هل
يسترد الجولان من باعها؟
دكتور
عثمان قدري مكانسي
نشرت
البيان الإماراتية يوم 08- 07- 2006
أن بعض الأوساط السورية القريبة
من السلطة بدأت بالتلويح
بإمكانية فتح جبهة الجولان إذا
تعرضت سورية لعدوان إسرائيلي .
فما
تعريف العدوان يا ترى ؟ وهل
مارست إسرائيل العدوان على مدى
ثلاثة وثلاثين عاماً
من انتهاء حرب تشرين
التحريكية التي اعتبرها النظام
حرباً تحريرية في حين خسرنا
فيها أكثر من ثمان وعشرين قرية
جديدة غير التي خسرناه في عام 1967
؟ .
فالعدوان
: اعتداء على حقوق الآخرين
ومحاولة بسط السيطرة والسيادة
بالقوة المادية وغيرها على
مناطق جديدة .
فهل
مارست إسرائيل ذلك في السنوات
الماضية تلك؟ لن نعدد ما فعلته
إسرائيل على مر السنوات لأن
الأمر واضح لذي عينين في سورية
ولبنان وعلى الفلسطينيين فهذا
أمر يحدث في كل يوم وشهر .. إلا
إذا كنا نتحدث بناء على المقولة
الدارجة هذه الأيام " المريخ
أولاً " وسكان عطارد يقولون
كذلك " عطارد أولاً " .
وبهذا نقول : رحم الله مقولة "
أكلت يوم أكل الثور الأبيض "
فقد وصلنا إلى أحوال أردأ من هذا
بكثير .. فقد صرنا صراصير تداس
بالجملة وليس هناك من يتحرك أو
يسمح له بالتحرك لأننا قد
ارتبطنا مع الأعدقاء بروابط
تمنعنا أن نتأوه أو نصدر ما ينم
عن آلام وأحزان فهذا يزعج
المفترسين حولنا ، وليس من
الشهامة العربية إزعاجهم .!
ونسأل
أنفسنا : هل مارست إسرائيل
العدوان علينا معشر السوريين
فقط في العقود الثلاثة الفائتة
أم إنها تفكر في ذلك ، فنحن –
النظام السوري - اشتممنا رائحة
تفكيرها فبدأت " الأوساط
القريبة من السلطة " بالتلويح
بإمكانية فتح جبهة الجولان إذا
تعرضت سورية لعدوان إسرائيلي؟!
أليست
عشرات الاختراقات الجوية
عدواناً ؟ أليس ضرب بعض مناطق في
سورية بالقذائف الصاروخية
عدواناً ؟ أليس إسقاط ثمانين
طائرة سورية في لبنان عام اثنين
وثمانين عدواناً ؟ .. ومتى يكون
العدوان في مفهوم النظام السوري
عدواناً؟
ومتى
كانت" بعض الأوساط السورية
القريبة من السلطة " تستطيع
الهمهمة ببعض الأفكار بحرية
وجرأة إذا لم تتلقّ الأمر أو
الإشارة من حاكم البلاد
المتفرّد بالسلطة ؟
فماذ
يريد الحاكم من هذه الإشارة
التي يريد إيصالها
للإسرائيليين ؟ أهي التهديد
بالقتال وهو أضعف من أن يرسل
بهذه الإشارة إلى أسياده الذين
يطلب ودهم ، ويقبل أياديهم
وأرجلهم ويقبل .... ليرضوا عنه
فيعينوه على شعبه المقهور ؟! أهي
محاولة استعادة الجولان وقد
باعها أبوه مفروشة
وتخلى عنها،
فأمر الجيش السوري
بالانسحاب من الجولان
والقنيطرة قبل وصول
الإسرائيليين بثمان وأربعين
ساعة ؟ ! كانت الأوامر وما تزال
بمنع أي حركة للفدائيين
الفلسطينيين توجه لإسرائيل في
الجولان .
وانتبه
معي إلى كلمة " التلويح
" فالنظام لا يجرؤ أن يصرح أو
أن يلوّح مباشرة , فلا بد أن يكون
مصدر التلويح مبهماً حتى لا
يتحمل أمام الإسرائيليين وزرها
، فتنتهي فقاعتها من حيث بدأت .
وكأن شيئاً لم يكن .
ما
المانع منذ ثلاثين سنة أن يكون
جهاد وقتال في الجولان كما حدث
في لبنان ؟ ولم حدود الجولان
هادئة مطمئنة هذه المدة الطويلة
لنظام يدّعي أنه المدافع عن" العروبة
والقومية أمام الهجمة
الإمبريالية الشرسة "
– كلمات رنانة تستهوي المغفلين
المندفعين وراء أكبر نظام عميل
دجال في الوطن العربي- وهو الذي
يقدم التنازلات تترى في سبيل
البقاء علقاً في جسم الشعب
السوري المظلوم .
