هؤلاء
ليسوا غادريين !
عبد
الله القحطاني
ما كلّ مواطن
أمريكي من أصل عربي أو إسلامي ،
قرضاي أفغاني ،أو جلبي عراقي ،
أو غادري سوري ..
أمريكا قارّة ..وهي
على مستوى التجمّعات البشريّة
تشبه سفينة نوح ، فيها أناس من
شتّى الملل والأعراف ، ومن سائر
الدول والأقاليم والقارّات ..
ومن كل جنس ولون..!
كلّ مَن في
أمريكا له قضيّة .. قضيّة أسرة ،
أو قضيّة وطن .. !
فكيف يفرّق
العقلاء من بني البشر ، داخلَ
أمريكا وخارجها ، بين صاحب
قضيّة وآخر ؟ بين إنسان يسعى إلى
خدمة قضيته بعزّة وكرامة ووعي ،
وبين آخر يطرح قضيته بخسّة
ونذالة وحماقة ؟ بين مواطن
أمريكي يستثمر مواطَنته هذه ،
في الدفاع عن قضايا أمته
الأصليّة ووطنه الأصليّ وشعبه
الأصليّ .. في المجالات
الحقوقيّة والثقافيّة
والسياسيّة داخل أمريكا، ليسهم
في صنع قرارات أو آراء ، داخل
مؤسّسات صنع الرأي والقرار
الأمريكيّة ، لمؤازرة قضايا
شعبه الذي يسحقه حكامه الظلمة ،
بمساعدة الأمريكان .. وبين مواطن
أمريكيّ آخر ، يستعدي الأمريكان
على بلاده ليجتاحوها ،
ويدمّروها كما دمّروا
أفغانستان والعراق ، ليكون هوَ
ذا شأن وقيمة في هذه البلاد
المسحوقة المدمّرة ..ليكون
زعيماً ، أو رئيساً ، أو وزيراً..!
شتّان .. الفرق
كبير ، والبَون شاسع . وما ضعفت
عقول البشر كلّها ، إلى درجة
فقدان التمييز ، بين الحرّ
الأبيّ الشريف ، وبين النذل
الخائن الانتهازي النفعي ! بين
من يقارع الحجّة بالحجّة ،
دفاعاً عن وطنه وشعبه ، وبين من
يستجدي الأمريكان ويتوسل إليهم
ليضربوا بلاده ويستبيحوها ،
ويزين لهم ذلك ، لصناعة واقع
جديد في بلده يكون فيه سيّداً أو
أميراً!
كلاّ.. ليس
الرجال الذين التقوا مع بعض
صنّاع القرار الأمريكان ، لخدمة
قضيّة الشعب السوري المظلوم ،
وإنصافه من جلاّديه الخونة ..
ليس هؤلاء الرجال ، كلهم من طينة
الغادري السوريّ ، حتّى لو
حضروا مجلساً كان موجوداً فيه
مع الأمريكان .. بل حتّى لو
اشتركوا معه في وفد ، لمحاورة
بعض الساسة الأمريكان !
كلاّ.. ليس
الدكتور الألمعي المتّزن
الفاضل ، نجيب الغضبان ، مثل
فريد الغادري .. وليس الدكتور
محمد خوّام ، الحرّ الأبيّ
اللبيب ، من طينة فريد الغادري ..
فكلّ من هؤلاء ، حالة قائمة
بذاتها ، من حيث هيَ ، ومن حيث ما
تعبّر عنه وما تدعو إليه .. بل
ومن حيث المعدن والأصل ..! فمن
عرف كلّ واحد من هؤلاء ،لا بدّ
أن يعرف ماذا يمثّل كلّ منهم من
حالة .. وما معدن كلّ منهم ،
الشخصيّ والأسَريّ والوطنيّ ..
والإنسانيّ !
ولو جاز إطلاق
الصفات المشتركة على البشر
،لاشتراكهم في مجالس معيّنة ،
في ظرف ما ، أو اختيارهم ألواناً
معيّنة من الأطعمة والألبسة ..
لكان على البشر العقلاء ، أن
يلغوا مداركهم العقليّة ،
ويكتفوا بحواسهم البدائيّة
للتمييز بين الأشياء ، وأولها
حاسّة البصر!
قليلاً من الوعي
والإدراك والإنصاف .. أيّها
الإعلاميّون ، الذين يخلطون
الطيّب بالخبيث ، لأسباب شتّى ،
منها الجهل ، ومنها الخبث ،
ومنها التسرَّع المؤدّي إلى
التهوّر ، والذي يؤذي أصحابه
قبل أن يؤذي الآخرين !
وختاماً نقول:
كان قوم يسوّون
بين البيع والربا ، لاشتراكهما
بالنفع الماديّ ظاهراً ..
فقال لهم ربّ
العالمين سبحانه :
" وقالوا
إنّما البيع مثل الربا ، وأحلّ
الله البيعَ وحرّم الربا .."
وإذا كان عملاء
أمريكا الحقيقيون في دمشق ،
الذين باعوا أمريكا كلّ شيء ،
لقاء البقاء في كراسيّ الحكم ..
إذا كان هؤلاء لهم مصلحة في
إلباس كلّ معارض لهم يعيش في
أمريكا ، لبوس الغادري ، لتشويه
سمعة الجميع ، ليظلّوا هم
يعربدون في البلاد ، دون رقيب أو
حسيب أو معارض .. فهل ثمّة مَصلحة
لسواهم من بعض حملَة الأقلام ،
أو من بعض فرسان الفضائيات ، في
هذا العبث الشيطانيّ الفاسد
المقيت ؟ " ونقصد بالطبع هنا ،
الإعلاميّين الذين لم يؤجّروا
أقلامهم وألسنتهم لسدَنة الحكم
في دمشق " !
وسبحان القائل :
" قل كلّ يَعمل على شاكِلَتِه
"
ولله در القائل:
وما انتفاع أخي
الدنيا بناظِره
إذا استوتْ عندَه الأنوارُ
والظلَم
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|