ياحكّام
بلادنا.. احترِموا حريّـتنا..
أو
أرونا صكّ عبوديّـتنا..!
عبدالله
القحطاني
نعلم أنكم لاتقدرون على هذي
، ولا تـلك..!
1- فاحترام حريات الآخرين ،
يَحتاج إلى أناس يحترمون أنفسهم
أولاً، ليعكسوا هذا الاحترام في
تعاملهم مع غيرهم ..! ومانحسبكم ـ
ولاتحسبون أنفسكم ـ تمتلكون ذرة
من احترام النفس ..! لأن احترام
النفس يَظهر، أولَ مايَظهر، في
الخجَـل من أفعال السوء ..! فهل
ثمّة سوء في العالم يَخجل منه
واحد منكم ـ أيّ واحد .. كبيراً
كان أم صغيراً ـ..!؟
إذا
قلتم : (نعم).. قلنا لكم : فما
السوء الذين تَخجلون منه ، في
سجلّ الأفعال التي يخجل منها
البشر الأسوياء العقلاء ، بدءاً
بالخيانة الوطنية العظمى ،
وانتهاء بالرشوة ، مرورا بالكذب
الصارخ المفضوح ، وسرقة الأموال
العامّة ، ونهب ثروات البلاد ،
وتحطيم المرتكزات الأساسية
للأخلاق الفردية والاجتماعية ،
والاعتداء على حرمات البيوت
ومقدسات البشر، وتلفيق ملفات
أمنية بعشرات الآلاف ، ضد
مواطني بلادكم ، وتسليمها لدول
أجنبية تتظاهرون بمعاداتها ،
لتلاحق مواطنيكم في انحاء
العالم وتعتقلهم ..!
وإذا
قلتم : هذه الأفعال ليست مخجِلة
من وجهة نظرنا..! قلنا لكم :
أحسنتم ..! هذا هو عهدنا بكم !
وهذا مانتوقعه منكم ..! لا
تَعرفون حتى الأمور المخجلة ،
التي يجمِع عليها عقلاء البشر
جميعاً ، على امتداد الزمان
والمكان ، حتى في مجاهل الغابات
المظلمة..! فهل تستطيعون احترام
حرياتنا ، وهي منبع القيم كلها
لدى البشر، لأنها أساس التكليف
، وأساس الاختيار ، وأساس
الالتزام بقيم الحقّ والخير
والحبّ والفضيلة والجمال .. كما
أنها أساس الجنوح إلى مِثل ما
أنتم فيه..!
2- أمّا صكّ عبوديتنا ، فلن
تستطيعوا إبرازه لنا ، لأنه غير
موجود ، ولم يوجد على مدار
التاريخ الذي عاشه شعبنا في هذه
البلاد ، برغم ماوقع لها من
عمليات غزو واحتياح ، من قِبل
المغول والتتار والصليبيين ،
والاستعمار الحديث ، وبرغم
ماسفِك فيها من الدماء ، في عهود
الاضطهاد كلها ؛ الاضطهاد
الداخلي ، والاضطهاد الخارجي ..!
ولن يوجَد إنشاء الله أبداً ،
لأن العبودية إنّما هي شعور
كامن في النفس ، يغري صاحبَه
بقبول استعباد الآخرين له ..!
وهذا الشعور لايوجد في الشعوب
الحيّة ، مهما عانت من قهر
أعدائها ، أو تسلّط الأنذال
الذين يدّعون أنهم من أبنائها..!
حتى لو وجِد بين صفوفها أفراد
ضعاف ، لديهم استعداد لبيع
أنفسهم بأرخص الأثمان ، لكل
عابر سبيل ، سواء أكان عدوّاً
خارجياً ، أم محسوباً على أبناء
الأمة.. وسواء أكان الثمن مبلغاً
مالياً ، أم منصباً وظيفياً ـ
وهذا الصنف من البشر، لاتخلو
منه أمة، على امتداد الزمان
والمكان ـ !
