ليالي
الصالحية أم الليالي التدمرية..!!؟
بدرالدين
حسن قربي
نستعير
اسم المسلسل التلفزيوني الشامي
الجميل الذي يذكر الكبار -
والصغار منهم على وجه الخصوص-
بصورة المعلم (عمر) رمزاً لكل
ماهو أصالة ونخوة وشهامة من
شامنا الجميلة في حديثنا عن
ذكرى أليمة حدثت في يومٍ شاميٍ
تدمريٍ، فكانت عنواناً لكل ماهو
شنار ودناءة وعار، وانعدام
نخوةٍ وفقدان مروءةٍ في تاريخ
الشام الحديث.
في
عام 1915 تمّ إعدام أحد عشر رجلاً
من رجالات الفكر وأصحاب الرأي
وفرسان الكلمة في عهد "جمال
باشا" والي الشـام التركي،
وليتبعها في 6 أيار/ مايو 1916
إعدام واحد وعشرين رجلاً
أمثالهم أعدموا في ساحتي المرجة
والبرج في دمشق وبيروت ليصبح
جمع هؤلاء الرجال الفرسان 32
رجلاً معروفةً أسماؤهم وأماكن
دفنهم . وبهذه
المناسبة، تم إطلاق لقب "
السـفاح " على والي الشام في
حينها.
تجدد
هؤلاء الرجال بعشرات الآلاف من
أصحاب الفكر والإرادة الحرة
وفرسان النخوة التي تأبى الذل
والخنوع والخضوع لقيم الفساد
والاستعباد والعيش في كنف
الاستبداد والمستبدين. تجدد
هؤلاء الأحرار على أرض الشام
وفي الربع الأخير من القرن
العشرين التي صيّرها الوالي
مسرحاً لتصفية رجال الرأي
والكلمة الحرة، حتى بات الوطن
من شرقه لغربه ومن شماله إلى
جنوبه ساحة مرجةٍ وساحة برج،
وكانت مجازر ومجازر، وكان من
أبلغها مجزرة سـجن تدمر في
حزيران/يونيو لعام 1980.
فلقد
أقام والينا في كل مدينة معلماً
للقهر والاستبداد لاينسى، وبات
لدينا في كل قبوٍ من أقبية القتل
والتصفية والتعذيب (جمال باشا)
بل (جمالات). ولكن ماكان في مجزرة
تدمر فاق كل ماكان في الساحات
وكل مافعله كل (الجمالات)، وكل (الباشاوات)
السابقين.
وكما
تجدد الرجال تجدد التاريخ،
تجددت ذكرى السادس من أيار
لتكون ليلة السابع والعشرين من
حزيران/ يونيو 1980 حيث قتل
في ساعةٍ منها بل أقل – في
تلكم الليلة المظلمة والسوداء
من تاريخ والي الشام الأسد الآب
– قرابة ألف رجلٍ من علماء
الأمة وأشرافها وأحرارها قتلاً
جماعياً وحتى دون محاكمات
صورية، وهم أسرى لدى باشا من
الباشاوات ومن دون سؤال، ولتكون
مجزرة قتلٍ جماعيٍ لأناسٍ أسـرى
من سجناء الرأي والفكر، بل من
أكبر مجازر القتل الجماعي في
القرن العشرين. فماذا نقول عن
هذه المحاكم وبماذا نصف هذه
الإعدامات التي تعتبر من أكبر
مآسي الربع الأخير للقرن
العشرين في العالم بل كارثة
القرن بامتياز!!؟
عفواً
شهداء المرجة فلقد بات عندنا
مُرَجٌ ومُرَج، وعفواً شهداء
البرج فلقد تكاثرت علينا
الأبراج فما عدنا نعرف أيَّها
ننسى وأيَّها نتذكر. أما أنت يا
صاحب المرجة والبرج!! فلقد كنت
إذ كنت، ولكن جاء من بعدك سفاحون
كثر ليؤكدوا أنك ما كنت إلا
سفاحاً صعلوكاً في مدرستهم،
فلئن حصلت بقتلك اثنين وثلاثين
رجلاً على لقب السـفاح وهم
الذين لايقبل الواحد منهم أن
تضع برقبته أقل من ألفٍ مما يعد
الناس من الرجال، إذاً فكم
سـفاحاً يكون الواحد منهم!!؟
ولئن
كان الوقت الذي ارتُكبت فيه
هكذا مـذابح ومجازرغير مسـموحٍ
فيه البوح لأسباب ليست خافية،
فان الوقت الآن يسـمح أكثر من أي
وقت ٍ مضى للحديث عن هكذا
سـفاحين وطغاة وجزارين على
صفحات الجرائد والمنتديات
والفضائيات، والاتجاه نحو
المنـظـمات الانسـانيـة
والدوليـة بهذه القضيـة لينال
المجرم عقابه، فلعلّ فعلنا هذا
يخفف من اثمٍٍ شـارك فيه كل من
علم وسـكت. ولايمنعنّكم حديث
المتفذلكين أن هذا اسـتقواء على
النظام في الوقت الذي يواجه
أكبر الضغوط الدوليـة ليتزحزح
عن مواقفه الوطنيـة والقوميـة
في مواجهة المشروع الأمريكي في
المنطقة. وأن هذا من تحريك
أمريكا وضغط أمريكا على سـورية
لتنال من عزمها وإرادتها على
الصمود. يعني يريدون لنا أن نسكت
على جرائم النظام وطغيانه لنكون
وطنيين ويكون عزم المجرمين
والمسـتبدين والارهابيين فينا
ماضياً وصمودهم علينا قاهـراً،
أو نرفضهم ونكشف مجازرهم وبطشهم
وطغيانهم فنكون عملاء.
