الفوضى
ليست البديل عن حكم بشار..
فحكمه
هو الفوضى ذاتها .. واستمراره
سيولد فوضى أشدّ وأخطر..!
عبدالله
القحطاني
1- سورية ساقطة في دوامة الفوضى ، من سنوات
طويلة ـ بالنسبة لمن يعرف معنى
الفوضى ، ويعرف قبلها معنى
الدولة ـ ..!
2- أجمع
فقهاء القانون الدستوري ، على
أن الدولة تتكون من عناصر ثلاثة
ـ أرض وشعب وحكومة ـ . ولقد كانت
هذه العناصر موجودة في سورية ،
قبل أن تأتي هذه الزمرة الفاسدة
، وتسرق السلطة من أصحابها
الشرعيين ، المنتخبين من قبل
الشعب..!
3- حين
سرقت هذه العصابة السلطة ،
وتركت البلاد بلا حكومة شرعية ،
أسقطت أحد أركان الدولة ، وظلت
تتعامل مع الوطن وأهله ، كما
تتعامل أية عصابة مجرمة ، توقن
أنها استولت على بيت ليس لها ،
أو تملكت بالقوة مزرعة ليست من
حقّها..!
4- من
شدة خوف العصابة ، على الحكم
الذي سرقته من أهله ، طفقت
تتعامل معهم برعب شديد ، تحاول
التخلص منه ببطش شديد ، حتى
لايبقى أحد من أهل البلاد يفكر
في انتزاع الحكم منها ، وإعادته
إلى أصحابه الشرعيين ..!
5- بالقهر
المستمر ، والعنف الدموي ، ضد
أبناء الشعب ، حولت مجموعات
منهم ، إلى قطعان مصفّقة
للجزارين ، ومجموعات أخرى إلى
قطعان من اللصوص والمرتشين
والمنافقين الانتهازيين..!
وأكثرية الشعب إلى حشود من
البشر الصامتين ! ووظفت القطعان
الأولى والثانية في التجسّس على
حشود الأكثرية الصامته .. وسمّت
ولاء القطعان لها ، لقاء الفتات
الدي تلقيه إليهم ، سمّته :
دعماً شعبياً ! وسمّت صمتَ
الأغلبية الساحقة استقراراً ..!
أما الشعب ، الذي هو ركن الدولة
، فقد حرصت العصابة على إبقائه
خارج مفهوم الدولة ، بالمعنى
السياسي ، وإن كان يعيش على أرض
الدولة ، بالمعنى الجغرافي ..!
6- وهكذا
لم يبق من أركان الدولة ،
بالمعنى الاصطلاحي السياسي ،
سوى الركن الجامد الذي هو الأرض..!
وهذا الواقع يذكّر بمشهد الغزاة
الأوروبيين ، الذي هاجروا إلى
أمريكا ، حين لم يكن فيها دولة ،
فأبادوا قسماً كبيراً من أهلها
، ووظفوا القسم الباقي في
خدماتهم المتنوعة ، وسيطروا على
الأرض بشكل تام ، ثم أقاموا ،
فيما بعد، دولتهم ، على جماجم
الضحايا ، وبالثروا ت
المسروقة من أرضها..! والفرق
بين لصوص بلادنا وأولئك ، هو أن
لصوصنا ، وثَبوا على دولة قائمة
متحضرة ، مكتملة الأركان ،
فحولوها إلى (لادولة) ..! بينما لم
يكن في أمريكا ، من مقومات
الدولة، سوى الأرض والسكان ..!
7- وقد
يقول قائل : إن وجود الحكم
المستبدّ على رأس الدولة ،
لايعني أنها أصبحت (لادولة) ، أو
أنها سقطت من عداد الدول .. فما
أكثر الدول التي خضعت لأنظمة
حكم مستبدّة ، ولم تخرج عن كونها
دولاً ، بالمعنى القانوني أو
السياسي ..! ونقول ربما كان هذا
صحيحاً ، لو وجِد القانون الذي
يضبط حركة الحكام وأعوانهم
ورجال أمنهم ..! أمّا حين يغيب
القانون غياباً تاماً ، عن
سلوكات الحكام وأعوانهم ورجال
مخابراتهم ، في التعامل اليومي
مع الشعب ، وممتلكاته ، وأرواح
أبنائه ، وثروات البلاد ، ويصبح
كل شيء في الوطن مستباحاً ، من
قبل هؤلاء الحكام وأعوانهم :
القتل ، والرشوة ، والسرقة ،
والاعتقال التعسفي بلا قانون ،
وتسخير القضاء العام لخدمة
أهواء الحكّام ، وصناعة قضاء
خاصّ بهم ، يأتمر بأمرهم بشكل
تامّ وتلقائي، يسمّونه قضاء (
أمن الدولة )..! وحين يصبح
الإجرام منهجاً للحكام في
علاقاتهم الخارجية ، تمارَس فيه
عمليات القتل والاغتيال
والتفجير، والخطف والابتزاز
والتهديد ..! وحين تكون
المواطَنة كارثةً على المواطن ،
بدلاً من أن تكون نعمة له؛ إذ
تلفق له أجهزة أمن بلاده ملفاً
أمنياً ، وتسلمه لبعض الدول ـ
وقد تسلم صاحب الملفّ مع ملفّه ـ
بحجة أن صاحبه إرهابي..! وحين
يعتقَل المواطن من بيته ليلاً،
وتنتهَك حرمة بيته ، ويزجّ به في
زنزانة ، يمضي فيها عشرين أو
ثلاثين سنة ، دون أن يجرؤ أحد
على السؤال عن مصيره ..! حين يحصل
هذا ، كله في بلد ما ، ويظل
محتفظاً باسم الدولة ، فلابدّ
من إعادة النظر بمصطلح (الدولة)
من أساسه ، أو نفي صفة الدولة ،
عن البلد الذي تحكمه عصابة من
هذا الطراز..!
