(إلى
فارس الحقيقة : تيسير علّوني)
أسقطوا
أنفسهم ورفعوك ياتيسير .. فحمداً
لله.. وهنيئاً لك.
عبدالله
القحطاني
1- إنها
حكمة الله ياتيسير.. أرادت لك
خيراً ممّا أردتَ لنفسك ..!
• أرادت
لك أن تكون مصباحاً كاشفاً
لحقيقتهم في أفغانستان ، فكنتَ..
فكَشفَ الله بك زيفَهم وزيغَهم
، وعرّى دعاواهم مِن بَهرجها
الخادع ، فظهروا أمام أنفسهم
وأمام الخلق ،على ما هم عليه :
كذَبةً منافقين ، مخادعين
مزيّفين ، لايؤمنون بمبدأ ، ولا
يحترمون قيمة إنسانية ، ولا
فلسفة لديهم ، سوى فلسفة
الشيطان نفسه :
( كل متاح مباح !) وأرادوا
قتـلَك هناك ، فنجّاك الله منهم
، وقتلَهم بغيظهم..!
• ثم
جئتَهم في بلادهم ، على قدَر ،
لتكون مصباحاً كاشفاً لحقيقة
أخرى ، أمَرّ من الأولى وأدهى ..!
هناك في الشرق ، في مَراتع
بَغيهم وعدوانهم ، كشفتَ زيف
ساستِهم وعسكرهم ..! وهنا في
بلادهم ـ حيث أنت اليوم ـ في
مَرابع حضارتهم وثقافتهم ،
كشفتَ زيف قَضائهم وقُضاتهم ،
وزيف قانونهم وعدالتهم ، وزيف
ما يدّعونه ويتبجّحون به ، من
قيَم حضارية وأخلاق إنسانية ..!
وهذه أخطر من تلك ألف مرّة ،
لأنها سَهم في القلب ، وضربة في
الصميم ( وسبحان القائل :
ومارمَيتَ إذ رميتَ ولكنّ الله
رمَى) ..!
• حين
يظلَم فَرد ما ـ في دولة تحترم
قوانينها ـ مِن قِبل سلطة
تنفيذية ، قد يلحأ إلى سلطة
تنفيذية أعلى ، فإذا ظلَمته
الثانية لجأ إلى الإعلى .. فإذا
لم يجد إنصافاً عند هذه ، لجأ
الى الحصن المنيع ، حصنِ
العدالة ، ومربع الحقّ والإنصاف
.. القضاء ! عِزِّ الدول ،
ومَنارةِ قيَمها وحضارتها
ومثلها وأخلاقها..! ينصِف الصغير
من الكبير ، والضعيف من القويّ ،
والبائس من المتجبّر، والمظلوم
من ظالمه، والمرؤوس من رئيسه ..!
إنه ملاذ الجميع ، وموضع ثقة
الجميع ، ومبعث الأمن والطمأنية
للجميع..! وهذا ما كانوا يدّعونه
ويتبجّحون به ( إنه قضاؤهم
العادل النزيه ..!) .. وقد كشفه
الله بك ياتيسير ..! فماذا بقي
لديهم ممّا يفخرون به، ويتيهون
به على الشعوب الضعيفة المقهورة
المتخلفة ، بعد هذا ..!؟
- حياتهم
الاجتماعية ـ الأسَرية منها
تحديداً ـ منخورة متآكلة ،
كشَفها الباحثون والدارسون
وعلماء الاجتماع لديهم ، منذ
عشرات السنين ، وبمئات الكتب
والدراسات ..!
- نفسيّات
أفرادهم منخورة متآكلة مهترئة ،
يلفّها، ويتغلغل في أعماقها،
القلق والضياع والحيرة والبؤس ـ
برغم كل مالديهم من بهرج ومال
ومتاع ـ ومَلاذهم منها هو عالم
الجريمة والمخدّرات ..
والانتحار! وهذا ماكشفه أحد
كبار كتّابهم ( كولن ويلسون ) منذ
حوالي نصف قرن ، في دراسة
تحليلية لشخصيات أبرز كتّابهم ،
وشخصيات أبرز أبطال رواياتهم ..
في كتابه المشهور ( اللامنتمي ) !
