رفعت
أسد..المنقذ الموعود..
لماذا
ُطرد..ولماذا يعود..؟!(3 )
د.
نصر حسن
نتابع في الجزء الثالث من
السلسلة التي نعالج فيها موضوع
احتمال رجوع رفعت إلى سورية ,
ماهي دوافعه ودلالاته
واحمتالاته ونبدأ من السؤال
الأخيرالذي ورد في الجزء الثاني
على مبدأ التقليد الشعبي ( هات
من الآخر ) والذي يولد الكثيرمن
الأسئلة المرتبطة به وبدوررفعت
أسد وتاريخه المعروف , والذي
يحدده رد فعل المواطن السوري
البسيط والفوري والرافض
لالرجوعه بل حتى لتذكره ,
واستطرادا ًً نسأل مع الكثيرين
من السائلين , ماهي الإحتمالات
والإستحقاقات السياسية
الداخلية والإقليمية والدولية
التي تفرض عودة رفعت أسد إلى
سورية, في إطار فهم الموضوع نرى
الإحتمالات التالية :
أولا ً- أن هناك طبخة ما
أطرافها النظام والجهات
الفاعلة في الموقف العربي
,الموقف الإسرائيلي , والموقف
الدولي المؤثرعلى رسم سياسة
المنطقة المبنية على أبعاد
جغرافية وطائفية تصغيرية (
مايكرو نظم سياسية ) والتي تخدم
التوجه الدولي العولمي وعلى
المكشوف هذه المرة ,أي أن هناك
حاجة دولية لدوره الإقليمي في
المستقبل .
ثانيا ً- الأمرالآخرهو استباق
نتائج لجنة التحقيق الدولية
والتي يمكن أن تكون سلبية وفيها
إدانة للنظام وبالتالي
العقوبات ودخول سورية نفق
المنظمة الدولية ,مما استدعى
عودة اللقاء بين الأطراف
الفاعلة لتنشيط الروابط
الطائفية والأمنية لضرورة
مواجهة المستجدات بصيغ تبدو
جديدة للحكم ولكن في حقيقة
الأمرهي النظام نفسه ولكن بصورة
أخرى ( توسيع الخيارات أمام
استمراربقاء النظام ).
ثالثا ً- وفي حالة استمرارالوضع
كما هو عليه وتمييع نتائج
اللجنة الدولية لأسباب تتعلق
بخطورة الوضع الإقليمي في
المنطقة وعدم جاهزيته لإستيعاب
أي تغيير في سورية غير مضمون
المسار, يستمر النظام كما هو
عليه , منهار وكسيح تسنده قوى
خارجية على الوقوف لملء فراغ
وليس على التحرك انتظارا ً
لجديد ما على الساحة الإقليمية ,
هنا يكون التطبيل لعودة رفعت
ظاهرة صوتية ومغازلة للكثير من
الأطراف بعضها داخلي على مستوى
المعارضة السورية وبالتحديد
جبهة الخلاص الوطني ,وبعضها
عربي ودولي للإبتزازو الإلتفاف
على حالة التهميش والعزلة
السياسية التي هو فيها .
رابعا ً- أن تكون عودة رفعت بناء
ًعلى تنسيق إيراني سوري مع حزب
الله وبقايا أجهزة النظام
الأمنية والعسكرية في لبنان
وبعض التيارات الإسلامية على
الساحة الفلسطينية على تبني
الأجندة الإيرانية وتشكيل محور
هدفه القريب إيراني وهو توسيع
ساحة الصراع مع المجتمع الدولي
وأمريكا على وجه التحديد , وهدفه
البعيد إيراني أيضا ً وهو أن
تخوض إيران مغامراتها على حساب
الأرض العربية والدم
العربي ,الأمر الذي يستدعي تثبيت
الوضع في سورية وهذا لايمكن أن
يتم سوى بتشديد القبضة الحديدية
الأمنية كما كانت في
الثمانينيات ,هنا تبرزحاجة
استدعاء أهل الخبرة القمعية في
هذا المجال .
