عصابة
دمشق .. والثياب الملونة !
ماجد
زاهد الشيباني
(
ملحوظة: قد لايرتاح القارئ ،
الذي لايعرف حكّام سورية على
حقيقتهم ، من لفظة العصابة ،
ويفضل أن يرى لفظة أخرى بدلاً
منها ، حرصاً على الحياد
والموضوعية في الكتابة..! وقد
كنا نتمنّى أن نحقّق له هذه
الرغبة ، إلاّ أننا بحثنا
طويلاً ، عن لفظة نراها تناسب
حقيقة هذه الزمرة الحاكمة ، فلم
نجد أقرب من لفظة العصابة ، إلى
طبيعتها التي يعرفها شعب سورية
كله ، ولا أنسب ، ولا أشدّ
موضوعية ، ولا أكثر تعبيراً عن
واقع حالها..! أمّا
القارئ الكريم المحايد ، فبوسعه
أن يسمّيها الاسم الذي يريده ،
وأن يصفها الوصف الذي يعجبه ،
حتى يعرفها على حقيقتها ،
وعندئذ نحسبه سيعذرنا في اختيار
الاسم الذي اخترناه لها، وربما
خلَع عليها وصفاً إضافياً من
عنده ، لم يخطر في بالنا..!).
* *
*
لديها فن خاصّ مميّز في
اختيار الثياب ، حسب الحالة
والموقف والظرف والجمهور..!
لاعجب..
فقد تمرست طويلاً في العمل
المسرحي ، بأنوعه كلها ،
وتلاوينه جميعا: ( السياسي .. الوطني
.. القومي.. الديني..) !
لاغرابة
في ذلك ولا ضير ..! فمن حقها أن
تـلبس لكل حالة لبوسها..!
الغرابة
والضير ، في أن الثياب التي
تختارها وتلبسها ، لاتناسبها
ألبتّة ، بل هي مناقضة تماماً
لِما تحاول أن تستره من حقيقتها
..! ولو وجَدت الحبّة لقلنا لابأس
أن تَصنع منها قبّة ..! لكن
الحبّة ذاتها غير موجودة ..! بل
أحيانا توجد حبّة ، لكن من نوع
مختلف تماماً عن القبة التي
تُصنع منها ، أو عن الثمرة التي
تُـنسب إليها..!
ولعلّ
الأمثلة الحيّة ، تجلو بعضاً من
حقيقة الأمر ـ بعضاً فقط ، فأمر
العصابة لا تجلوه على حقيقته
الأمثلة ، مهما كثرت وتنوعت ..! ـ
:
1- الثوب
السياسي : ترى العصابة ، التي
تعاني من فقر مدقع في الفكر
السياسي ، أنها قمّة في الذكاء
السياسي ، والاحتراف السياسي ،
والفن السياسي..! لذا تلبس
ثياباً سياسية ، ليست لها
ولاتلائمها ! وتلبس معها ثياباً
أخرى ، من المكر والتداهي
الفجّ، والتذاكي السمج ،
والتفاصح البليد ، والفهلوة
الغبية ..! وتمثّـل بهذه الثياب ،
في مسرح السياسة الإقليمية
والدولية.. فيراها المشاهدون ،
ويقهقه بعضهم ابتهاجاً ب
(كاريكاتورية) المشهد.. ويبتسم
بعضهم إشفاقاً على العصابة
البائسة ، ويمسح بعضهم بهدوء
دموع الأسى ، على الشعب الذي
تتحكّم بمصيره عصابة من هذا
الطراز الشاذّ..!
ومع مَن تلعب هذه العصابة ،
بهذه الصورة الكوميدية
المأساوية الغريبة..!؟ مع دهاقنة
السياسة الدولية ، وفي المسرح
الذي بناه هؤلاء الدهاقنة ، وفي
إطار النصّ المسرحي الذي أعدّه
الدهاقنة ، وتحت سمع (المُخرج )
الدولي وبصره..!
ومن
يتابع الأدوار التي تمثلها
العصابة ، على ساحات المسرح
اللبناني ، والمسرح العراقي ،
والمسرح الفلسطيني.. يدرك
ببساطة معنى هذا الكلام..!
