البيان
الختامي للجمهورية الوراثية
(قراءة
سياسية )
الدكتور
نصر حسن
nasrhm05@yahoo.de
لقد حط المؤتمر
العاشر لجمهورية القمع
الوراثية رحاله ، تائها ًحائرا
ًبين واقع يتطلب إصلاحا ً شاملا
ً وجريئا ً،وبين عجز كامل عن
رؤية التناقضات والإجابة على
الأسئلة الكبيرة المطروحة
،التي لم تعد قابلة للتسويف
والتأجيل والترحيل،وعرض بضاعته
القديمة في أروقة
المؤتمرالهزيل، ولتقييم ما
قرره بخصوص أزمات الشعب والوطن
،سوف نبتعد عن التخمين وأسلوب
قراءة الكف
، ونبتعد أيضا ًعن القراءة
الصحفية التي طبعت المؤتمرين من
خلال التغطية
الإعلامية
للمؤتمر والتي أدهشت
الصحفيين لهذا القدرمن
العموميات وتكرارنفس الإجابة
اللفظية الباردة على كل
الأسئلة الساخنة ،ونعتمد على
التحليل العلمي الدقيق والأمين
للبيان الختامي للمؤتمر كما هو،
ونتكلم بصراحة وعلى المكشوف
،هذا البيان الذي يعبرعمليا ًعن
إرادة المؤتمرين ومايريدن
فرضه من قرارات وتوصيات على
الشعب، سوف تحكم
حركة الدولة والمجتمع لاحقا
ً،وسنرى كيف تعامل المؤتمرمع
واقع سورية المعقد اليوم ؟ وهل
استطاع أن
يجد بعض الأجوبة على بعض
الأسئلة المتعددة ؟وكيف تعامل
مع استحقاقات المرحلة الحرجة
وهل استطاع أن يفتح الملف
المغلق, ملف الإصلاح ؟.
انعقد هذا المؤتمر
وسط ظروف داخلية وخارجية غاية
في الخطورة والتعقيد حيث
الأبواب مفتوحة على كل
الإحتمالات الكارثية ,في ظروف
بدى فيها النظام مرتبكا ً
وتائهاً وعاجزا ًعن قراءة
الواقع ، ومكابرا
ًومصرا ًعلى الأسلوب الوحيد
الذي يتقنه
وهو الهروب
إلى الأمام
والتضليل اللفظي
والخداع
الفكري
وترحيل الشعب والوطن
وأزماتهما
المستعصية , بهذا
المستوى اللامسؤول
واللامعقول ,إلى محطة
مجهولة قادمة
, إلى مؤتمر قادم
وضياع قادم
. انعقد في هذه الظروف الداخلية
الخطيرة والتي تتهدد فيها وحدة
الشعب ومستقبل والوطن , وفي ظروف
عربية بأسوأ حالاً من ذلك , حيث
حالة الحضيض والفوضى
والإنهيارالتي أصبحت الصفة
الوحيدة التي تطبع العالم
العربي اليوم ،حالة أمة مسلوبة
الإرادة , حالة انفصال كامل بين
الشعب والحاكم المتسلط بأمره ,حالة
عجزالدولة عن أداء واجباتها
الأساسية تجاه الشعب ،وبالتالي
غياب مبرروجودها
القانوني وعدم شرعيتها ,
انعقد وفلسطين جرح ينزف على
مرئى ومسمع الجميع المشلول ،
والعراق ينزف
وحيدا ً تحت
وطأة الإحتلال
, ومعالم الإنهيار
العربي هنا وهناك ،والنظام
العربي
الرسمي (والنظام السوري
يمثل أوضح
تجلياته ) يقف لامباليا ً
وعاجزا ًعن القيام
بأي عمل لإيقاف هذا التداعي
والإنهيارالمتسلسل وعلى كافة
المستويات ,وانغلق كل قطرعربي
على نفسه
غريقا ً بمشاكله
وهمومه
وعجزه المهين, وسورية في هذا
الإطار العربي المفكك
والمتداعي ,تعاني من حزمة
كبيرة من المشاكل التي أفرزتها
مسيرة النظام نفسه وعلى امتداد
