ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 25/05/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محاولات لا مماحكات

سلمى السهرودي

تخلبني آية في الكتاب العزيز (بل الإنسان على نفسه، بصيرة ولو ألقى معاذيره..) أفهمها مع الاعتذار لأصحاب الاختصاص أن الإنسان مدرك إدراكا تاما لما يقبع في جوانيه، مع إصراره على المماحكة في ستر مواقفه وتصرفاته بالمعاذير. ما أكتبه في هذا المقال محاولات أتمنى ألا تقابل بالمماحكات. ولا أزعم أنني أملك الحقيقة كاملة، كما يصر أحد الأصدقاء الذي يرسل إلي دائما شعاراته الجميلة، ولكنني أملك القسط منها الذي يؤهلني لتوجيه هذا الخطاب لأصحابه، كما أملك الحظ من الشراكة الذي يعفيني من تهمة الطفيلية فنحن (جميعا) نكتب أو نتحاور عن (بلدنا) و(مستقبلنا) بكل ما تشمله (نا) المبهمة هذه من أفراد..

أراقب السيد بشار الأسد منذ استلامه السلطة من موقع المحايد، أو المحايدة إذا شئتم، أنظر إليه على أنه رئيس الأمر الواقع وليس رئيس الخيار الشعبي، أو الخيار الأفضل. أراقبه كما تراقب أم سلوك ولدها فرحة جذعة ، وأراقبه مراقبة التقويم الذي يمارسه المشرف على البحث الجامعي، وهو يتابع محاولات المستجد لديه لاحتلال موطئ القدم في دنيا العلم والثقافة. أكتب كل هذا بالطبع مع الاحترام الكامل للموقع الذي يحتله السيد بشار الأسد ألا وهو رئاسة الجمهورية السورية. لقد تعودنا أو عُودنا الخلط بين مفهوم الاحترام وبين أشكال المداهنة والمداجاة ولو على حساب العقل وماء الوجه، أرجو ألا يبادرني بجواب من يصر على الخلط بين هذا وذاك. وأحسبني أطلت في طلب الشفاعة لزبدة ما أريد أن أفضي به…

أول درس في هذا المقام أقتطفه من مدرسة الخليل بن أحمد الفراهيدي مبدع ومؤسس العديد من العلوم. يروي أحد كبار علماء العربية- أنساني اسمه طول العهد واتصال البعد.. يقول: قصدت الخليل أحمد لآخذ عنه علم العروض، فلما أعييته محاولة وتجربة، دون أن التقط مراميزه ، قال لي: انظر كيف تقطع:

إذا لم تستطع شيئا فدعه    وجاوزه إلى ما تستطيع

يقول العالم الكبير-وقد كان كبيرا بحق- ففهمت قصده، ويئست من علم العروض، وانصرفت إلى ما برعت فيه..

هل وصلت الرسالة؟

هل أقول للسيد بشار من موقع الأمومة وموقع التقويم بأن مهمة طبيب العيون ليست سيئة إلى هذا الحد، وأنها ميدان أفضل لبعض الناس لإثبات الوجود وتحقيق الذات، وخدمة الآخر ونشر النفع العام مقابل ما يحصل الآن في سورية ولسورية؟. هل لي أن أقول بأنه ليس للإنسان أن يتخلى عن موقع نجاح مهما كان شأنه إلى موقع إخفاق مهما كان شأنه أيضا. فالنجاح يبقى نجاحا والإخفاق إخفاقا. بل إن الإخفاق في المواقع الحساسة ينجب الكوارث التي كانت كارثة السابعة والستين إحداها، وكارثة تسليم العراق للمحتلين أختها، وهما كارثتان بعثيتان بامتياز..

إذا –سأعيد الشرح- (على طريقة بشار الأسد في مؤتمرات القمة) المطلوب من الإنسان أن يبحث عن خيار نجاحه، لا أن يوظف نفسه في خيار لا يستطيعه مهما بدا إغراؤه والكارثة عندما يتعلق الخيار الآخر بغير نفسه وأهل بيته- حين يتعلق بدولة وبتاريخ!!

وبعيدا عن المعاذير –المماحكات أسأل السيد بشار حافظ الأسد السؤال التالي:

أين سورية التي خلفها حافظ الأسد - مع تحفظي على الكثير من سياساته - من سورية اليوم، بعد خمس سنوات من عهد بشار حافظ الأسد؟!!

