عملية
فدائية في الجولان
د.هشـام
الشـامي
لأول مرة و منذ
انتهاء حرب تشرين من عام 1973م ،
يتم الإعلان عن عملية فدائية
عسكرية على أرض الجولان السوري
المحتل إثر نكسة حزيران عام 1967م
، فقد أفادت الأنباء أن مجموعة
فدائية فاجأت قوة عسكرية
متمركزة في إحدى التلال داخل
الجولان السوري المحتل ، و قامت
بإحراق مركبة عسكرية و قتل
ثمانية جنود إسرائيليين و أسر
اثنين آخرين ، و انسحبت
المجموعة الفدائية مع الأسيرين
الإسرائيليين إلى داخل الأراضي
السورية سالمة غانمة .
و قد أعلنت حركة
تحرير الجولان السوري - و هي
حركة جديدة لم تكن معروفة من قبل
- مسؤوليتها عن هذه العملية
الشجاعة ، و قالت في بيان لها :
أن إحدى تشكيلاتها العسكرية ، و
هي مجموعة يوسف العظمة ، قامت
فجر اليوم بهجوم مباغت على موقع
عسكري صهيوني ، و دمرت آلية
للعدو و قتلت ثمانية صهاينة و
أسرت اثنين آخرين و عادت سالمة
إلى أرض الوطن ، و قالت في
بيانها : أن هذه العملية هي
باكورة أعمالها ، التي ستتواصل
حتى يتم تحرير الجولان السوري
المحتل كاملاً ، و بشأن الأسرى
أبدت رغبتها بإجراء تبادل بين
هذين الأسيرين و العديد من
الأسرى السوريين الموجودين في
السجون الإسرائيلية ، و الذين
مضى على أسرهم عقوداً طويلة ،
إضافة لأسرى فلسطينيين و عرب
محتجزين في سجون العدو الصهيوني
، و أوضحت الحركة في بيانها أنها
مجموعة مقاومة سورية شعبية غير
رسمية ، هدفها تحرير الأرض
المغتصبة ، و إعادة الحقوق
المهدورة ، و رد اعتبار للكرامة
السورية التي دنسها الاحتلال
الصهيوني الغاصب منذ أربعة عقود
خلت ، و تابع بيان المجموعة
موضحاً حق الشعوب بمقاومة
الاحتلال و الذي كفلته كل
الشرائع ، و ختم البيان بمهاجمة
السلطة في السورية و تخاذلها عن
تحرير أراضيها المحتلة ، و
سيرها في طريق السلام المزعوم
الذي لم و لن يحرر شبراً من
الجولان المغتصب .
و أعلن مصدر إعلامي
سوري مسؤول في بيان مقتضب : عدم
مسؤولية النظام السوري عن هذه
العملية ، و قال المصدر : أن
سوريا ما زالت ملتزمة بنهج
السلام الذي اختارته خياراً
استراتيجياً و وحيداً منذ أوائل
عقد التسعينات من القرن الماضي
، و تعتبر ما جرى خروج عن النهج
الوطني ، و ستحاسب المسؤولين عن
هذه العملية ، و ستضرب بيد من
حديد على كل من تسوّل له نفسه جر
سوريا خارج خيار السلام
الاستراتيجي .
و امتنع أغلب
المعلقين السياسيين الذين عادة
ما يسمح لهم بالتكلم من سوريا عن
التعليق على هذه العملية ،
بينما اكتفى عضو مجلس الشعب و
رئيس مركز الدراسات الإسلامية /
محمد حبش بالقول : كنا نحذر
دائماً ، أن السوريين لا يمكن أن
يسكتوا إلا الأبد عن احتلال
أرضهم .
