ملاحظات
حول
العدوان
الإسرائيلي الجديد على لبنان
صبحي
غندور
• ما
يحدث في لبنان من عدوان
إسرائيلي واسع وشامل يؤكّد من
جديد خطأ المراهنة على الحماية
الأجنبية، فهاهو لبنان من أقصى
شماله إلى كلّ جنوبه يتعرّض
للعدوان الإسرائيلي حيث
تُستباح المنشآت المدنية
والمدنيين والطرقات والجسور
العامّة فيما تعتبره إسرائيل
ردّاً على عملية كانت محصورة
أصلاً بالشريط الحدودي وبعناصر
عسكرية إسرائيلية..
• أين
واشنطن وباريس وكلّ ما صدر
عنهما على مدار أكثر من سنة ونصف
من تأكيد على حماية لبنان
والحرص على سيادته؟
• أليس
ما يحدث هو انتقام إسرائيل من
وطنٍ أجبرها على الانسحاب
المذلّ عام 2000؟
• أليس
ما يحدث هو تهديم للاقتصاد
اللبناني الذي حرصت إسرائيل على
ضربه وإضعافه منذ عام 1968 حينما
أغارت على مطار بيروت ودمّرت
طائراته دون أيّ مبرّر أو سبب
آنذاك سوى الرغبة بتهديم لبنان
بعد أن كان هو الدولة العربية
الوحيدة المجاورة لها التي رفضت
الدخول في حرب عام 1967؟
• أليس
ما يحدث هو انتقام إسرائيلي
أيضاً من الدولة اللبنانية التي
كشفت مؤخّراً عن شبكة الإرهاب
والتخريب الإسرائيلية وفضحت
دورها على الساحتين اللبنانية
والفلسطينية؟
• أليس
ما يحدث هو محاولة إسرائيلية
جديدة لزرع الفتنة بين
اللبنانيين بعدما فشلت لأكثر من
عام محاولات إسرائيل في تحقيق
ذلك؟
• ربما
ما يحدث الآن هو المحطة
النهائية في الأزمة اللبنانية
التي بدأت في أواسط السبعينات،
فإمّا أن يخرج اللبنانيون منها
منتصرين موحَدين رابحين لوطنهم
ولأرضهم ولأنفسهم، أو أنّهم
سيعودون فعلاً أكثر من عشرين
سنة للوراء كما قال زعماء
العدوان الإسرائيلي. الأمر
سيتوقّف ليس على حجم الدمار
والعدوان بل على كيفيّة تعامل
اللبنانيين مع هذا العدوان
ونتائجه.
• العدوان
والتصعيد قد يستمران حتى يوم
الأحد أي إلى ما بعد لقاء مجموعة
الدول الثمانية. فإسرائيل تريد
وضع القمة أمام وقائع جديدة
لمساعدتها على الخروج من المأزق
الذي هي فيه لجهة عدم نجاح قوتها
العسكرية الغاشمة في الإفراج عن
جنودها الأسرى في غزه ولبنان.
• هناك
الآن سلة من القضايا الكبرى
المتفجّرة وهي بمثابة أوعية
متّصلة في قاع كلٍّ منها لكنّها
مفتوحة في رأس كلٍّ منها لأشكال
مختلفة من الأزمات ومن الأطراف.
فما يحدث مع لبنان اليوم ليس
منفصلاً عمّا يحدث في فلسطين،
ولا عمّا يحدث في العراق أو في
الأزمة الأميركية الأوروبية مع
إيران .. وبإمكان واشنطن الآن،
وهي تشارك في قمة مجموعة الدول
الثمانية، أن تأخذ المبادرة
بدعوة إسرائيل لوقف لوقف
العدوان على اللبنانيين
والفلسطينيين وأن تحصل مفاوضات
تشارك فيها كلّ الأطراف من خلال
مؤتمر دولي شبيه بمؤتمر مدريد
الذي حصل في مطلع التسعينات.
• الحديث
الإسرائيلي عن مسؤولية الحكومة
اللبنانية عمّا حدث يوم
الأربعاء هو شبيه بالمقولة
الإسرائيلية المتكررة عن
مسؤولية السلطة الفلسطينية عن
عمليات المقاومة .. فالمراهنة
الإسرائيلية هي على حدوث حرب
أهلية فلسطينية وحرب أهلية
لبنانية.. أي أن يصطدم الجيش
اللبناني مع حزب الله وأن
تتصارع قوات أبو مازن مع حركة
حماس. فالنموذج الفوضوي الدموي
العراقي هو المطلوب إسرائيلياً
الآن في كلٍّ من لبنان وفلسطين.
• المشكلة
الكبرى الآن، أنّ الدولة الأكبر
في العالم تكتفي بدور النائب
العام الذي يوزّع الاتهامات
والإدانات دون أّيّ تحرّك جدّي
لإنهاء أسباب التأزّم
والانفجار الحاصل.
أيضاً
المشكلة الآن، أنّ الدولة
العربية الأكبر تكتفي بدور
الوسيط بدلاً من قيادة موقف
عربي ضاغط على المجموعة
الدولية، وبدلاً من قطع
العلاقات مع إسرائيل وتحميلها
مسؤولية التأزّم الشامل.
• كلام
بوش عن حقّ كلّ الدول بالدفاع عن
نفسها ضدّ الإرهاب ينطبق أصلاً
على حقّ لبنان بالدفاع عن نفسه
ضدّ الإرهاب الإسرائيلي. أليس
الإرهاب هو قتل المدنيين
والتعرّض لممتلكات مدنية
واستخدام أسلوب التدمير
العشوائي؟
• المجتمع
الدولي مسؤول عن التصعيد الحاصل
الآن، وخاصّة الدول الكبرى وفي
مقدمتها الولايات المتحدة،
لأنّ تهميش الملف الفلسطيني
لأكثر من ست سنوات وترك حرية
الحركة لإسرائيل في الأراضي
المحتلّة هو الذي دفع إلى
التصعيد المتواصل هناك.
كذلك
منذ عام 2000، استمرّت قضية مزارع
شبعا كالقنبلة الموقوتة في
الجنوب اللبناني. فلو ضغطت
واشنطن عام 2000 على إسرائيل
للانسحاب الكامل لما كانت هناك
مبرّرات الآن لهذا الوضع
المتفجّر في الجنوب اللبناني.
فتهميش
واشنطن في ظلّ إدارة بوش لملفّ
الصراع العربي/الإسرائيلي طوال
السنوات الست الماضية وتركيز
هذه الإدارة على العراق، هو
المسؤول الأوّل عن التأزّم
والانفجار الحاصل الآن في
فلسطين ولبنان وعموم الشرق
الأوسط.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|