الخوف
في سورية سيّد المواقف ..
لانعدام
الحوار بين الشركاء في الوطن ..!
عبد
الله القحطاني
أ- ثلاثة
وأربعون عاماً من القمع السلطوي
والإرهاب البوليسي ، كافية لأن
تزرع الخوف في نفوس المواطنين
جميعاً ، بلا استثناء ..! ولكل
نوع من الخوف ، نوع من البواعث
في نفوس أصحابه :
1- خوف
المتسلطين على سلطتهم : ( وهذا من
الخوف المرَضي التاريخي
المزمن، لاعلاج له إلاّ بإسقاط
الزمرة المتسلطة ، حتى لايبقى
لديها ماتخاف عليه !)
*-
خوف الرفاق ، من غدر رفاقهم بهم
، والاستئثار بالسلطة دونهم : (
وقد أدمَن الرفاق هذا الخوف ،
عبرَ مسيرتهم الطويلة نحو
السلطة ، ونحو الاستئثار بها ،
من خلال تجاربهم المشتركة ،
بعضهم مع بعض ، وتصفية بعضهم
لبعض ، تحت لافتات كثيرة وذرائع
شتى ..! آخرها لافتة (الحركة
التصحيحية) ، بذريعة إبعاد (العقلية
المناورة !) عن قيادة الحزب
والثورة والدولة . وقد استمرت
هذه الحركة حتى اليوم ، بعد
ثلاثين سنة في عهد الأسد الأب ،
مع ست سنوات هي مسيرة (الاستمرار
والتطوير!) في عهد الأسد الابن ..!
وقد جرى فيها من التصفيات
مايعرفه الرفاق جميعاً ، قبل أن
يعرفه شعب سورية كله ..!).
*- خوف الرفاق المتسلطين من
الأطراف الأخرى : وهذا داء مزمن
قاتل أيضاً ، يجعل الرفاق في
السلطة ، في حالة توجّس دائم ،
وقلق مستمر، يراقبون كل كلمة
وحركة ، من كل مواطن ، عبر آلاف
الجواسيس ( المخبرين !)
المسخّرين لهذه الغاية ..
فيعتقلون هذا الصحفي لمقالة
كتبها في جريدة ، وذاك المراهق
لرسالة أرسلها ب(الإيميل) إلى
صديق ، وذلك العجوز لكلمة ندّت
عنه في حوار مع جار أو قريب ..!
وينطبق عليهم مدلول الآية
الكريمة : ( يَحسبون كلّ صيحة
عليهم..) !
* خوف الحكّام من إسقاطهم
عبر الضغوط الدولية : ولاسيما من
خلال النتائج التي ستظهرها لجنة
التحقيق الدولية ، حول مقتل
رئيس الوزراء اللبناني ، رفيق
الحريري، يرحمه الله ، والتي
تَحمل مقدماتُها إشارات قوية ،
حول تورط المجموعة الحاكمة في
سورية ، في عملية الاغتيال
الإجرامية البشعة ..!
* خوف المنتفعين من وجود
المجموعة الحالية في السلطة ،
على منافعهم ، من الضياع :
وهؤلاء
فريقان : داخلي وخارجي ..
- أمّا
الفريق الداخلي فيتكون من : /1/
أصحاب المناصب المرتبطة بهذه
المجموعة تحديداً .. فإذا زالت
هذه المجموعة ، زالت معها هذه
المناصب ( مناصب : حزبية ـ عسكرية
ـ أمنية ـ إدارية ..!).
/2/
أصحاب الامتيازات المالية ،
الذين يدورون في فلك هذه
المجموعة : تدعمهم بسلطتها ،
ويدعمونها بأموالهم ( أرصدة
خاصة لحسابهم في المصارف
والمؤسسات المالية الداخلية
والخارجية ..!)
- وأمّا
الفريق الخارجي ، فيتكون من
مجموعات الهتّافين والمصفّقين
، بأكفّهم وحناجرهم وأقلامهم:
فهولاء يخافون أن يخسروا، في
حال سقوط الزمرة الحاكمة،
متعةَ الهتاف والتصفيق ،
وما يصاحبها ويتلوها من متع
أخرى ، تجلبها لهم بركة الجهود
التي تبذلها أكفّهم وحناجرهم
وأقلامهم ..!
2- خوف
الشعب ( وهو خوف متعدّد الوجوه) :
/ وهذا من الخوف العرًضي المشروع
واجب المعالجة ..! /
• الخوف
من بقاء هذه المجموعة على صدره ،
وهو يرى ماتفعل بالبلاد والعباد
..!