أربعين عاما ًمن التسلط
والطغيان ,أوصل فيها المواطن
إلى حالة الإعياء الكامل ,ضمن
هذه الظروف وهذه الإستحقاقات
الداخلية والخارجية
, انعقد المؤتمر
,وسنقوم بدراسة
بيانه الختامي
, لنرى هل فيه مايمكن أن نسميه
بعض الإجابات على
بعض الأسئلة ,وسنعرض
باختصار أهم
ماجاء فيه
:
تعرض المؤتمر لواقع
سورية الداخلي بكثيرمن التبسيط
والتسطيح والضبابية ,
وبقليل من المسؤولية الوطنية
والأخلاقية تجاه مايعانيه
الشعب ,وتجاه دولة ينخر فيها
التخلف والفساد بشكل مخيف ,وتطرق
إلى تنظيم العلاقة بين الحزب
والدولة, رغم غياب الإثنين عن
الوعي,وعن الوجود والتأثير في
الحياة العامة ,التي تسير وفق
طقوس الفساد والإفساد المنظمين,والتي
أصبحت" القانون " الوحيد
الذي يحكم حركة الدولة والمجتمع
,هذا "الحزب
" الجهاز
البيروقراطي الضخم
والمتحجر والنفعي , الذي
تكون على امتداد عشرات السنين
واسشرى أفقيا ً وعموديا ً في
نسيج الدولة والمجتمع ,
وابتلعهما معا ً ,وفتتهما
وحولهما
إلى دكاكين
تبيع وتشتري حاجات
وكرامة
الشعب والوطن
دون رادع ٍ
قانوني
أو أخلاقي .
وتكلم بخجل شديد
وبدون تحديد أية آلية قانونية
أو تنظيمية أو إدارية ,عن مراجعة
قانون الطوارئ سيء الصيت ,وألغى
المواد ( 1965
-3-4-6 ) والمتعلقة بأمن الدولة
والثورة والحزب , لأنه لم يعد
هناك على أرض الواقع لاثورة
ولاحزب ولادولة ,وكتُبتْ عدة
كلمات عن تطوير قانون الأحزاب
وعن الوحدة الوطنية ومراجعة
إحصاء عام(1962) في محافظة الحسكة ,ضمن
عملية تجميلية
لفظية مل َ الشعب من سماعها .
وفي المجال الإقتصادي أكد
المؤتمر على تأهيل
القطاع
العام ,وتكليف الحكومة
بوضع الخطة
الخمسية
العاشرة ( 50
سنة) وتبنى
مفهوم " اقتصاد السوق
الإجتماعي" للإصلاح
الإقتصادي وتحسين الوضع
المعيشي وحل مشكلة البطالة ,مجرد
نصائح عامة ودون تحديد أية آلية
لتحقيق وتنفيذ تلك الحلول
اللفظية..
وفي المجال العربي
انسحب نفس المستوى من التقييم
والإرتباك
والتناقض
والتبسيط
والتمسك بصيغ ومفاهيم
بعيدة عن أزمة الواقع
العربي,وأكدعلى استمرار سورية
بلعب دورها القومي باعتبارها
آخر معاقل القومية العربية ,وكرر
التزام سورية بسياسة" السلام
الشامل" والإعتراف الصريح
والعلني"بإسرائيل"والآمن
ضمن حدود الرابع من حزيران لعام
( 1967) وناقش الوضع الفلسطيني
بسطر, ودعى إلى تعزيز العلاقات
التاريخية مع لبنان رغم وجوده
هناك لأكثر من عشرين عاما ً,
ناسيا ً ذلك
,وأكد على أولوية
تصحيح العلاقة
مع العراق بما يخدم إنجاح
العملية
السياسية ( الشرعية )
الجارية فيه
, وفي المجال الدولي تطرق لملأ
بقية سطور البيان إلى ضرورة
تعزيز دورمنظمة عدم الإنحياز(التي
لم تعد موجودة إلاعلى الورق)
ودور منظمة المؤتمر الإسلامي,وأكد
على أهمية العلاقة
مع أمريكا وضرورة
تطويرها .