8- مصطلح
الفوضى : يردّد أزلام السلطة في
سورية مقولة : (البديل عن حكم
بشار هو الفوضى ..!) .. ويردّد هذه
المقولة معهم ، بعض المستفيدين
من وجود عصابة سورية على صدر
شعبها ، وبعض من هؤلاء
المستفيدين ،عرب في مواقع
مختلفة من صناعة القرارات في
بلادهم ، وبعضهم أجانب بعيدون
عن سورية جغرافيا ( كأمريكا) ،
وبعضهم قريبون منها ، مثل (إسرائيل)
..! ولكل من هؤلاء مصلحة مباشرة ،
في ترديد هذا الكلام ..! فعصابة
الحكم تريد ألاّ يفكّر أحد ،
بإزاحتها عن مواقع السلطة ، إلى
يوم القيامة ..! وأمريكا تناور مع
هذه العصابة ، لتبتزّها،
وتطوّعها ، وتحصل منها على
الخضوع التام لهيمنتها ! فهي (أي
أمريكا) ترددّ هذه المقولة ،
لتوحي للعصابة ، أن إمكانية
الإطاحة بها قائمة ، في حال وجود
البديل الذي يمنع الفوضى ! ـ
ويمكن مدّ اليد إلى بعض البدلاء
المحتملين ، إذا لم تستجب
العصابة للشروط الأمريكية ..! ـ
وإسرائيل تصرّح ، جهاراً
نهاراً ، أن الحكم الحالي في
سورية ، ضرورة حيوية لأمنها
القومي ..! ومن باب أولى أن تردّد
عبارة : ( البديل عن بشار هو
الفوضى ..!) كي تقطع الطريق على
التفكير بإزاحته عن السلطة..!
وبعض الحكّام العرب يخافون على
كراسيهم ، في حال سقوط الحكم
السوري الحالي ، انطلاقا من
المقولة الدارجة : ( إذاحلق جارك
شعره فبلّ أنت شعرك !) . وهؤلاء
جميعاً، يعرفون حالة الفوضى
العارمة ، التي تعاني منها
سورية في ظل هذه العصابة ..! إلاّ
أن مصالح كل منهم ، تجعل حكم
بشارالأسد حكماً حقيقياً،
وتجعل البديل عنه هو الفوضى ..!
وواضح أن مصطلح (الفوضى) متعدّد
المعاني ، وتختلف معانيه
باختلاف أصحاب المصالح ، الذين
يتحدثون عنه ، أو يعرّفونه ..!
فالمصطلح ليس مقصوراً على فوضى
واحدة ، بل هو مستودع (للفوضَيات
!) كل يأخذ منه الفوضى التي تناسب
مصلحته ، ويلصقها على هذا
الجدارأو ذاك ..! وإذا تغيرت
مصلحته في اليوم التالي ، تغير
رأيه في معنى الفوضى،
وأعدّ للمعنى الجديد ملصقاً
جديداً ..!
9- البديل
الأخطر.. الفوضى الأشدّ : إن
استمرار هذه العصابة في سورية ،
مفروضةً عليها وطناً وشعباً ،
سيكون خطأ قاتلاً ، لمن يراهن
عليه ويعمل على تثبيته ..! فشعب
سورية لم يعد لديه أدنى قدر من
الصبر على هذه العصابة ،
وانفجاره العشوائي المفاجئ ،
سيضع الجميع في الموقف الذي
لايحسد عليه أحد ؛ إذ تَدخل
البلاد ، وربما المنطقة كلها ،
في دائرة النار المتولّدة عن
انفجار الغضب السوري..! وإذا
تمكّن أصحاب الرأي والحكمة ، من
ضبط إيقاع الشارع المسالم
الهادئ ، والشارع المسيّس
الواعي ، فما الذي يضبط حركة
الشارع المتحمّس ـ أيديولوجياً
أو ثأرياً ـ والشارع المحبط
الذي تُحركه فلسفةُ
: (إذا كان الوطن لايقوم إلاّ
على جمجمتي ، فليسقط الوطن ..!
