ـ

ـ

ـ

الخميس 25/05/2006

النظام المجلَّل بالفساد ..

يُحَاضِر في الشرف والطهارة

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

لعله أحد الأمثلة الواضحة، على أنّ نظام الزمرة الأسدية لن يجلب لسورية إلا العار والدمار، وهو يجعلها عُرضةً للتدخلات الدولية السافرة في شؤونها الداخلية، لأنّ هذا النظام المتخلّف ما يزال يتصرّف بعقلية ستينيات القرن المنصرم، لا يريد أن يتعلّم من التجارب، وغير قادرٍ على مواكبة العصر بكل ما يتطلّبه من انفتاحٍ وكياسةٍ وحسن تدبير!..

أصدر الاتحاد الأوروبي منذ أيامٍ بياناً، يدعو فيه نظام الزمرة الفاشيّة إلى (الإفراج عن المعتقَلين السياسيين، ومعتقلي الرأي).. كما عبّر البيان عن (القلق إزاء الاعتقالات التعسّفية الأخيرة لنشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان في سورية، وإزاء ما يتعرضون له مع عائلاتهم من حبسٍ واعتقال)!.. فأجاب النظام المتكلّس، بمزيدٍ من الاعتقالات والمداهمات، وبمزيدٍ من الاستخفاف بأرواح أبناء شعبه، وبمزيدٍ من التنكيل برجالات الفكر والأدب والثقافة!.. ثم قام بشنّ حملةٍ إعلاميةٍ سياسيةٍ طائشة، مُتَّهماً الاتحادَ الأوروبيَّ بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية السورية!.. وبدلاً من أن يكتشف المتخلِّفون جرائر خطاياهم وخطواتهم الرعناء الهستيرية ضد أبناء جلدتهم.. فقد قاموا بالرد على أصحاب البيان الأوروبيين، بمحاضراتٍ غير رصينةٍ عن حقوق الإنسان التي تنتهكها أوروبة، واصفين (بدقةٍ) شدة الظلام الإنسانيّ الذي تقع تحت أجنحته الدول الأوروبية!.. ومن يستمع لهراء أجهزة الإعلام الأسديّ المتيبّسة، في العهد الميمون للقادِمَيْن من العصر البرونزي: الوزير محسن بلال، والمدير فائز الصايغ.. يظن أنّ أوروبة ما تزال تعيش في العصور الوسطى، وأنّ (المقاصل) التي تُقطَع بواسطتها الرقاب، ما تزال منتصبةً داخل الساحات الرئيسية في باريس ولندن ومدريد وروما وبون وغيرها.. ووحده النظام الأسديّ السفّاح مَن يحترم دستور البلاد، ومَن ينفرد باحترام حقوق مواطنيه، ويقف عند حدود إنسانية المواطن السوريّ.. ووحده النظام الأسديّ البهلوانيّ، مَن يعرف المصلحة الوطنية في الظروف الخطرة الاستثنائية، باعتقالِ شعبٍ، وتحويل وطنٍ إلى زنزانةٍ مترامية الأطراف!.. وبما أنّ الوطن والشعب والمواطن في سورية.. هم من بعض ممتلكات زمرة الفساد والإفساد الأسديّ.. فهي وحدها التي يحق لها أن تتصرّف بممتلكاتها كما تشاء، وبالكيفية التي تشاء، ومتى ما تشاء.. ولا يحق لكائنٍ مَن كان، بمن في ذلك المواطن السوريّ، أن يعترض على حقٍ طبيعيٍ لزمرة اللصوص هذه، ولطغمة الاستبداد والدكتاتورية المتربّعة على عرش سورية!.. فصدِّقوا يا قوم أو لا تصدّقوا !..

بعض الذين أصابهم التنكيل والتعسّف من رجالات شعبنا، كانت جريمتهم هي توقيعهم على بيانٍ سُمِّيَ بإعلان: (بيروت – دمشق)، وفيه يدعو الموقّعون إلى (احترام استقلال البلدين الشقيقين: سورية ولبنان، وإلى احترام سيادتيهما الكاملتين).. فما المشكلة في ذلك يا أيتها الطغمة الأسدية المارقة؟!.. أم أنكم تريدون أيضاً، الاستمرار في اعتبار لبنان من ممتلكات أسرة الفساد والإجرام الأسدية؟!..

يَردّون على دعوات التعقّل.. بقلّة العقل، وعلى حرص رجال سورية على سورية.. بمزيدٍ من التفريط باستقلال الوطن، وعلى صرخات المطالبة بالحوار الوطنيّ البنّاء العاقل.. بمزيدٍ من القهر والبغي وسفك الدم وامتهان إنسانية الإنسان.. وقد كانوا يَلقَوْن التأييد أو السكوت أو الصمت المطبق، من قِبَل القوى الأوروبية والعالمية، التي حمت النظام وغطّت جرائمه الشنيعة طوال أكثر من أربعة عقود، وتجاهلت سلوكه الإجرامي الدكتاتوري بحق وطنه وشعبه طوال عشرات السنين.. والآن تغيّرت الظروف المحلية والدولية والإقليمية والعالمية والمصلحية، وبدأت تلك القوى برفع حمايتها عن هذا النظام المجرم.. فطار صوابه، وطاش حجره، وقابل كل ذلك بعقليات الوحوش الهوجاء، وعقول جَهَلَةِ القرون الأولى.. فمن الذي يصطنع البيئة المناسبة للتدخّل الخارجي بشؤون سورية أيها المتسلّطون؟!.. وهل تفيدكم لدى شعبنا ولدى العالَم كله الآن، المتاجرة بمظالم الشعب الفلسطيني، الذي كنتم من أوائل سفّاحيه، ومن أول المتآمرين عليه وعلى قضيته الفلسطينية العادلة؟!..

تقولون : إنّ أوروبة بدأت تصطاد في الماء العَكِر.. فلماذا تصنعون لها هذا الماء العَكِر بانتهاكاتكم، ودكتاتوريتكم؟!.. ألستم بذلك -أيها الأسديون- تصطنعون المبررات لتدخّل القوى الخارجية بشؤوننا وشؤون وطننا؟!..

هل نحتاج لمزيدٍ من الأمثلة على أنّ هذا النظام الجائر هو سبب البلاء، وهو الذي يفتعل، بتصرّفاته وسلوكه المريض، أزمات سورية مع العالم، ويجعلها –بتخبّطه- نهباً لمن هبَّ ودَبّ، بدلاً من أن يلجأ إلى شعبه، وينفتح على أبناء وطنه، ويرصّ صفوفهم، ويمتّن وحدتهم الوطنية، ويُفسِح المجال لهم للدفاع الكريم الحرّ عن وطنهم ووطن الآباء والأجداد؟!..

طاش حَجَرُ النظام الفاسد.. وهو بطبيعة الحال قد أثبت أنه غير قابلٍ للإصلاح، ولا يؤمَل منه أي خيرٍ للوطن وللشعب وللأمة.. فاقتربت نهايته بإذن الله، وكل ما يقوم به هذه الأيام من طَيشٍ ورعونةٍ وانتهاكات، إنما هو دليل ضعفٍ وليس دليل قوّة.. فاستبشري بالخير.. كل الخير، يا سورية الأبيّة.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