- نظرياتهم
الفلسفية ، في الاجتماع
والاقتصاد ، وعلم النفس
والتربية ، بارت كلها ..! وهاهي
ذي نتائجها البارزة الصارخة في
حياتهم اليومية ، تؤكّد كل ساعة
بَوارها وإخفاقها ، على مستوى
التفكّك الاجتماعي المدمر
للفرد والأسرة ، وعلى مستوى
الجشع الاقتصادي ، المهلك
لفقراء بلادهم الأفراد،
ولفقراء العالم شعوباً
وأفراداً..! وعلى المستوى
التربوي والنفسي ، الذي تعبّر
عنه جيوش الجانحين والمجرمين ،
ومدمني المخدّرات ، وقتلة
الطلبة والمعلمين في المدارس ..!
- فماذا
بقي لهم من حضارتهم ياتيسير ..
بعد أن كشف الله بك ،
وبالمظلومين
من إخوانك ، في محاكمهم ـ في
سائر دولهم التي تدعي الحضارة
والتمدّن واحترام حقوق الإنسان
ـ ، زيفَ قضائهم وعدالتهم..!
- لم
يبق لديهم ما يفاخرون به علينا،
سوى أسوأ وجهين عندهما :( الوجه
العسكري البشِع ، والوجه
الاقتصادي الجشِع !).. فهل يشكّل
هذان الوجهان، حضارة يسعى إلى
النهل من أنهارها وسواقيها ،
أبناءُ الدول المتخلفة
وشعوبُها ..!
- كلاّ
ياتيسير .. لقد سقط الصنم الذي
بهَر الضائعين ، من أبناء
أمتنا، ردحاً من الزمن .. ! وسقط
المَزار الذي كان يحجّ إليه
الحيارى ، الذين أداروا ظهورهم
لقيم أمَمهم ، وطفقوا يبحثون عن
آفاق جديدة ترضي أمزجتهم القلقة
البائسة ..! لم يعدْ صِبيَتنا
يقلدون المارينز الأمريكي في
حلاقة الشعر، أو يقلدون
الكاوبوي الأمريكي في اعتمار (
البرنيطة) ، والتمنطق بالحزام
الرخو الذي يتدلى على جانبه
مسدس أو مسدسان ..! لقد تحرّر
صِبيتنا من هذا كله ، حين كَشفتْ
لهم المفاتيحُ الرائعة للحقائق
، الوجهَ الشائه القبيح، لهذا
الصنم الحضاري اللمّاع الخادع..!
ولقد كنتَ أنت ـ بقصد منك ، أو
بلا قصد ـ أحد هذه المفاتيح
الرائعة النبيلة .. فكشفَ الله
لأمتك ، بك وبالمظلومين من
أمثالك ، في محاكم القوم ، ما
عجزتْ عن كشفه وسائل إعلام أمتك
، المسخّرة لتمجيد حكّامها ،
والتابعة الذليلة لإعلام
الآخرين، الذين سخّروا إعلامهم
وسياستهم وأمنهم ، وقضاءَهم
الأدنى والأعلى ! ليثبِتوا عليك
تهماً واضحاً بطلانها ، وضوح
الشمس في ظهيرة يوم صائف ..!+
2- لم
نشمت بسقوط هؤلاء القوم ،
ياتيسير..! فقد أسقطهم الله
بأيديهم ، بظلمهم لك ولإخوانك ،
وللمستضعفين في الأرض ، شعوباً
وأفراداً ( وهاهي ذي صور عدالتهم
الرائعة ، شاخصة حيّة ، في غوا
نتنامو ، وأبي غريب ، وسجون
الدول التي سخّرت أنفسها لخدمة
استخباراتهم ، ضدّ مواطنيها ،
ومواطني الدول البائسة من
أمثالها..!)
وقد كنتَ جندياً من جنود
القدر الإلهي ، الذي أراد الله
به تَبصرةً لأمّتك وتَذكرة ..!
وانظرْ ـ برغم ماتعانيه من آلام
المرض ، والسجن والغربة ،
والإحساس بالغبن والقهر ـ انظرْ
إلى الأفق البعيد ، وتصوّر
مآلاتِ أفعالهم ، على مصير
حضارتهم ومستقبل أجيالهم ..!
وأحسبك ستسرّ سروراً كبيراً ،
أن اختارك الله ، لتكون أحد
جنوده ، في كشف الزيف المقنّع ،
أمام شعوب أمتك جميعاً..! لعلّها
ترعوي ، وتعود إلى قيَمها
وأصالتها ، وما جعلَها الله به
خيرَ أمّة أخرجت للناس..!
