ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/06/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

حدث في مزرعة الأسد

أبو عمر الأسدستاني   

محكمة........ صرخ الحاجب معلناً دخول القاضي وأعضاء هيئة المحكمة إلى أماكنهم في صدر القاعة , بينما بدا أحد الرفاق المسؤولين في النظام البعثي البائد قابعاً بذل واستكانة في قفص المتهمين بينما جلس محاميه في مكان الدفاع  فيما احتل المدعي العام الركن المقابل للقفص و.......بدأت المحكمة .

بعد قراءته لمقدمة طويلة من التهم الموجهة ضد (الرفيق) المسؤول لخّص المدعي العام التهم بما يلي :

نهب المال العام , الفساد والرشوة , تخريب الاقتصاد الوطني , إساءة استخدام المنصب الرسمي لأغراض شخصية والتنكيل بالشعب .

القاضي –  ماذا تقول في دفاعك عن التهم الموجهة إليك ؟

المسؤول –  بريء يا سيادة القاضي .

القاضي – ولكن هناك أدلة وقرائن ومستندات دامغة ضدك تدينك بنهب المال العام والفساد والرشوة فكيف تدعي البراءة ؟

المسؤول – لا يحاسب الابن بجريمة أبيه.

القاضي – فسّر كلامك أكثر لو سمحت .

المسؤول – كلنا يعلم بأن سوريا ُملكاً لآل الأسد والدليل أنها أصبحت تسمى سوريا الأسد أو مزرعة الأسد , وكما نعلم جميعاً فإن الشعب بايع الأسد الأول والثاني إلى الأبد وجعل منهم آباءً لكل السوريين ؟ وبما أنني عملت في مزرعة جدي حافظ عندما كان حياً وبعدها في مزرعة والدي بشار بعد أن ورثها عن جدي مع جدتي أنيسة وعمي ماهر وعمتي بشرى فقد أطلقوا يدي في المزرعة أستبيحها وأفعل بها ما يحلو لي برضاهم وعلم منهم... إذاً أنا بريء من تهمة نهب المال العام إذ لا يوجد ما يسمى بالمال العام في المزرعة , فكل الأموال والخيرات هي لجدي وجدتي وأبي وعمي وعمتي ولا يوجد قانون في العالم كله يُحاسب الابن الذي مد يده على مال أبيه, ثم ما علاقة محكمتكم الموقرة بابن أفسد في مزرعة أبيه أو تلقى إكرامية من هنا أوهناك إذا لم يعترض أو يشتكي الأب على ابنه ؟  وحسب معلوماتي لم يشتكيني لمحكمتكم جدي قبل مماته أو جدتي أو أبي أو عمي أو عمتي . 

القاضي – الشعب بايعهم بالحديد والنار رغماً عنه, ثم أين الدليل أن والدك صاحب المزرعة كان على علم بما تفعله ؟

المسؤول – اقرأ ملفاتي الموجودة في فروع الأمن وستتأكد بنفسك أنهم كانوا يعرفون عني كل شاردة وواردة ومع ذلك لم يقيلوني من عملي ولم يوجهوا لي أي اتهام .

القاضي – و لماذا برأيك تغاضوا عنك ؟

المسؤول – لأنني كنتُ ألمع أحذيتهم بلساني وأمسح روثهم بيدي وأحملهم على ظهري إذا لم يجدوا حماراً غيري يركبوه .

القاضي – العمى بقلبك شو ما فيك كرامة أو نخوة أو رجولة أو أخلاق .

المسؤول – كــــــــــلا سيدي ولذلك أصبحت مسؤول .

القاضي – ولكن عامة الشعب أو بالأصح إخوتك حسب تفسيرك للأمور هم الذين ادعوا عليك لشدة فسادك و كثرة نهبك .

المسؤول – دعواهم باطلة .

القاضي – ماذا تقصد ؟

المسؤول – حسد وضيق عين , إذ يحق للأب أن يُميز ابناً عن آخر بل يحق له أن يخصه في وصيته بثلث ثروته وأملاكه وأنا يا سيادة القاضي أقسم بالله العظيم أنني إلى الآن لم أحصل إلا على أقل من نصف ما تسمح به الوصية وأمام سيادتكم كشوف حساباتي في البنوك و بيانات عن أملاكي وعقاراتي لتتأكدوا من صدق أقوالي .

القاضي – أمامي كشف ببعض أملاكك وحساباتك وكلها أرقام من تسعة أصفار وتريد أن تقنعني بأنها من تعبك وعرق جبينك ؟

المسؤول – أعوذ بالله من سيرة التعب ورائحة العرق  أففف......؟ يا سيدي أنا من زمان مهنتي فقط  ناطور في المزرعة و جدو و بابا أحبوني وعينوني ناطور لأنني خدمتهم بإخلاص على حساب نخوتي وكرامتي ورجولتي , ومكافأة لي على التخلي عن كافة المبادئ والقيم والأخلاق تركوني على مزاجي أفعل بمزرعتهم ما أريد , فأين الغلط في هذا ؟

القاضي – وماذا عن تهمة تخريب الاقتصاد الوطني .

المسؤول – طبعاً بريء لأنه أساساً لا يوجد اقتصاد وطني لأخربه ؟ هناك سوق هال لبيع وشراء منتجات المزرعة لصاحبه ابن أخو جدتي أنيسة (مسيو) رامي مخلوف , وأنا دفعت فروغ  لصاحب السوق مقابل حصولي على محل لكي أبيع وأشتري وأستورد وأُصدر كما يحلو لي بما لا يتعارض مع مصلحته .

