لا
معارضة في
شامستان
د.هشام
الشامي
في حديث شيق و طازج
لقناة الجزيرة القطرية
أتحفنا به مدير عام هيئة
الإذاعة والتلفزيون في شامستان
الدكتور/ فايز الصايغ بتاريخ 13
أيار/ مايس 2006، حول المعارضة
السورية قال : " لا يوجد في
المجتمع السوري ما يسمى
بالمعارضة. فالمجتمع السوري
متصالح مع نفسه. ولا يحتاج لمن
يجري هذه المصالحة كما يقولون .
والمجتمع السوري ملتف تماما حول
قيادته وحول الحزب وحول الجبهة
الوطنية التقدمية وحول الرئيس
بشار الأسد " و أضاف سيادته
متبجحاً أن " المجتمع السوري
يدرك تماما أن هؤلاء يغتنمون
الظروف الغير مواتية لكي يطرحوا
أفكارهم. وأعني بهم من يعمل في
الخارج وليس من يعمل في الداخل
" .
إذاً ليس هناك
معارضة للنظام السوري و الحمد
لله ، والدليل واضح و صريح ، و
تعبر عنه صناديق الاقتراع
السورية ( بالسين و ليس بالصاد !!)
، و التي دائماً ما تكون نتيجتها
تسع تسعات فأين إذا المعارضة ؟
مع العلم أن الواحد من كل عشر
ملايين أو بالأحرى الشخصين
من سوريا كلها ( على اعتبار
أن عدد سكان سوريا عشرون
مليوناً ) اللذين لم يصوتا بسبب
ظروف قاهرة ( شفاهم الله و
عافاهم ) ، و ليسا معارضين حتماً
.
أين يعيش الدكتور
الصايع ( النقطة سقطت سهواً ) هذا
؟ ؛ هل يوزن كلامه و تصريحاته
بميزان ( الصايغ ) ، أو حتى بقبان
البازار أو سوق الهال ؟؛ هل يظن
نفسه أنه غوبلز هتلر ؟ ؛ هل يظن
أن أحداً ما من هذا العالم
سيصدقه ؟ ؛ أو حتى لم يضحك
استهزاءاً و ازدراءاً عندما سمع
نكته ( البايخة ) و الغير مسلية ؟
.
نعم يا سادتي ، كلكم
يتساءل بتعجب و حيرة و استغراب و
اشمئزاز – و أنا معكم تساءلت
كثيرا ً - لماذا كل مسؤولينا
السياسيين و الحزبيين في
شامستان يتكلمون بنفس الطريقة و
الأسلوب ؟، و يتقنون نفس اللغة
الخشبية القرونوسطية ، و يجيدون
الكذب و التمثيل ، و ينعقون خارج
السرب الإنساني ، و يستطيعون
برمجة ألسنتهم على موجة واحدة ،
هي نفس الموجة التي تبث منها
إذاعة دمشق و قنوات سورية و نفس
اللغة التي تتحدث بها صحف نظام
دمشق الثلاث .
و قديماً قالت
العرب : إذا عُرف السبب بطل
العجب .
لقد أجاد النظام في شامستان
على مدى عقود عديدة في شراء ذمم
مرضى النفوس في المجتمع ،
بأساليب رخيصة و وضيعة ، و
استطاع بأسلوبه الأمني الصارم ،
الذي يعتمد على الترغيب و
الترهيب ، و التغاضي عن المفاسد
و السرقة و النهب لدى ضعاف
النفوس ( بل التشجيع عليها و
رعايتها ) ، مع جمعها و حفظها في
ملفات جاهزة ، يمكن فتحها عند
اللزوم ، في دفع هؤلاء الفاسدين
في اتجاه وحيد لا يستطيعون
الحياد عنه ، أو حتى التلكؤ في
السير فيه إلى النهاية ، لأنهم
إذا التفتوا إلى الوراء شاهدوا
ملفهم الأسود المكتنز بالسرقات
الكثيرة و المفاسد العديدة
؛ و بذلك ارتبط استمرارهم في
مناصبهم و قصورهم و خدمهم و
حشمهم و ما جمعوه من عرق الشعب
المسكين و دمه ، باستمرار
ولائهم و
طاعتهم و تمجيدهم و تبجيلهم
لسادتهم و أصحاب الفضل و النعمة
عليهم من آل الأسد و عشيرتهم
الأقربين .
