رسالة
إلى الصايغ
أبو
عمر الأسدستاني
عزيزي فايز : أكتب
إليك هذه الرسالة على الرغم من
قراري الامتناع عن الكتابة لشدة
ما أصابني من قرف وإحباط لوجود
أمثالك من المسؤولين من الذين
لا تنفع معهم الكلمة للهداية
والإصلاح بل يفهمون فقط لغة
العصا والكرباج وفروع الأمن
والمخابرات ......
عزيزي : من الواضح
أن رأسك اصطدم بسقف الحرية الذي
تحدث عنه معلمك ووزير إعلامك
محسن بلال , وللأمانة نقول بأن
وزيرك اسم على مسمى أي (محسن)
عندما أحسن علينا جميعاً
وأراحنا منك
, صحيح أننا لا نتوقع المعجزات
من خلفك ولكن من شدة مللنا
وقرفنا من كلامك وتصريحاتك (الهُـرائية)
آثرنا المجازفة ورؤية البديل
الأمني على رؤيتك على شاشة
التلفزيون العتيد تجلد أسماعنا
دون رحمة بالحديث عن المبادئ
والثوابت والالتفاف والاصطفاف .
عزيزي : تعـلّم
عندما تتكلم أن تزن تصريحاتك
بميزان الذهب فأنت أولا صايغ
وثانياً مسؤول قديم في النظام
البعثي يعني حلك تتعلم ولازم
تعرف أين تنتهي الخطوط الحمراء
ومتى تتشابك بين المسموح
والممنوع ولا تنس أنك أحد الذين
ساهموا في وضع هذه الخطوط
إرضاءً لأسيادك , على كل حال
دعنا نقيس ارتفاع سقف حرية
التعبير والصحافة والإعلام
البعثي بالأحرف وليس
بالسنتيمترات ولنبدأ بتقطيع
تصريحاتك على طريقة العَروض
لنعرف مكان الخطأ فيها فقد قلت
أنت (إذا قام الاحتلال
الإسرائيلي بضرب مواقع سورية
فإن دمشق سوف ترد على هذا
الاعتداء في الزمان والمكان
المناسبين) , وهذا هُراء من وجهة
نظر الكثيرين لا غبار عليه بل هو
نسخة طبق الأصل لما نسمعه
يومياً من هُراء زملائك
المسؤولين , ولكن إذا دققت جيداً
في هُرائك ستجد أن الشطر الثاني
فقط هو الصحيح في معجم الصمود
والتصدي أي (الزمان والمكان
المناسبين) , أما الشطر الأول (سوف
ترد) فهو دخيل تماماً على بحر
العَروض البعثي إذ لا مجال للرد
من قبل أسود السيرك المُرّوضة
وكلاب المزرعة على إسرائيل حتى
ولو بالكلام فالأسود تعودوا أن
يديروا للعدو خدهم الأيسر إذا
تعرضوا للصفع على خدهم الأيمن
والكلاب أجادوا العواء والعض
على شعبهم فقط ؟ وهنا وقعتَ أنت
في المحظور فقد كان حرياً بك أن
تقول (تحتفظ بحقها في الرد)
والفرق كما ترى شاسع وكبير بين
الجملتين ففي الجملة الأولى
هناك احتمال ولو واحد في
المليون للرد أما في الثانية
فالأمل معدوم تماماً وبصراحة
ومن غير زعل ... الأسود والكلاب
معهم كل الحق في إقالتك .
عزيزي الصايغ : يجب
أن تنظر لنصف الكأس الملآن كما
يطلب منا دائماً معلمك بلال
وأنت إذا نظرت للنصف الملآن تجد
أن لديك ملف فساد دسم وعامر
تؤهلك سماكته لتبؤ أعلى المناصب
في مزرعة الأسد , ولكن المشكلة
أنك لم تعد تملك الوقت الكافي
لذلك لسببين .... الأول هو
اعتقادي الشخصي بأن المزرعة في
طريقها إلى الانهيار ربما خلال
أشهر وليس سنوات وسيصبح نواطير
المزرعة من أمثالك أو الجلادين
من أمثال أسيادك إما خلف
القضبان أو تحت التراب في جحيم
أزلي إن شاء الله , أما السبب
الثاني ... فهناك حدس خفي يُنبئني
بأنك ستكون كبش مكافحة الفساد
الجديد في هذا المنعطف التاريخي
والهام من مسيرة بعثك وأولياء
نعمتك بعد صاحب الكف النظيف
ميرو , ولإنصافك لابد من القول
بأنك رغم كل فسادك وسلبك ونهبك
للمال العام ما زلت سمكة صغيرة
تسبح بين قروش وحيتان الفساد
والتي لن تتوان عن التهامك
والتهام غيرك من صغار الأسماك
عندما تشعر بالجوع والخطر ...
ولذلك أنصحك كما نصحت من قبلك
رستم غزالة في رسالة سابقة لم
يرد عليها للأسف .. وبادِر إلى
الهرب خارج المزرعة لعلك تحظى
بعفو من الشعب إذا ساهمت في فضح
العصابة بما تعرفه من أسرار عن
المزرعة وآل الحاكم .
عزيزي الدكتور فايز
: أرجوك أن تتحمل مُصاب إقالتك
بنفس راضية ولا تنتحر كما فعل من
قبلك محمود الزعبي وبدل أن تصبح
(صايـع) في الشوارع ابدأ في
البحث من الآن على مشروع تستثمر
فيه خيرات البعث عليك من أموال
السلب والنهب لتؤمن مستقبلك
ومستقبل أسرتك المُكافحة كي
تستطيع تلبية احتياجات الأولاد
والمدام وما أكثرها وهم على حسب
علمي لا يرحمونك , واسمح لي أن
أعترف بحقهم عليك في أن يعيشوا
في رفاه ورغد وبحبوحة لأن الخير
كثير والمال المنهوب بالقناطير..
ونصيحة من صديق قديم استثمر هذه
الأموال في مشروع مضمون وعندك
خبرة واسعة في إدارته كإنشاء
محطة تلفزيونية خاصة وليكن
اسمها (قناة البعث الخالد)
معتمداً في اختيارك لاسم المحطة
على قاعدة شعبية تقدر بأكثر من
مليوني بعثي إضافة ًلأسرهم
يشكلوا نواة مشاهديك , فمن كمية
الإعلانات التلفزيونية التي
ستـنهال عليها كالمطر حاملة
معها العوائد المالية الضخمة
المتناسبة طرداً مع مقدار محبة
الشعب للبعث والتي طالما تغنيت
بها على شاشة التلفزيون في كل
لقاء ومناسبة ستصبح ملياردير
وصاحب محطة تلفزيونية أسوة
بسيادة العميد رفعت الأسد (وما
في حدا أحسن من حدا) .
ختاماً : لي طلب
شخصي عندك وإن شاء الله مقدور
عليه... إذ أخشى ما أخشاه أن يكون
الوقت قد فات وأن الأمر
باعتقالك بتهمة الفساد ومحاولة
الهرب للخارج والانضمام
للمعارضة قد صدر بحقك ومن
الممكن في أية لحظة أن تطرق
عناصر الأمن باب بيتك وتقتادك
إلى أحد الأقبية حيث سيتم
تعذيبك بكافة الوسائل الهمجية
المعروفة بما فيها عضو الثور
والذي سيستعاض عنه بأنتينات
الإذاعة والتلفزيون نظراً
لارتباطها بقضية الفساد
المتعلقة بك... ورجائي الشخصي
والأخير منك رأفة بي
وبالمشاهديـن أن تـُشفـّر
الإرسال أثناء التعذيب .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|