العقيـد
الطيـار
فـائـز
منصور يرحمه الله
الدكتور
خالد الاحمـد*
نحن مواليد عهد
الاستقلال ، عشنا شبابنا نسمع
ونرى الرجولة والشهامة العربية
، وكان كل من حصل على الثانوية
يتقدم إلى الكلية الجوية بالذات
آملاً في أن يكون طياراً حربياً
مثل فائز منصور أو بسام حمشو أو
النابلسي أو ناصح علواني أو
مظهر شحود أو محمد العموري ....
وغيرهم من أبطال ( الميـج ) الذين
كان جميع الشباب في يومنا ذلك
يجعلونهم أبطال أحلامهم ...
كان العقيد
الطيار فائـز منصور يرحمه الله
، طيار ( ميج 17 ) ، وقد نسقت الآن
من الجيش السوري من زمن بعيد ،
وكان ـ يرحمه الله ـ يقودها كما
كنا نقود الدراجة العادية في
مراهقتنا ، كيف كنا نسير
بالدراجة على عجلة واحدة ، وكيف
نضع رجلينا على المقود مسافة
طويلة وغير ذلك من الحركات
البهلوانية التي كنا نقوم بها ...
كان فائز منصور يقوم بأكثر منها
ب ( الميج 17) ...
كنت يوماً مدير
مدرسة ابتدائية لمدة شهر واحد
فقط ، وكان الملازم أول الطيار
مظهر شحود يرحمه الله من أهالي
القرية تلك ، وهو أصغر مني ببضع
سنوات ، ولما سمع بي في قريتهم ،
كنا نصف الطلاب بعد الظهر
استعدادا للحصة الخامسة ... وكنت
في الادارة بينما يتولى الاشراف
على الطابور زملائي المدرسون ،
ومادريت إلا ونوافذ الإدارة
تضطرب ، فنظرت وإذ أرى بعض
تلاميذ الصف الأول على الأرض ...
وبعد ثواني قليلة سمعت صوت
الطائرة ورأيت مظهر شحود في وضع
يراني وأخبرني أني كنت أضع
الشماغ الأزرق على كتفي لما
خرجت من الادارة ....
قال لي الملازم
أول مظهر شحود وهو من فرسان (الميج
17) ممن أبلى في حرب (1973) بلاء
حسناً ، قال أن الميج (17) أكثر
مرونة ومناورة من جميع الأنواع
الموجودة يومها ...
وكان العقيد فائز
منصور فارساً فذاً من فرسان هذه
الميج (17) ... وقد أسقط أكثر من
ميراج اسرائيلية بهذه الميج ،
حيث يعتبر ذلك معجزة ، لأن الفرق
التقني بين الطائرتين كبير جداً
....
كما أصيبت طائرته
أكثر من مرة وقذف بالمظلة وكتبت
له النجاة ... وصار فائز منصور
حديث المقاهي والثانويات
والشوارع ... بطل الميج (17) ...
هل تعرفون كيف
كانت وفاتـه يرحمه الله ...
قامت إسرائيل
بشـن غارة جويـة على جنوب
لبنـان ، وتصدت ( الطائرات
السورية ) للمقاتلات
الإسرائيلية ، وكان العقيد فائز
منصور يقود السرب السوري الذي
تصدى للطائرات الصهيونية التي
دنـست سـماء لبنـان ....
وفي معركة غير
متكافئـة بين فائز منصور بالميج
(17) والطيار الصهيوني بالفانتوم
، ونسي فائز منصور نفسـه ، وبـذل
أقصى ما يستطيع لإسقاط
الفانتـوم ، وناور أكثر من
اللازم حتى اصطدم بالجبـل وتوفي
يرحمه الله ولم يتمكن هذه
المـرة من القفـز بالمظـلة ...
كنت يومها في
الخدمـة العسكرية ، وذلك في (1971)
، ومـر يوم من الحـزن شمل سوريا
ولبنان معاً ، حتى أن إذاعـة
العـدو الصهيوني احتفلت بذلك
اليوم وقالت : انتهت اسطورة فائز
منصور ...
يرحم الله العقيد
الطيار فائز منصور ، ويرحم الله
ذلك الجيل ...ويرحم الله النخـوة
والمروءة العربية ... ويرحم الله
العرب ...
ولاحول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم ، وإنا
لله وإنا إليه راجعون ...
*كاتب
سوري في المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|