لن أسقط الظروف والمتغيرات، إذا سأكون مماحكة ولست محاولة، فهناك باقة من المستجدات الدولية والإقليمية والداخلية لا يمكن تجاهلها. أزعم أن الرئيس الراحل كان سيخرج منها بمكاسب أكبر أو خسائر أقل. لأنني لا أستطيع تجاوز الإنسان الفرد في صنع الحدث أو توجيهه. أزعم مرة أخرى أن بشار الأسد حمّل سورية الحد الأعلى من الخسائر في تحركه العبثي غير القاصد أذكره بموعظة لقمان لابنه (واقصد في مشيك..) ففي معانيها من الآفاق ما يتجاوز رسمها..

وإذا كان الكلي هو مجموع أجزائه. فإن هذا الإخفاق العام الذي يقتضي رد المشروع من أجله والتأكيد على الطالب أن يحاول في كلية أخرى أو فرع آخر قد يبدو وليد جناية  أو تحامل أو استغراق في سوداوية مفرطة لا ترى من الكأس غير فراغها –وهي فارغة- ولا تنتبه إلى (المشوف المعلم) التي كان يشرب بها عنتره.. وعلى هذا الأساس أقول قليل من الجزئيات ينفع، كما قرر ابن سينا رحمه الله يوم أقلع- تاب – عن الشراب إلا القليل الذي ينفع ، يشربه تصفية للمزاج لا للسكر والهرج.

جاء بشار الأسد رئيسا بلا مكرمات على حد قول دعبل الخزاعي في أحد خلفاء عصره الوارث عن أبيه ، ويبدو أنهما كانا منغمسين في الظلم بألوانه فقال فيهما دعبل -وكان هجاء خبيث اللسان شيعيا جلدا كما يصفه خصومه من العامة- قال في ذلك الانتقال - العرس بدون زردة- كما أسرها في أذني، رجل طيب من الشمال السوري قال دعبل:

خليفة مات لم يحزن له أحد

وأخر قام لم يفرح به أحد..

نُسي الخليفة الذي مات، ونُسي الخليفة الذي قام، وبقي دعبل وبيته يتردد على الأجيال..

يخيل إلي أن (وصيفا وبغا) المحكمين الحلقة على المتدرب الشاب قد أحكما ظروف إخفاقه. ووصيف وبغا مرة أخرى كانا ملازمين لأحد خلفاء بني العباس حتى قال فيه الشاعر:

خليفة في قفص

بين وصيف وبغا

يقول ما يقال له

كما تقول الببغا

فأي رجل عام أو رجل سياسة هذا الذي يمنع بالعلن ويمنح بالسر؟! يصافح (موسى قصاب) على الفضاء، ويطلق سراح المعتقل أو يوسع فرجة على استحياء؟!

ربما من حقي أن أقول ملهوفة للشاب بشار (..إنه يا بني لا يستحيا من المكارم وإنما يستحيا من المخازي..) وحتى لا أكون قاسية أكثر ، هناك الكثير من المخازي يتنطع بها أصحابها بلا استحياء بينما تسللت المكارم كإشاعة سوء لا تدري أصادقة كانت أو كاذبة، لو سمعتها من طرفة بن العبد الفتى الذين يزعمون أنه قتل في الثانية والعشرين والذي حفظنا عنه قوله:

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني    عنيت فلم أكسل ولم أتبلد

وما هذا الذي أردت التذكير به على أهميته، وإنما أردت أن أذكر لك قوله

نحن في المشتاة ندعو الجفلى    لا ترى الآدب فينا ينتقر

أما أن سورية وطننا في مشتاة وضيق فهذا مالا يختلف فيه اثنان. وأما دعوة الجفلى التي تحتاجها ولا يريدها لك (وصيف ولا بغا) واللذان يحاصرانك في مربع الانتحار فاترك أمرهما لمستشارك الثقافي إن كان..

لا أتوقع أن يكون حصاد مقالي هذا، أن أمر بعد أيام في أحد شوارع دمشق، أو القرداحة لأقرأ لافتة جميلة على مبنى فخم كتب عليه بعناية (الدكتور بشار الأسد لطب العيون- خريج أوزميل..

وإنما يهمني أن يسأل (الابن) و(الطالب) نفسه لماذا كنت مخيبا لهذا الحد؟ ماذا كان الناس ينتظرون مني؟ الإحساس بالخيبة شعور مقيت، والخائب حالة فعلية، انعكاسية يتوحد فيها الفاعل والمفعول..

من لامية العجم لا من لامية العرب أكرر على مسامع بشار الأسد..

قد رشحوك لأمر لو فطنت له              فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

وما أظنك فطنت ، وما أظنك إلا فعلت..

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