح . وكان زوج أم حسان ووالد البنتين قد شارك في إيواء مجموعة من الملاحقين في بيتهم بحماة قبل الأحداث ثم قدم الأب ابنتيه عروسين لاثنين راقا له من هؤلاء الشباب ، فلما قامت الأحداث واجتيحت حماة خرجت العائلة إلى القرى المحيطة نجاة بأنفسهم مثلما فعل ألوف الناس وقتذاك لكن يسرى إحدى البنتين – آثـرت البقاء وزوجها في قاعدة ثانية مع مجموعة من الملاحقين الآخرين ، غير أن أمرهما اكتشف وداهمت المخابرات المكان فقاومت المجموعة لفترة تمكن زوج يسرى خلالها من الهرب ، فيما قتل شاب كان معهم اسمه أبو خالد ، روت يسرى أنه كان مصابا بشلل نصفي من قبل ، وأصيبت في الإشتباك زوجته ليلى ب . وابنته التي لم يتجاوز عمرها 20 يوماً ، وتم في النهاية اعتقال يسرى وليلى فيما لفظت الطفلة أنفاسها دون أن يعنى بأمرها أحد . وسرعان ما اضطرت يسرى أمام وحشية المحققين والجلادين أن تعترف على مكان أهلها في القرية وتدلهم عليها ، فاعتقلت أم حسان وسلوى وتمكن الأب وقتها من الفرار ، لكن أخت أم حسان وزوجها اعتقلا في نفس البيت ، وقيل بأن الأخت وزوجها قتلا نفسيهما بابتلاع السم في الزنزانة قبل أن يبدأ التحقيق معهما ، وأما أم حسان فقد تمكن المخابرات من ادراكها واخراج حبة مماثلة من فمها قبل أن تبتلعها ، وجلست المسكينة في السجن موزعة البال بين حالها الرعيب وحال أختها وزوجها وأبنائهم السبعة في الخارج لا معيل لهم ، وأبنائها هي البقية فواز الذي لم يبلغ ثلاث سنوات بعد وأمل ونرجس وغزوان الذي دخل صفه السادس حينذاك . . ثم كانت مصيبتهم التالية حينما اعتقل الزوج عام 85 فاضطر غزوان إلى ترك الدراسة والعمل في محل تصليح سيارات ليقيت نفسه وإخوته ولم يلبث الوالد أن أفرج عنه بعد تعذيب وحشي ليسلم أنفاسه بسبب ذلك بين أولاده بعد أيام ! وكثيراً ما كانت أم حسان وقد اجتمعت على كاهلها هذه الهموم تفقد أعصابها فتصيح في وجوهنا وتقذف ما يصل إلى يديها في كل اتجاه وأكثر ما كانت المسكينة تفعل ذلك يوم أن يأتي أولادها لزيارتها يجر بعضهم بعضاً ويحمل واحدهم أخاه أو أخته بالتناوب ليقفوا على الشباك ويستطيعوا رؤية أمهم . . فإذا ذهبوا ازدادت لوعتها وتفجرت آلامها فتراها تلطم خديها وتمضي ساعات وأياماً ربما في البكاء . وعندما أفرج عنا وخرجت أم حسان وابنتاها معنا وجدت المسكينة أنهم سرقوا لها الذهب الذي أخذوه منها في الأمانات ، وأنهم دمروا بيتهم فى حماة بحجة أنه كان قاعدة للمجاهدين ، فلم يجدوا بعد كل هذه المآسي إلا أن يسكنوا بيتاً طينياً من غرفتين ضيقتين كان المطر إذا نزل اخترق السقف الرث وفاض عليهم بلا استئذان !وأما أولاد أخت أم حسان السبعة فلم يجدوا من حظ الدنيا إلا أن يأخذهم بعض المشفقين إلى عمان ليقيموا مع الأسر السورية الملتجئة هناك ، ولم يلبث الولد الأصغر المعوق أن مات لانعدام العناية ، وأسرع من قام بالإشراف على هؤلاء المساكين فزوج البنتين الكبيرتين يوم أن بلغتا إحدى عشرسنة . . وحسب !

 

الســـيلون !

لكن مأساة هذه العائلة الممتحنة لم تتوقف عند هذا الحد ، بل ربما كان ذلك كله الجانب الأسهل منها ، فبعد أن أنهى فرع الأمن السياسي استجوابهم في حماة أرسلوهم ومعهم ليلى ب . إلى تدمر وقد اعترفن بالمشاركة في مساعدة شباب ملاحقين بايوائهم . . وهناك في هذا المكان المرعب الذي كن يرين منه مواكب المعتقلين تساق صباح كل يوم إلى الإعدام حان موعد ولادة سلوى دون أن تكون لديهن أية وسيلة لذلك أو حتى أي ملابس للمولود القادم ، لكن الله رحمهن بوجود قابلة من حماة معتقلة معهن اسمها رغداء س . فلما جاء سلوى الطلق كتمن الخبر وصياحها معه خشية أن يكون ذلك سبب عذاب جديد لها أو حتى لهن حتى إذا ولدت سمع أحد الحرس على السطح بكاء المولودة فسأل فأخبرنه ، فجاء هذا الشاب الذي لم تمت فيه بقايا الإنسانية بعد وأدلى لهن علبة صفيح فارغة وعود كبريت فأشعلن من ثيابهن فيها ما يكفي لتسخين ماء حمموا به المولودة ، وروت الأم بنفسها أنهن قصصن لها الحبل السري بقطعة تنك اقتطعنها من علبة الصفيح تلك ! غير أن المأساة لم تنته أيضاً ، والخطر لم يبتعد عن هذه المولودة البريئة التي أسمتها الأم سمية . . فلقد قامت إحدى المعتقلات معهن وهي مسيحية اسمها أم طوني متهمة ببيع جوازات سفر للملاحقين ، فلما اعتقلت تحولت تماماً مثل فاديا الشيوعية إلى مخبرة لتنال حظوة في السجن وبعض المزايا الرخيصة ، وقامت بإلإبلاغ عن هذا العنصر الذي ساعدهن بالتنكة الفارغة وعود الكبريت . . فحضر مدير السجن المقدم فيصل غانم وجعل يسمعهن سيلًا من الشتائم والإهانات والتهديدات كعادته ، ثم أخرج عائدة ك . - إحدى المعتقلات - فنزع عن رأسها الحجاب وجعل يدوسه بقدميه والشتائم لا تزال تتدفق من فمه المنتن . . فلما انتهى وهدأت نفسه أمر بمعاقبة المهجع كله ونقله إلى "السيلون !!!!! و"السيلون " هذا عبارة عن قبو كبير رطب ومعتم لا منفس فيه ، مسكون بالعناكب والصراصير والحشرات ، وقتها كان عمر سمية عشرين يوماً فقط ، وكان عليها أن تنتقل إلى "السيلون " مع بقية السجينات ، فأصيبت المسكينة من حينها . بربو مزمن لم تشف منه إلى الآن . لا أزال أذكر أنهم يوم أتوا إلى قطنا بعدما أمضوا سنتين قي تدمر وبضع أسابيع بعدها في سجن حمص وبينما وقفت النساء تفتشهن الشرطيات وتتسلمن أماناتهن تسللت سمية ببراءة الأطفال من بينهن ودخلت بين أرجل الشرطة نحونا ، فركضت أنا فرحة بمولود صغير بيننا لأحملها ، فلما رفعتها أحسست أنها طارت من خفتها وضعفها من يدي وكادت أن تفلت مني في الهواء !

*كاتب سوري في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