القاضي – وماذا لديك لتقوله للمحكمة في تهمة إساءة استخدام المنصب الرسمي والتنكيل بالشعب يا حفيد جدو وابن بابا ؟

المسؤول – بريء يا سيدي .

القاضي – يخرب بيتك ... أنت مثبت عليك أنك مُخبر نكلت بالمئات من أبناء الشعب وأرسلتهم إلى السجون لتتسلى بهم زبانية جدك وأبيك وتقول لي أنك بريء ؟

المسؤول – أولا الذين تتكلم عنهم من أبناء الشعب هم إخوتي وحبايبي وأنا اشتكيتهم لجدنا و لوالدنا يعني ما في حدا غريب , صحيح أن جدي و والدي دقة قديمة وتربية بعثية فاشية ولكن أنا لست مسؤولاً عن عقابهم , فالأب له الحق أن يربي أبناؤه كم شاء ويؤدب من يشاء بطريقته الخاصة إذا أخطأ أحدهم ؟

القاضي – يعني قبل أن تشتكي إخوتك و حبايبك ألم تكن تعلم ما ينتظرهم من جحيم وألم وعذاب فاق كل تصور وخيال ,  ألم تسمع عن وسائل تعذيب جدو وبابا.. من السجن في زنزانات أو بالأصح جحور لا تمت للإنسانية بصلة إلى التعذيب ببساط الريح والفرّوج والكهرباء وعضو الثور ...الخ ألم تسمع بهذه الوسائل الهمجية ؟ ألم تحاول أن تكلم جدو أو بابا لتنقذ إخوتك و حبايبك من هذا المصير ؟ ألا تعرف أن أكثر من مئة ألف من إخوتك لقوا حتفهم تحت التعذيب والآلاف غيرهم ما زالوا إلى الآن يعانون من آثار التعذيب الجسدي والنفسي ؟ ألا يوجد في قلبك شفقة أو رحمة؟

المسؤول – كـــــــــلا لا يوجد في قلبي شفقة أو رحمة ولأجل ذلك تم تعييني ناطور في المزرعة , ولكن هل هذه جريمة يعاقب عليها القانون ؟

القاضي – ستعرف عقابك عما قريب ...

ثم أوعز إلى الحاجب أن يعلن رفع الجلسة للتداول قبل النطق بالحكم .

وبعد فترة من المداولات مع أعضاء المحكمة عاد القاضي ليجلس مكانه قبل النطق بالحكم و.......محكمة .

القاضي : نظراً لإصرارك على براءتك من التهم الموجهة إليك وقناعتك بأن جرائمك وفسادك وأفعالك كانت قانونية حسب نظرية الناطور والمزرعة فقد كان ضرورياً أن يكون عقابك متماشياً مع نفس النظرية ... لذا.. باسم الشعب حكمت عليك المحكمة حضورياً بما يلي :

أولاً : السجن مدى الحياة في معسكر لطلائع البعث مع التشديد على ارتدائك الدائم للفولار وترديد الشعار الطليعي كل صباح مع حفظ كافة الأناشيد الطليعية .

ثانياً : مصادرة كافة أموالك وعقاراتك وشركاتك وإرغامك على العيش لبقية حياتك على مرتبك التقاعدي .

المسؤول : الرحمة يا سيدي .... فمرتبي التقاعدي لا يسدد ثمن فاتورة موبايل ابني الصغير ليوم واحد , وهل ترضى أنت أن تشتري زوجتي (أم العز) ملابسها من سوق الحميدية بعد أن أدمنت (أيام العز) على أسواق بيروت وروما وباريس , ثم أنا(أبو العز)  نصير العمال والفلاحين والكادحين تعودت على تناول الستيك والفيليه والبانيه والسّلطات الفرنسية والصينية واليابانية فماذا آكل وكيف أعيش ؟

القاضي – ابحث يا رفيق (أبو العز) عن لقمة عيشك بين القمامة مثلما يفعل أربعون بالمائة من إخوتك وحبايبك من الذين سرقت منهم (العز) ,  ونصيحة خلّي المدام (أم العز) تنسى العز وتتعود على ترقيع ثيابها القديمة مثل ما كانت تفعل (قبل العز) .

ثالثاً : السير مع بقية الرفاق من أمثالك في كل مناسبة قومية في مسيرات شعبية وعفوية تبايعون فيها جدو وستو وعمو وعمتو وخالو وخالتو ودادا و بابا وماما إلى الأبد هاتفين بأعلى صوتكم بمنجزات وشعارات آل الأسد , مثلما ما كانوا يفعلون إخوتك وحبايبك قرابة أربعة عقود .

رابعاً : حفظ المنطلقات النظرية لحزب البعث ومشاهدة التلفزيون السوري مع التشديد على حضور الندوات السياسية والاستماع إلى نشرة الأخبار .

خامساً : يستعاض عن التعذيب ببساط الريح والفرّوج والكهرباء وعضو الثور بحفظ عشرة مجلدات كاملة حرفياً وعن ظهر قلب لجدو الرمز حافظ الأسد .

المسؤول : حرام عليك يا سيدي هذا ظلم كبير ...مشان الله يا سيدي ...طيرني على بساط الريح ...علقني بسيخ الفرّوج .... احرقني بالكهرباء ...بس ارحمني من حفظ أقوال جدو ......

القاضي للسجانين : خذوه ونفذوا فيه الحكم .

و اقتاد السجانون المسؤول فيما لا زال صوته يُسمع في المحكمة..مشان الله يا سيدي ارحمني من أقوال جدو.. عضو الثور أرحم..عضو الثور أرحم .

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