المعارضة
السورية
أخطر
على حكّام بلادها من إسرائيل ..
عبد
الله القحطاني
حقيقة يردّدها الحكام ،
وتفخَر بها المعارضة ، وتعترف
بها إسرائيل ..!
(
ملحوظة : لقد تبيّن اليوم ، أن
شعب سورية ، بأكثريته الساحقة ،
أخطر على حكّام بلاده من
إسرائيل ..! لأن هذا الشعب يرى في
هؤلاء الحكّام ، خطراً عليه ،
وعلى وطنه، وعلى وجوده ، وعلى
أمنه القومي .. ويسعى ، بالتالي ،
إلى إزاحتهم عن صدره ..! بينما
ترى إسرائيل في بقاء هؤلاء
الحكّام ، على صدر شعبهم ، ضرورة
حيويّة لأمنها القومي..!).
1- منذ
استلمت الزمرة المتسلطة في
سورية ، أزمّة الحكم في البلاد ،
وهي تردّد ، بمناسبة وبلا
مناسبة ، أن الذين يعارضون
حكمها ، أخطر عليها من إسرائيل
..!(ولم يكن الكثيرون يدركون معنى
هذا الكلام ، في بدايات ترديد
الزمرة له ، قبل أربعة عقود من
الزمن..!)
2- ظلت
الزمرة الحاكمة، تردّد هذه
المعزوفة سنوات طويلة ، وتردّد
معها شعارات الصمود والتصدّي،
والعداء لإسرائيل ، الدولة
المعتدية ، التي تحتلّ الأرض ،
وتهدّد جيرانها، كما تهدّد
الأمة العربية من المحيط إلى
الخليج ..! وبما أن البلاد في
معركة مستمرّة مع هذه الدولة
المعادية ، فيجب أن تسكت أصوات
المواطنين السوريين جميعاً،
وتختفي، كيلا يعلو بعضُها فوق
صوت المعركة ؛ إذ (لا صوتَ يعلو
فوق صوت المعركة!)..والشعارات
التي تتحدث عن المعركة ،هي ـ
بالطبع ـ صوت
المعركة..! والسلطة التي ( تنوي!)
خوض المعركة هي ، وحدَها ، التي
تحتكر صوت المعركة ، لأنها هي
وحدها ، التي تصنّع الشعارات ،
وتصدّرها ، وترفع الصوت بها أو
تخفضه ، حينما تشاء ، وبالكيفية
التي تريد ..!
3- وظل
الفساد يستشري في البلاد ،
ويَنخر المرتكزات الأساسية ،
التي تقوم عليها حياة الناس
وبقاء الوطن.. وظلت الشعارات
ترفع ، مع كل جريمة ترتكبها
الزمرة الحاكمة : فاللصوص
يسرقون أموال الدولة وخيرات
البلاد ، ويصرخون بأعلى أصواتهم
: (لاصوت يعلو فوق صوت المعركة !)..
والقَتلة يذبحون الناس في
السجون ، ويهتفون : ( عاش القائد
الملهم ، بطل التشرينين ، قائد
التحرير، وبطل الصمود والتصدّي
.. وعاش مِن بعده ابنه ، وريثه
وخليفته ، الشابّ المثقّف ،
الدكتور الألمعي ، قائد التطوير
مع الاستمرار.. ! ـ ولا يذكرون ،
بالطبع ، أن بطل التشرينين هذا ،
هو الذي سلّم الجولان بلا حرب ،
لإسرائيل ، في حزيران ، عام /1967/
الذي سمّي عام النكسة ، ثم
سلّمهم عشرات القرى الجديدة ،
في حرب تشرين
التحرير، في عام /1973/ !) .
4- وكانت
مجموعات من طلائع المعارضة
السورية ، من الإسلاميين
والقوميين واليساريين ، هي
النخب المتقدمة ، التي عرفت
اللعبة القذرة، التي كانت
تمارسها هذه الزمرة الفاسدة
المجرمة ، والتي كشفت خياناتها
الوطنية، وجرائمها الداخلية ،
وفسادها الرهيب ، الذي عمّ
البلاد على كل صعيد ..!