وإذا
مرت أربعة عقود على بيع الجولان
ولم تسخن جبهة الجولان فعلى
أية نار وضعت الطبخة ؟ ومتى تنضج
عملية استرداد الأرض السليبة ؟!
والنظام معتاد أن يبيع ، فقد باع
الإسكندرونة ، وباع أوجلان نفسه
حين احمرّت عيون الأتراك وخشي
المحفور له منهم ، وباع القومية
والعروبة حين اشترك في حرب
الخليج الأولى لينقذ رأسه ، ثم
أخيراً طلب النظام من خالد مشعل
في أوائل هذا الشهر السابع ، أيْ
من أيام قليلة أن يخرج من دمشق
فلا قبل للنظام أمام غضب
إسرائيل !. وما الشعارات التي
يطلقها النظام إلا بالونات
وفقاقيع سرعان ما تتبدد حين يجد
الجد ، فـ " يذوب الثلج ويظهر
المرج " .
أحد
أعضاء مجلس الشعب المبرمج
يتحدث " فعلياً" ! عن
إمكانية تسخين جبهة الجولان ،
فنقول : ظل النظام ساكتاً أربعين
سنة عن الاحتلال ، ثم هو يفكر في
التسخين ، فمتى يبدأ التفكير ،
ثمّ متى يستقر ، ثم متى يبدأ
التخطيط ، ومن ثَـَم متى يبدأ
العمل ؟
حملت
زوجة أحدهم طفله الأول فذهب إلى
نجار حارته يوصيه على سرير صغير
للولد ونقده الثمن ، ومرت أيام
وشهور ، وجاء الولد وكبر وصار
رجلاً ، فزوّجه أبوه ، وحملت
الكنّة ، فتذكر الأب قصة السرير
فقال لابنه : يا بني كنت وصّيت
جارنا أبا فلان أن يصنع لك
سريراً قبل أن تولد ، ولم يستطع
لسبب أو لآخر أن يصنعه ، فاذهب
إليه واستعجله ليكون سريراً
لولدك . فذهب الشاب إلى النجار
يستعجله ، وعرّفه على نفسه ،
فابتسم النجار ، ومدّ يده إلى
جيبه وأخرج ثمن السرير وردّه
إليه قائلاً : سلم على أبيك ، وقل
له " جارنا لا يحب العجلة ،
فالعجلة من الشيطان " .
ولا
ننس أن السلام عند النظام "
خيار استراتيجي " فهو يشير
ابتداء إلى أنه لن يمد يده إلى
من نصّبه على عرش سورية ، وورّثه
البلاد وسلطه على العباد إلا
بالمحبة والود !
ونرى
عضو مجلس الشعب لا يستبعد
قيام خلايا في الداخل
السوري لبدء حرب تحرير ومقاومة
على أرض الجولان كالذي فعله
الشيخ " ضابط المخابرات
السوري " قولاغاسي " الذي
أراد الأمن السوري أن يقتنص به
المندفعين من الإسلاميين إلى
العراق ، فقام هذا الضابط بلبوس
العلماء المدربين على إلقاء
الخطب النارية التي استقطبت
البسطاء ، فجندهم ليتخلص النظام
منهم في العراق ، ثم يعتقل من
عاد منهم في السجون والزنازين .
ولدى
سورية – على حد قول عضو مجلس
الشعب – خيارات كثيرة للرد
الموجع لإسرائيل إذا تجاوزت
هذه الخطوط الحمراء ، وخرقت
اتفاق الهدنة
.
وهذا
يعني استجداء اسرائيل أن تنظر
بعين العطف إلى النظام الذي لا
يريد ، بل لا يفكر في خرق الهدنة
التي التزم بها طوال أربعة عقود
!! بل إنه كان – حين تضربه
إسرائيل – يحتفظ بحق الرد فقط .
ولم يمد يده طوال هذه المدة
إليها بسوء بل كان يمد يده
بالبطش والتنكيل بالأحرار ،
فيقتل عشرات الآلاف منهم ،
ويشرد عشرات الآلاف ، ويعتقل
عشرات الآلاف .
أليس
هذا النظام الأمين !!أهلاً أن
يستمر غطاء أمريكا وإسرائيل له
حتى يكمل الأهداف التي زرعوه
لأجلها في صدورنا ؟!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|