خامسا – محاولة ضبط الأحداث
السائبة في المنطقة عن طريق
تغييربعض أدواراللاعبين فيها ,
هنا تفرض الضرورة وجود نظام في
سورية له دورتنفيذي للأجندة
التي تحرك المنطقة , وهذا يستدعي
القيام بإصلاح معين في تركيبة
الحكم في سورية , وتشكيله على
أساس التنفيذ العلني وكجزء من
الإستراتيجية العامة ( الشرق
الأوسط الكبير) التي يتم
تنفيذها في المنطقة .
وبكل الأحوال إن الحرائق التي
تشتعل في المنطقة والتي اتسعت
مساحتها وأوشكت على الخروج من
دائرة السيطرة من قبل الأطراف
اللاعبة على الساحة , ولم يعد
دورالنظام السوري المتفرج حينا
ًوالمشارك حينا ًآخر والمعيق
بحكم تخلفه وضعف أداؤه للعب
دورفعال في مساعدة الأجندة
الخارجية وليس لوطنيته في معظم
الأحيان ,لم يعد وجوده بهذا
الشكل المرتبك الذي هو عليه
مفيدا , وعندما تتقاطع المصالح
حول استباق تطورالأمور وقطع
الطريق على حدوث أي تغيير وطني
في سورية غير مرغوب فيه, هذا
يفرض ضرورة إجراء تغيير ما
مسيطرعليه يحافظ على سياسة
النظام السابقة الداخلية
والإقليمية , وتفعيل دوره
الإقليمي بأداء جديد تنفيذي
علني هذه المرة مع الأجندة
الدولية التي تتحكم في رسم
جغرافية المنطقة , هنا تبرز
الحاجة إلى الرجوع إلى موازين
القوى على الساحة السورية
الداخلية وهيكلتها بالشكل الذي
يخدم الأهداف الخارجية في السير
نحو تحقيق برامجها , وهنا أيضا
ًتكمن ضرورة التغيير وقد يكون
دوررفعت أسد كنهج معروف داخليا
ً وإقليميا ًوليس كشخص مفيدا
ًلهم في هذا الإطار .
وإذا ( وإذا
ظرف لما يستقبل من الزمن يتضمن
معنى الشرط ) كان رجوع رفعت أسد
إلى سورية قرارحاجة من أطراف
المتحكمين بموازين القوى
المادية المنظورة أمامهم الآن
ومن يدعمهم وامتداداتهم
الإقليمية والدولية وهويمثل
رؤيتهم لمستقبل سورية وبما يخدم
مصالحهم سيكون خيار طائش فرضته
الظروف الطائشة والمتعثرة
والمرتبكة وسوف يزيد من الغرق
في مستنقع الفوضى والعنف وعاملا
ًجديدا ًعلى تمديده أفقيا ً
بشكل مخيف على سورية والمنطقة
وباختصارستكون هي :
الضربة الرابعة الخطيرة وستمثل
الشعرة التي قصمت ظهر الإستبداد
ومن وراؤه وبداية التغيير
الوطني الديموقراطي الحقيقي
على الطريقة الرومانية لأن
الشعب وضمن حالة الإحتقان
المركبة سياسيا ً ووطنيا ً
وإقتصاديا ً وإجتماعيا ً , هو في
حالة سياسية مبهمة من الصعب
قراءتها وفرزموازين قواها وأن
النظام هو أضعف مركب فيها ,وأن
الإنسان الذي يعيش تحت حالة
الذل والإهانة والفقر الذي كاد
أن يكون كفرا ً..! هو ليس مشروع
تغيير فقط بل وربما مشروع
انفجاروأكثر من ذلك بكثير,هو في
لحظة انعدام الخيارالتي لا أحد
يستطيع أن يضبط مسارها وأن يعرف
نهايتها ,واستطرادا ًفإن كل
الإحتمالات واردة في ضعف حالة
التجاوب مع حالة الإحتقان
الشعبي التي هي في نهايتها
الإنسانية العظمى وأن رجوع رفعت
أسد في هذه الظروف وبغض النظرعن
من وراءها ودقة الحسابات فيها
,لاتعني أبدا ًبالضرورة أن
سورية الشعب والوجود ستموت