• الخوف
من بطشها ، إذا تحرك حركة ينقذ
فيها نفسه ، ويحرّر بلاده من
الاستبداد المزمن ، والفساد
المستشري الذي تغلغل في كل شيء
..!
• الخوف
من أن يؤدّي سقوط المجموعة
المتسلطة ، إلى كوارث ومآسٍ
كالذي يحصل في العراق ( وهذا
ماتحاول الزمرة الحاكمة أن
تشيعه بين الناس داخلياً
وخارجياً ، مع الفرق الكبير بين
الحالتين ..!) .
• خوف
قسم كبير من أبناء الطائفة
العلوية ، من ردود فعل شعبية
انتقامية ضدّها ، بسبب ممارسات
المجموعة الحاكمة ، التي أوهمت
الأكثرية من أبناء الطائفة ،
أنها تحكم البلاد باسمها
ولمصلحتها ، وأن سقوط المجموعة
سينعكس وبالاً على الطائفة كلها
..! / وهذا خوف موهوم ، صنعه حافظ
أسد في مرحلة ما ، ليقوّي دعائم
سلطته .. ثم بدأ يوظفه حتى داخل
الطائفة نفسها، بإخافة
المجموعة الملتفّة حول سلطته من
المجموعات الأخرى..! وورث ابنه
عنه هذا التوظيف الأناني المقيت
..!/
3- خوف
القوى السياسية الخارجية ،
العربية والدولية ، من أن يؤدّي
سقوط الزمرة الحاكمة إلى فوضى ،
لعدم وجود البديل المريح ( وكل
فريق يرى بديلَه المريح من
زاوية مصلحته الخاصّة .. فما
يريح هذا قد لايريح ذاك ..!) ./
وهذا الخوف هو من النوع الأناني
الخبيث ، لابدّ من مواجهته بجهد
واعٍ مستمر بنّاء..!/
4- خوف
القوى المعارضة ، ذو الوجوه
المتعددة :/وهذا ، بجملته ، من
النوع العرَضي المشروع ، واجب
المعالجة ..!/
• خوف
المعارضة في الداخل ، من بطش
الأجهزة القمعية ، المستمر
ليلاً ونهاراً ..!
• وخوف
المعارضات الضعيفة ، من انفراد
المعارضة القوية ، بالهيمنة على
ساحة العمل السياسي ، وما فيها
من نفوذ ومواقف وقرارات ..
وتهميش المعارضات الأخرى
الصغيرة ..! / ويمكن وصف هذه
الحالة ، في مرحلة المعارضة
بأنها : خوف من سيادة متوهمة ، قد
تمتلكها المعارضات الكبيرة ،
فتحرم بها المعارضات الصغيرة ،
من سيادة متخيّلة ..! وكل ذلك في
دائرة الصفر..! إذ لا شيءَ أصلاً
هنا ، يحقّق لأحد سيادة ، أو
يَحرم أحداً من سيادة ..!/
• وخوف
المعارضات الكبيرة ، المنضبطة
سياسياً وخلقياً ، من نيّات بعض
المعارضات الصغيرة وارتباطاتها
، واحتمال أن يكون بعضها
مستأجَراً لحساب هذا الجهاز
الاستخباري أو ذاك .. ولمصلحة
هذه الدولة أو تلك ..!
ب – البديل : الحوار الجادّ
الهادف ، من خلال عناصر مؤهّلة
له ، تملك آلياته وأخلاقياته ..
ويتمثل هذا في :
* تشكيل شبكة واسعة من
المحاورين ، من سائر الفرقاء
على الساحة ، وفي شتى مواقع
المعارضة ، في الداخل والخارج .
* وضع معايير وضوابط للحوار،
كيلا يصبح وسيلة لإضاعة الوقت ،
أو ميداناً للمهاترات ، أو ساحة
للمناورات ، ينصب فيها المغرضون
شِباكهم للعبث بالمعارضة ، تحت
لافتة الحوار ، وتحويل أنظارها
عن أهدافها الأصلية ، إلى أهداف
هامشية هزيلة ، أو إلى صراعات
عبثية ، بين قوى المعارضة
ذاتها، والانشغال بها عن معارضة
السلطة المستبدّة الفاسدة ..!
* وضع نقاط محدّدة ، تكون
موضوعات للحوار ، وتنحصر كلها
في قضية المعارضة، من حيث
أهدافها ، وآليات عملها ،
وبدائلها المتاحة ، الممكنة
والمجدية ..!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|