ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/06/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

نقاط وفواصل في

البيان الختامي لمؤتمر جبهة الخلاص الوطني

الطاهر إبراهيم*

لعل أول ما يشدّ انتباهك ،وأنت تدخل قاعة المؤتمر التي عَقَدَت فيها "الهيئةُ التأسيسية لجبهة الخلاص الوطني" مؤتمرَها التأسيسي الأول، أنك أمام نقطة تاريخية تؤسس إلىأن ما بعدها يختلف عما قبلها. فقد استطاع أعضاء المؤتمر أن يقفوا في دائرة الضوء، بعيدا عن ظلام  سراديب ما تحت الأرض، ليقولوا بملء الفم أن سورية ينبغي أن تكون لكل أبنائها، وأن سورية الوطن والشعب ينبغي أن يشارك في حكمها كلُّ أبنائها، على مختلف طوائفهم، لا يُقصى منهم أحد ،وأن يكون مناط ذلك هو مقدار ما يقدمه المواطن للوطن، لا بمقدار ما ينهبه من خيراته ويسخره في إذلال وقهر إخوانه في الوطن.

هذه النقطة التاريخية تعززها عدة فواصل تلفت الانتباه. فأنت لابد ستعجب عندما تقع عينك على الكرسي الذي يجلس عليه "علي صدر الدين البيانوني" المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، عن يمين الكرسي الذي يجلس عليه "عبد الحليم خدام" نائب رئيس الجمهورية في عهد البعث، يتشاوران في كل كبيرة وصغيرة، على ما كان بينهما من تباعد "أيديولوجي" وخصومة سياسية على مدى نصف قرن هو عمرهما السياسي، وستجد لسانك يردد مع ذهنك قولَ الشاعر:

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما       يظنان كل الظن أن لا تلاقيا.

ومع إحجام الكثيرين من معارضي النظام السوري عن حضور المؤتمر -وخصوصا أهل الداخل- خوفا من انتقام أجهزة أمن النظام الذي قد يطال أقاربهم، إلا أنك ستجد تنوعا في الحضور يضم القومي الكردي إلى جانب القومي البعثي والإخواني الملتزم بجوار اليساري الذي كان إلى أمد قريب يردد في أدبياته أن الدين "أفيون" الشعوب.

النقطة الأبرز التي أجمع عليها الحاضرون هي أن النظام السوري يحكم بقانون البطش ولا يقال بأنه قد فقد الشرعية، بل لم يكن لديه أي شرعية ،أصلا، منذ أن اغتصب الحكم في 8 آذار عام 1963 . وستجد إلى جانب هذه النقطة فاصلة موحية ومؤثرة في آن واحد، وهي أن الأستاذ عبد الحليم خدام ،وقد كان جزءا من النظام على مدى أربعة عقود، لم يجد ما يغض من قدره في سماع هذه الحقيقة، بعد أن حزم أمره على أن يقف مع الشعب السوري، ليثبت لمنقديه -على ضفتي المعارضة والنظام- أن ولاءه لهذا الشعب. 

والفاصلة الأهم التي تأتي ضمن سياق هذه النقطة هي إجماع الحاضرين "على أن خيارهم الاستراتيجي هو تغيير هذا النظام، الذي قام على الاغتصاب والإكراه، وفَقَدَ كل مبررات وجوده، بإمعانه في سياسات الاستسلام....." .

على أن النقطة التي ينبغي التنويه بها هي أن الحاضرين أدركوا مراهنة النظام الوراثي في دمشق -منذ عهد المؤسس إلى عهد الوريث- على سلاح الطائفية الذي أشهره "حافظ أسد" في وجه الإخوان المسلمين على مدى ثلاثة عقود، فأكدوا في البيان الختامي على "أن جبهة الخلاص الوطني واثقة أن الطائفة العلوية -ضحيةَ الأسرة الفاسدة- ستكون شريكة في التغيير الديمقراطي، وإعادة بناء الوطن".