وإذا كان العالم لايستقر إلاّ
إذا دقّت أوتاده في صدري, فليسقط
العالم .. !) والنماذج الحية
لهذه الفلسفة ، متحركة من حول
الجميع ، ومحركة لليائسين ، من
حول الجميع ..!
10-
كلاّ .. الفوضى هي البديل عن
الديموقراطية ، التي يختار فيها
الناس حكامهم، بحرية ونزاهة ،
ولا يفرَض عليهم هؤلاء الحكّام
،بنيران المدافع والدبابات ،
وأحذية العسكر وسياط الجلاّدين
، كما حصل طوال ثلاثة وأربعين
عاماً، منها خمسة وثلاثون في
العهد الأسدي المشؤوم ، الذي ما
يزال قائماً حتى اليوم، وينوي
أن يظل قائماً ، حتى لو أغرق
البلادَ وأهلها في بحار الدم ..!
هل في العالم كله من يجهل هذه
الحقيقة اليوم ..!؟ وهل هناك من
يتغابى عنها سوى الخبثاء وأصحاب
المكرالسيّء ، من الصهاينة
والأمريكان ، وحلفائهم من العرب
، وغير العرب ..!؟
11= إن الحكم الديموقراطي ،
المنبثق عن انتخابات حرّة نزيهة
، هو البديل الوحيد ، لحالة
الفوضى الراهنة ، التي يمثلها
حكم بشار الأسد ، وزمرة القتلة
واللصوص الملتفّة حوله ، من
أقاربه وأعوانه وأزلامه..! وإن
سورية بلد عريق في الديموقراطية
، وتجاربه فيها ناجحة ، وتقدّم
نماذج جديرة بأن تقلّد ويقتدى
بها ، من بدايات عهد الاستقلال ،
في منتصف الأربعينات ، من القرن
الماضي ، حتى قبل نهاية
الخمسينات منه..
ثم من بداية الستينات منه ،
حتى دهمها عصر الدكتاتورية ،
الذي استمر إلى اليوم ,,! وما كان
يفسدها إلاّ مغامرات بعض العسكر
، بين الفينة والأخرى ،
متحالفين مع بعض الساسة ، الذين
يتلهّفون على سلطة يعجزون عن
الوصول إليها ،عبر صناديق
الانتخاب ، فيبحثون عنها تحت
أحذية العسكر، التي لاتلبث أن
تسحقهم في السجون ، أو تسحق
أعمارهم في المنافي، حتى لايجد
أحدهم ، حين يموت في غربته ،
قبراً في بلده الذي سلّمه
للعسكر..!
إن
الكفاءات الممّيزة ، المؤهّلة
لإدارة شؤون الدولة ، في سورية ،
كثيرة جداً ، وعلى كل صعيد : (
السياسي .. الإداري .. الاقتصادي
.. التربوي .. القانوني..)..وإن
القوى السياسية المعارضة ، تضمّ
كفاءات ممتازة ، من شتّى
التخصصات .. وهي تمثل شرائح
واسعة جداً ، تغطي الأكثرية
الساحقة من مكونات الشعب السوري..
وهي جاهزة، مستعدّة لاستلام
السلطة ، في اللحظة التي يسقط
فيها نظام الفساد والاستبداد
الحالي ..! وهي مؤهلة لأن تقود
سورية ، وطناً وشعباً ، وتدير
شؤونها ،على أفضل ماتكون
القيادة والإدارة ، داخلياً
وخارجياً ..! فما معنى المعزوفة
البالية ، التي تردّدها بعض
الجهات السياسية ، الداخلية
والخارجية ، بشكل مملّ سمِج : (
إن البديل عن حكم بشار الأسد هو
الفوضى )..!؟
وأيّة مؤامرة خبيثة ، تكمن
وراء هذه المعزوفة الإجرامية
البشعة !؟ ولماذا يصرّ المجرمون
الذين يردّدونها ، على إبقاء
هذه العصابة الفاسدة جاثمة على
صدر الشعب السوري ، حتى يصل
التأزمُ والاحتقان لديه ، إلى
درجة الغليان ، ثمّ الانفجار
المدمّر !؟ وهل الضابط
المغامر، الذي يأتي على ظهر
دبّابة ، ويفرض نفسه بقوّة
الأمر الواقع ، يصلح بديلاً
لهذه العصابة، أفضل من
المعارضات السياسية ، الموجودة
على الساحة اليوم ، بسائر
كفاءاتها ، ونخَبها،
وتخصّصاتها ، وخبراتها ..!؟ ألا
قاتل الله الظلم والظالمين ..!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|