2- الثوب
الوطني : لم تترك العصابة قطعة
زاهية براقة ، تتعلق بالوطن
والوطنية ، إلاّ ألصقتها بالثوب
المزيف الذي ترتديه ..! فمن
الوحدة الوطنية ، إلى المصلحة
الوطنية، إلى الدفاع عن حياض
الوطن ، إلى التضحية بالغالي
والنفيس في سبيل الوطن..! ومن
يعرف ماصنعته هذه العصابة
بالوطن ، وما أحدثته فيه من
دمارعلى كل مستوى ، وما سفكته من
دماء أبناء الوطن ، وما نهبته من
أموال الوطن وثرواته، لحساب
الأسرة الحاكمة وأقاربها
وأزلامها ، وما سلّمته من تراب
الوطن لأعداء الوطن ، وجعلت من
نفسها مخفرا لحمايته ، وأراحت
العدو الذي يحتله من هذه
المهمّة..! من يعرف هذا كله ،
وينظر إلى الثوب الثوب الوطني ،
الذي ترتديه العصابة ، وتتبختر
به أمام خلق الله الذين
لايعرفونها.. لايعجب منها ، هي
بل يعجب من غرابة هذا العصر،
الذي أتيح فيه لهذه العصابة أن
تحكم سورية يوماً واحداً، فكيف
وقد مضى عليها زمن يعدّ بعشرات
السنين وهي تعيث فيها فسادا..!
3- الثوب
القومي : لاتترك العصابة مناسبة
تمرّ، دون أن تعلن فيها ، أنها
أمّ القومية وأمّ العرب
والعروبة ، وقلب العروبة النابض
، وحصن العروبة المكين..!
وتتناسى
ـ وتحاول أن تنسي السذّج
والمغفلين ـ مافعلته بالعرب
والعروبة والقومية العربية ، من
ويلات ومآس ، وماحاكته من
مؤامرات ، ضدّ الدول العربية
المحيطة بها ، دون استثناء ، وما
نفّذته في هذه الدول ، من عمليات
إجرام وتخريب وتفجير واغتيال..!
وكذلك هنا ، ليس العجب هو
ماتفعله هي ، بل العجب أن بعض
السذّج والمغفلين والحمقى ،
مايزالون يصدقون شعاراتها ،
ويتداعون إليها ، لعقد مؤتمرات
الهتاف والتصفيق والتهريج ،
والدعم الكلامي لها ، ولمواقفها
القومية المشرفة ، في مواجهة
المخططات الاستعمارية
والصهيونية المعادية.. !
4- الثوب
الديني : أما الثوب الديني ، لدى
هذه العصابة ، فحدّث عنه ولاحرج
..! فهي مجموعة من الاتقياء
البررة ! تحافظ على ( الطقوس!)
كلها ، في المناسبات كلها..
صلوات الأعياد ، وبعض صلوات
الجمع ، وبعض صلوات الجنائز
التي تقام لبعض الزعماء .. ثم
حفلات ذكرى المولد النبوي ،
ورأس السنة الميلادية ، وليلة
النصف من شعبان ، وليلة القدر..
ثم المناسبات الدينية
المسيحية كلها ، بكل طوائفها
الشرقية والغربية ..
ثم المؤتمرات الإسلامية
التي تعقدها العصابة ، بمناسبة
وبلا مناسبة..
ثم استقبال الوفود
الإسلامية ، من سائر أنحاء
العالم الإسلامي ، بمعدلات غير
مسبوقة ، والاحتفاء بهذه الوفود
حتى تظنّ نفسها ـ وهي في ضيافة
العصابة ـ قد نزلت في ضيافة بعض
الصحابة ، أو بعض التابعين ، أو
مجموعة نادرة من أولياء الله
الصالحين..!
ومن
لايعرف العصابة على حقيقتها ،
يلتبس عليه الأمر التباساً
شديداً ، إذا كان شديد الغفلة
والسذاجة ، ولا يستطيع أن يقيس
أقوال الناس إلى أفعالهم ، ولا
يكلف خاطره بمتابعة الجرائم
التي تقترفها العصابة كل يوم ،
بحقّ الإسلام والمسلمين ، من
انتهاك للمقدّسات والحرمات ،
واستباحة للدماء والأعراض
والأموال ، وتدمير منهجي متعمد
للأخلاق الإسلامية ، بل
الإنسانية ، بشكل يثير اشمئزاز
أفسق الزنادقة ، وأخبث
المجرمين..!