ويعلم الله ، أنا لا نريد
لهؤلاء الناس ، الذين ظلموك
وظلموا أمثالك إلاّ الخير ..! فقد
قدّموا للبشرية إنجازات هي
بحاجة إليها ، ومخترعات يسّرت
لها سبل العيش ..! إلاّ أنهم حين
طفقوا يوظّفون إنجازاتهم
ومخترعاتِهم ، أسلحةً للفتك
بعباد الله المستضعفين،
واجتياح بلدانهم ونهب ثرواتهم ..
صار يَصحّ فيهم ، وفي آمِلي
خَيرهِم ومستَمطِري بِرّهم
وبَركتهم ، قول الله عزّ وجلّ :(
يَدعو لَمَن ضَرّه أقربُ مِن
نَفعِه لَبئسَ المولى ولَبئسَ
العشير) .
3- كم
كنا نرغب ، ياتيسير ، أن نخاطب
هؤلاء القوم ، بإحدى لغاتهم
التي يفهمونها، لتكون كلماتنا
إليهم ، بمثابة نصيحة نؤدّي بها
واجباً إنسانياً ـ حتى لولم
يكترث بها أحد ـ لا لأجلك وأجل
المظلومين من إخوانك فحسب ، بل
لأجلهم هم أيضاَ ..! فربّما عثَر
عليها عاقل منهم ، في صحيفة أو
مجلة ، يوماً ما ، فنفَع بها
نفسه ، أو من يلوذ به ، من أسرته
، أو من بني قومه..! ومع ذلك ، لا
نفقد الأمل من وجود عربي من بني
جلدتنا ، يقيم بين ظهرانيهم
ويهمّه أمرهم .. ينقلها إلى لغة
مفهومة لديهم ، سواء أكانت لغة
الإسبان الذين حبسوك ، أم لغة
الأمريكان الذين لفّقوا لك
التهم ، وأملوها على الإسبان ،
وضغطوا عليهم ، ليثأروا منك ،
جزاءَ ماكشفتَه من حقيقة
إجرامهم الوحشي ، ضدّ الأبرياء
والعجزة ، من بني أمّتك ، ضحايا
حرب الكاوبوي ، الصهيونية ،
الإنجيلية ، البوشية ، المقدسة
..!
4- أعلم
أن هذه الكلمات لن تبلغ مدى
إخلاصك ، ياتيسير ، وصلابتِك في
الحقّ، وإصرارك على كشف الحقيقة
، وحرصك على إنسانية الإنسان ..!
لكنها جهد المقلّ، وحسبُها أنها
صدًى من أصداء كلماتك ، القويّة
الواثقة ، أمام قضاة الجَور،
وسدَنة الظلم .. ! وحسبُها أنها
تَتفيّأ ظلاً من ظلال مواقفك
المشرّفة النبيلة ، في مواجهة
الباطل الدولي ، المتغطرس
الحاقد اللئيم ..! فاصبرْ ،
تيسير، واهنأ بأن الله رفَعك
فوقَهم بهم ـ بظلمهم وطغيانهم ـ
وأسقَطهم بكَ ـ بصبرك ، وصلابتك
، وعدالة قضيتك ـ في مواجهة
باطلهم ..! واعلم أن قضيتك لم تعد
قضية فرد مظلوم صابر هو أنت ، بل
صارت قضية الشرفاء وأصحاب
الضمائر الحية ، في العالم كله !
وهذا وحدَه ، نصر لك ولها ،
وللحقّ والعدل والخير والإنصاف
.. ولإنسانية الإنسان في العالم..!
أمّا ما نتوقّعه لهؤلاء ـ بعد أن
عطّلوا عدالتهم ، وهي الركن
الوحيد الباقي لهم، لحفظ
حضارتهم من الانهيار ـ
فهوالمصير الذي ذكره لنا كتاب
رّبنا عزّ وجلّ : ( وكذلكَ أخذُ
ربّـك إذا أخذَ القرى وهي ظالمة
إنّ أخذَه أليمٌ شديدٌ ) .
وحسبنا الله ونعم الوكيل .
ولا حول ولا قوّة إلا بالله
العليّ العظيم..!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|