نعوات
مكسيكية
أبو
عمر الأسدستاني
حملة الاعتقالات
الأخيرة وما سبقها من حملات
اعتقال في أسدستان والتي طالت
شخصيات معارضة بأفكارها
وأقلامها مثل السيد والكاتب
ميشيل كيلو والسيد أنور البني
ومن قبلهم السيد علي العبد الله
والسيد فاتح جاموس ... إلى آخر
القائمة الطويلة من المثقفين
والأحرار من الذين كان لهم رأي
آخر مخالف لرأي الملهمين
والمنزلين والمعصومين , استوجب
بالضرورة اعتقالهم ومن ثم توجيه
التهم (المعلبة والجاهزة) لهم
بإثارة النعرات الطائفية؟ أو
بوهن عزيمة الأمة؟ أو بالتحريض
على احتلال سورية؟ إلى آخر هذه
السلسلة من التهم المقيتة والتي
ما زالت مسلطة كالسيف على
رقابنا في أسدستان القرن الرابع
عشر .
حسناً لو افترضنا
جدلاً أن السيد ميشيل كيلو
بقلمه وكتابته حسب رأيهم أثار
النعرات الطائفية بمقالته
الشهيرة نعوات سورية , فأين
المشكلة والخطأ في ذلك ؟ والسيد
أنور البني وخليل حسين ومحمود
عيسى ...والمتهمين بوهن عزيمة
الأمة ؟ أين المشكلة والخطأ إذا
أحبوا أن يوهنوا عزيمة هذه
الأمة أو حتى (يفتتوها حتت) ؟
والسيد فاتح جاموس المتهم
بالتآمر مع الأجنبي والتحريض
على احتلال سوريا ؟ فليحرض من
يشاء وكيفما شاء ؟ أو السيد علي
العبد الله والذي طالب بإلغاء
حالة الطوارئ ؟ فليطالب بأعلى
صوته حتى تتمزق حباله الصوتية ؟
أين المشكلة و ما هو الخطأ في كل
ما فعلوه وكتبوه وقالوه؟
سأقول لكم أين المشكلة وما
هو الخطأ ؟.
مشكلتهم جمعياً
أنهم عبروا عن رأيهم في أسدستان
بلد الصمود والتصدي والنبع الذي
لا ينضب من الفساد والكذب
والشعارات .
فلو
كتب السيد كيلو في الصحف
الأمريكية أي في بلد
الامبريالية العالمية
والمحافظين الجدد مقالة بعنوان
نعوات مكسيكية نقلها حرفياً عن
مقالة نعوات سورية واستبدل أهل
الريف بالمكسيكيين وأهل
المدينة بالسكان الأمريكيين
فهل كان سيُتهم بإثارة النعرات
الطائفية في بلاد العم سام ؟ وهل
كانت السي أي إيه أو إف بي آي
سيعتقلونه بتهمة تخطيه الحدود
الطائفية الحمراء ؟ وهل كان
سيجلد بالكلام عن خصوصية
المجتمع الأمريكي وطوائفه ؟ جل
ما في الأمر أنك ستجد كاتباً أو
كتاباً عدة يردون عليه بمقالات
معاكسة وانتهى الموضوع من
أساسه؟ وقطعاً لن يذبح المكسيكي
الأمريكي في الشارع أو العكس
نتيجة ً لهذه المقالة أو غيرها .
ولو أن السيد أنور
البني ومعه السادة الآخرون
المتهمون بوهن عزيمة الأمة ؟
قاموا بشراء سيارة وركّبوا
عليها مكبرات للصوت وجابوا دول
الاتحاد الأوروبي جميعها من
ليتوانيا إلى بريطانيا هاتفين
بكل ما يخطر على بالهم من شعارات
(توهن) الاتحاد الأوروبي فهل كان
سيوقفهم أي رجل أمن أو شرطة في
أي دولة من هذه الدول ؟
ولو أن السيد فاتح
جاموس كان مواطناً ايرلندياً
وطالب انكلترا باحتلال جمهورية
ايرلندا أو كان مواطناً
ليتوانياً وطالب بعودة روسيا
إلى ليتوانيا أو مواطناً
اسبانياً وطالب باستقلال إقليم
كاتالونيا أو الباسك , فهل كان
سيعتقل في أي دولة من هذه الدول
؟.
ولو أن السيد علي
العبد الله طالب في اليابان
بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة
أو طالب في أي دولة أوروبية
بإلغاء معاهدة ماستريخت أو في
انكلترا بإلغاء قانون مكافحة
الإرهاب فهل كان سيعتقل ويُغيّب
هو وأولاده بهذه الطريقة البشعة
؟
لا..بالتأكيد لن
يعتقل أحد من هؤلاء السادة في أي
دولة تعطي مواطنيها وغير
مواطنيها الحد الأدنى من حقوق
المواطنة وحرية التعبير ,
فطالما كانت المعارضة تتم
بالقلم والكلمة والفكرة فقط
فلن يُكلمهم أو يعتقلهم أحد
في أي دولة في العالم تحترم
نفسها وتحترم مواطنيها .
