حُبّاً
بِعليّ، ونِكايَة بمُعاوية
نضال
نعيسة
sami3x2000@yahoo.com
يريد محور
"الاعتدال" العربي، نشر
ثقافته تلك التي تفضي، في
النهاية، إلى الاستسلام الكلي،
وذلك عبر بث روح الهزيمة،
والانكسار، في صفوف المقاومين،
ومن تبقى من شرفاء، في أوساط هذه
الشعوب العربية المنكوبة.
إسرائيل، وأمريكا
لم تتركا لهذه الشعوب المنكوبة
حتى خيار الموت، فقد أخذتا على
عاتقهما، مهمة أن تقتلهم
جميعاً، وأن تأكلهم
"ثوراً"، بعد الآخر. فعندما
يريد أي عربي أن يموت، فإسرائيل
وأمريكا تتكفلان بذلك،
والحقيقة، لم تعد تترك، حتى هذه
المهمة الساقطة لأنظمة الطغيان.
إسرائيل، ورغم الجاهزية
السياسية، والديبلوماسية
العربية، دائماً، والاستعداد
التلقائي للأنظمة للقبول، لا بل
للانبطاح أمام أية مبادرات
سلمية، وتلقفها كهدية من
السماء، فقد رفضت وأغلقت الباب
أمام جميع الجهود
الديبلوماسية، وعملت على
تفشيلها جميعاً. لا بل قوضت في
الواقع كل المساعي، والجهود
السلمية التي لاحت في الأفق في
زمن الاندحار العربي.
سياسة إسرائيل،
وصلفها، وغطرستها، وبدعم
أمريكي لافت، وسافر، شجّعت على
نمو تيارات التطرف، والحركات
السياسية المختلفة التي أخذت من
الإيديولوجيا الدينية كحماس،
والجهاد الإسلامي، وحزب الله،
رداءً لها. هذه الحركات التي
عرفت من أين تؤكل الكتف، وكيف
تخاطب الشارع بلغته، وتجيّشه
لحسابها الخاص. هل يلام بعد ذلك
الشارع العربي على شيوع ثقافة
المقاومة التي نمّتها إسرائيل
وأمريكا، بالذات، والتي أرادت
أن تسلب هذه الأنظمة، حتى من
ورقة التوت، التي كان من المؤمل
أن تستر بها عورتها، في ظل
مشاريع السلام، التي كانت
مطروحة.
المقاومون، لم
يجدوا بداً من المقاومة، كبديل
عسكري، كما لم يجدوا سوى الدين
كغطاء إيديولوجي. ولم يترك أحد
لهم سوى هذا الخيار، لا الأنظمة
التي تلومهم حالياً، ولا
إسرائيل، التي رفضت التعامل
معهم، إلا من منطق المستعمر
الاستعلائي، والاستكباري.
ماذا قدّم النظام
الرسمي العربي المتخاذل، لهذه
الشعوب، من خدمات يمكن أن يلجم
من خلالها، نمو تيارات التطرف،
والمقاومة؟ فهولم يحرر
الأوطان، ولم يحقق التنمية، ولم
يوفر الأمان للشعوب، كما أنه لم
يبنِ دولاً عصرية، وقوية، يشعر
فيها المواطنون بمعنى، وحقيقة
الانتماء. لا بل لقد خلّف وراءه
أكواماً من الكوارث والنكبات،
وجيوشاً من المهمّشين،
والعاطلين عن العمل، المفرغين
فكرياً، والمعبئين دينياً
وغيبيا، والمستعدين للانخراط
في أي تنظيم، وتيار، يدغدغ
عواطفهم، ويخاطب مشاعرهم
المتأججة، ضد واقع، يحفل بكل
أسباب التناقض، الانفجار. وأصبح
خيار الموت، وبنفخ وتزويق خاص،
هو المنفذ الوحيد، والباب
المشرع لشرائح واسعة، وغاضبة
مستعدة للدخول منه على أمل خلاص
ما، حتى ولو كان غيبياً، وفي
سابع سماء.
