البيانوني
.. ورويترز..
والأراضي
المحتلّة.. والحقوق المشروعة !
عبدالله
القحطاني
كان
السيّد البيانوني واضحاً جداً
وصريحاً ، في حواره مع صحيفة
رويترز : عودة الأراضي المحتلّة
.. والحقوق المشروعة للشعب
الفلسطيني ! ( سِلمياً عبر
التفاوض ، إذا قبل العدو ذلك ..
وإلاّ ، فبالمقاومة المسلّحة
المشروعة ..!) .
1-
ولقد فهمَ صيّادو الكلمات ،
إمكانية التفاوض مع دولة
الصهاينة ، وأثاروا حولها
زوبعتهم الإعلامية البائسة ..!
2-لكن .. ماذا فهموا من عودة
الأراضي المحتلّة في الجولان !؟
هل فهموها مثل فهمهم
لشعارات حافظ أسد ، الذي
سلّم الجولان قبل أربعين سنة
بلا حرب ، ثم جعل من الجيش
السوري مخفراً لحماية حدوده ،
كيلا يتسلل منها مقاتل يعكّر
صفو المحتلّين ، ويفسد متعتهم
باحتلاله والتنعم بخيراته ..!
وحين فكّر بإعادته ، سلّم عشرات
القرى الجديدة ، التي لم تكن
محتلّة من قبل ، وفَتح ـ بعبقرية
عسكرية نادرة ! ـ بوابات دمشق
أمام دبابات إسرائيل ، التي لم
يردّها عن عاصمة الشام إلا
الجيش العراقي .. ثم سمّى ( أي :
الرئيس الراحل الهمام !) حربَه
تلك ، مع دولة الصهاينة ، حرب
تشرين التحريرية ..! نقول : أهذا
مافهمه صيّادو الكلمات من عودة
الأراضي المحتلة !؟ وهل هذه هي (مدرسة
النضال الثوري !) التي فسّروا من
خلال مبادئها ( الرائعة !) كلمات
المراقب العام للإخوان
المسلمين السوريين ، فاعتقدوا
أن الرجل مثل سيّدهم الراحل ،
وابنِه وريثِ بطولاته .. مجرّد
مفاوض حامل شعارات عزلاء ،
وخيار السلام لديه ، هو خيار
استراتيجي وحيد ، وليس لديه أي
استعداد حقيقي ، للتضحية بدمه
ودماء إخوانه ، لاسترداد الأرض
السليبة بالحرب ، إن أخفقت
مساعي السلام ..! فصار بعض
فصحائهم ، يشبّه موقف المراقب
العام للإخوان المسلمين ، بموقف
سيّدهم الأسد الصغير، قائلاً :
إذا كان زعيم الإخوان المسلمين
مستعداً لمفاوضة الصهاينة ، فما
الفرق بينه وبين بشار الأسد .. !؟
ثم..
ماذا فهم صيّادو الكلمات ، من
عودة الحقوق المشروعة للشعب
الفلسطيني !؟ ماطبيعة هذه
الحقوق !؟ بل ماهي بالتحديد ؟
أهي تلك التي في ذهن محمود عبّاس
، أم هي التي في ذهن خالد مشعل
وكتائب القسّام ، وذهن رمضان
شلّح وسرايا الجهاد ؟ أم هي تلك
التي تخامر قلب كل فلسطيني
مشرّد في أنحاء الأرض، منذ
ثمانية وأربعين عاماً؟ أم هي
التي ذكرها شيخ المجاهدين ،
البطل العملاق ، الشهيد أحمد
ياسين ، يرحمه الله ، وقبِل على
أساسها التفاوض مع العدوّ
الصهيوني.. والتي كانت ـ وما
تزال ـ شروطاً تعجيزية، من وجهة
نظر العدوّ الصهيوني ، على ضوء
موازين القوى الراهنة ، التي
تعطي الصهاينة أرجحيّة واضحة ،
يرون من خلالها أيّ مطالبة
بالحقوق الكاملة ، ما قبل
الخامس من حزيران عام /1967 / ،
ضرباً من المعاجزة ..!؟
3 - لقد قرر الإخوان المسلمون
السوريون ـ وربّما غير السوريين
كذلك ـ منذ سنوات عدّة ، أن
يَقبلوا لشعب فلسطين مايقبله
لنفسه . فهم ، برغم حرصهم الشديد
على فلسطين،
لقدسية أرضها ، من الناحية
الإسلامية ، لا يَقبلون ـ ولا
يستطيعون أصلاً ـ أن يُظهِروا
حرصاً عليها ، أشدّ مِن حرص
سكانها ، الذين يعيشون على
أرضها منذ مئات السنين ..! وليست
أقدسَ عند السوريين ، أو عند أيّ
شعب مسلم في العالم ،
منها عند أهلها ، الذين
جمعوا في قلوبهم ـ مع قدسية
الأقصى ، والأماكن
الشريفة الأخرى ـ الحسّ الوطني
، والإرث التاريخي ، وحبّ الأرض
والبيت والشجر..! إنها عندهم وطن
مقدّس ، وهي عند سائر المسلمين
في العالم ، بقاع مقدّسة ،
يسكنها شعب شقيق كريم ، ويضحّي
بالغالي والنفيس ، دفاعاً عنها
..!
