ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 30/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

من يتقدم على من؟ ...

المبادئ أم المصالح؟

قراءة في أجندة التحالف بين البيانوني وخدام ..

الطاهر إبراهيم*

أعلنت "جبهة الخلاص الوطني" التي ضمت إلى جماعة الإخوان المسلمين في سورية، نائبَ الرئيس السوري السابق "عبد الحليم خدام"، عن عقد مؤتمرها التأسيسي الأول في لندن على مدى يومي 4 و 5 حزيران "يونيو"، في خطوة لفتت الأنظار إلى الجدية التي حرصت عليها الجبهة بإنجاز ما وعدت به بعقد هذا المؤتمر خلال شهرين من تاريخ تشكيلها في "بروكسل" في شهر مارس "آذار" الماضي.

وقد أعاد الإعلان عن عقد المؤتمر إلى الأذهان تساؤلات ما تزال تمور في الساحة السورية حول هذا التحالف الذي جمع -فيما يظهر للمراقب- بين خصمين قديمين وأيديولوجيتين متباعدتين. فما هي يا ترى انعكاسات هذا التحالف على كل من قطبي الجبهة؟ وهل ستقوم قوى "إعلان دمشق" ،التي تريثت في موقفها، بمراجعة جدية لهذا الموقف ومن ثم الالتحاق بالجبهة؟ وهل هناك مستجدات تستوجب الإسراع في تشكيل الهيئة التأسيسية؟ سنحاول أن نجيب عن بعض هذه التساؤلات من خلال استقراء الأحداث التي أدت إلى تشكيل الجبهة، ونترك لغيرنا أن يجيب عما ضربنا صفحا عنه.     

يعتبر السوريون، أو لنقل المعارضون منهم على وجه الخصوص، أن النظام الحالي ليس في وارد إصلاح نفسه، بعد ثلاثة عقود من حكم الأسد الأب وست سنوات من حكم الرئيس بشار. هذه القناعة أصبحت عامة لدى معظم فصائل المعارضة ،إن لم نقل كلها، وأنه لم يعد هناك مفر من التغيير في بنية الحكم، ومن خارج النظام. 

وفي سبيل الوصول للتغيير المنشود في سورية، فقد تواضعت أكثر فصائل المعارضة سواء منها العاملة على الساحة الداخلية السورية أو ما يسمى بمعارضة الخارج، على أن يتم هذا التغيير ضمن أسس محددة ومعلومة، حتى لا تعاد تجربة النظام الحالي المؤلمة. هذه الأسس على سبيل المثال لاالحصر: أن لا يكون التغيير باستعمال القوة، وبعيدا عن العنف. وأن يتم بأيدٍ سورية ويحرم الاستقواء بالأجنبي. وأن لا ينفرد بالتغيير فصيل واحد أو جماعة واحدة. وأن لا يُستثنى، أو بالأحرى أن لا يُقصى أي فصيل عن المشاركة في عملية التغيير. ولن نتطرق فيما يلي إلى شكل الحكم، إذ أصبح واضحا أنه ينبغي أن يكون ديموقراطيا، تداوليا تعدديا، ومن خلال صناديق اقتراع شفافة.

إخوانيا: إلى أي مدى انضبطت جماعة الإخوان المسلمين بهذه الأسس؟ وعلى الخصوص في المدى القريب وتحديدا خلال سنة من تاريخه، أي بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان ،لأن هذا الانسحاب كان نقطة مفصلية عند النظام والمعارضة. فخلال سنة من الآن تقريبا، مرت جماعة الإخوان المسلمين بعدة مواقف، بعضها تجاوزته المستجدات، وبعضها ماتزال تتابع فيها رؤيتها، وما ينبغي أن تتخذه من مواقف مكافئة لعملية التغيير التي أشرنا إليها.

ففي نيسان من العام الماضي 2005 أصدرت الجماعة النداء الوطني للإنقاذ، حددت فيه رؤيتها لإنقاذ سورية. كما شاركت الجماعة في صياغة بنودإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" في تشرين الأول "أكتوبر" من عام 2005، الذي طالب فيه جميع البعثيين والمسئولين ورجال النظام بالتخلي عن الاستبداد، والانحياز إلى صف الوطن، ولو استجاب الرئيس بشار أسد لرحبت به قوى الإعلان.

ولعل هذا البند الأخير من بنود "إعلان دمشق" كان له دور محفز للإخوان المسلمين لكي يصافحوا يد عبد الحليم التي امتدت إليهم للتعاون معه من أجل تفكيك نظام الحكم وإسقاطه، بعد أن تأكد لديهم صدق التوجه عند خدام.

لقد كانت معادلة قبول "خدام" معارضا أساسيا ،بعد أن كان في النظام الحالي لاعبا أساسيا، من المعادلات صعبة الحل. فلو أن الإخوان رفضوا يده الممدودة لأثاروا اعتراضات قد لا تقل عما أثير بسبب التحالف معه. ولعل أهم نقطة واجهت الإخوان هي مسئوليته عما مضى يوم كان على رأس مسئولياته في النظام. ولعل ترك هذه المسئولية ليبت فيها القضاء بعد قيام حكم ديموقراطي في سورية كان حلا وسطا بين إفراط وتفريط.

