ماذا
لو ..
صبحي
غندور*
ماذا لو أعلنت
الحكومة اللبنانية قراراً
باعتبار أنّ ما يحدث على لبنان
هو عدوان إسرائيلي/أميركي يجب
على العالم كلّه أن يتحرّك
لوقفه فوراً ..؟!
ماذا لو أعلنت
أطراف "14 آذار" دعوتها
لتجمّع شعبي كبير في ساحة
الحرّية (ساحة الشهداء) ودعت
إليه الأطراف اللبنانية الأخرى
ليكون هذا التجمّع رمز الوحدة
الوطنية الحقيقية وصرخة لبنان
الواحد ضدَّ العدوان
الإسرائيلي/الأميركي المشترك
وليكون "المليون" لبناني
أيضاً في (ساحة الحرّية) ضدَّ
العدوان الصارخ على الوطن
والسيادة والأرض والشعب ..؟!
ماذا لو أعلن
الجيش اللبناني فتح باب التطوّع
لجميع اللبنانيين الراغبين
الآن في مواجهة العدوان وتشكيل
ألوية (أنصار الوطن) للمساهمة في
الحرب البرّية المفتوحة الآن في
الجنوب اللبناني ..؟!
ماذا لو تعهّد كلّ
لبناني في أوروبا وأميركا
بإقناع شخص واحد من أبناء هذه
المجتمعات بحقيقة ما يحدث في
لبنان من عدوان وبضرورة قيام
هذا الشخص بالاتصال بحكومته
وبممثّليه في المجالس النيابية
وبالمؤسسات الإعلامية في بلده
من أجل الاحتجاج على العدوان
الإسرائيلي المدعوم أميركياً
وطلب وقفه فوراً من دون أيّ شروط
..؟!
ماذا لو خرجت مئات
الألوف من الشعوب العربية في
كلّ عاصمة عربية وبشكل يومي
لحين وقف العدوان الحاصل على
الشعبين اللبناني والفلسطيني،
وللضغط على حكوماتها من أجل قطع
كافّة أشكال العلاقات مع
إسرائيل ومع أيّ طرف دولي يدعم
عدوانها الراهن؟!
ماذا لو أحيا شعب
مصر مناسبة ذكرى 23 يوليو من خلال
مسيرة شعبية كبيرة إلى مسجد
جمال عبد الناصر تطالب الحكومة
المصرية والحكومات العربية
بالتخلّي عن دور الوسيط بين
القاتل والضحيّة، بين
الإسرائيلي والعربي، وباستخدام
الطاقات العربية الهائلة في
الدفاع عن أرض هذه الأمَّة
وشعوبها ومصالحها؟!
ماذا لو أعلنت مصر
والأردن أنّهما يتحمّلان
مسؤولية احتلال الضفة الغربية
والقدس وغزّة في حرب عام 1967
باعتبار أنّ هذه الأراضي كانت
تحت الإدارتين المصرية
والأردنية، وبأنّ المعاهدات مع
إسرائيل سيتمّ تجميدها إلى حين
استعادة هذه الأراضي لتكون دولة
فلسطينية مستقلّة؟!
ماذا لو استفادت
كلّ الأطراف العربية من درس ما
حدث ويحدث بعد 11 سبتمبر 2001،
وأدركت مخاطر نقل الصراع إلى
خارج الأراضي العربية المحتلّة
حيث نجحت إسرائيل في إقناع
العالم الغربي أنّ المقاومة
المشروعة تساوي الإرهاب
المرفوض وبأنّ حربها الآن هي
حرب على "منظمات إرهابية"
ليكون العالم بموقف المتفرّج
على حرب يعتقد أنّه سيكون
مستفيداً منها .. تماماً كما
تحاول واشنطن إقناع العرب بأنّ
العدوان الوحشي على
الفلسطينيين واللبنانيين هو
حرب مع إيران وبأنّ على العرب
التفرّج على قاتل يغرس السكاكين
في أجزاء مختلفة من الجسم
العربي الواحد ..؟
ماذا لو تحوّل
الغضب العربي الانفعالي الفردي
إلى عمل جماعي فاعل في أطر
ومؤسسات قائمة على وضوح الرؤية
والقيادة النزيهة والأساليب
السليمة؟!
ماذا لو أدرك كلّ
العرب مخاطر ما يحدث معهم وعلى
أرضهم وبأنّهم جميعاً
مستهدفون، وبأن يتحوّل هذا
الإدراك العميق للواقع إلى
إصلاح شامل لواقعهم المخزي
المسؤول عن تحوّل العرب إلى
أمَّة مستباحة؟!
*
مدير "مركز الحوار العربي"
في واشنطن
alhewar@alhewar.com
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|