بالضربة القاضية ,وليس بالضرورة
أيضا ً أن الأمورستجري كما
تشتهي سفن رفعت وبشارومن معهما
مجتمعين أو متفرقين, وسورية في
لحظتها الراهنة وسط أمواج هائجة
عاصفة
وربما خارج سيطرة كل الحسابات
والطبخات التي يخطط لها
ولاتستند إلى رؤية حقيقية
لدورالشعب إذا وصلت الأمورإلى
حافة الإنفجار,وأن اللاعب
الوحيد القادرعلى الدخول
الفاعل على خط الأحداث وضبطها
وطنيا ًومنع حدوث فوضى تكون
بالنتيجة مضرة بالجميع هو الشعب
والمعارضة الوطنية
والديموقراطية رغم حالة الضعف
التي تظهر بهما , وهذا يفرض على
المعارضة الوطنية
والديموقراطية أن تبدأ بتنشيط
عملها عبرآليات جديدة وحركية
مرنة لترتيب أمورها وتوحيد
طاقاتها ومد الجسور بينها وبين
الشعب والتحرك لأخذ ذمام
المبادرة والبدء بتنفيد
مشروعها بالتغيير وإسقاط
الإستبداد وإنقاذ سورية منه ومن
كافة الخيارات الأخرى المضرة
بمصالح البلاد في هذه الظروف
المتحركة عشوائيا ً في كافة
الإتجاهات المخيفة ..
بقي أن نقول : مخطئ من يظن أن الذي
حدث في الثمانينات ولازال يحدث
بصورة أو بأخرى بهذه النسبة أو
تلك الآن هو مجرد أخطاء سياسية ,
وبسيط من يظن أن السلطة التي
تملك الجيوش من العسكريين
والمخابرات والمخبرين الذين لا
عمل لهم سوى قمع الشعب عاجزةعن
معالجة أية أزمة بشكل وطني إذا
سلمت النوايا وتوفرت الإرادة
وكانت بمستوى المسؤولية
الوطنية والأخلاقية , وواهم من
يظن أن النظام كان في حالة دفاع
عن النفس ضد هذا التيارالسياسي
أوذاك ,ومخطئ من يظن أن كل الطرق
قد انسدت أمام النظام , ومتفائل
من يظن أن الإستبداد قابل
للإصلاح ,وأعمى البصروالبصيرة
من يظن أننا دعاة فتنة أو ثأرأو
انتقام ,إن ماحدث ويحدث
هوانحراف وبؤس منهج الفردية
والإستبداد الذي لا يضمر حبا
ًلأحد سوى حب إهانة الشعب
والعبث بقيمه ومقدساته , وقد
تكون سياسة تقييد الحريات
والإعتقالات المكثفة لنشطاء
حقوق الإنسان والمجتمع المدني
وبعض الناشطين السياسين
السلميين وآخرهم الناشط ميشيل
كيلو مقدمة لعودة العنف الذي
مورس ضد الشعب في الثمانينات
إلى الساحة السورية وهذا دليلا
ً واضحا ً على خيارات النظام
مستقبلا ً, وبكل الأحوال لانريد
أن نوسع الجرح النازف بصمت منذ
أكثرمن ربع قرن ولكن نريد
تضميده وطنيا ً وإنسانيا وقطع
طريق الفتنة من جديد , والطريق
إلى ذلك يعرفه كل الطغاة وكل
الوطنيين الحريصين على الوحدة
الوطنية ومصالح البلاد , يجب
إلغاء ثقافة الإستبداد وكل سلوك
الطغاة الذين أصابه عمى العقول
والقلوب والعيون , وقست قلوبهم
على أبناء وطنهم بشكل ٍمشين ,
فهل سيتمكنوا من تسديد الضربة
الرابعة القاتلة لسورية حاضرا ً
ومستقبلا ً؟!........المشاركة في
الإجابة هو فعل وطني أشبه بفرض
عين على الجميع في هذه
الظروف..........والضرورات الوطنية
والمصلحة العامة والحفاظ على ما
تبقى من الكرامة الإنسانية تبيح
بعض المحظورات........ ؟!.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|