و عبر المواطنون
السوريون ، بمظاهرات تأييد
عفوية لم تشهدها سورية من قبل ،
عن اعتزازهم بهذه العملية
الفدائية البطولية ، رغم خوف و
توجس البعض من الرد الإسرائيلي
الإجرامي ، و قال أحد
المتظاهرين و اسمه أحمد : إلى
متى سنصبر على احتلال الجولان ؟
، إلى يوم القيامة مثلاً . أما
كمال فقال : ماذا استفدنا من
الأمم المتحدة و القرارات
الدولية ؟. و عبر رامي عن
اعتزازه و فخره بهؤلاء
المقاومين الذين أعادوا العزة
الوطنية بعد سبات عميق . أما
الشاب الجامعي حسين فقال :
الجولان سورية و ستعود سورية .و
قال آخر مشترطاً عدم ذكر اسمه :
ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا
بالقوة ، و لا يفل الحديد إلا
الحديد ، و أتمنى أن أكون جندياً
من جنود المقاومة حتى تحرير
كامل الأرض العربية المحتلة .
و كان مصدر
إسرائيلي رسمي قد حمّل النظام
في سورية مسؤولية العملية ، و
حذر من أية إساءة أو تعرض
للجنديين الأسيرين ، و طالب
بإطلاق سراحهما فوراً و بدون
شروط ، و شدد أن الجيش
الإسرائيلي يحتفظ بحق الرد في
الوقت المناسب !!.
و بينما انقسم
الرأي العام الدولي بين مؤيد
لحق السوريين في مقاومة
الاحتلال ، و بين معارض لهذا
الأسلوب الذي وصفته الولايات
المتحدة بالإرهاب و التطرف ،
بدا واضحاً شبه إجماع عربي على
تأييد المقاومة في الجولان ، و
انطلقت المسيرات الحماسية
المؤيدة لهذه العملية في كل
العواصم و المدن العربية ، و عبر
بيان صادر عن الجامعة العربية
عن حق سوريا في استخدام كل
الوسائل المشروعة بما فيها
المقاومة حتى استرداد كامل
أراضيها المحتلة .
و كان من اللافت
إجماع جميع أطراف المعارضة
السورية على تأييد هذه العملية
، فبينما أعلنت معارضة الداخل
ممثلة بإعلان دمشق تأييدها و
دعمها للمقاومة في الجولان حتى
تحرير كامل التراب السوري
المحتل ، أصدرت كافة القوى و
الأحزاب المعارضة في الخارج
بيانات تأييد لهذا العمل
البطولي المشرف ، و أوضح بيان
صادر عن جبهة الخلاص الوطني أن
هذه العمليات البطولية مشروعة و
لا تحتاج لتبرير ، و كان يجب أن
تبدأ منذ زمن بعيد ، و بعد أن
أدانت النظام الذي لم يكتفِ
بالصمت و التخاذل عن تحرير
الأرض ، بل وظف نفسه كلب حراسة
مؤتمن على حراسة حدود العدو ، و
منع على مدى عقود الاحتلال أي
مقاومة أن تنطلق عبر هذه الحدود
، و بينت الجبهة أن حق الشعوب في
مقاومة الاحتلال لا نقاش فيه و
لا غبار عليه ، و قد قاومت كل
شعوب أوربا الاحتلال النازي ،
كما قاومت الولايات المتحدة
الأمريكية الاحتلال البريطاني
، و لم يقل أحد أن ديجول أو
واشنطن إرهابيان ، بل ما زالا
يوسمان في وطنيهما و في العالم
أجمع كزعيمين تحرريين ، و ختم
بيان الجبهة تأكيده على وقوف
الجبهة مع المقاومة و استعدادها
إذا ما تهيأت الظروف للالتحاق
في صفوفها كجنود مقاتلين ، و دعت
الشعب السوري العظيم إلى دعم
المقاومين بكل ما أوتوا من قوة .
هذا هو حلمي (
الرحماني ) الوردي المشروع الذي
طالما حلمت به ، و ليس حلم السيد
وليد المعلم ( الشيطاني ) كما
وصفه سعود الفيصل في اجتماع
وزراء خارجية العرب الأخير ...
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|