ثم لنرجع إلى فحوى
الاتهامات الموجهة ضد
المعتقلين ,
والسؤال هنا هل التعايش بين
الطوائف في بلدنا أصبح مستحيلاً
لكي تفجر مقالة واحدة برميل
البارود الطائفي؟
وهل عزيمة الأمة واهنة إلى
درجة تقصم ظهرها كلمة واحدة؟
وهل بلادنا أصبحت ضعيفة ومفككة
و ممزقة لدرجة الخوف عليها من
أية دعوة لاحتلالها ؟ وهل
قوانيننا صدئة و مهترئة إلى
درجة التصدع من صدى صوت معارض ؟
وإذا كان كل ما ذُكر صحيحاً
..ففي أي بلد تعيس نعيش ؟ و من
المسؤول على وصول الأمور إلى
حافة الهاوية كما هي عليه الآن ؟
هل السيد كيلو هو المسؤول ؟ أم
النظام الذي يحكم منذ ثلاث
وأربعين سنة هو المسؤول ؟ أين
الحديث عن الصهر في البوتقة
الوطنية الواحدة ومنعة الجبهة
الداخلية والالتفاف والاصطفاف
والتراص في صف واحد خلف القيادة
الحكيمة .. إلى آخر هذا الهراء
والترهات ؟ أكثر من أربعة عقود
من (الصهر) ألم تكن كافية (لنذوب)
في بوتقتكم ؟ إذاً هناك خلل شديد
في (معمل صهركم) فلماذا لا
تصلحوه أو تتركوا غيركم
يصلحه ؟ لماذا كررتم غلطة
الإمام الخميني عندما أصدر فتوى
بقتل سلمان رشدي لكتابته كتاب
آيات شيطانية مما زاد من شعبية
الكاتب وبيع كتابه بعشرات
الملايين من النسخ, ولو لم يصدر
الخميني هذه الفتوى ربما لم
يغطي الكتاب كلفة طباعته؟
الخميني ارتكب هذه الغلطة
ربما عن حسن نية أو ليظهر بمظهر
المدافع عن الإسلام , وأنتم
تعمدتم إثارة هذه القضية
باعتقال كاتب معروف للجميع
لترعبوا الطائفة العلوية بشبح
الفتنة أو الحرب الطائفية لكي (تذوب
الطائفة في بوتقتكم) وتضخ لكم
دماءً جديدة في شرايين نظامكم
المهترئ والمبدأ
واضح فإما الدفاع عن النظام حتى
آخر شخص في
الطائفة أو لا بديل عن الطوفان
الطائفي الذي لن يبقي ولن يذر ,
فهل سمعتم عن نظام بهذه الخسة
والقذارة يتلاعب بطوائف البلد
ويستغلها فقط ليستمر بالحكم غير
آبه لنتيجة عمله الدنيء هذا؟.
أما قضية وهن عزيمة
الأمة؟ فأقولها جهاراً لتذهب
الأمة إلى الجحيم ألف مرة إذا
كانت كلمة واحدة ستوهن عزيمتها
وتقصم ظهرها العنكبوتي الواهي ,
أو ربما كنتم تعتقدون أن الأمة
تحتضر على فراش الموت وبالتالي
قد تموت إذا همسنا في أذنها بأي
كلمة ؟ فلتمت هذه الأمة
المحتضرة أصلاً ولتريحنا من
عذاباتها بدل أن تبقى تحتضر
لألف سنة قادمة مكبلة أجيالاً
بعد أجيال بجوار سريرها بانتظار
أن تلفظ أنفاسها الأخيرة .... وفي
كلتا الحالتين من المسؤول عن
احتضار الأمة ووهن عزيمتها ؟
أهي فعلاً كلمة خرجت من فم هؤلاء
السادة ؟ أم نظاماً دس السم
البطيء لها لأكثر من أربعة عقود
عبر شعاراته وكذبه وتنازلاته
وقمعه وفساده ...الخ مما أمرضها
وأقعدها ومن ثم أوصلها إلى فراش
الموت وجعلها تنازع وتصارع من
أجل البقاء عل قيد الحياة ؟ .
