ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 05/08/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

ربما لا يتسع قلبك إلاّ لحبيب واحد !!

فاعذرينا أمريكا

بقلم محمد علي شاهين*

نحن أمّة كانت في جاهليتها تصنع إلهها من التمر ثمّ تأكله، فلما ظهر الإسلام حطّمت آلهتها المنحوتة من الصخر، فهل تعتقد أمريكا أنّنا سنظلّ مفتونين بتمثال الحريّة إلى أبد الآبدين ؟.

وأنها ببراعتها ودهائها في استخدام نفوذها ومحو ذاكرتنا ستجعلنا متيّمين بها إلى درجة العشق، وهي التي اعترفت بإسرائيل بعد إعلان قيامها باثنتي عشرة دقيقة، وكان ولسون أوّل من بارك وعد بلفور، وترومان أوّل من دعم قرار تقسيم فلسطين، وأنّها . . .

وأنّنا بصمتنا وتسامحنا وحسن ظنّنا بها إلى درجة الغفلة، جعلناها تستأثر ببترول العرب، وتنال بيسر حق التنقيب واستخراج وتكرير وشحن ونقل وتمرير وتوزيع البترول ومشتقاته، وتحديد كميّة تدفّقه إلى الأسواق العالميّة، والتحكم بسعر برميل النفط.

وجعلنا سفنها التجاريّة وناقلات بترولها التجاريّة وأساطيلها البحريّة، ترتع في موانئنا الممتدة من دكالا على ساحل الأطلسي إلى اللاذقيّة، ومن السويس حتى البصرة، مروراً بمضيق جبل طارق وقناة السويس ومضيق باب المندب ورأس هرمز، وزوّدناها بالوقود والماء والطعام، وكنا حرّاسها الأمناء آناء الليل وأطراف النهار.

أعطينا أمريكا فضاءً رحباً لطائراتها التجاريّة والسياحيّة والعسكريّة يمتد من المحيط إلى الخليج، وفتحنا لها أجواءنا وكان العاملون في مطاراتنا في خدمة الطيران الأمريكي.

حاصرنا الاتحاد السوفييتي السابق عدو أمريكا بنطاق من الدول الموالية لها، ومنعناه من الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج، وتطوّع ضباطنا الانقلابيّون بكبح المدّ الإسلامي واليساري بوجه تقدمي نيابة عن أمريكا، ومرّروا الحلول الأمريكيّة للقضيّة الفلسطينيّة، وجعلوا اتفاقيّة الهدنة صلحاً غير مسجّل بمعاهدة مكتوبة، وانتحر كثير من القادة والحكام سياسيّاً من أجل عيون أمريكا.

خضنا الحرب الباردة مع أمريكا وقاتلنا في خندقها بإخلاص، وكنا وراء انتصاراتها في الخليج والعراق وأفغانستان، وتحملنا نتائج غرور ونزق السياسة الأمريكيّة، وأحسنا الظنّ بأمريكا حتى أنّ معشر الساسة العرب في الماضي كانوا يفضّلون انتداب أمريكا على الانتداب الفرنسي والاستعمار البريطاني.

فتنّا نحن العرب بالدولار الأمريكي وجعلناه عملتنا المفضلة، واحتفظنا به في خزائن البنوك المركزيّة ليوم العسرة، وأودعنا في بنوك أمريكا ملياراتنا الكثيرة لتستثمرها بيوت المال الأمريكي على هواها دون حسيب أو رقيب.

ومنحنا الأفضليّة للشركات الاستثماريّة الأمريكيّة، والبضائع الأمريكيّة، والمطاعم الأمريكيّة، والثقافة الأمريكيّة، والدبلوماسيّة الأمريكيّة، واستوردنا منها المنظومات العسكريّة بالمبالغ الفلكيّة على حساب تنمية المجتمع العربي ومشروع نهضته.

جعلنا العلم الأمريكي يرفرف في قلب عواصمنا، ومنحنا الحصانة لجميع العاملين في السفارات الأمريكيّة، ولم نجرؤ على الاقتراب من السفارة الأمريكيّة ولا بالنظر إليها، وكانت الوفود والبعثات الدبلوماسيّة في العالم العربي تلقى كل حماية واحترام، وكان قولها الفصل في كثير من القضايا العربيّة والمحليّة.

سمحنا بدخول الأمريكيين بدون تأشيرات إلى بلداننا، ولم نسمح بدخول العرب إلى وطنهم الكبير إلاّ من سمّ الخياط، ومنحنا المتعاقد الأمريكي أضعاف ما يناله العربي من راتب أو تعويض أو حوافز ماديّة، وفضّلناه على كثير من أبناء جلدتنا، حتى صار الشباب العربي الطموح يحرص على الجنسيّة الأمريكيّة للاستفادة من هذه المزايا التفضيليّة.

هاجرنا إلى أمريكا فغسلنا صحونها، وكنسنا شوارعها، وشطفنا حمّاماتها، وكنا الحمّالين والباعة الجوالين، مقابل حفنة من الأوراق الملوّنة.

أعطى أبناؤنا أمريكا الصحّة والشباب والتعليم العالي، وأعطتهم الإيدز، وجنون البقر، وسجن غوانتانامو.

لبسنا البالة الأمريكيّة ثياباً وأحذية وقبّعات، وأكلنا فضلات أمريكا من الأطعمة المنتهية الصلاحيّة، وفضّلنا استخدام الأدوية الأمريكيّة لعلاج أمراضنا المستعصية قبل أن تجرّب في أمريكا.

أشرعنا أبوابنا للثقافة الأمريكيّة في العالم العربي بما فيها أفلام هوليود ورعاة البقر، وموسيقى الجاز والبوب، وفتنّا بقصّة المارينز، واتخذنا الكاوبوي سروالنا الأنيق، والهامبورغر أكلتنا المفضلة.

فهل تعتقد أمريكا أنّنا سنظلّ مفتونين بتمثال الحريّة إلى أبد الآبدين ؟

وهل تعتقد أمريكا أنّ الحبّ من طرف واحد هو الأكثر دفءً ودواماً ؟

وهل تعتقد أمريكا أن جورج واشنطن كان سيصبر طويلاً على سياسة بريطانيا قبل أن يلقي بصناديق الشاي الموسومة بالتاج البريطاني في مياه ميناء بوسطن ؟

ربما لا يتسع قلب أمريكا إلاّ لحبيب واحد ! ! فاعذرينا أمريكا.

-----------------

* كاتب سوري : رئيس تحرير مجلة الغرباء الالكترونية

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