مأساة
المعارضات العربيّة:
صورة
واحدة .. في أقطار شتّى
عبد
الله القحطاني
أ – لا تؤمن
المعارضات العربيّة بمجابهة
الأنظمة الحاكمة بالسلاح .. مع
أن الأنظمة تجاهر صباحَ مساءَ ،
بالقول الفصيح والسلوك البشع
الصريح ، بأنّها تحكم البلاد
والعباد بالحديد والنار ،
وتهدّد من يتصدّى لسلطاتها
بالنقد ، بالويل والثبور وعظائم
الأمور ..!
فلمَ لا تؤمن
المعارضات بمقارعة العنف
بالعنف ؟
1ً-لأن السلطات
الحاكمة ، إّنما هي سلطات "
وطنيّة " ، من أبناء البلاد ،
وليست أجنبيّة محتلّة ..!
أمَّا كونها –
أيّ السلطات – خاضعة بشكل تامّ
للأجنبيّ ، وكيلةً عنه على
شعوبها وأوطانها ، تمارس (
وكالةً ) مشروطة بتدمير البلاد
وسحق العباد .. أمّا هذا ، فلا
تراه عيون الشعوب ، لأنه مغطى
بشعارات رنّانة ، عن السيادة
والاستقلال والكرامة الوطنيّة
، و " مقاومة الاستعمار " !.
وبالتالي ، فكلّ
من يحمل السلاح ، في وجه سلطات
بلاده الوطنيّة ، خائن مخرّب
عميل .. !
2ً- لأن حمل السلاح
في مواجهة السلطات الوطنيّة ،
يؤدي إلى كوارث إنسانيّة لا
يعلم مداها إلاّ الله .
3ً-
لأن المعارضات تدرك جيدّاً
، أنّها لا تملك من وسائل
القوّة ، واحداً بالألف مما
تملكه السلطات
الحاكمة ، التي تسخّر سائر
إمكانات الدولة ، العسكريّة
والأمنيّة والماليـّة
والإعلاميّة .. للمحافظة على
كراسيّ حكمها .
ب- لا تؤمن
المعارضات العربيّة بالاستعانة
بقوى أجنبيّة على حكّام بلادها
، - الذين تعلم جيّداً أنهم لم
يصنعهم ولم يثبت كراسيّهم سوى
هذه القوى الأجنبيّة - !
ورفض الاستعانة
بالأجانب له أسبابه :
1ً-
لأن أكثر المعارضات لديها
شيء من المروءات الإنسانيّة ،
وشيء من الإحساس بالكرامة
الوطنيّة . ولولا هذا وذاك ، لا
نساق أكثرها في ركب المصفقين
للأنظمة ، والهاتفين لها بطول
البقاء .. لقاء فتات تقدّمه لها
هذه الأنظمة ، كذلك الذي تقدّمه
لسائر الهتافين والمصفقين .!
2ً- لأن المعارضات
تعلم يقيناً أن الأجنبي يعمل
لمصالحه الخاصّة ، وأن ما يهمّه
من أبناء بلادنا هو أن يخدموه
وأن يحقّقوا مصالحه ، ثمّ لا
يبالي بهم ، في أيّ واد هلكوا .
وكلّما انتهت صلاحيّة أحدهم
للعمل مع الأجنبي ، خلَعه ، وجاء
بوكيل جديد بديل يخدمه ويحقق
مصالحه ..
وما كل إنسان يرضى
لنفسه بهذا الهوان ، مهما كان
الثمن الذي يقبضه من الأجنبيّ ،
حتى لو كان كرسيّ حكم ..!
3ً- لأن المعارضات
، إذا عرضَت نفسها على الأجنبي ،
ليساعدها على استلام السلطات في
بلادها ، تكون قد وضعت نفسها في
موضع الخادم النذل ، بين يدي
الأجنبي ، الذي يبدأ بالمفاضلة
بين خادم نذل مجرّب مطيع مضمون ،
وخادم نذل آخر غير مجرّب
وغير مضمون ، مهما زعم أنّه
سيكون أشدّ ولاء للأجنبي " أي
نذالةً " من الحاكم الموجود .
وليس ثمّة عاقل يضحّي بوكيل "
خادم " مجرّب مضمون ، ليأتي
بآخر مثله غير مجرّب وغير مضمون
، حتى لو تعهّد الآخر الجديد ،
بأنه سيكون أشدّ نذالة من سابقه
.!.
4ً- الاستعانة
بالأجنبيّ ، لخلع وكيل " خادم"
وتثبيت آخر بدلاً منه ، أثبتت
بالتجربة الحيَّة والواقع
الملموس ، أنها غير مأمونة
العواقب ..والنماذج التي قدّمها
الأجنبي حتى الآن،لا تبشر بخير،
وهاهي ذي شاخصة في أفغانستان
والعراق .. " ومن رأى العبرة في
غيره فليعتبر " !
ج-
لا تستطيع المعارضات
العربيّة الاتفاق فيما بينها ،
على الحدّ الأدنى من القواسم
المشتركة ، ولا تستطيع أن تحزم
أمورها باتجاه محدد واضح ، ومن
أسباب ذلك :
1ً-
ضعف الثقة المتبادل بين
أكثر المعارضات ، داخل الدولة
الواحدة .
2ً- خوف بعض القوى
المعارضة من بطش السلطات ،
يجعلها تتردّد في الإقدام
الجريء على
عقد تحالف متين مع القوى الأخرى
.. فهي مترددة بين الإقدام
والإحجام .
3ً- شكّ بعض
الفرقاء ، في برامج فرقاء آخرين
.. وشكّ فرقاء آخرين ، بنيّـات
فرقاء غيرهم ، وحسابات بعض
القوى، الخاطئة ، لِما عند
الآخرين من قوى.. فيهوّن هذا
الفريق من شأن ذاك ومن أهمّيته
حيناً ، فلا يمدّ يده إليه لعدم
جدوى الاتفاق معه ..
ويهوّل حيناً من قوّة فريق
آخر ، فيخاف من أن " يأكله "
بعد أن يتعاونا على إسقاط
السلطة الحاكمة ..! وربّما صرّح
بعضهم ، في هذا البلد العربي أو
ذاك ، بأن " دكتاتوريّة
الحاكم فلان ، أحبّ إليّ من
ديموقراطيّة المعارض فلان "..!
هذا مع أن ظهرَيهما العاريَين ،
تحت سوط جلاّد واحد! وأمراض
المعارضة هذه " الخوف – الشكّ
– ضعف القدرة على الحساب السليم
– الاستهانة بالآخرين – محاولة
فرض الرأي على الآخرين .." هذه
الأمراض هي أفضل رهان يراهن
عليه الحكّام المتسلّطون ،
ليبقَوا جاثمين على صدور
العباد، يعيثون فساداً وتسلطاً
ونهباً وسرقة وسحقاً ..! بل إنّهم
يغذون هذه الأمراض بالسرّ
والعلن ، لتستمرّ المهزلة
المأساة كما هي إلى ما شاء الله :
حاكم يستبدّ ويَسحق ، ومعارضة
" تختلف على جلد الدبّ قبل
صيده " كما صرّح أحد
المعارضين !
فهل إلى ( خلاص )
أو ( رشاد) من سبيل !؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|