أما تهمة دعوة
الأجنبي ليحتل سورية ؟ فهي
بنظري قمة منجزات النظام البعثي
الطائفي المقيت , فالنظام يعترف
صراحة بأنه أوصل البلاد إلى
مرحلة أصبحنا نشعر فيها بالحنين
إلى عهد الاستعمار لكثرة ما
اقترف من جرائم وانتهاكات بحقنا
ولإنصاف الاستعمار نقول
بأنه لا مجال للمقارنة بين ما
فعل البعث بنا وما فعله
الاستعمار ,
فنظام البعث الطائفي خرب
ودمر وقتـّل ونهب البلاد
والعباد بما لا يقارن مع أي
مستعمر مر على سوريا عبر
العصور؟ ثم لماذا فجأة هذا
الخوف على استقلال سوريا وقداسة
ترابها لديكم علماً بأن هناك
أجزاء من أراضيها ما زالت محتلة
ولم تفعلوا أي شيء لاسترداها
سوى النعيق بالشعارات, بل أكثر
من ذلك أنتم تحديداً من سلم
أرضنا للمحتل عن طيب خاطر مع سبق
الإصرار والترصد في صفقة خسيسة
مع هنري كيسنجر تنازلتم فيها عن
الجولان وأخرى مع الأتراك
تنازلتم فيها عن لواء اسكندرون
مقابل الحفاظ على كرسي الحكم ,
فمن أين أتتكم فجأة هذه الوطنية
والغيرة على استقلال سوريا ؟
وهل عدتم لنهيق شعاراتكم من
جديد ؟ أم لعل خوفكم فقط من أن
يأتي الأجنبي وينتزع
كرسي الحكم من تحتكم ...؟
هناك مثل يقول فاقد الشيء لا
يعطيه , وأنتم ويا للعار
والدناءة فقدتم
وتنازلتم عن كل شيء في سبيل
البقاء في الحكم .
نعود من جديد إلى
قصة معمل الصهر والبوتقة
البعثية العجيبة , فلو كنا (مصهورين)
بشكل جيد في البوتقة إياها فلا
خوف من تعرّض سورية لأي احتلال
لأننا جميعنا (الجيش والشعب)
سنقاوم المحتل دفاعاً عن حريتنا
وكرامتنا وثرواتنا وأرضنا ....
ولكن بعد حكمكم لأكثر من أربعة
عقود نسأل الآن أنفسنا هل بقي
شيء يستحق أن ندافع عنه ؟ هل
سندافع عن سجون البعث ؟ أم ندافع
عن كراماتنا التي أ ُهدرت على
أيدي جلاوزتكم وجلاديكم في
أقبية الأمن والمخابرات لأكثر
من أربعة عقود ؟ هل سنضطر إلى
القتال في سويسرا دفاعاً عن
ثرواتنا التي نهبتموها بينما لا
نجد نحن ما نأكله؟هل سندافع عن
أرض نعيش عليها كالأرقاء في
مزرعتكم؟ لربما كنتم تعلمون أن
الرقيق والعبيد لا يقاومون ؟ ثم
أين جيش الشعب ليدافع عن البلد
ضد المحتل ؟ أم أنكم تعرفون أن
جيش الشعب امتهن الاسترزاق على
حساب المجندين من أبناء الشعب
ممن يؤدون خدمتهم الإلزامية
والذين من المفترض أنهم يخدمون
الوطن فقط, والنتيجة الكارثية
واضحة وجلية إذ لا توجد قضية
يقاتلون من أجلها بعد أن أفرغتم
كل قضية وطنية من محتواها
بكذبكم وشعاراتكم , ولا روح
معنوية لدى الجنود لقتال المحتل
تحت إمرة من مص دمهم وخدمهم وخدم
عائلاتهم , أو لعلكم أدرى منا
بالهدف من بناء هذا الجيش
العقائدي المغوار حين جعلتم
مهمته الأولى والوحيدة حماية
نظامكم من العدو الداخلي فقط
وبالتالي لستم مهيئين لقتال
المحتل الخارجي ؟ أو لعل الزمان
والمكان لا يناسبكم أيضاً
للقتال ؟.
نأتي الآن إلى
الجريمة الكبرى وهي المطالبة
بإلغاء حالة الطوارئ , فعلاً ....لا
تعليق فأنتم لم تعيشوا مرحلة
المواطن العادي الذي يُسحق كل
يوم وتمتهن كرامته و تسلب حريته
ولا يستطيع أن يفتح فمه أو يتنفس
بحجة حالة الطوارئ المعلنة ,
فأنت خُلقتم سادة ونحن العبيد....
مهمتنا بناء الأهرامات والقصور
لكم والركوع بخنوع أمامكم ,
والعبد مباح لسيده أن يفعل به ما
يشاء دون أدنى مسؤولية أو أية
مسائلة قانونية, وهذا ما
احترفتم فعلياً عمله بنا طوال
عقود.
هل من الممكن
إصلاحكم ؟ استحالة ...هل من
الممكن أن تصلحوا أنفسكم ؟
أبداً .., ما هي الوسيلة للخلاص
منكم ؟ لا أعرف... ولكنني على
يقين بأنكم لن تتنازلوا عن
الحكم وفيكم رمق من الحياة ولن
تتركوا سوريا إلا وهي خراب يباب
تسبح في بحر من الدم ,
ومن يشكك بكلامي أعتقد أنه
لم يعرف بعد حزب البعث الطائفي
على حقيقته .
الخطأ الوحيد
للسادة الأفاضل المعتقلين في
زنازين البعث أنهم ولدوا بغير
إرادتهم في بلد كان اسمه سوريا .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|