تأسيسا على هذه
القرارات والتوصيات والتي
تضمنها البيان الختامي للمؤتمر,
يمكن القول وبوضوح
: أن هذا المؤتمر الذي مثل
"بريسترويكا "الإنهيار,وليس
إعادة البناء , لم يقدم
جديدا ً, سوى التأكيد الواضح
والصريح بعدم
رغبته وقدرته على تبني مشروع
الإصلاح ,ومرد ذلك إلى بنيتة
المركزية الفردية المغلقة ,والتي
تتناقض مع
التطوير والتحديث , ولم
يتمكن النظام
بحكم بنيته
هذه وآلية
عمله واللتان
تتعارضان مع التحديث ,من
الوصول إلى
الحقيقة
الأساسية الحتمية المطلوبة
للبدء بعملية
الإصلاح , وهي أن مشروع
الإصلاح هو قرار سياسي ,يعبرعنه
عمليا ًببرنامج فكري واضح ,وآلية
محددة , وهيكل
إداري فاعل
ومتماسك من
الفنيين
والمختصين والمؤمنين
والحريصين على القيام
بعملية الإصلاح ,هو
قرارسياسي يتطلب أساسا ً تقييم
جريء وصريح
وصحيح لمسيرة أربعين عاما ً,
وسورية الشعب والدولة تنتقل من
فشل إلى فشل ,تقييم
موضوعي شامل للأسباب التي
أوصلت البلاد
والعباد إلى هذا المستوى
المنهار,تقييم
يقول وبوضوح
: أن أساس المعالجة هو
تثبيت الشرعية في الحكم
وهذا يعني وضع
دستور يمثل إرادة الشعب , أو
بشكل عملي وبالحد
الأدنى يمثل غالبية الشعب
ضمن نظام تعددي
يحفظ حقوق
الجميع ,والإبتعاد عن التضليل
اللفظي
وتقديم
حلول كلامية لمشاكل واقعية
يعيشها الشعب ,الأمرالذي يزيد
التناقضات تعقيدا ًوبعدا ًعن
الطريق الصحيح ,وهو قرارسياسي
يعني فيما يعنيه إلغاء
قانون الطوارئ سيء الصيت ,والذي
لم يكن ولم يعد له مبرر بعد أن
أضاع الأرض والشعب , وانتفت
الحاجة الوطنية
والقومية إليه,بعد دخول
النظام عملية
الإستسلام
الشامل مع الأعداء,والتسول
على أبوابهم هنا وهناك واهما
ًبإرجاع الجولان
والأراضي المحتلة,فما هو
المقصود من إعادة النظر فيه
وإعادة تطويره,
أليبقى سيفا ًمسلطا ًعلى رقاب
الشعب الذي عانى منه الأمرين
على امتداد أربعين عاما ً ؟,هذا
القانون الذي أضاع
الأرض وفتت الوحدة
الوطنية ومثل عائقا ً كبيرا
ً أمام الإصلاح ,و غيب الشعب
والقضاء , وأحضر الطغيان
والإعتقالات
العشوائية
والمحاكم
الإستثنائية وأدخل الجميع
في متاهات لاحصر لها
لعشرات السنين , نعم
إن الإصلاح هو قرارسياسي
جريء بإلغاء
المادة
الثامنة
والقانون رقم ( 49 ), أو بشكل
أدق وأكثر
نفعا ً للجميع
هو إلغاء
مايسمى
زورا ً " الدستور" الذي
يمثل أسوأ المفردات الموروثة ,
ورثه النظام كصيغة جاهزة للقمع
والطغيان ,هذا " الدستور
" الذي ُفصَل عام ( 1973 ) على
قياس فرد طاغية ,والذي عبر عن
حاجة النظام لشل السلطة
القضائية والسيطرة المطلقة على
الحياة السياسية , والهدف
المركزي منه هو حماية أمن
النظام وليس حماية أمن الوطن ,ولأن
هناك برنامج لايخدم