ومن
لايعرف العصابة على حقيقتها ،
لايستطيع أن يصدّق ، أن
المجموعة التي تصلي منها، في
المناسبات المذكورة آنفاً ،
إنما تصلي بلا وضوء ، لأنها
لاتعرف كيف تتوضأ أصلاً ! ومن
تعلّم الوضوء في صغره لايهتم به
الآن ، لأن أجهزة الإعلام التي
تصور الاحتفالات الدينية،
لاتصور الناس وهم يتوضأون ..! (
ومن يشكّ في صحّة هذا الكلام،
فليسأل واحداً من هؤلاء
الأولياء البررة ، همساً على
انفراد ، على أن تكون بينهما ثقة
تطمئن الوليّ إلى السائل..!)
ومن
لايعرف العصابة على حقيقتها ،
لايستطيع أن يصدّق حتى هذا
الكلام الذي نكتبه عنها ـ إذا
كان ممّن لايحبون أن يشاهدوا
إلا صور الأولياء ، وهم يصلّون
ويحنون رؤوسهم خشوعاً في
المناسبات الدينية .. وإذا كان
ممّن لا يحبون أن يسمعوا إلاّ
الشعارات الدينية ، التي
يردّدها الأتـقياء البررة ، في
الاحتفالات البروتوكولية ذات
الطابع الديني..! ـ
ومن
لايعرف العصابة على حقيقتها ،
يلتبس عليه أمرها ، أو يلبّس ـ
وغالبا مايكون التلبيس هنا
تلبيس جهل لاتلبيس شيطان ـ كما
لبّس الشيطان على فقهائها أمرَ
دينهم ( بل انتزعَه من قلوب
بعضهم ، ومنَحهم بدلاً منه ، لحى
وعمائم وجلابيب ..!) فأفتى أحد
كبار عباقرتهم ! لمؤسّس حكم
العصابة ، بأنه ( وليّ أمر
المسلمين !) ، وبأن الخارجين
عليه هم أناس مجرمون ( محاربون
لله ورسوله ) وجزاؤهم : (أن
يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع
أيديهم وأرجلهم من خلاف أو
يُنفَوا من الأرض ..!).. وحجّته
التي اخترعها له إبليس ،
ـ أو اخترعها هو، وقد ينسبها
يوم القيامة إلى إبليس ـ هي أنه
اتكأ على المدأ الإسلامي
المعروف ( ماشهدنا إلاّ
بماعلمنا ) ..! وقد عَـلم أن مؤسّس
حكم العصابة ، رجل يصلّي لأنه
شاهدَه يصلّي ! أمّا الآخرون ،
الذين خرجوا عليه ، فقد (سَمع !)
من المؤسّس ، ومن وسائل إعلامه ،
أنهم قتَلة مجرمون ، وهذا كافٍ
للتصديق بأنهم مجرمون ..!
ولاحاجة لديه ، لأن يسمع منهم ،
فيعرف ماذا فَعل بهم وليّ الله
المؤسّس وزبانيته ، في السجون
والقبور والمنافي ..! وماذا
ارتكب بحقّهم ، وحق أهليهم ،
وبلادهم كلها ، من ويلات ومآسٍ ،
تعجز عن تصورها عقول الشياطين
جميعاً..! لماذا لايحتاج أن يسمع
من هؤلاء !؟ لأنه شَهد على مثل
الشمس التي لدى المؤسس ، فهل لدى
هؤلاء شمس ليشهد على مثلها ..!؟
أوَ لَم يقرأ في كتب الحديث
والفقه التي بين يديه :على مثل
الشمس فاشهد..!؟
وقد كنّا ـ عَـلِم الله ـ
نرغب بطيّ (هذه الشهادة المنكرة
!) لولا أن عباقرة الإفتاء
والهتاف والتصفيق والشهادات
المنكرة ، كثروا علينا هذه
الأيام ، من خارج بلادنا،
وصاروا يعرّفوننا بحقيقة
الملائكة الأطهار الذين يحكمون
بلادنا ، من خلال شهاداتهم
المنكرة ، التي ألزمهم بها
الجهل ، أو الشيطان ، أو العجز
عن الفهم والإدراك ، أو عمى
اللبّ عن حقائق الدنيا ، وعمى
القلب عن حقائق الآخرة ..!
وقد
كنا نرغب بطيّها ، لولا أن
صاحبها مايزال حياً، ولم يفقد
القدرة على نقضها
أوالاعتذارعنها ، أو حتى مجرّد
الرجوع عنها بلا اعتذار ، بل
مايزال مصراً عليها، ولم يُصدِر
ما يوحي بأن له رأياً جديداً
بشأنها ، بعد أن هلك الصنم الذي
وضِعت لأجله( تنفيذاً لأمره ، أو
تقرباً إليه..!).
