ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 14/06/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

حملة التضليل وحرب الإرادة

التي يتعرض لهما شعب فلسطين

أ.د. محمد اسحق الريفي

تمر القضية الفلسطينية الآن بمنعطف حرج في ظل التصعيد الإجرامي للاحتلال الصهيوني ضد شعبنا في كافة الميادين، وأصبح شعبنا مساوماً على حقوقه مهدداً بالمجاعة واندلاع حرب أهلية، وأمام كل هذه الضغوط التي يتعرض لها شعبنا وحكومته الشرعية، وفي غياب أي حلول عادلة في الأفق، نجد أنه لا عاصم لشعبنا، بعد الله عز وجل، سوى قوة الإرادة والثبات على الحق وعدم الانجرار وراء الوعود الأمريكية والأوربية الخادعة.

 

إن أخطر ما يتعرض له شعبنا في هذه المرحلة تلك الحرب التي تستهدف إرادته وعزيمته في محاولة مستمرة من أعدائه لتصفية قضيته وإجباره على الاستسلام، فقد أصبحت معركة شعبنا مع الاحتلال مرهونة بنجاحه في التصدي لمحاولات النيل من عزيمته وكسر إرادته وسلب حريته في التعبير عن خياراته وقناعاته، ولهذا فإن أهم ما يسعى إليه أعداء شعبنا في معركتهم الظالمة ضده هو الإخلال بتوازن القوى على الساحة الفلسطينية لصالح من هان عليه التنازل عن الحقوق وأثبت صلاحيته لأن يكون شريكاً للاحتلال.

 

ويدخل في إطار حرب الإرادة الاستفتاء الذي يطرحه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية على شعبنا في ظل ما يعانيه من حصار وتجويع ظالمين وما تتعرض له حكومته الشرعية من محاولات تقويض وعرقلة وتهميش وعزلة في أبشع صورة نشهدها للعدوان على حقوق الشعوب وحرياتها، إنه ليس استفتاءً على بنود تضمنتها وثيقة الأسرى أو غيرها من الوثائق الأخرى وإنما هو استفتاء على إرادة شعبنا وصبره وثباته، إنه استفتاء على حرية شعبنا في الاختيار وعلى ثقة شعبنا بحكومته التي اختارها قبل أن يتسنى لها الشروع في أداء مهامها، إنه استفتاء من أجل العودة إلى أوسلو والتنازل عن بقية الحقوق والعودة إلى الفساد المالي والإداري والقضائي التي تميزت به حقبة أوسلو المظلمة.

 

ويتعرض شعبنا المصابر والمرابط إلى حملة تضليل واسعة النطاق تعد أخطر ما يمكن أن يصيب شعبنا في صميم إرادته ويجعله جاهلاً بالنوايا الحقيقية للاحتلال الصهيوني وينجر مرة أخرى وراء الوعود الأمريكية والأوروبية السرابية وما يسمى بالمبادرات العربية.  وهناك جملة من الحقائق والمعطيات التي يجب ألا تبرح ذاكرة شعبنا أو تغادر وعيه وألا يغفلها عند تعامله مع تلك الوعود الكاذبة ومبادرات الاستسلام المهينة، بل عليه أن يدخلها في حساباته ويبني عليها موقفه عند التعبير عن طموحاته وإرادته إزاء ما يتعرض له من مؤامرات ترمي إلى تضليله وخداعه وإدخاله في متاهة لا مخرج منها.

 

لا بد، أولاً وقبل كل شيء، لشعبنا الفلسطيني من إدراك أن المأساة التي يعيشها هي انعكاس لاختلال موازين القوى، في كافة الميادين، في منطقتنا لصالح الكيان الصهيوني، وهي مترتبة على ما يتمتع به كيان الاحتلال من تأييد ودعم دوليين في عصر تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالنظام الدولي ومؤسساته وسعيها لإقامة إمبراطورية على أنقاض أمتنا وحضارتنا، لذلك على شعبنا ألا يجعل إرادته وخياراته المصيرية منوطة بلحظات الضعف والهوان التي تعيشها أمتنا، كما أن عليه إدراك أن قوة إرادته لا تقهرها قوة في العالم ولا يمكن لشعبنا أن يضيع حقوقه مادام يرفض التنازل عنها طوعاً وينأى بنفسه عن التوقيع على صكوك الاستسلام واتفاقيات التنازل.

