ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 13/06/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

سوريا و إسرائيل في كأس العالم !!؟؟

د. هشـام الشـامي

حلمت أنني أشاهد مباراة في كأس العالم ؛ طرفاها سوريا و إسرائيل ، كانت المدرجات ممتلئة بالجمهور ، و كنت جالساً مع الجمهور السوري في الجهة الشمالية من الملعب ، كان الجمهور السوري – بمن فيهم أنا – من العسكريين ، حيث جلست في صدر المدرج قوات سرايا الدفاع و الحرس الجمهوري ثم الوحدات الخاصة و سرايا الصراع و بعض المدنيين الذين يضعون العدسات السوداء ، و أخيراً جلست أنا - بثيابي العسكرية الرثة التي سُرحت بها من الجيش منذ عشرين عاماً - مع الجيش النظامي ( و بلغة أهل شامستان : جيش أبو شحاطة ) ، و هذا لا يمنع أن بعض المدنيين أصحاب السحنات المميزة و الخاصة و النظارات السوداء المعتمة قد تناثروا بيننا هنا و هناك كما يتناثر بعر البعير في العرصات الخضراء ، و كان الجمهور السوري يرفع صور الرفيق القائد و علم البعث ، و بعض اللافتات الكبيرة التي كتب عليها :

- سنسحقك يا إسرائيل .

- من أقوال الرفيق القائد : إنني أرى في الرياضة حياة ؛ و قد طال انتظارها لهذا النزال ، و أرجلنا على الكرة .

- سوريا الأسد ستحطم مقولة : الفريق الإسرائيلي الذي لا يُهزم .

- اليوم اليوم و ليس غداً ، أجراس النصر سوف تقرع .

و كان الجمهور السوري يردد الأهازيج و الأغاني و الهتافات الحماسية مثل :

- قسّم و اطرح * سوريا بدها تربح .

- حاجه قيل و حاجه قال * هذا الملعب بدو رجال .

- إلى الأبد ، إلى الأبد ، يا حافظ الأسد .

- بالروح بالدم نفديك يا حافظ .

- حلك يا الله حلك * تحط حافظ محلك .

- حافظ أسد ، زعيم الأمة العربية .

- هذا اليوم الحنا نريدوا * حافظ أسد ياعكيدو .

- بعثية و نزلت عالملعب * الله أكبر علي بيلعب...

و كان المذيع السوري عدنان بوظو بصوته الجهوري الذي يتردد في جنبات الملعب ، يحيّي قائد المسيرة و الحزب القائد ، و يعلن قرب انطلاق المباراة التاريخية و يبشر بالنصر الأكيد و الحاسم لسوريا الأسد ، و يقول بحماس :

- لقد تخلف العرب جميعاً عن منازلة الصهاينة ، و لم يبقَ إلا سوريا الأسد ، أمل العرب الواعد جميعاً .

- هؤلاء هم رجال الأسد الأماجد الذين سيسحقون فئران بن غوريون و كولدمائير و موشي ديان و نتياهو و شارون الجبناء الأوغاد .

- هذه هي المباراة المصيرية التي طال انتظارنا لها ، و التي ستضع حدّاً نهائياً للغطرسة الصهيونية .

- لن نقبل إلا بهزيمة هؤلاء اليهود الجبناء .

ثم بدأ بتعريفنا على لجنة الحكام الدوليين و التي كانت بقيادة الحكم الدولي جورج بوش و عضوية توني بلير و خفيير سولانا ، أما الحكم الرابع فكان كوفي عنان .

ثم علا التصفيق و الهتاف حتى ملأ عنان السماء ، عندما بدأ بتعريفنا بأبطال الفريق السوري الأشاوس ، و خاصة عندما قرأ اسم كابتن الفريق و قلب الدفاع الرفيق الفريق حافظ الأسد الذي يحمل الرقم المميز ( 13).

بينما علا التصفير و أصوات الاستهزاء و الاستخفاف عندما قرأ أسماء الفريق الصهيوني ، و خاصة عندما وصل إلى اسم كابتن الفريق و قلب الهجوم الجنرال موشي ديان .

