الإخوان
المسلمون في داخل سورية ....
هل
حان الوقت
د.
محمد المحمد / سورية
أطلقت جماعة
الأخوان المسلمين في سورية
مشروعاً متكاملاً لرؤيتها في
تغيير الواقع السوري المتردي و
أسمته مشروع سورية المستقبل و
منذ إطلاق المبادرة عاد اسم (جماعة
الأخوان المسلمين) لسورية بعد
طول غياب فقد أحدث المشروع هزةً
إعلامية ضخمة لم تعتد سورية على
مثلها إلا عندما يكون الأمر
صادر من السلطة الحاكمة و لكن
نظراً للثقل الذي تمثله جماعة
الأخوان المسلمين في سورية فقد
لاقى مشروعها انتشاراً واسعاً
بحيث لم يبقى مثقف سوري مهتم
بالشأن العام و ما أكثرهم إلا و
اطلع على المشروع فقد كان يمثل
للمخالفين مجال جديد للمناقشة و
طرح الآراء المعاكسة و مناقشة
المبادئ التي انطلق منها
المشروع فقد حرموا من ذلك
طويلاً و لكن الملاحظ أن هؤلاء
في عمومهم إن لم نقل كلهم هم من
الأقليات الدينية الموجودة في
سورية و الذين لا يرون في
الإسلام العقيدة الصحيحة و لهم
الحق في النقد فكل رأي يجب أن
يعبر عن ذاته و له مطلق الحرية
في ذلك و بالتالي فإن لبقية
الشعب السوري الحرية المماثلة و
نقصد هنا الأغلبية العظمى في
سورية من المسلمين السنة الذين
يروا في المشروع المطروح قاعدة
للالتفاف و نقطة للتجمع فهم لا
يمتلكون تلك الخلفية النفسية
الرافضة لكل ما هو إسلامي و هم و
إن كان لهم ملاحظات على المشروع
إلا أنهم يرونه كالبنيان الذي
يحتاج إلى التعديل و الإضافة
ليصل لمرحلة متكاملة تسير سورية
على نهجها في المرحلة المقبلة
فسورية و طن لكل السوريين و
بالتالي فما يقرره( 50% +1 ) هو
الأغلبية الديمقراطية التي يجب
أن تسود و بالنسبة للأقليات
فحقوقهم محفوظة في العيش الكريم
و المشاركة في السلطة بحسب ما
يحصلوا عليه من تأييد في
الانتخابات كباقي الأقليات في
العالم فقد غُيِّبت الأغلبية في
سورية طوال أكثر من أربعين سنة و
قد حان الوقت لتعود الأمور
لنصابها ليزول ما علق في النفوس
من توترات بسبب الأخطاء التي
ارتكبت في سورية باسم الأقلية
العلوية التي استأثرت بالسلطة
في كل مراكزها الحساسة و شاركها
بعض المنتفعين من خارج الطائفة
بمراكز هامشية لا تقدم و لا تؤخر.
و قد تجاهلت و سائل الإعلام
الحكومية في سورية مشروع جماعة
الأخوان عدة أشهر حتى وقع الحدث
الهائل الذي زلزل أركان النظام
و جعلهم يضربون يميناً و يساراً
المتمثل بطرح منتدى الأتاسي
لرؤية جماعة الأخوان على لسان
الأستاذ علي العبد الله الذي
كلفه المنتدى بهذه المهمة و
التي كانت السبب في اعتقال كل
كوادر منتدى الأتاسي و إغلاقه
نهائياً و تشبيهه بتنظيم
القاعدة كما أدلى بذلك الرئيس
بشار الأسد في لقاءه مع صحيفة
نيويورك تايمز و نتيجة لهذا
الحدث بدأت الصحف الرسمية
بالحديث عن مشروع جماعة الأخوان
المسلمين بصفة الناقد و الرافض
لهذا المشروع طبعا و هكذا تفاجئ
المواطن السوري و هو يقرأ في
الصحف المحلية عن رؤية جماعة
الأخوان المسلمين لسورية
المستقبل و النقد الموجه
للأشخاص الذين تجرئوا و طرحوا
هذه الرؤية بشكل علني و أصبحت أ
سماء مثل البيانوني و طيفور
تتكرر على صفحات الجرائد
الرسمية فقد اعتاد السوريين على
التغييب الكامل لكل شيء يمت
للإخوان المسلمين في سورية و
فجأة عاد ذكر الأخوان ليأخذ
الصدارة في الساحة السياسية
السورية بعد كتم كامل حدث
انفجار هائل فقد كان الأخوان
الغائب الأكبر على الساحة
السياسية و قد تفاجئ النظام
بهذا الواقع و أخذ في ارتكاب
الأخطاء التي تزيد من حضور و
انتشار الفكر الأخواني كعادته
في ارتكاب الأخطاء على كل الصعد
فهل سيأتي اليوم الذي يفاجئ فيه
النظام بالإخوان المسلمين داخل
سورية كما تفاجئ باقتحامهم
الساحة الإعلامية بهذا الزخم
أعتقد أن الأجهزة الأمنية تظن
نفسها بمنأى عن هذا الإحتمال
فهي لم تترك أي احتمال لهذا
الأمر و لكن السؤال الذي يطرح
نفسه هل كانت هذه الأجهزة تتوقع
هذا الظهور و الاختراق الإعلامي
الكبير الذي قامت به الجماعة
للداخل السوري و لكنه تم فهل
ننتظر سيناريو مشابه للسيناريو
الإعلامي يحدث على أرض الواقع.
إن لم يتدارك النظام السوري
نفسه و يبدأ بالخطوات السليمة
باتجاه المصالحة و طي صفحة
الماضي فسيأتي هذا اليوم بأسرع
مما يتصور و بكل الأشكال غير
المتوقعة و التي لن يستطيع لها
رداً فقد تجاوزت الأحداث النظام
السوري و أصبح يقوم على مبدأ رد
الفعل لا المشاركة الحقيقية في
الأحداث فهو فاقد لأي قدرة على
إحداث أي أثر سواء على مستوى
الصعيد الداخلي أو الخارجي و هو
يترقب ما سيحدث له و من ثم يقوم
برد الفعل الصحيح أو الخاطئ و
كثيراً ما يقع بالأخطاء القاتلة
و خصوصاً في هذه المرحلة و
بالتالي فكل شيء متوقع في سورية
في مثل هذه الظروف فهي منفتحة
على كل الاحتمالات و سوف تحمل
المرحلة القادمة تغييرات جذرية
في الواقع السوري سواء كان هذا
التغيير بأيدي النظام أو بأيدي
غيره و هو الاحتمال الأكبر و ما
على السوريين سوى الانتظار و
الترقب فالكل الآن يعرفون أن
الجمود الذي تعاني منه سورية هو
الهدوء الذي يسبق العاصفة التي
ستفتك بكل شيء عند و قوعها و كما
كان الجمود غير عقلاني سيكون
الانفجار غير عقلاني و لنا في
المشهد العراقي خير دليل ليتعظ
من يريد الاتعاظ. و لكن ليس فيهم
رجل رشيد..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|