سورية, تم تنفيذ
فصوله المعروفة
للجميع والتي أصبحت الآن
حقائق مرة يعاني منها الشعب
والوطن ,هذا الدستور كان حاجة
فرد ونظام
ومرحلة , وليس حاجة
شعب ووطن ,نعم الإصلاح هو
قرار سياسي بتأسيس منهج العمل
الجماعي التعددي ,بعد أن أوصل
سلوك "الحزب
القائد
والفرد
الخالد " إلى الطغيان
والهزائم والنكبات
والتحجر والتخلف عن معطيات
العصر, وبالتالي طي
صفحة الديكتاتورية
والمركزية والإنفتاح على الشعب
والعودة إلى النظام البرلماني
الديموقراطي وإقرارمبدأ تداول
السلطة , وهذا يستدعي قانون عصري
للإنتخابات يعبر حقيقة عن إرادة
الشعب ويحدد بشكل واضح آلية
إنتخاب الرئيس وعدد الدورات
الإنتخابية المتتالية التي يحق
للرئيس ترشيح نفسه لها ,هو
الإنتقال السلمي إلى التعددية
هذه الصيغة
القانونية والحضارية
لتنظيم علاقة الفرد بالدولة ,وبالتساوي
أمام القانون, وبالتالي
الإبتعاد عن الظلم والطغيان
وتغييب الشعب عن صنع القرار, هو
الإقرارالمتبادل بحقوق الجميع
والحفاظ على العقد الإجتماعي
الذي ينتمون إليه واحترام حقوق
المواطنة ,هو الإعتراف بحق كل
فئات الشعب بحرية العمل السياسي
ضمن سقف الوطن الواحد
والمصير الواحد , وتحديدا
يجب إرجاع
الأمورإلى نصابها وحقيقتها
الوطنية ,وهذايفرض الإعتراف
بحقيقة الأمور,بأن
جماعة الإخوان
المسلمين
جزء أساسي
وتكويني من المجتمع السوري
ومن الحياة السياسية في سورية ,واستطرادا
ًنقول : بأن الممر الوحيد
والإجباري لإمكانية الإصلاح هو
المصالحة الوطنية ,التي تؤسس
لإعادة الوجه الأصيل والحضاري
للشعب الواحد الموحد , لإعادة
الحوار والتسامح وقطع الطريق
على الإقتتال والفتنة والثأر,التي
يخسر فيها الجميع ,المصالحة
الوطنية التي يضمنها عمليا وجود
قانون يسمح بتكوين الأحزاب
بضوابط يضعها
الجميع إطارا ً قانونيا ًيعبرعن
الثوابت الوطنية , نعم المصالحة
الوطنية السبيل الوحيد والبسيط
والمفيد للجميع ,والمخرج الآمن
من الطغيان والطائفية ومن
الأزمات المركبة التي تعيشها
سورية ,هو قرارسياسي بتقديم
حلول عملية ,هو في فصل الحزب عن
الدولة ,هو في فصل السلطات ,
واستقلالها ,والحرية في عملها
حتى تملك القوة والفعل
والمحافظة على الشعب والوطن ,وبمعنى
أدق رفع الوصاية المخابراتية
والأمنية عن الدولة وعن القضاء
وعن المجتمع,هو القرارالسياسي
بإلغاء هذا النمط الفردي
الطائفي الضيق والغيروطني من
التفكير والتي أثبتت الوقائع
أنه ليس في صالح الجميع,نعم إن
مشروع الإصلاح هو قرار سياسي
أولا ً وأخيرا ًيحرك الدولة
والمجتمع بالإتجاه الذي يريد ,يحركها
إقتصاديا ً وإجتماعيا ً وإداريا
ًلتحقيق برنامج معين والوصول
لأهداف معينة ,ويتجاوب وبصدق
وأمانة ومسؤولية
مع حركة الواقع وأهداف