3-
أمّا احتكاركم لسلطة الدولة ،
والقوى النابعة منها والمستندة
إليها، ( العسكرية..الأمنية..
القانونية .. المالية ..)
فلايعطيكم الحقّ في استعباد
الشعب ، ولا في استعباد أي فرد
فيه ـ إلاّ مَن يعبِّد لكم نفسَه
بطوعه واختياره ـ ..! هذا ، إذا
كنتم قد حصلتم على سلطة الدولة ،
بتفويض حرّ نزيه من صاحب السلطة
ـ الشعب ـ عبر انتخابات حرّة
نزيهة..! أمَا وقد سرقتم السطة من
صاحبها ـ الشعب ـ وبدأتم
بتوظيفها ، وتوظيف القوى
النابعة منها ، في التنكيل
بالعباد ، ونهب ثروات البلاد ..
وظننتم أنفسكم قد صرتم (حكّاما)
، تأمرون الناس ويطيعون..
وتَجلدون ظهورهم ويَخضعون ..
وتَنهبون أموالهم ويسكتون ..
وظننتم أن هذه كلها حقوق لكم
وواجبات عليهم ، وأنها أقدار
أبدية مفروضة عليهم إلى قيام
الساعة .. أمَا وقد سرقتم السلطة
، وظننتم هذه الظنون ، وظننتم
معها أن الشعب الذي لايملك شيئا
من سلطة الدولة والقوى النابعة
منها ـ لأنكم سرقتم هذه السلطة
وقواها ـ .. لايملك ، بالتالي ،
أيّة قوّة يستطيع بها أن يزيحكم
عن صدره .. وبناء عليه ، ستظلّون
تتمثّـلون له بقول الشاعر : ( هنا
على صدوركم باقون كالجدار..!)
نقول : إذا ظننتم هذه الظنون
كلها، بعد أن سرقتم سلطة الدولة
، فأنتم فريسة غبيّة ، لخدعة
شيطانية خبيثة ، وقعتم فيها كما
وقع مَن سبقكم من لصوص الحكم ،
وهواة المغامرة والتسلّط ،
والعبث الخطير بمصائر الدول
والشعوب..! وهاهو ذا التاريخ
أمامكم ، قديمُه وحديثه .. وهاهي
ذي الأمثلة الحيّة ، شاخصة أمام
أعينكم، تَملأ قلوبكم وعقولكم ـ
إذا كان لديكم شيء منها ـ صباحَ
مساءَ..! أمّا أقدار الله
الغالبة ، التي يسخّر فيها مَن
يشاء ومايشاء من جنوده ـ وما
يَعلم جنودَ ربّـك إلاّ هو ـ ..
فلن نحدّثكم عنها ، لأنكم لستم
ممن يخاطَبون بمثل هذا الكلام ،
بعد أن استَحوذ عليكم شيطان
الضلال والجشع والتسلّط
والإجرام ، وخالفتم كل ماأمر
الله به ، واستبحتم كل مانهى عنه
وحَرّمه..!
4- والسؤال الأخير، الذي
نطرحه على أنفسنا ، دون أن
نتوقّع منكم أن تطرحوه علينا ،
هو : إذا كنّا لانتوقّع منكم
إبراز صكّ عبوديتنا ، ولا
القدرة على احترام حريتنا ،
للأسباب المذكورة آنفاً .. فلمَ
نطلب منكم واحداً من هذين
الأمرين !؟
والجواب
ـ ببساطة ـ هو
أن الكلام ليس موجّهاً إليكم ،
إنما أنتم تُكأة لنا، أو نافذة
عبور، لمخاطبة شعبنا ، ليعرف
مَن يحكمه ، وكيف !؟ وليبحث
لنفسه ـ بنفسه ـ عن سبيل الخلاص،
الذي آنَ أوانه..! فانتظروا إنّا
معكم منتظرون .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|