و أعترض الفريق الإسرائيلي على إشراك اللاعبين السيد حسن نصر الله و أحمد جبريل مع الفريق السوري ، على اعتبار أن الأول لبناني ، و قد مثل سابقاً الفريق الإيراني أيضاً في مباريات دولية ، و الثاني فلسطيني الجنسية ؛ و بالمقابل اعترض الفريق السوري على إشراك سيدات مع الفريق الإسرائيلي ( ككولدمائير ) ، و بعد مشاورات بين لجنة الحكام و الفيفا ، وافق الفريق الإسرائيلي على إشتراكهما مع الفريق السوري ( من باب التحدي ) ،كما وافق الفريق السوري على إشراكهن مع فريق العدو( على أساس أنهن دخلن سن اليأس )، فعلت الهتافات و التصفيق في المدرج السوري ، و اعتبر عدنان بوظو - بذكائه المعهود و سرعة بديهته - أن هذه أول تباشير النصر المؤزر الأكيد .

كنت انظر باستغراب إلى لاعبينا ، و كانت تدور في نفسي تساؤلات كثيرة ، ما هذا الفريق ؟ متى أصبح هؤلاء من يمثلون سوريا ؟، من الذي شكل هذا الفريق ؟، أين أبطال سوريا الحقيقيون ؟، هل حافظ و رفعت و جميل و عدنان و السويداني و المير و فياض و حيدر و دوبا و مخلوف و طلاس  هم الأحق في تمثيل سوريا الحضارة و التاريخ ؟ ، كل هذا و غيره كان يجول في نفسي ، و لكنني لا أجرأ على الكلام ، بل لا أستطيع إلا أن أستمر في التصفيق و الصراخ كبقية الجماهير ، لأنني كلما فتر حماسي  قليلاً ، نظر أحد الجالسين المدنيين قربي إليَّ بطرف عينيه من تحت نظارته السوداء ، فشحن قوتي ، و عدت من جديد إلى الصراخ و الهتاف بنشاط و حماس لا يوصفان .

و بعد أن تبادل رئيسا الفريقين ( حافظ و ديان ) الأعلام ، فأخذ الأسد نجمة داوود ، و تناول موشي الأعور علم سوريا ، تصافحا و تعانقا ، و بدا الأعور و كأنه يهمس في أذن الأسد بضع كلمات ، فهز الأسد رأسه بالإيجاب !! .

ثم أعلن بوش انطلاق المباراة ، و علت الهتافات و أشتد التصفيق و خاصة من جهة الجمهور السوري ، و ما هي إلى لحظات حتى اتضحت الصورة ، و بدا فريق العدو منظماً منضبطاً يلعب بخطة و استراتيجية هجومية ، و يتبادل فريقه الكرة بتعاون و سلاسة ، بينما كان فريقنا فوضوياً و مشتتاً ، يلعب بلا خطة و لا تركيز ، و همّ اللاعبين الوحيد هو إيصال الكرة إلى قائد الفريق و قلب الدفاع الأسد ، الذي بدا عصبي المزاج يُكثر من الشتائم و السباب لأعضاء فريقه المرتبك .

و بدأ هجوم العدو يخترق دفاعاتنا الضعيفة بسهولة ، و بدأت الكرات تمزق شباك مرمانا ، و بدت المباراة و كأنها من طرف واحد ، و كان لاعبونا يكتفون بالاحتجاج على قرارات الحكام ، و يدّعون أن أهداف العدو كلها تسلل ، و غير صحيحة .

