ليت
لنا مثل شافيز
دكتور
عثمان قدري مكانسي
الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز
يمتاز عن رؤساء العرب بميزات
كثيرة لا نجدها عندهم ، منها :
- أنه على الرغم من قربه الشديد من
الولايات المتحدة الأمريكية –
على الحدود- فهو يعتقد أن حل
الأمور ليس بيدها بل بيد الشعوب
الحرة ، وأضع كلمة " حرة "
بين قوسين .
- لاتراه يوفر الإدارة الأمريكية –
عن حق وحقيق – أما حكامنا فهم
على الأقل ثلاثة أنواع . أما
النوع الأول فيعتقد أن الحل كله
بيد الأمريكيين ، وقد يشعر
أحدهم ببعض الكرامة فيقول : إن
تسعة وتسعين من الحل فقط ليس غير
! بيد الولايات المتحدة
الأمريكية . وأما النوع الثاني
فيصرح بمعاداتة الإدارة
الأمريكية "على عينك ياتاجر
" ويرسل لها الوفود والرسائل
يرجوها أن تقبله بين عبيدها
وأزلامها . وأما النوع الثالث
فلا في العير ولا في النفير ، أو
قل : " العرس بحرستا والطبل
بدوما " وهم راضون جميعاً ما
دامت خلفياتهم التاريخية
ملتصقة بالكرسي لا تحول عنه ولا
يحول عنها .
- شافيز لا يحكم بالقوانين
الاستثنائية ، ولا يسوم شعبه
الخسف لأنه وصل إلى الحكم
بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع
. وحين قام أتباع جارته بدعم
منها لإسقاطه لم يرسل لها خمسة
وثلاثين ألف ملف أمني لأبناء
شعبه النابهين يسترضيها بها
ويتبجح بعمالته الأمنية وغيرها
للقوة العظمى ، ولم يعلن أنه
ينتظر بفارغ الصبر أن تبدأ
المباحثات بينه وبينها ليثبت
أهليته وبقاءه على صدور أمته ،
ولم يقل بكل صفاقة " الله
...اللي ما بخافش من أمريكا ما
بخافش من ربنا .." بل لم نر
شافيز يقمع المناهضين بالسجون
والمعتقلات ، ولم يرسل أذنابه
من الناعقين والمهرّجين ليفدوه
بالدم والروح كبعض حكامنا
المحترمين جداً ! ممن ورثوا
الحكم عن آبائهم الذين وصلوا
بالدم والسلب والقهر إلى سدّة
الحكم . فترى شافيز وهو الحاكم
الشرعي احتكم إلى الصناديق مرة
أخرى وربح الجولة . أما الحكام
العرب فيحتكمون إلى البطش
والقهر والاعتقال والتغييب
والتشريد مع أن شعوبهم لم
تنتخبهم ، وتقرف من رؤيتهم بله
ذكر أسمائهم .
- شافيز يتجاهل الانتقادات الأمريكية
ويشتري الطائرات والأسلحة
ويصمم على بناء مصانع للسلاح
والذخيرة . وبعض حكامنا لا يجرؤ
أن يزرع القمح في بلده لأن عليه
– إن أراد أن يبقى ملتصقاً
بكرسي الرئاسة بـ " السوبر
جلو الأمريكي " - أن يشتري
القمح من الولايات المتحدة
الأمريكية كي يظل شعبه يقتات من
فضلات الأمريكي فضلاً عن
التفكير بالمحرمات أمثال بناء
مصانع الأسلحة والذخائر
والمعدات الثقيلة والصناعات
المتقدمة .
- شافيز يزور كل العالم الحر ليعقد
الصفقات المناسبة لبلاده غير
مكترث بجارته " العظمى " ،
وحكامنا ييممون
وجوههم نحو كعبتهم الغربية وإذا
واتت أحدَهم لفتة كريمة من
الإدارة الأمريكية وحان وقت
سفره إليها جاءته الوفود
العربية تهنئه بهذه المكرمة
وتتوسطه لدى الباب العالي لربما
تنزل عليهم ليلة القدر ،
وينالون الرضا والسعد كما ناله
سعيد الحظ هذا .
- شافيز يبني اقتصاد بلاده معتقداً أن
البترول مادة قد تنفد سريعاً
فلا ينبغي أن تظل بلاده رهن
الذهب الأسود ، ونحن راضون أن
نبقى استهلاكيين نشتري كل شيء
من غيرنا وأموالنا – عفواً –
أقصد أموال السادة فقط ممن
بيدهم الأمر والنهي يكدسون
أموالهم في بنوك العم سام لتؤول
إليه عاجلاً أو آجلاً يستخدمه
في تقوية اقتصاده ورفاهية شعبه
ثم يبتلعها في الأسواق المالية
والأسهم" الهلامية " وهبوط
الأسعار والمستندات، وهلم جرّا
وينطبق علينا المثل " مال
المهابيل يروح في البلاليع " .
- وأخيراً وليس آخراً ترى لشافيز "
في كل عرس قرصاً " فهو الآن
يزور روسيا ثم روسيا لبيضاء ثم
يتوجه إلى قطر وإيران ومالي في
إطار جولته الرامية لكسب الدعم
لمسعى بلاده للحصول على مقعد
غير دائم في مجلس الأمن الدولي .
أما حكامنا " كش وابعد " فلا
يخرج أحدهم من الوطن إلا لقضاء
الصيف في المناطق المعتدلة
والشتاء في البلاد الدافئة ! وقد
لا يخرج إن أحس أن وضعه مقلقل ،
فلربما " خرج ولم يعد "
كما حصل لأحدهم ، فتخسره
الأمة ويبكيه الشعب الذي اعتاده
على عجره وبُجَره !.
- وينطبق ما قاله فيهم الشاعر :
ويُقضى
الأمر حين تغيب تيْمٌ
ولا يُستأمرون وهم حضور
فقد اجتمع وزراء الخارجية
غير العرب في روما يخططون لما
ينبغي أن يكون في لبنان ، وحين
حضر رئيس وزراء البلد المعني
بهذا الاجتماع فكأنه لم يحضر !!
ولم يجرؤ أحد من وزراء البلاد
العربية أن يطأ روما لأنهم لم
يُدعَوا ، فالأمر لا يعنيهم .
نعم .. الأمر لا يعنيهم .وهناك
الكثير من المفارقات التي
تعرفونها – سادتي القراء – ولا
أعرفها .... فسامحونا.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|