تلك مقولة باطلة كباطل طغاة
العصر، ومرفوضة كدجل جزاري
القرن العشرين، ولا سـيما أن
المحاكم لهم أقتت، وسـاعة
الحسـاب اقتربت، والسـاعة أدهى
وأمر.
إننا
بمناسبة ذكرى مجزرة سـجن تدمر
البشعة التي تدل على بشاعة
منفذيها نطالب المجتمع الدولي
بالضمير الذي يملك وبالقيم
والمباديء التي يؤمن، أن يعمل
بكل طاقته ويبذل كل جهده للعمل
على رفع الغطاء الدولي عن نظام
القتل والقمع والفساد والإبادة
في سـورية. وكذلك الضغط على نظام
الأسد الابن للكشف عن مرتكبي
هذه المجزرة البشعة السوداء بكل
فئاتهم أحياءً وأمواتاً،
وتقديمهم إلى المحاكم الدولية
صاحبة الاختصاص في النظر في
جرائم القتل الجماعي والإبادة
المرتكبة ضد الانسانية، ليقول
فيهم القضاء والتاريخ كلمته.
كما
ونناشد بهذه المناسبة كل أصحاب
الرأي الحر وفرسان الكلمة بكافة
معتقداتهم ومذاهبهم في الشام
ولبنان خصوصاً أن يخلدوا ذكرى
هذه المجزرة لتكون يوماً
تذكارياً لشهداء الكلمة والرأي
والوقوف في وجه فراعنة العصر
وسفاحيه. وأن يواصلوا واجبهم
بفضح ممارسات الطغاة وأساليبهم
في كل ميادين الإعلام والسعي مع
كل المنظمات الإنسانية
والحقوقية لكشف الجرائم
والانتهاكات الفاضحة لطغاة
العصر ومستعبدي الناس وسارقي
لقمة عيشهم، كما نرجوهم البحث
عن اللقب المناسب لمنفذ هذه
المجزرة ليضاف إلى اسمه ويعرف
به كما أضيف لقب السفاح إلى جمال
باشا من قبل.
ولنا
رجاءٍ خاص عند كل الأحزاب
العربية، اليساري منها قبل
اليميني، والعروبي القومي قبل
الكردي، والليبرالي والعلماني
قبل الإسلامي بالسعي لدى نظام
الأسد الابن للكشف عن أسماء
ألفٍ من أصحاب الأخدود في مجزرة
تدمر والمطالبة
بمعرفة مكان هذه المقبرة
الجماعية، وسيكون جهدهم مكان
تقديرٍ ومحلَ شكرٍ من كل أحرار
الرأي والضمير ومن كل أسر
الضحايا. وكلنا أمل أن لاتؤثر
هذه المطالبة على صمود النظام
السوري ووقوفه في وجه المؤمرات
الدولية ضد العرب والمسلمين،
وألا تنال من ممانعته وسعيه
لتكسير راس الكبير قبل الصغير
من المتآمرين على منطقتنا
وعروبتنا وديننا، كما ونأمل ألا
تعتبر هذه المطالبة مؤامرة
أمريكية أو امبريالية للضغط على
سورية لتعطيل تحرير فلسطين
المغتصبة أو استرجاع الجولان
المحتلة أو للتأثير على سمعة
الداعمين لدولة الممانعة، كما
ونأمل أن يكون الوقت مناسباً
لهذه المطالبة وألا يؤاخذونا
عليها.
الرحمة
والمغفرة والرضوان للشهداء
كلهم، شهداء مجزرة تدمر وغيرها
من المجازر ولكل الذين قدموا
ويقدمون أرواحهم من أجل كلمة
حرةٍ وموقف شجاع رافضين الذل
والهوان والخنوع لقيم القمع
والاستبداد والفساد من
الهباشين والمفسدين والمستبدين
من السفاحين والسفاكين
والجزارين من أيام جمال باشا
إلى عهد الأسد الآب والابن.
الرحمة
والرضوان للأحرار أصحاب أخدود
تدمر والبرج والمرجة من أهلنا
في الشام في مواجهاتهم مع
السفاحين، والمجد والخلود لكل
من يقول كلمة الحق في وجه الظلمة
والظالمين والفاسدين والمفسدين
والمتاجرين بأرواح الناس ولقمة
عيشهم.
الذل
والهوان لكل أعداء الإنسان وقيم
الإنسانية في الحياة الكريمة
للإنسان والتعبير الحر عن رأيه
في شؤون حياته ومعاشه، والويل
والتعاسة لكل الفاسدين
والمفسدين والمستبدين من سلالة
الباشا والقائد وجنودهما.
فالويل
لهم والثبور من غضبة الشعب
المقهور ومن حساب المنتقم
الجبار. والعار كل العار
للسفاحين صغارهم في الأقبية
وكبارهم - ممن علموهم ويعلمونهم
السحر- سواء
كانوا في القصور أو في القبور.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|