فالسيد صايغ مثلاً
، يتكلم و لا يغيب عن ذهنه ملفه
الأسود ، و فضائحه الكثيرة ، و
لا يستطيع أن ينسى قضية فساده في
شراء هوائيات للإذاعة
والتلفزيون ( والتي ما زالت أمام
القضاء – و ما أدراكما القضاء
في شامستان - و لم يبت فيها بعد )
و التي فاحت رائحتها حتى زكمت
الأنوف ، كما لا يستطيع أن ينسى
سيده الرفيق / محمود الزعبي –
عضو القيادة القطرية لحزب البعث
، و الوزير و رئيس مجلس الشعب و
رئيس مجلس الوزراء لأكثر من
عقدين من زمن الأسد الأب و كيف
كانت نهايته المأساوية ؟.
إذاً ليس أمام
الدكتور ( الغير ) فائز إلا طريق
واحد ، عليه السير فيه بجد و
نشاط و دون توان ، و للمفارقة ،
فرغم أنه لا يستطيع أن ينام من
الكوابيس التي تلاحقه من فتح
ملفاته إذا ما أخطئ سهواً أو خرج
عن النص الذي يجب عليه أن يردده
كالببغاء ، لكنه مع ذلك لا يريد
انتهاء هذا الكابوس الذي اعتاد
على العيش معه ، لأنه يعرف حجمه
و مكانته عند انتهاء هكذا نظام
فاسد ، وأين سيؤول هو و أمثاله
من ضعاف النفوس و مرضى السلطة
الوضيعة .
كان لا بد من هذه المقدمة
المطولة ، لفهم
ملابسات و ظروف كلام الصايغ
و المسؤولين السوريين ( الذين
يمثلون النظام في شامستان خير
تمثيل ، و يعبرون بوضوح و دون
مواربة عن العقلية التي تحكم
البلد منذ عقود ) ، و نعود لموضوع
المعارضة السورية الذي أدلى
الصايغ دلوه فيه ، و نتساءل
أسئلة بريئة :
- هل يوجد منذ فجر
التاريخ و حتى يومنا هذا سلطة لم
يكن لها معارضة ؟
- هل وجود المعارضة
حالة مرضية أم حالة صحية في
المجتمع ؟
- ما مكانة و موقع
المعارضة في المجتمعات
الإنسانية المتطورة مقارنة
بالمجتمعات المتخلفة 0
- قبل انقلاب الثامن
من آذار 1963م و عندما كان حزب
البعث خارج السلطة ، هل كان
معارضاً أم كان عميلاً خائناً ؟
- لو لم يكن حزب
البعث في السلطة الآن ( كما هو
الحال في العراق أو حتى في
الأردن أو السودان أو لبنان )
أين سيكون ؟
- إذا لم يكن هناك
معارضة في سوريا كما أتحفنا
الدكتور الصايع ، فما فائدة
حوالي عشرين فرع أمني انتشرت
كالفطر في شامستان من مخابرات
عسكرية و جوية و خارجية و داخلية
و أمن دولة و أمن سياسي و فرع
فلسطين و 000 و أكثر من مئتين ألف
عنصر أمني و أكثر من سبعين ألف
مركوبة أمنية ، و ما فائدة
السجون و المعتقلات التي فاقت
المستشفيات و الجامعات عدداً و
عدة 0
- و هل الذين قتلوا
أو أعدموا في تدمر ، و باقي
السجون السورية ، و الذين تجاوز
عددهم أكثر من ثلاثين ألفاً ، أو
حتى الذين أفرج عنهم بعد أن
أمضوا في ضيافتكم العربية
الأصيلة !! عقدين أو ثلاثة عقود ،
أو الذين ما زالوا يتمتعون و
ينعمون بكرمكم الحاتمي حتى
اليوم ، هم من إسرائيل مثلاً ؟؟!!0
- و لماذا دمرت
مدينة حماة و أحياء من مدن أخرى
كحلب و جسر الشغور ، و بعض قرى
جبل الزاوية و إدلب ؟، و لماذا
قتل أكثر من ثلاثين ألفاً في
حماة في شهر شباط 1982 ؟0
- و لماذا إذاً ما
زال قانون الطوارئ مسلطاً على
رقاب الناس منذ ثلاث و أربعين
عاماً وحتى الآن ؟ و ما فائدة
قانون العار و الاستئصال رقم 49
الذي لا يوجد له مثيل في أنحاء
المعمورة ( ماركة مسجلة لمافيات
أسدستان ) ؟ .