و شيئاً فشيئاً خف حماسنا نحن الجمهور ، و خمدت أصواتنا و هتافاتنا ، و جلسنا صامتين مندهشين متفاجئين مستغربين مما يحصل ، لقد شعرنا أنها ليست مباراة حقيقية ، بل هي مهزلة و تمثيلية ، كان لاعبونا و كأنهم يدخلون الملعب لأول مرة ، و كانت مهمتهم الوحيدة هي إيصال الكرة إلى رئيس الفريق الأسد ، ثم يخطف قلب الهجوم الإسرائيلي الكرة منه بسهولة ، و يضعها في مرمانا المكشوف ، و تكررت الأهداف في مرمانا حتى لم نعد نعرف كم أصبح عددها ، و كان المذيع المفوّه عدنان بوظو ، و قد خفت صوته ، يتابع تعليقه قائلاً : صحيح أننا خاسرون ، لكن المهم اللعب الجيد و الأخلاق الرياضية ؛ و لا زال هناك متسعاً من الوقت و سنردّ على العدو في الوقت المناسب ؛ لا بد أن هناك مؤامرة دولية تستهدف فريقنا البطل و صمودنا ...

و بينما نحن غاضبون و حزينون و الدمع ينحصر في عيوننا حسرة و آسى ، ألتفت إلينا رئيس فريقنا و قلب دفاعه و أشار إلينا بكلتا يديه و رفعهما إلى الأعلى ، و كأنه يأمرنا أن نستمر في التشجيع ، و بلمح البصر استجاب رؤساء رابطة المشجعين له ، فأطلقوا هتافاتهم من جديد ، و رددنا معهم ، و علا الصراخ و العويل  و نحن نردد : معليش شو صار * الأسد مثل النار ، مكتوب على سلاحنا * نفدي الأسد برواحنا .....

و بينما الصهاينة منشغلون بتسجيل الأهداف ، بعد خطف الكرة من الدفاع ، استطاع الأسد أن يباغت العدو و يمرر أحد الكرات إلى السيد حسن نصر الله الذي سار بها مندفعاً ، و سددها بقوة نحو المرمى الإسرائيلي ، فخاف حارس المرمى الصهيوني أن  ترتطم الكرة به ، فحمى رأسه بين يديه ، و خصيتيه بين فخذيه ، فاخترقت الكرة المرمى معلنة أول أهداف الفريق السوري ، و هنا علت الهتافات من جديد ، و ارتفع صوت عدنان بوظو ، و هو يشرح كيف صنع هذا الهدف التاريخي القائد البطل الرمز المفدى حافظ الأسد .

و بينما كنا نحتفل بهذا الهدف الذي أنسانا عشرات الأهداف التي دخلت مرمانا ، سقط الأسد مغشياً عليه على الأرض ، و طلب الحكم من الطاقم الطبي حمله خارج الملعب ، و بدأنا نتساءل ، من هو القائد الذي سيحل مكان قائدنا التاريخي الرمز ؟، من الذي سيملأ هذا الفراغ الخطير ؟ ...

و بينما نحن في حيرتنا ، إذ دُفع إلى الملعب و هو يلبس قميص الأسد الذي يحمل الرقم (13) ابنه الشاب الطبيب بشار ، و وسط حيرتنا و استغرابنا و تساؤلاتنا ، كيف استلم هذا الشاب قيادة الفريق ؟ ، و ما هي مؤهلاته ؟، و هل لم يبقَ إلا آل الأسد في سوريا ؟ . ..

صرخ رؤساء رابطة المشجعين ، فصرخنا معهم ، و على مبدأ تفاءلوا بالخير تجدوه ، تفاءلنا بهذا الشاب ، الذي سيحرك الفريق و يدعمه بطاقات و حيوية الشباب ، و خصوصاً أنه كان يدرس في بريطانيا ، ذلك البلد الخبير في كرة القدم و صاحب الباع الطويل في هذا المجال ، فربما سينقل لنا خبراتهم و تجاربهم ، و ربما و ربما ..

و سرعان ما بدت الحقيقة جلية و واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، و سارت الأمور على ما كانت عليه ، بل إلى الأسوأ ، و تواصلت أهداف العدو تخترق و تمزق مرمانا ، و استمر مسلسل الهزيمة ، و استمر هتافنا و تشجيعنا و تصفيقنا و عواءنا حتى النهاية ...

هذا هو حُلُمي الذي حلمت يا سادتي ، فهل من مفسر له ؟؛ بعد الصلاة على النبي .

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