وقد
كنا نرغب بطيّها، لولا أنها ـ في
رأينا ـ أخطر
وأخبث ألف مرّة ، من قانون الذبح
الذي سنّه الصنم الهالك (
القانون 49 لعام 1980) ، الذي
تقربتْ هذه الشهادة وشاهدها إلى
الله ـ فيما يبدو! ـ بإرضائه (أي
الصنم)، إذ أسبَغت بركات
الإسلام ،على قانونه الإنساني
النبيل ، الذي يدلّ على سموّ
إنساني لم تعرف غابات الدنيا
كلّها ، مثيلاً له ولا نظيراً..!
وقد
كنا نرغب بطيّها ، لولا أننا
بصدد حملة واسعة ، لإسقاط الأصل
الذي بنيت عليه، ووضِعت لتسويغه
وتسويقه ، وهو قانون الذبح
الآنف ذكره ..! والسعيُ إلى إسقاط
الأصل، يقتضي بالضرورة ،
الإشارة ـ ولو مجرّد إشارة ـ إلى
الفرع الذي بني عليه، إذا كان
هذا الفرع أخبثَ منه وأقسى ،
وذلك لصدورالأصل باسم قانون
بشري فاسد ، من رجل مجرم حاقد
ضال ، وصدور الفرع باسم الدين ،
من فقيه له عمامة وجبة ولحية ،
ويعي ـ بحسب الأصل ـ معنى الفتوى
وقيمتها وخطورتها ، لاسيّما إذا
كانت فتوى بالقتل الجماعي لآلاف
البشر.. !
ولو
بادر صاحب الفتوى ـ الذي أصدرها
تقرّباً إلى الهالك ، أو
تنفيذاً لأمره ـ إلى إسقاطها
بنفسه، تقرّباً
إلى الله ، أو تخلّصاً من إثمها
، لكان أكرم له ، وأرجَى له عند
ربّه ! ولعلّ الأحياء الذين لم
يقتَـلوا ـ بَعد ـ بفتواه ،
يخبِرون حين يموتون ، قتلاهم
الذين قتِلوا بها ، بأن صاحبها
قد تاب من إثمها ، بعد أن شارف
على الثمانين من عمره .. وبقي
القانون الوحيد الذي يقتَـل به
الناس ، هو قانون الحقد واللؤم ،
الذي تبنّاه وارث السلطة ، بعد
أن عدّه جزءاً من تركة الوالد
الحنون..!
مع
التذكير بأن قانون الحاكم ،
يمكن أن يلغيه أيّ حاكم بعده ،
أما فتوى الفقيه فلا يلغيها
إلاّ الفقيه نفسه ـ ولو أفتى
فقهاء الأرض بما يناقضها ، أو
أثبتوا تهافتها وبطلانها ..! ذلك
لأنها رأي لاقانون ، والرأي
لايسقطه من صفحة صاحبه ، إلاّ
صاحبه نفسه..! ـ .. حتى لوكان
قانون الحاكم مفعّلاً ، تنفّذ
بموجبه الأحكام بشكل مستمرّ،
وفتوى الفقيه مجمّدة في كتاب ،
لاعمل لها في حياة الناس ، على
المستوى العملي ، بعد أن هلك
الذي كان يَحتجّ بها على أنها
قانون رباني، يبيح له قتل
العباد كيفما يشاء..!( ويبدو أن
الهالك ، كان حريصاًعلى إرضاء
الله ! ، فيما يقول ويفعل ،
وحريصاًعلى إقناع الناس الذين
ينكرون جرائمه، بأنه لا ينطلق
إلاّ من الشرع الحنيف في أقواله
وأفعاله..! أمّا خلَفه فلا يحتاج
إلى هذه الفتوى ، لتسويغ جرائمه
المقنّنة ، لأن القانون وحدَه
كافٍ في تسويغ الجرائم ، مادام
قد ورثه عن الهالك والده ، وصارت
له ( أي : القانون)
بهذه الوراثة ، شرعية تؤهله
لأن يقوم بنفسه ، حجّة في تنفيذ
الأحكام، دون حاجة إلى فتوى ذات
مرجعية دينية ..!