 

والأجدر بشعبنا ألا يعول على الموقف الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية والتي تدعم الاحتلال وترعاه وتمده بكل ما يجعله أكثر إجراماً وهمجية ودموية، وعليه ألا يراهن على مواقف الأنظمة العربية التي وظفتها الإدارة الأمريكية لقهر شعوبنا العربية وكسر إرادتها، وعليه أن يدرك أن مواقف الدول الأخرى لا تعكس إلا مصالحها وأجنداتها التي تسعى إلى تحقيقها ولهذا فهي ليست محل ثقة ولا يمكن الاعتماد عليها في تعديل الموقف الدولي ونيل الحقوق.

 

وتتجلى المحاولات الدولية للالتفاف على خيار الشعب الفلسطيني وثني إرادته بشكل واضح في المواقف الراهنة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية من الحكومة الفلسطينية وموضوع الاستفتاء، فالاتحاد الأوروبي علق رفع حصاره الظالم عن شعبنا ووقف مقاطعته للحكومة الفلسطينية الشرعية بتخليها عن مواقفها المناهضة للكيان الصهيوني، كما عبرت عن ذلك ممثلة الاتحاد الأوروبي، والدخول في مفاوضات مع الكيان الصهيوني بعد منحه الشرعية والاعتراف بكيانه الذي أقامه على الأرض الفلسطينية التي احتلها بالقوة وشرد أهلها منها.

 

أما الموقف الأمريكي فقد اتسم بالتناقض الشديد والغباء في آن معاً، فبعد أن رفضت الإدارة الأمريكية نتائج الانتخابات وشكلت جبهة عالمية وتحالفاً دولياً ضد الحكومة التي اختارها شعبنا بنزاهة تامة، تقوم الآن بتحريض السلطة وحثها على إجراء الاستفتاء سعياً من الإدارة الأمريكية لتضليل شعبنا وتشتيت مواقفه.  لقد أثنى المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي على الاستفتاء، ولكن هل تقبل الإدارة الأمريكية بنتائج الاستفتاء عندما لا تأتي بحسب ما تشتهيه وتتمناه ؟!! أم أنها سترفضها كما رفضت نتائج الانتخابات السابقة ؟!! إن شعبنا يعلم جيداً أن الموقف الأمريكي لا يسعى إلا إلى كسر إرادته والالتفاف على خياره واستدراجه لقتال داخلي لا يبقي ولا يذر، والعياذ بالله.  إن الاستفتاء من وجهة النظر الأمريكية هو اختبار لمدى صلابة إرادة شعبنا وتحمله الحصار التجويعي الظالم الذي أحكمته الولايات المتحدة الأمريكية حول شعبنا.

 

والحقيقة التي لا مراء فيها أن الإدارة الأمريكية تدعم فئة متحالفة معها لسرقة مكتسبات شعبنا وإنجازاته التي حققها عبر تضحياته الجسيمة وصبره المرير وجهاده المبارك منذ اندلاع الانتفاضة الأولى وحتى وقتنا هذا، ويأتي على رأس هذه الانجازات نيل شعبنا حرية الاختيار والتعبير عن طموحاته وتمتعه بقوة الإرادة والعزيمة، بعيداً عما هو مألوف في منطقتنا العربية من دكتاتورية الأنظمة الحاكمة واستبدادها، وهذا ما لا يروق للإدارة الأمريكية التي تسعى إلى قهر الشعوب واستعبادها واستغلالها، لذلك فإن أخوف ما تخافه الإدارة الأمريكية هو نشوء نظام حكم إسلامي ينسجم مع الشعب ويرفع عنه أغلال القهر والاستبداد ويعطيه حقه الكامل في السعي لتحقيق طموحاته والتعبير عن إرادته.

 

يأتي كل هذا الضغط على شعبنا ولإجباره على التخلي عن مكتسباته وإنجازاته محاطاً بمحاولات التضليل والخداع فيما يتعلق بنوايا الاحتلال الصهيوني، وأولى هذه الضلالات ما يطلق عليه "الحل الأحادي" المتمثل في نهب المزيد من الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس والعزل العنصري  الذي لم يتوقف لحظة واحدة منذ عشرات السنين تحت سمع العالم وبصره ونال موافقة الإدارة الأمريكية ودعمها الكامل، وكل ما يسعى إليه الكيان الصهيوني مما يسمى بالحل الأحادي هو الحصول على ذرائع لتبرير عدوانه والاستمرار في احتلاله لأرضنا تحت غطاء شرعي دولي.