على أن ما رجح قبول التحالف مع "خدام" هو قناعة قيادة الإخوان المسلمين أن انشقاقه عن النظام لا يمكن أن يكون نهاية دوره في حزب البعث. فهو الوحيد من القيادات البعثية الذي استطاع أن يكون فاعلا في السلطة وفي الحزب على مدى أربعة عقود. والتسليم بأنه انتهى يوم ترك موقعه أو أرغم على ذلك، أمر لا يقبله منطق السياسة في بلد مثل سورية كانت وما تزال فيها التحالفات بين مراكز القوى هي السياسة.

بكلام أوضح فإن علاقات "خدام" عبر هرم الحزب كانت تسمح له أن يُكوّن أنصارا أدركوا، مثلما أدرك هو، أن سياسات مراكز القوى الأمنية الارتجالية لابد أنها ستؤدي بالنظام إلى التفكك والتلاشي. ومن كان بفاعلية خدام وهو في هرم السلطة لا يمكن أن ينتهي عند أولئك في طرفة عين، وليس بعيدا أن تكون اتصالاته بهم تؤسس ليوم آخر.

وإذا كانت تجربة إسقاط النظام العراقي لم تنته يوم حُطم تمثال صدام، حيث ما تزال الأمور تتدهور من سيء إلى أسوأ، ما جعل فصائل المعارضة السورية تتخوف من مصير كمصير العراق، وما جعل الجميع، والإخوان على وجه الخصوص، يعيدون حساباتهم بحيث يتم انتقال السلطة عبر التعاون مع الكوادر الحالية في حزب البعث.       

واستطرادا ففي كل المقابلات المتلفزة أكد فيها مشاركون من الإخوان المسلمين على تشجيع ظاهرة الانشقاق عن النظام، التي تؤدّي إلى تفكيكه ورحيله، درءا لأي مواجهات قد تنشأ مع المتشبثين في الحكم خوفا من الانتقام منهم. وكذلك الرغبة في الاستفادة من كافة القوى بمن فيها البعثيين الذين هم على رأس أعمالهم ولا يعارضون الخطوط العامة لعملية التغيير في الحكم، ومستعدون للإسهام في عملية التغيير، من داخل النظام ومن خارجه.

وحتى لا يتحول مشروع إعادة الديموقراطية إلى عمليات انتقام من الذين شاركوا في الحكم خلال مراحله المختلفة، أو أن يقوم من لا يفكر بالعواقب بالتشجيع على إصدار قانون "اجتثاث البعث" شبيه بالقانون الذي أصدره من مشى مع الأمريكيين في العراق، فإن محاولة جذب البعثيين إلى عملية التغيير ،لوتمت بنجاح، لأمكن تجنيب سورية أحداثا مؤلمة، قد يفتعلها من يَتَعيّش على مصائب الوطن، وقد تصدر ممن أصابه القرح أيام الأحداث المؤلمة في ثمانينيات القرن العشرين.

على أن اعتبار الحيثيات التي أشرنا إليها مبررا كافيا ووحيدا للتحالف مع خدام، يجعلنا نهمل أسبابا أخرى، قد لاتصل إلى وجاهة ما أسلفنا، ولكنها بلا شك تؤخذ بعين الاعتبار إذا اعتبرنا أن تفكيك النظام سيكوم محصلة لعدة عوامل، وليس نتيجة لعامل مؤثر وحيد. وخلافا لما يعتقده ، فإن ثبوت تورط النظام الحالي في اغتيال "الحريري" لن يؤدي إلى انهياره، بل قد يدفعه إلى تقديم تنازلات لواشنطن لا تلغي سقوطه ولكنها تؤجله ،ما يعني أن الزمن قد لا يعمل لصالح المعارضة، ولا بد من البحث عن وسائل قد تضغط على النظام وتسرع في سقوطه. وقد بدا من رد فعل النظام عند انشقاق خدام ،من خلال حفلة الشتائم التي أقامها أعضاء مجلس الشعب، أن عبد الحليم خدام ما يزال مؤثرا في النظام وهو خارج السلطة كما كان يؤثر فيه وهو في السلطة.   

ومن ناحية أخرى تبين أن قوى "إعلان دمشق" في داخل سورية لا تستطيع التحرك بسهولة بسبب وضع ناشطيها تحت المراقبة. والاعتقالات الأخيرة تؤكد ذلك. إذن لا بد من تحريك الساحة وتنشيطها، وخلق تحالفات قوية لا تتعارض مع "إعلان دمشق" ،حيث لا يوجد نص يسمح أو يمنع مثل هذه التحالفات، وهو لا يكبل حركة الأطراف المنضوية تحت الإعلان ولا يحدّ من حريتها ما دامت هذه الحركة منسجمة مع مبادئه ومع ثوابته.

يبقى السؤال الملح: إلى أي مدى كان الإخوان المسلمون ،بتحالفهم مع خدام عدو الأمس صديق اليوم، منسجمين مع مبادئهم وطروحاتهم السابقة؟ وهل كانوا براغماتيين أكثر مما ينبغي ومما تسمح به ثوابتهم؟ وهل سنشهد تراجعا للمبادئ أمام تقدم المصالح في عصر،  يبدو أنه يجري تغييرا على كل شيء حتى المبادئ؟.

*كاتب سوري

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