على أن العودة بسورية ،الوطن والشعب، إلى مرحلة ما قبل النظام الحالي، وتصحيح ما أفسد فيها، كان النقطة الفصل والهاجس الأول للمؤتمرين. فقد أدرك الحاضرون -أعضاء المؤتمر العام- مدى التهشيم الذي ألحقه نظام "حافظ أسد" في الكيان التاريخي لسورية الاستقلال، وأنه حاول أن يطمس معالم وعوالم الوطن السوري، وأن يقزّم كل الشخصيات التاريخية التي شاركت وصنعت الاستقلال، ولا يبقى في الساحة إلا الرئيس الأوحد. ويذكر في هذا السياق كيف رفض النظام السماح لآل الرئيس "شكري القوتلي" بمواراة جثمانه في تراب دمشق، إمعانا منه في تشويه رموز الوطن في ذاكرة الأجيال. ولولا أن البعض أشار إلى أن ذلك سيكون فضيحة دولية لبقي مصرا على موقفه.ولقد وصل الأمر بالنظام إلى تغيير ألوان عَلَمِ سورية الاستقلال الذي ارتضاه زعماؤها لها في يوم الاستقلال.

لذلك كان مفهوما أن يحتوي نص البيان الختامي –تحت النقطة أعلاه- عدة فواصل تصحح ما أفسده النظام السوري، خلال مسيرته لاعتبار الرئيس الراحل فوق كل مثال، وأكبر من كل نقد -باعتباره شيئا مقدسا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه- ، فكانت فاصلة العودة إلى "دستور عام 1950  ليُعمَلَ به لحين وضع دستورٍ جديد"، وتنقية القوانين من كل ما استحدث لتحويل سورية الوطن إلى مجرد مزرعة، وسورية الشعب إلى ما دون طبقة العبيد، تنتهك كرامتهم، وتهدر أرواحهم، وتصادر أموالهم.

وقد ندد المؤتمر بقانون "الذبح" 49 لعام 1980 الذي أصدره "حافظ أسد" ونص على إعدام  كل منتمٍ لجماعة الإخوان المسلمين. كما نص البيان الختامي على إلغاء القوانين الاستثنائية التي ولدت من رحم قانون الطوارئ، وإلغاء المحاكم الاستثنائية والعودة إلى القضاء المدني وعلى إنهاء مظاهر الإلغاء والإقصاء والتمييز الطائفي والإثني التي كانت سياسة متبعة تجاه الآخر، -وهو هنا مجموع الشعب السوري- بإزالة الحيف الذي أصاب الأكراد وإعادة الجنسية لمن سحبت منه، ومنحها للمكتومين منهم، وإنهاء الملفات الإنسانية العالقة بشأن معتقلي الرأي والمفقودين والمهجَّرين، وإلغاء جميع قرارات وتدابير المصادرة للأموال المنقولة وغير المنقولة لأسباب قومية أو سياسية وإعادتها إلى أصحابها..

ومع السعي إلى العودة بسورية إلى الحكم الديموقراطي من خلال صناديق اقتراع شفافة، والقطع مع أي تفكير انقلابي واعتباره "سياسة" الذئاب والأفاعي، وأن ما أسس على فاسد فهو فاسد ،فقد كانت الرسالة التي وجهها المؤتمر إلى ضباط وجنود الجيش السوري: "بأن اختياركم الوطن والشعب هو الذي يصحّح دوركم التاريخيّ، ولتكن مسئولياتكم هي حماية الوطن والشعب، وليس حمايةَ الفاسدين والمفسدين.. حافظوا على دوركم في حماية الوطن، الأرض والإنسان". كما دعا البيان ضباط أجهزة الأمن " الذين يستخدمهم النظام في قمع المواطنين وابتزازهم والإساءة إليهم ... أن يشعروا بمسئولياتهم الوطنية والأخلاقية لوقف التمادي في تنفيذ أوامر مجموعةٍ فاسدة يعرف كل منكم فسادها وظلمها"

أخيرا، فقد كان جوابي لكل من سألني: بأن نتائج المؤتمر كانت أفضل من المتوقع ، وأقل من المأمول. ولا أحد ممن دعا إلى المؤتمر أو حضره يزعم أن "جبهة الخلاص الوطني" قادرة وحدها على إنهاء حكم النظام الحالي القائم على الفساد والاستبداد وشطب الآخر. ولكنها قد تكون فاتحة الخير ونقطة البداية على طريق طويل.

ما هو مؤكد أن كلمة الفصل في نهاية المطاف ستكون للشعب السوري. والويل كل الويل لنظام الوراثة والفساد إذا ما نفد صبر هذا الشعب.

*عضو الهيئة التأسيسية لجبهة الخلاص الوطني  

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