الشعب ,ويبتعد عن التضليل
وتقديم الحلول اللفظية ,وترقيع
سياسي هنا , وترقيع إقتصادي هناك
,ترقيع إقتصادي يتجاهل الواقع
ويقفز إلى تبني صيغ ومفاهيم
عصرية لهيكل إقتصادي قديم
ومنهار,وهنا نسأل ماهي الأرضية
السياسية والإقتصادية
والإدارية التي اعتمد عليها
المؤتمر لتبني منهج " إقتصاد
السوق الإجتماعي "؟ .وماهي
الآلية التي يتم بواسطتها تطبيق
ذلك ؟ وأين هو الكادر الفني الذي
يتحمل وينفذ ذلك ؟ وأين هو
الفضاء السياسي التعددي
الحرالذي سوف يكون الحاضنة لنمو
هذا المفهوم الحديث ؟ ,عمليا ً (نأسف
للتكرار) وهذا معروف للبسطاء
والخبراء ,بأن سورية دولة
يحكمها نظام شمولي مركزي في كل
شيء ,نظام شاخ سياسيا ً
واقتصاديا ً وإداريا ً, واستشرى
الفساد في نسيج الدولة والمجتمع
بشكل مخيف ,وبالتالي فإن تبني
هذا المفهوم العصري يعني : إما
رغبة ً حالمة ًلبعض المخلصين ,و
إما قصورا ًفكريا ً وسياسيا ًعن
فهم واقع سورية اليوم ,وإما
تجاهلا ً للأزمة ,وإما رغبة ً
بتشويه الحقائق ,وتغليفا ً
جميلا ًوحديثا ً لبنية مهترئة و
قديمة , إنه خلطاً للحابل
بالنابل,وخلط الإقتصاد
بالسياسة بالواقع , وإشارة
متعددة الألوان لتضليل الجميع,لأن
هذا المفهوم الحديث
وباختصارشديد ,يتم تطبيقه في
دول متطورة سياسيا ًوإقتصاديا
ودستوريا ًوإنسانيا ً أولا ً,ويتطلب
حدا ً أدنى سليما ً من البنية
التحتية العامة التي تمكن من
تطبيقه على أرض الواقع
ثانيا ً, ومرتبط بقدرة
الدولة المادية على التحكم
المرن بالإقتصاد وتوجيهه
بالإتجاه الذي يحقق النمو
الإقتصادي ويمنع الإحتكارثالثا
ً ,ويحتاج إلى بناء ديموقراطي
يضمن المراقبة والمحاسبة حفاظا
ًعلى تحقيق العدالة الإجتماعية
ومبدأ"الرفاه للجميع "
وليس الرفاه للقلة والظلم
والشقاء للجميع رابعا ً , وأن
تكون الدولة قادرة إقتصاديا
ًعلى تبني قانون الضمان
الإجتماعي الشامل (حماية الطفل ,وضد
المرض ,والبطالة والشيخوخة )الذي
يحفظ وبشكل حقيقي الكرامة
الإنسانية للفرد وفي كل الظروف
خامسا ً.ورجوعا ً إلى واقع سورية
وواقع النظام المركزي الشمولي
اليوم نرى بوضوح شديد أن الوضع
الإقتصادي الحالي والذي يقول
بأن معدل دخل الفرد السنوي
مايقارب ألف دولار,الأمر الذي
يوضح أن تبني مفهوم إقتصادي
حديث لبنية إقتصادية منهارة
أساسها نهب ثروة الوطن وإذلال
المواطن , هو كلام شكلي جميل ,لامعنى
له في واقع الشعب البائس الحزين
,لأن الأساس
الضروري
لتطبيقه , وهو
وجود
فضاءًً
ديموقراطيا ً وآلية
للمراقبة
والمحاسبة
تضبط عملية
تطبيق هذا
المفهوم
مفقود , وسيبقى
مفقود
مادامت
الحرية
والديموقراطية
مفقودة , ومادام
الطغيان
والتضليل
حاضرُ ُ وموجود , ومادام
الصوت الوطني
الصادق
محاصر ومطرود
.