سنترك للصايغ الإجابة عن
هذه الأسئلة و غيرها الكثير ،
رغم أننا نعرف إجابته سلفاً ، و
نتابع سماع جواهر الصايغ في
إجابته على سؤال مذيع الجزيرة
حول قساوة بعض بيانات المعارضة
في الخارج إذ يقول: "هذه
المجموعات التي تعلن عن نفسها
بين حين وآخر خاضعة ، قبل كل شيء
، إلى معايير البلدان التي تعيش
فيها وإلى تأثيرات السلطات
المحلية في هذه البلدان والقوى
السياسية و المخابراتية
الموجودة فيها . فلابد من أن
يكونوا قساة على بلدهم لكي يكون
خطابهم مقبولا في بلاد الاغتراب
وقابلا للمساعدة والتأييد
والدفع" .
بالله عليك يا صايع ( إذا كنت
بتعرف الله ) أين آخذت الدكتوراه
؟ هل تظن أن جميع خلق الله تتكلم
على طريقتك و هي خائفة من
المخابرات ؟ أم أن طول المدة
التي احتاجتها المخابرات
السورية لبرمجتك ، جعلتك تظن أن
كل الذين يتكلمون في هذه
المعمورة مبرمجون على ذبذبات
مخابرات البلد التي يعيشون بها .
أما الكذبة الكبرى التي ما
فتئ يتبجح
بها الناطقون و المتمنطقون و
المتفيهقون من أبواق النظام
السوري الأشاوس من أمثال الصايغ
و بلال و الشعيبي و حبش و الذين
يحق لهم طق الحنك باسم النظام
بعد أن اجتازوا اختبارات غوبلز
بنجاح ، أن هناك من يعمل في
الداخل ( بمنتهى الحرية ما شاء
الله و خزيت العين ) ، و الجواب
ما نراه لا ما نسمعه ، إذاً من
خطف أنور البني من شوارع دمشق
على طريقة عصابات المافيا ؟ و
أين ميشيل كيلو و فاتح جاموس و
العشرات من المثقفين السوريين
ممن وقع على إعلان بيروت دمشق
مؤخراً ؟.
و للتذكير فإن كل
أولئك -
الغير معارضين طبعاً ، و الذين
كانوا يعملون و يعبرون عن
آرائهم بمنتهى الحرية - قد غيبوا
في سجون أسدستان بعد القصيدة
العصماء التي ألقاها الدكتور
فائز الشاعر ( عفواً الصايع ) على
شاشة الجزيرة ، و التي عبر فيها
عن مساحة حريات الرأي و التعبير
الغير محدودة في شامستان ، و عن
نعمة التصالح الوطني التي تحضن
جميع السوريون بلا استثناء في
جنة العدل سورية ، والتي جعلت من
أسدستان البلد الوحيد ( ششنه
بلغة أهل الشام ) في العالم كله
بدون معارضة و معارضين .
و يبقى أن نختصر
المقال بكلمتين نوجههما للصايع
و أمثاله : إذا لم تستحي فاصنع ما
شئت.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|