من
أسر المواطن إلى أسر الوطن
بدرالدين
حسن قربي
حزب
الله حركة شيعية بلاشك، وهو أو
هي جزء من النسيج الطائفي
اللبناني المتعدد المذاهب
والأديان، القائم على التوافق
والتعايش والمواطنة من خلال
الدولة اللبنانية، والتي تمثل
بدورها نموذجاً عجيباً مختلفاً
ألوانه وجميلاً لنظامٍ
ديمقراطيٍ في منطقة الشرق
الأوسط بنكهةٍ (غير شكل) ومزعجة
على الدوام للجار الأسدي
الحاكم. ومن المفترض وجوب
مشاورة الشريك لشركائه على أرض
الوطن وعدم الانفراد والتفرد في
القرار والعمل ولاسيما في
خصوصية وحساسية وتعقيد وضعٍ
كالوضع اللبناني العام.
وكون
السيد حسن نصرالله القائد العام
للحزب والمتصرف بأمره، استطاع
من خلال سنوات مضنية من العمل
الدؤوب وبدعم شخصي خاص من
النظام الأسدي الآب واستمراراً
مع الرئيس الابن وبجهودٍ
إيرانية بالغة أن يبني جمهورية
حزب الله العسكراتية – من خلال
ماسمي بالمقاومة – جمهورية
الطائفة الموازية للجمهورية
اللبنانية. وإذا ماأضفنا لسماحة
السيد إشغاله لمنصب ممثل ومندوب
الإمام الإيراني (الولي الفقيه)
علي خامنئي في لبنان، فإننا
نضيف للأمر أبعاداً أخرى يصعب
حصرها في مثل هذا المقال.
فلئن
تكلم فهو إمام وولي وفقيه، وإن
تحرك فهو رئيس وقائد ونبيه،
ولئن خطب في جماهيره فعن قطع
الأيدي والألسنة والتهديد
والوعيد (لأعداء الله طبعاً).
فغدا الرجل إماماً في الدين
والدنيا إضافةً لما ملكت يمينه
من آلاف الصواريخ صنوان وغير
صنوان في دولةٍ تعترف أن قوتها
في تنوعها وتعددها وتسامحها
وتعايشها وديمقراطيتها، وتداول
سلطتها وطول ألسنة الناس
وارتفاع سقف حريتهم فيها، وليس
في (بساطيرها) واستبدادها.
العدو
على الحدود الجنوبية للبنان
وحشي وكاسر، وأما عند جاره
النظام الأسدي على حدود الجولان
– سبحان ربي – أليف ووديع
ومسالم، والجغرافية – كما هو
معلوم – عصية على التغيير وليست
كالتاريخ الذي يكتبه بعضهم كما
يريد، ومن ثمّ فكان قدر الشقيقة
لبنان غير أقدار الشقي الجار.
يوجد
أسير لبناني واحد لدى العدوة
اللدودة كما للشقيقة سـورية،
ويوجد أسرى لبنانيون بالمئات
عند الشقيقة الكبرى، ولكن ضيم
هذا الأسير ومعاناته عند اليهود
ليست كمعاناة المئات عند الشقية
الذين هم في ضيافة شقيقتهم
ولاخوف عليهم (امتى مارجعوا
يرجعوا، فاللي بيت أهلو على
مهلو)، ومن ثم ماكان هنالك وعد
لخلاصهم لاصادقاً ولا غير صادق.
أما معاملة اليهود أعداء العمر
لهذا الأسير الفرد الواحد الذي
يتاجر به فلا شك أنها تستوجب
السعي والعمل لتخليصه وفك أسره
وإساره، ومن ثمّ كانت عملية
(الوعد الصادق) في أسر
الجنديَيْن الإسرائيليين بنخوة
رفض الدنية والنوم على الأذية،
مما لم نجده عند حكام الشقيقة
ســورية.
تمت
العملية دون إعلام المعنيين من
الجهات الرسمية أو الشركاء في
البلد والمصير، فكان ماكان من
الرد غير المتوقع
للعدوالإسرائيلي الغاشم بما
فيه من عنفٍ ودمار وقتل
وتشريدٍ، مما هو معروف ومشهور
عن الممارسات الإسرائلية.
وقيل
عن قرار العملية أنه متخذ منذ
خمسة أشهر تقريباً، أي في نفس
الفترة التي كانت فيها أحداث
السفارة الدانمركية وحرقها
والقيام بعمليات حرق وتخريب
واعتداءات على ممتلكات
لمواطنين مسيحيين بما فيها
كنيستهم. وترك التنفيذ على
مايبدو ليوم معلوم في وقتٍ
معلوم، ثم وقعت الواقعة.
هم
يقولون أن هذا الفعل مقاومة
وعمل مقاومين لاشأن للآخرين
فيه، ولا داعي للتشاور أو
الإعلام عنه، بل والأغرب يوم
حَزَبَ الأمر قالوا: أن هذه حرب
الأمة وهو يخوضونها ولا نريد
عوناً من أحد ونحن لها بل نرجوكم
السكوت على الأقل. وما أعلمونا
لماذا على الناس أن تسكت!!
فباتوا في هرجٍ ومرج. فلئن تكلم
الناس قالوا: متحالفون مع أعداء
الأمة. ولئن سكتوا قالوا: أين
الأمة وأين جماهير الغضب!!؟
ولطالما
أنها حرب الأمة فنحن من هذه
الأمة ومن حقنا أن نعرف، أو أنكم
تقاتلون عنا فما أوكلناكم
ومالنا بهذا من علم. نعم !! تمت
عملية أسر الإسرائيليين لتخليص
أسرانا، وقيل عنها ماقيل، ولكن
مما لاشك فيه أننا كنا في قضية
أسرى (أو أسير) وطن عند الأعداء،
فأصبحنا نبحث عن حلٍ لمعضلة أسر
الوطن بكامله أو ارتهانه أو
خطفه عند الشركاء.
الإسرائيلييون
– لم يعدوا صدقاً أو كذباً –
ولكن أشاعوا في لبنان القتل
والتخريب والدمار، والناس
الغلابى والدولة والعالم
يستغيثون ويطلبون التدخل،
وسماحة السيد يقول:( أنا
)لاأطلب وقف إطلاق النار، وهو مع
كل مافعله ويفعله يعد الناس
بنصرٍ وإعمار.
الساسة
والقادة من أهل الحوار، دعوه
إلى الحوار على طاولة الحوار،
امتد الجدل وطال فمن يده في
الماء غير من يده في النار. وكيف
ينتهي الحوار..!!؟
بين من سلاحه كلمة ورأي وأخذ
ورد، وفيمن يملك النار، ويعتقد
أنه وحده القوة والأمة والإمام،
وأنه المتفرد بالقوة وأنه
الجبار وأنه الهمام، ويده وحدها
القادرة على الردع وتوازن
الرعب، وإعادة الأسير وحماية
الديار، وهي على الزناد (
نار..!!)، ولسان حاله يقول: ويل
لأهل الحوار من أهل النار.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|