5- وكانت
هذه الزمرة الفاسدة المتسلطة ،
تدرك ـ بوعي كامل ـ أن المعارضين
الذين تصفهم بالخطورة ، سيظلون
لها بالمرصاد ، يكشفون خياناتها
وجرائمها أمام الناس .. ولا
تستطيع أن تشتريهم بالأموال أو
بالمناصب ، كما لاتستطيع أن
تكتم صوتهم ، بالقمع أو التهديد
، مهما ارتكبت بحقّهم من جرائم
وحشية ، على مستوى التنظيمات
والأفراد..!
6- وظلت
الزمرة تردّد ـ متسلحة
بشعاراتها البراقة الزائفة ،
وصوت المعركة الذي تغطّي به
جرائمها ومخازيها ـ ظلت تردّد ،
كلما ظهرت مجموعة تعارض حكمها : (
هؤلاء أخطر علينا من إسرائيل !)..ويقولها
رجال أمنها وإعلامها ، مشافهة
وكتابة، لكل مفكر أو صاحب قلم
حرّ، يوجّه نقداً إلى سياسة من
سياسات الزمرة الحاكمة ، أو
موقف من مواقفها : ( أنت أخطر
علينا من إسرائيل ) ! ولمّا كانت
قد دمَجت نفسها بالوطن ، فصارت
هي الوطن ، صار خطر المعارضة
منصباً على الوطن نفسه ، لاعلى
العصابة التي تتسلّط عليه وتعيث
فيه فساداً ..!
7- ولمّا
كان شعب سورية كله ، يعرف جيداً
، القوى التي تعارض الزمرة
الحاكمة، وتفضح فسادها
واستبدادها .. لأن هؤلاء
المعارضين متغلغلون في نسيجه
الاجتماعي والثقافي .. ـ وليسوا
غرباء عنه وعن حياته وأخلاقه ،
كالزمرة المتحكّمة
التي سرقت السلطة ، وطفقت
توظّف إمكانات الدولة لمصلحة
أفرادها وأسَرها ـ .. لم يكن عاقل
من أبنائه ، يصدّق مزاعم السلطة
الفاسدة .. ولاسيّما أن جرائمها
مفضوحة أمام الجميع ، يعرفها
حتى الأطفال الذين لم يبلغوا
الحلم ..! بل صارت تنشر الفساد ،
عن عمد وتصميم ، بين أبناء
المجتمع ، حتى صارت الرشوة
سلوكاً يومياً ، لموظّفي الدولة
قاطبة ، إلاّ مَن عصَمه الله
بدين ، أو خلق ، أو مروءة..!
8- كما
كان شعب سورية ، يعرف جيداً مَن
سلّم الجولان لإسرائيل ، ومَن
يحرس حدوده، كيلا يتسلّل منها
أحد يعكّر صفو المحتلّين ..! إلاّ
أن الناس كانوا يظنون أن الزمرة
الحاكمة على عداء مع إسرائيل ،
إن لم يكن عداء حقيقياً ، على
المستوى الوطني ، أو القومي ، أو
الثقافي .. فهو عداء مصلحي ، لأن
تحرير الجولان الذي سلّمه رئيس
العصابة ( حين كان وزيراً للدفاع
، قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية)
يُعدّ عبئاً ثقيلاً على كاهل
العصابة ، لا بدّ لها من التخلّص
منه ، ولو باستعادة جزء من
الجولان ، ورفع العلم السوري
فوقه ، حتى لو تنازلت لإسرائيل
عن أجزاء حيوية منه ..!
9- حين
تكشفت الأمورعلى حقيقتها ، وعرف
الناس طبيعة الزمرة التي تحكم
سورية ، وما تمارسه من فساد
وإجرام ، وماترفعه من شعارات
زائفة لتغطّي فسادها وإجرامها..