 

إن هذا "الحل الأحادي" ينسجم مع رفض الكيان الصهيوني لفكرة دولتين منفصلتين بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، وقد جدد جنرالات الاحتلال حديثا تأكيدهم على رفضهم فكرة الدولتين ودعوتهم لتنفيذ المخططات الصهيونية بتهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء المصرية فيما يطلق الكيان الصهيوني عملية تبادل للأراضي مع مصر والأردن لطرد الفلسطينيين خارج فلسطين وإجبارهم على التخلي عن القدس ونحو 600 كيلو متر مربع من أراضي الضفة الغربية المحتلة وإلغاء حق العودة وتهجير فلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948م إلى سيناء ومناطق أردنية.

 

فما معنى الاستفتاء، إذن، على ما يدعون أنه "حل الدولتين المنفصلتين" ؟!! علماً بأن حكومة الاحتلال عبرت مراراً وتكراراً عن رفضها لهذا الحل، وفي هذا السياق نجد أنه لا أحد يطلب من الكيان الصهيوني إجراء استفتاء على وثيقة عباس التي تسمى "وثيقة الأسرى"، إذن هذا يندرج في حملة التضليل ضد شعبنا علماً بأن هناك اتفاقاً دولياً على التعامل مع القضية الفلسطينية على أنها قضية معاناة شعب لا قضية حقوق ووطن وأرض محتلة وإجراءات وحشية وهمجية يمارسها الاحتلال ضد شعبنا، ولهذا فإن الحلول المطروحة تأخذ طابعاً إنسانياً وإن كانت ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية وتمكين الاحتلال من تنفيذ البنود التالية في أجندته المتفقة تماماً مع الأجندة الأمريكية.   

 

والغريب أن مروجي حملة التضليل يدعون أن نتائج الاستطلاع الذي قامت به "الجزيرة نت" حول الاستفتاء على وثيقة الأسرى ملزمة لشعبنا، غير مراعين لأي معايير علمية أو موضوعية أو منطقية حول قيمة ذلك الاستطلاع، فهو استطلاع لا قيمة له لأنه مفتوح لجميع الناس عرباً وعجماً ليدلوا بآرائهم، هذا بالإضافة إلى كونه قابلاً للتزوير بطرق كثيرة معروفة، لهذا لا يمكن التعويل على نتائج ذلك الاستطلاع أو حتى الاستئناس بها، وعلى الجزيرة أن تقوم بعدة إجراءات لضمان عدم التزوير وأهلية المصوتين، وإلا فلا مصداقية لهذا الاستطلاع التضليلي ولا يمكن أن يستغل لتمرير المؤامرات على شعبنا.

 

إن هذا الاستفتاء لا معنى له إلا الخداع والتضليل وجر الشعب الفلسطيني إلى انقسام حاد وخلافات قد تؤدي إلى إشعال حرب أهلية تحقق للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ما تسعيان لإنجازه منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى وتخططان له وتنفقان عليه الأموال الطائلة وتجندان له جيشاً أخرقاً من الإعلاميين والسياسيين والأكاديميين، وليعلم شعبنا أن الاستفتاء لا يقصد به الخروج من مأزق الحصار وحل المشاكل الجمة التي لا يزال شعبنا يعاني منها، وإنما هدفه تمرير المؤامرات الأمريكية والصهيونية على شعبنا ومصادرة حقوقه.

 

إن خطورة الوضع الذي يمر به شعبنا يستوجب على كل قوى شعبنا الفلسطيني وفصائله اتخاذ الضمانات لعدم الانزلاق إلى حرب أهلية ويدعوهم إلى التمسك بوحدة الشعب وتعزيز صموده أمام إجرام الاحتلال وعدوانه المتواصل، وعلى شعبنا ألا يستسلم للحصار والضغوط الأمريكية والممارسات الصهيونية، وعليه أن يتصدى لمحاولات تركيعه ويحبطها بالتكافل والإصلاح وملاحقة المفسدين ومحاسبتهم والتشمير عن سواعد الجد لاستصلاح أرضه وزراعتها والتخلص من التبعية للاحتلال، وهذا يحتاج إلى إرادة قوية وقناة لا تلين وعزم متين بعد توكل على رب العالمين.

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