ويبقى السؤال الأخطر
المطروح ، هو التالي : إذا كانت
العصابة قد تمرّست في تبديل
ثيابها ، بحسب الأدوار المسرحية
، حتى لو كانت الأدوارهزيلة ،
وكانت الثياب ظاهرة الترقيع ،
واستطاعت أن ( تمرّر!) بعض
أساليبها البهلوانية ، فيما
يتعلق بالثياب الثلاثة الأولى ،
المذكورة آنفاً (السياسي ..
الوطني .. القومي ).. وأن تجد
مخلوقات على شاكلتها
تهتف لها ، وتصفّق ، وتهرج ،
نفاقاً أو ارتزاقاً ..! وأن تُنسي
بعض السذّج، أدوارها السمجة ،
وأثوابها المرقعة ، كلما فات
أوانها .. فهل تستطيع أن تنسي
الذين فقدوا أبناءهم وآباءهم
وإخوانهم ـ بموجب قانون القتل
الجماعي الذي سنّته ـ .. هؤلاء
الضحايا ، حتى لو مرّ على قتلهم
عشرات السنين ، وبدلت العصابة
خلالها آلاف الثياب..! وحتى لو
حشدت كل منافقي الأرض ، فأصدروا
لها الفتاوى ، التي توفّرغطاء
شرعياً ، لقتل هؤلاء الأبرياء
الأطهار..!؟ أم أن هذه الجريمة
الغريبة المنكرة ( جريمة
الإفتاء الديني بالقتل الجماعي
!) تعادل في خطورتها ، تلك
المجازر الجماعية الرهيبة ، بل
ربما تزيدعليها ، في البشاعة
والانحطاط الخلقي ..! وأن
المنافقين الذين سَخّروا
أنفسهم ـ أو سُخّروا ـ أدواتٍ
لإصدار هذه الفتاوى ، جريمتهم
أخطر وأشنع من جريمة الضالين
المنحرفين ، الذي لايقيمون
أصلاً، وزناً لأيّ دين أو خلق ..!
ولاسيّما أن هؤلاء المفتين ،
يزعمون أنهم يؤمنون بالله
واليوم الآخر، وأنهم يتحدثون
باسم الدين الذي تقدسه أكثرية
أبناء الأمة..!؟ ولاسيما ـ أيضاً
ـ أن هذه الفتوى ، صدرت بعد
صدورالقانون ، بثلاث عشرة سنة..!
وكانت حالة الخروج المسلّح على (
وليّ الله .. أمير المؤمنين!) ، قد
انتهت تماماً ، ولم يبق إلاّ
حالة الذبح الجماعي ، الذي كانت
تمارسه وحوش الأجهزة الأمنية ،
في أقبية المخابرات ..! وقد اعترف
أحد كبار المجرمين ، في حكومة
(أمير المؤمنين !) الهالك ، اعترف
علناً ، أنه كان يوقع ، في اليوم
الواحد ، مئة وخمسين عقوبة
بالإعدام ، على مدى شهورعدة..! (
ولا ندري ما إذا كان يذكر اسم
الله على هذه الخراف التي كان
يذبحها أم لا..! هذا أمر يُسأل
عنه الفقيه الذي أصدر له الفتوى
الشرعية ، بهذا الذبح الجماعي
الرهيب..! ولعلّ هذا الجزار
الماهر ـ وهو وزير دفاع مزمن ،
يدّعي الثقافة والعلم والفهم ! ـ
لايدري أن مجرّد تسجيله هذا
الاعتراف على نفسه ، يحمّـله
وزر جريمة بحقّ الإنسانية في
القانون الدولي ، وعاراً
أخلاقياً، يورّثه أحفادَ
أحفاده إلى يوم الدين ، ويعطي
حقاً مشروعاً ، لكل واحد من ذوي
ضحاياه، بأن يطالبه باسم
القانون والشرع ، بدم مَن قتل من
أهله..!)
أمّا
السؤال الأخير، الذي يأتي على
هامش النص ، ولاصلة له بمتنه ،
فهو : هل سيظهر قارئ ـ مرهف
الإحساس جداً ! ـ يلومني على
كتابة هذه السطور، ويغمض عينيه
عن رقبتي التي تحت سيف الجلاد ،
الذي يتحفّز لقطعها باسم
القانون ، وبمباركة الفتوى التي
تؤيّده وتدعمه ، وتوفر له غطاء
من دين الله ، الذي أنزله رحمة
للعالمين..!؟
وسبحان القائل : ( فإنها لا
تَعمى الأبصار ولكن تَعمى
القلوب التي في الصدور).
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|