وأخيرا ً نكرر
الكلام الواضح المفيد ونقول :
إن المفتاح الوحيد
لبوابة
الإصلاح
معروفُ ُ وواضحُ ُ
للجميع ,وهو الإقرارالمسؤول
والجريء بضرورة
وحتمية القبول بمبدأ الحاجة
الملحة للمصالحة الوطنية الممر
الوحيد لإنقاذ الشعب والوطن من
المستقبل المخيف القادم ,من
الفردية والمركزية والشمولية ,إلى
فضاء التعددية والديموقراطية
وحكم القانون, واشتراك الجميع
بتحمل المسؤولية
الوطنية ,في هذه الظروف الخطيرة
التي تتسارع فيها وتيرة وشكل
الضغط الخارجي لتشويه وحرف
التغيير الوطني المطلوب عن
مساره وجرسورية إلى حروب وفتن
داخلية من
جديد يكون الحزام الطائفي الذي
سيقطع الوطن بدايته,والإيمان
المطلق بأن الشعب هو السور
الوحيد القادر على حماية سورية ,هذا
الشعب وهذه الأرض لهما عمق
حضاري في التاريخ وسجل مشرف من
التعايش المشترك , وسورية غنية
بالنفط والذهب والمعادن
النادرة والثروة الطبيعية
والموقع الجغرافي والثروة
البشرية ,وهي قادرة الآن وفي
المستقبل أن تبني نفسها وتكون
جزء ً فاعلا ً من العصر,بشرط أن
يستعيد الإنسان قيمته وحريته
وكرامته الإنسانية المفقودة
اليوم , عندها
يستطيع أن يفعل المعجزات.
وختاما ًنذكرّ بأن
مثل هذه المؤتمرات ,ومثل هؤلاء
المنظرون والمخططون(مع توفر حسن
النية )الذين بشللهم وجمودهم,
ملَ العنكبوت بناء طبقات
نسيجه المتعددة حول عقولهم
وأفكارهم على مدى أكثر من
أربعين عاما,والذين جفت عقولهم
وأصبحت غير قادرة ًسوى على
الهذيان,والذين أصبحوا مصابين
بعمى الألوان وعمى
البصروالبصيرة,لم يعد قادرين
على رؤية سوى لونُ ُ واحد,هو حب
السلطة وكره الشعب , والذين لم
تعد قلوبهم تخفق سوى للنفاق
والفساد وزيادة تضليل وإهمال
هذا الشعب المنكوب بهم ,والتلفيق
والتصفيق لهزائم ونكبات سابقة
ولاحقة والقائمة بفضل وطنيتهم
تطول ,واللذين ملّت حناجرهم
الصياح وتكراراللحن المنافق
المقيت ,والذين أصبحت أفواههم
أبواقا ًتذكرنا ً جميعا ًبلحن
الخراب والدمار ,نقول : بمثل
هؤلاء ضاعت فلسطين , وبمثل هؤلاء
ضاع العراق ,مع الفرق الكبير في
النوع والهدف والإمكانيات بين
هذه التجارب المرة العديدة
الفاشلة .لاتزال الدماء الزكية
والدموع البريئة بغزارة تسيل,
إنها اللحظة التاريخية الحرجة
التي ستفرز الحق من الباطل ,الحرص
من الإستهتار, وتوضح حقيقة
الإنتماء ,بقي أن نقول :أنَّ
في تجارب وأحوال الآخرين
ونهاياتهم ,لازال هامش ضيق من
الوقت , لمن يريد أن يصحى ويعتبر
...
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|