4- فإذا اتّفق شعب فلسطين
بأكثريته ـ داخل فلسطين وخارجها
ـ ، على ما يريده لفلسطين ، وما
يريده من حقوق في فلسطين، فأيّ
شعب في العالم يستطيع أن يقول له
: هذا قليل ، أو هذا كثير..!؟
- 5فهلاّ
سأل صيّادو الكلمات والمتاجرون
بها ، شعبَ فلسطين ، ماالذي
يريده تحديداً، بفصائله كلها ،
وتوجّهاته السياسية كلها !؟ وما
الحقوق التي يراها مشروعة لا
يمكن له أن يتنازل عنها ؟ وهل هي
حدود الخامس من حزيران ، عام /
1967/ كما يرى فريق من الشعب
الفلسطيني ؟ أم هي أرض فلسطين
كلها ، من البحر إلى النهر ، كما
يرى فريق آخر..!؟
6- لم يذكر السيد البيانوني
كلمة (اعتراف) بالعدوّ الصهيوني
، ولم تطرح عليه أصلاً، في
محاورة رويترز معه ..! إنّما
الكلمة التي طرحت كانت كلمة (
تفاوض ) ..! فأيّ عاقل في الدنيا ،
يرفض التفاوض مع عدوّه ، إذا كان
التفاوض يعيد له حقاً ضائعاً أو
مسلوباً ..!؟ وأيّ نبيّ من أنبياء
الله ، أو صدّيق ، أو خليفة راشد
، أو حاكم عاقل، إمبراطوراً كان
، أم سلطاناً ، أم ملكاً ، أم
أميراً .. أبى أن يفاوض عدوّه ،
أو خصمه، على حقّ له ـ مع
احتفاظه بحقّه في استعمال
السلاح ، في حال إخفاق
المفاوضات ـ !؟
هذا
السؤال نحن نطرحه ، عبر هذه
السطور ، نيابة عن السيد
البيانوني ، وعن شعب سورية كله ،
وعن شعب فلسطين كله .. ! نطرحه على
صيّادي الكلمات وتجار الشعارات
أولاً ، ثمّ على الأمّة العربية
كلها ، والأمّة الإسلامية كلها
، ثمّ على كل عاقل في الدنيا ، في
قارات الأرض جميعاً..!
فهل من مجيب!؟ ( ونلتمس العذر
، من الذين تجرّأنا وطرحنا
السؤال باسمهم ، دون أن يفوّضنا
أحد منهم بذلك !) .
7 - لم يقل السيد البيانوني ،
إلاّ ما يجب أن يقوله كل إنسان
عربي مسلم حرّ، غير مزايد ولا
مستسلم ، ولا دجّال تاجر شعارات
، يرفع اللافتات البراقة ،
ويبيع تحتها الأرض والإنسان ،
والقيم السامية ، والمعاني
الجليلة النبيلة كلها ، بأبخس
الأثمان ..!
8 -لانستغرب
أن يسارع النظام السوري ،
وأبواقه وأزلامه ، إلى استغلال
كلمات حرّفها صحفي عن مواقعها ..!
فهذا دأبهم وهوايتهم ، بل
حِرفتهم ، وعادتهم التي أدمنوها
..! المستغرب هو الانسياق السريع
، من بعض وسائل الإعلام التي
تحترم نفسها وقرّاءها ، أو
مستمعيها ومشاهديها .. إلى ترديد
كلمات وجمل ، ذات حساسية معيّنة
، دون التأكّد من صحّتها ، مع
سهولة التأكد وسرعته ، بوساطة
أجهزة الاتّصالات الحديثة ،
لِمن يحرص على سمعته من التجريح
، وعلى مواقفه من الخلل والزلل ،
وعلى تفكيره من السقوط في
دوامّات الظنون والأوهام !
9 -
قال الله عزّ وجلّ : ( يا أيّها
الذين آمَنوا إنْ جاءكمْ فاسقٌ
بنبأ فـتَبيّنوا أنْ تُصيبوا
قوماً بجهالةٍ فتُصبحوا على
مافعلتم نادمين ) , الحجرات / آية
6/.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|