وحين صارت أجهزة الإعلام
المتطورة ، تنقل الأخبار
والتحليلات ، وتنشر الوثائق
والبيانات والتصريحات ، وأقوال
الصحف الأجنبية ، حول الاتصالات
السرية ـ بين رافعي شعارات
الصمود والتصدّي والتحرير،
وبين الدولة التي تحتلّ بلادهم
ويتظاهرون بمعاداتها ـ .. كما
تنقل ( أي : أجهزة الإعلام )
تصريحات كبار القادة ،
السياسيين والعسكريين
والأمنيين ، في إسرائيل ، حول
حاجة دولتهم إلى نظام الحكم
القائم في سورية ، وأن وجود هذا
النظام في سورية ، يعَدّ ضرورة
حيوية لأمن إسرائيل ..!
نقول : حين بدأت علاقة
العصابة الفاسدة بإسرائيل ،
تتّضح تماماً أمام الناس،
ويصرّح قادة إسرائيل علناً ، في
صحفهم اليومية ، بحاجة أمنِهم
القومي لهذه العصابة .. حينئذ
صار معنى الكلام الذي تردّده
العصابة بأن ( المعارضة التي
تريد تغيير الحكم في سورية ،
أخطرعلى النظام الحاكم من
إسرائيل !) .. صار واضحاً ، ولم
يعد يحتاج إلى شرح أو تفسير ..!
إنه باختصار شديد يمثّـل ـ من
وجهة نظر حكّام سورية ـ
المعادلة التالية :
• إسرائيل
تدعم حكمنا وتحميه ، وتدافع عنه
أمام الدول التي تريد إسقاطه ،
لأنها ترى فيه ضرورةً حيويّة
لأمنها القومي ..! أمّا القوى
المعارضة ( ومعها أكثرية شعب
سورية اليوم ) فتسعى إلى إسقاط
حكمنا ، وتجريدِنا من هذه النعم
، التي وفّرها لنا وجودنا في
السلطة ..!
• أفليس
هؤلاء المعارضون ـ والأكثرية
الساحقة ، التي تتآمرمعهم
لإسقاط حكمنا ـ أخطر علينا من
إسرائيل..!؟
وتبقى
أخيراً ، حزمة صغيرة من الأسئلة
الجادّة الخطيرة ، هي : إذا كانت
قوى المعارضة
، ومعها أكثرية شعب سورية ،
أخطر على الحكم الفاسد من
إسرائيل..! فأيّهما أخطر على
سورية ، وطناً وشعباً ،
وتاريخاً وحضارة وثقافة ،
وحاضراً ومستقبلاً : العصابة
الحاكمة في دمشق اليوم ، أم
إسرائيل !؟ وهل يشكّل كل منهما
خطراً قائماً بذاته ، مستقلاً
عن الآخر.. !؟ أم يشكّلان خطرَين
متداخلَين ، كل منهما يدعم
الآخر ، ويقوّيه ويحميه .. !؟ أم
يشكّلان ـ مجتمعَين ..متكافلَين
متضامنَين ـ خطراً واحداً
متعدّد الوجوه ، كل منهما يؤدّي
فيه المهمّة الخاصّة به..!؟
هذه
الأسئلة ليست إعلامية ، ولا
تعجيزية ، ولا تدخل في إطار
المعاملة بالمِثل .. ! إنها أسئلة
مصيرية ، قومية في العمق ـ لمن
يهتمون بالقومية
ويفهمون معانيها ـ وطنية في
الصميم ـ لمن يهتمّون بالوطن
ويحرصون على حاضره ومستقبله
ومصير أجياله..! ـ . وهي مطروحة
على الجميع، للإجابة عليها ، أو
على أيّ منها ..! سواء أكان من
يقرؤها سورياً ، أم عربياً، أم
باحثاً أجنبياً محايداً ، أم
حتى يهودياً منصفاً واعياً ، لم
يتشرّب الكذب في محاضن
الصهيونية ، ولم يتدرّب على
فنون النفاق في مدارسها..! فهل من
مجيب..!؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|