لم تفلح الولايات
المتحدة، وإسرائيل، في كسب ود
الشارع العربي، ( وهما لن تقدران
لو حاولتا)، من خلال تلك
السياسات العنيفة، والمتعجرفة،
التي تعاملت بها مع الشعوب،
والأنظمة على حد سواء. وعندما
يستنكر، ويهب، ويثور الشارع
العربي العام، بطوله، وعرضه،
بشيبه، وشبابه، ضد القصف
الوحشي، الذي يتعرض له لبنان،
فإن نفس الشارع يفرح، ويجذل،
ويرقص حين تتساقط الصواريخ
"الحزبواللاوية" على المدن
الإسرائيلية. وهذا مؤشر خطير،
على اتجاهات عواطف، ومشاعر
الشارع العربي، غير آبه بمواقف
أنظمة العار المخزية، وهذا مؤشر
خطير، وذو دلالات بالغة، ومعبرة
عن مستقبل تلك القوى الشريرة
على المستوى البعيد. لقد أعلنت
إسرائيل الطلاق النهائي،
والبائن، الذي لا رجعة عنه، مع
الشارع العربي، من خلال عمليتها
العسكرية الأخيرة. وقد
"أشهر" هذا الطلاق، ووافق
عليه "شرعياً"، المؤتمر
الوزاري العربي، "المأذون"
الرسمي، والمفوض للجامعة
العربية.
تحاول بعض الأنظمة
العربية حالياً، وعبر هذه
المواقف المشبوهة، والمضللة أن
تمارس دور القوادة السياسية
لإسرائيل، عبر الصمت الذي
تمارسه، وتبرر كل هذه الجرائم
التي يندى لها جبين البشرية
والإنسانية. هذا الجبين الذي لم
يبق منه شيئاً، وضاعت ملامحه
الأساسية الأخلاقية،
والقانونية، والحقيقية، عبر
سلسلة طويلة من الانتهاكات
السافرة، التي كان العالم، كله،
يقف حيالها متفرجاً، بانتظار
البطاقة الحمراء، والفيتو، ضد
أي مشروع خجول، للتوسل
لإسرائيل، لكي توقف عدوانها
الصارخ، والآثم، على المدنيين،
والأطفال، والأبرياء.
من حق أية دولة، في
العالم، أن تتطلع لبناء قوتها
الذاتية، وتدير شؤون بلادها
بالشكل الذي تريده. ومن حق، أية
دولة، في العالم، أن تسعى، لأن
تكون أمة محترمة بين الأمم، لا
أمة "شرشوحة"، ومهانة،
وذليلة، وتابعة، وخانعة. وليس
من حق أحد، في الآن ذاته، أن
"يناصب" هذه الدولة
العداء، ويضمر لها الشرور،
والأحقاد، بسبب ذلك، ومن ثم،
يشعر أمامها، بعقدة النقص،
والذل، والاستصغار. ومن حق أي
إنسان، أيضاً، أو فصيل، أو
تيار، أن يدافع عن ذاته، ضد كل
الأخطار، وأن يمتلك، لذلك، كل
الأسباب، التي تمنع عنه الأذى،
والشر، والأضرار.
إذا كان هناك تخوف
ما، قد يكون مفهوماً، من قوة
النفوذ، والتمدد الإيراني
و"الفارسي"، في المنطقة،
في ظل تراخ، وانهزام، وتكاسل،
و"ميوعة" سياسية عربية،
فليس البديل بالطبع طلب الحماية
من إيهود أولمرت، أو من أحذية
الجنرالات الإسرائيليين،
والارتماء في أحضانهم، وطلب
الصفح، والقبول، والغفران.
------------------------------
ولاء
لعلي وحباً لمعاوية
طالعت مقال الأستاذ
نضال نعيسة (حباً بعلي ونكاية
بمعاوية). اسم الأستاذ نضال وحده
يكفي لتتابع ما يكتب لأنه يمتح
كما أستشعر من نفس حرّى وبنفس
صادق. ولكن العنوان حفزني أكثر،
فحساسية اللحظة تجعلني أشد غيرة
على قلم مثل قلم العزيز نضال..
كان المقال في
أفكاره كعهدي بمقالات نضال،
محاولات جادة صادقة لدفع الضر
عن أمة والخروج بها من أزمات
يأخذ بعضها بعناق بعض.
على هامش ذاك
المقال، بل ذاك العنوان أحببت
أن أهدي الأستاذ نضال بعض ما سطر
المؤرخون مما كان بين علي
ومعاوية.. (.. وأرسل ملك الروم إلى
معاوية، رضي الله عنه، بلغنا
أنك في حرب مع ابن عمك، ولو شئت
لأمددناك) فكتب إليه معاوية:
والله يا.. الروم لو فعلت
لانضممت إلى ابن عمي وقاتلتك..)
ولذا كنت أتمنى أن
يكون العنوان في هذه اللحظات
الحرجة: ولاء لعلي وحباً
لمعاوية.. ومما يعني الولاء:
الحب والنصرة.
زهير
سالم
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|