ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 25/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

حوار مع صنم

أبو عمر الأسدستاني

جلست في هدوء أتأمل صنماً من الأصنام الكثيرة المزروعة في بلادنا والذي بدا منتصباً بقسوة في مدخل مدينتي , وراودني شعور غامر بالرضا إذ وجدتها فرصة مثالية ًللتحدث معه في جو ديمقراطي مفتوح دون خوف من أجهزة أمنه الكثيرة , و لقناعتي المطلقة بأنها فرصتي الوحيدة لأطبق شعاره (لا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ ولا أن يتستر عن العيوب والنواقص) .

ولكن واجهني سؤال محير هنا,  فماذا أقول وكيف أبدأ بالكلام وعن أي خطأ بل أية كوارث سأتحدث ؟ أما العيوب والنواقص فحدث ولا حرج , ثم خطرت على بالي فكرة لا بأس بها باعتبار أن حواري مع الصنم يتم بأسلوب الرأي والرأي الآخر فسأطرح عليه الأسئلة على طريقة الدكتور فيصل القاسم عند تقديمه لبرنامجه , والصنم بعدها سُيجيب و ستكون أيضاً فرصة مناسبة لنسمع وجهة نظره عن بعض الأمور فمن المحتمل أن نكون في وقت ما ظلمناه دون أن ندري ؟ وبدأ الحوار:

سيادة الرئيس الصنم سأطرح على سيادتكم سؤالاً وحيداًً:

لـــــــمــــــاذا ؟؟؟ لماذا فعلتم كل هذا في بلد ٍجميل كان اسمه سوريا ؟ لماذا فجّرتم بركان الحقد الطائفي في بلد ضُرب فيه المثل منذ الأزل بالتسامح والتعايش السلمي بين طوائفه؟ لماذا استبحتم دماء السوريين وأموالهم وأعراضهم ؟ لماذا قتلتم مئة ألف ٍمن أبنائه واعتقلتم مئات الآلاف الآخرين ؟ لماذا هجّرتم وشردتم الملايين من مواطنيكم في كافة أرجاء المعمورة ؟ لماذا زرعتم أحزمة الفقر حول مدننا ؟ لماذا نهبتم ثروة الأجيال السابقة والحالية واللاحقة ؟ لماذا وأدتم العلم والتعليم ؟ لماذا... ولماذا وألف لماذا ؟؟ ..

ولبثت برهة أتأمل الصنم وكأني بذلك أعطيه الفرصة للإجابة ولكن للأسف مثلما كان في حياته سيكون أيضاً في مماته أصماً متحجراً مجرداً من الأحاسيس , تأملت وجهه الحجري بعيونه الباردة وقسماته القاسية وابتسامته السادّية , ووجدت نفسي أسأله بصوت عال وبجرأة لماذا تبتسم ؟ هل تعتقد أنك آمن على جسدك في قبرك ؟ ألم ينسفوا بالديناميت قبر رفيق دربك ومؤسس حزب بعثك ميشيل عفلق ؟ هل حقاً تعتقد أن أصنامك خالدة ؟ ألم تر وتسمع في قبرك ماذا فعلوا بأصنام صدام , كيف هُدمت وقُطعت رؤوسها وسُحلت في شوارع بغداد ؟ هل أنت مسرورٌ أنك ورّثت العرش لابنك من بعدك ؟ ألم تصلك بعد أخبار عدي وقصي صدام حسين ؟ هل أنت راضٍ عن المليارات التي نهبتها وأودعتها في المصارف الأجنبية ؟ اسأل جموع الحجيج المنافقين المتباكين على قبرك عن بنك المدينة و عن أموال صدام؟

أم لعلك تبتسم لأنك وأنت ميت ما زلت ترعبني وترعب الملايين معي ؟ أعترف لك بأنك على حق في هذا إذ جعلتني أتخذ اسماً مستعاراً عندما أكتب لأنني خائف على نفسي و أولادي الصغار من بطش زبانيتك , وأعترف أيضاً بخطأي في الماضي فقد خفت على نفسي عندما كنت شاباً وحيداً , وأنا الآن خائفٌ على نفسي وأولادي , وغداً سأخاف على نفسي وأولادي وأحفادي معاً , نعم... نحن من جعلناك إلهاً جاهلياً علينا ورفعنا لك الأوثان , لتسبغ نعمتك على من تشاء وتسحق وتبطش بمن تشاء , جعلناك إلهاً جاهلياً علينا عندما رضينا بالذل والهوان في شبابنا , رأينا كرامتنا تمرغ بالتراب وسكتنا , رأينا ثرواتنا تُنهب جهاراً وسكتنا, رأينا عُهر مسؤولينا وسكتنا , رأينا أبناء هذا الوطن يتسلى زبانيتك بتعذيبهم وذبحهم وسكتنا , رأينا آباءنا وأمهاتنا يُهانون أمام أعيننا وسكتنا, ورأينا ... ورأينا ... ورأينا... وسكتنا,  لم نقاوم... لم نعارض...لم نثور , اتكلنا على قلة شجاعة منا .. قاومت ..عارضت ..ثارت , تركناهم لوحدهم أو بالأصح ويا للعار قدمناهم قرابين على مذبحك لننأى بأنفسنا عن بطشك , ونمنا قريري العين مطمئنين , نبحر بأحلامنا معهم إلى برٍ خالٍ من القادة الملهمين أمثالك ومن حالات الطوارئ ومن حزب البعث ومن ألف كارثة وكارثة حلّت علينا بسببك , ولما أفقنا من حلمنا الوردي الجميل وجدنا ويا لهول ما وجدناه ؟ ُملهماً آخر أصبح ملكاً علينا , نعم أصبح المحروس ملكاً علينا ؟ ووجدنا أنفسنا في الدوامة من جديد نخر له ساجدين مطأطئي الرؤوس  خانعين , إلى الأبد مبايعين , صامتين صمت القبور .

لا أعرف ...هل يسامحنا الله جل جلاله على ركوعنا وسجودنا لآل الحاكم ...نرجو  العفو والرحمة والمغفرة من الغفور الرحيم ؟ هل  ستصفح عنا الأجيال القادمة على تلذذنا بالذل والمهانة ؟ أو على امتهاننا تسول الفُتات على موائد آل الحاكم ؟ هل نستطيع بعد كل ما حصل لنا ولديِِنِنا ولبلدنا رؤية وجوهنا في المرآة ثانية ً؟ حقيقة لا أعرف فأنا مازلت خائفاً وما زال مثلي الملايين خائفين .

ويستمر الخوف ......ويستمر آل الحاكم في الحكم.......وتستمر المأساة .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