ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 09/07/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

المثقف السوري

بين معايير الفكر ومعايير النشر

الطاهر إبراهيم*

مرة أخرى أجدني مدفوعا للكتابة في قضية تتعلق بواقع المثقف السوري، الذي يكتب ما يعبر به عن رأيه، فلا يجد صحيفة عربية تنشر له مقالاته، خصوصا عندما لا يدور هذا المثقف في فلك نظام ما بعينه، يتبنى ما يكتب في مقابل أن يكتب ما يريده النظام.

بعض المثقفين لا يقبل أن يُحذَف -إذا ما طلب المحرر ذلك- سطر واحد مما يكتب في سبيل أن يدرج مقالته في صحيفة، ويعتبر الأمر من مقدسات الرأي التي لا يجوز التساهل فيها. ويبقى أن هذا ليس هو القضية. فمعظم المثقفين لم يصلوا مع الصحف إلى هذه النقطة الحدية ،إذ مقتضى الانتصار للموقف الفكري، أن يجعلك العدل تتفهم  المساحة التي يستطيع المحرر أن يتحرك داخلها حسب المعايير التي يفرضها رئيس التحرير. فرئيس التحرير مثقف كباقي المثقفين، له قضيته التي تعب وشقي من أجلها حتى استطاع أن يقف مع صحيفته على قدميه بعد ما رفض رؤساء تحريرٍ آخرون أن ينشروا له ما يريد.  

القضية برمتها قد تكون أبسط من ذلك إذا أخذ المثقف في حسبانه أن للطرف الآخر، -رئيس التحرير، إدارة الصحيفة- معايير، وما عليه إلا أن يكتب ضمن المساحة المسموحة فيدور حول الفكرة التي يسميه علماء الشريعة "التسديد والمقاربة"، بحيث "لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم"، وإلا فيختار لنفسه ساحة أخرى يكتب داخلها. الأستاذ الكاتب الفذ "ياسين الحاج صالح" نحا –بعد أن ضاق أمام المثقف السوري الهامش الصحفي- منحى جديدا في عالم التنظير، يصول فيه ويجول، يبث في مقالاته رأيه في عالم الأيديولوجيا والفكر والسياسة فتنشرها له "الحياة" من دون أن يعتب عليها هذا النظام أو ذاك .

غير أن القضية أعقد من ذلك. فأكثر الأنظمة العربية لا تقبل النقد ولو من طرف خفي. فليس للمثقف إلا أن يسبّح ويَحْمَد، وبعدها تُفتح له صفحات الصحف القومية، يسوِّد من صفحاتها ما يريد، وما على رئيس التحرير إلا أن يزيد في عدد الصفحات المخصصة إذا ضاقت صفحة الرأي عن استيعاب مقالات الحامدين الشاكرين. ويزداد الأمر تعقيدا مع ضعف مقدرة الكاتب عن تلوين مقالاته بما يخرجها عن لونها السياسي الفاقع.

وفي المقابل فبعض المفكرين يعتبرأن الأنظمة التي لم تأت عن طريق صناديق اقتراع شفافة مغتصبةً للحكم، وهي بذلك غير شرعية، وينبغي اقتلاعها، ولكن كيف؟ فهذه الأنظمة لن تقبل أن تترك الحكم بالأسلوب الديموقراطي متذرعة بأن البديل منها إما الفوضى وإما الإسلاميون ،وهما –برأيها، يشايعها في ذلك ديموقراطيون مزعومون- أمران أحلاهما مر.     

بعض الصحف لا تميل مع "النعماء كل الميل"، فتفتح صفحاتها للرأي والرأي الآخر، ولكن ضمن حدود، يسميها رئيس التحرير أوالمشرف على صفحة الرأي اعتدالا، ويعزوها البعض من الكتاب إلى "اعتبارات تتعلق بـ السياسات العليا" حسب تعبير الأستاذ "جهاد الزين" في تعليق له في صفحة "قضايا النهار" يوم الأربعاء 5 تموز الجاري.

ومابين "البسيط والمعقد" هل يمكن للصحف المستقلة أن تتخذ "ميثاق شرف" غير مكتوب تفتح بموجبه صفحاتها أمام المثقفين "سوريين وعربا"؟ فيكتبون فيها مقالات سياسية، يعبرون فيها عن آرائهم في مستقبل أوطانهم، مايصلح لها ومالا يصلح، فيدعون إلى توسيع  الديموقراطية في البلاد التي فيها هامش، أو العودة إلى الحكم الديموقراطي في البلاد التي ضاق فيها هذا الهامش حتى كاد ينعدم. وفي المقابل يبتعد هؤلاء الكتاب عن التجريح، الذي قد يصل عند البعض إلى نوع من السباب السياسي، الذي لا يليق بالمثقف، ولن يؤدي بالأنظمة إلى ترك السلطة. وكل ما يؤدي إليه هو توسيع الهوة بين الحاكم والمحكوم.

الإشكالية التي أوردها الأستاذ "الزين" في قضايا النهار يوم 5 تموز الجاري واعتبر فيها أن "النقاش مفتوح دائماً مهنياً وسياسياً "ومستوائياً" (من مستوى)حول المقالة كما النشر وعدمه"، تفتح آفاقا من الاختلاف حول السؤال: أيهما أكثر أولوية معايير النشر أم معايير الفكر؟ وأين تقف الأكثرية؟ حيث سينقسم الإعلاميون مابين مؤيد ومعارض لكلا الأولويتين. ومع اعتقادنا أنه ينبغي على الناشر والكاتب ،على حد سواء، أن يبتعدا عن الإفراط والتفريط، فإنه مما لا شك فيه أن المصالح العليا وليست "السياسات العليا" هي التي ستحدد نوع الإجابة.

المواطن السوري يعتقد أن المشكلة ليست عند المفكرين، فهؤلاء لا يملكون إلا أقلامهم، ومن استطاع منهم أن يهرب بقلمه، وجد أبواب صفحات الرأي في معظم الصحف الورقية خارج الحدود موصدة في وجهه أيضا، ودون الولوج إليها التخلي عن الرأي والموقف، وما رفضه المفكر وهو في وطنه لن يقبله خارجه وقد تجشم الصعاب وترك وطنه وأهله من أجله، لأنه إن فعل يكون كمن "قام من تحت الوكف وجلس تحت الميزاب".

القضية عند هؤلاء المفكرين ليست اعتبارات شخصية، فقد تركوا هذه الاعتبارات وراءهم من أول يوم قالوا كلمة "لا" للحكام. الكرة الآن في ملعب الصحف وعلى هذه أن توازن بين معايير الفكر وبين ما تسميه هي "معايير نشر"، حتى لا تضطر المفكرين السوريين المنفيين أن يقولوا عنها: إنها "سياسات عليا"!.  

*كاتب سوري

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