العربدة
الإسرائيلية إلى زوال
بقلم:إبراهيم
درويش
أجرت قناة العربية الفضائية مساء
أمس (الجمعة
) اتّصالاً هاتفياً مع السيد
أحمد ملّي عضو المجلس السياسي
لحزب الله في لبنان،تناول
التطورات الميدانية والرؤى
المستقبلية للصراع الدائر الآن
بين المقاومة اللبنانية
الباسلة والقوات الصهيونية
المعتدية، منذ خمسة وعشرين
يوماً، وسط صمت عربي رسمي مخجل.
وقد ذكر السيّد ملّي أثناء
الاتّصال "
أنّ المقاومة اللبنانية عندما
تهدّد تنفّذ تهديدها"،فقد
هدّدت بقصف حيفا وما وراء حيفا
ونفّذت هذا التهديد، بأن قصفت
حيفا والعفّولة والخضيرة
وغيرها. وهي تهدّد الآن بقصف تلّ
أبيب العاصمة الاقتصادية
للكيان الصهيونيّ إذا ما قام
هذا الكيان بقصف بيروت.
فالمقاومة تعني ما تقول،وتؤكّد
أنّ دم المسلم واللبنانيّ
والعربي ليس أرخص من دم
اليهوديّ.
وذكر السيّد ملّي أيضاً "أنّ
العربدة الإسرائيلية قد ولّت
إلى غير رجعة".في إشارة
واضحة إلى أن هذا الكيان
المحتلّ الدخيل، الذي مارس
حرباً نفسيّةً خطيرةً طوال
تاريخه المليء بالحروب
والاحتلال والتقتيل والتدمير
والتهجير في الجانب العربي، دون
أن يلقى الجزاء العادل على
ممارساته...هذا الكيان قد دخل
مرحلة الدفاع عن وجوده غير
الشرعيّ، وأنْ ليس من منطقة
لديه تتمتّع بالأمن، أو لا
تطوله صواريخ المقاومة .
نعم..إن عصر الاستكبار الصهيونيّ
والامبرياليّ في طريقه إلى زوال
بإذن الله، وإنّ الشعور الذي
استقرّ في عقل أكثرنا حول أن
"إسرائيل" قوّة لاتقهر،
وإنها قدر هذه المنطقة وهذه
الشعوب، ولا رادّ لهذا
القدر...إلخ من الترّهات التي
أسهمت الأنظمة الحاكمة العربية
بشكل أو بآخر على الترويج لها
كلٌّ بقدرها. نقول إنّ هذا
الشعور بدأ يتلاشى أو بالأحرى
يُجتثّ من نفوس مواطننا ضحيّة
الآلة الحربية والإعلامية
الصهيونيّة والمأجورة بقصد أو
بغير قصد.
لقد بات المواطن العربيّ البسيط
، الذي لايخفي إعجابه بالمقاومة
الشريفة التي يبديها إخوانه في
لبنان وفلسطين، والانتصارات
الرائعة التي يحقّقونها
،والصمود الأسطوريّ الذي
يتحلّون به، لقد بات هذا
المواطن يسأل بكلّ براءة وحرقة:
من الذي صنع هذه الهالة الهائلة
من التهويل والتخويف والتضخيم
للقوّة الصهيونية في نفوسنا
حتّى بتنا نرتعد لمجرّد ذكر
القوّة الإسرائيليّة؟ ومن
المسؤول عن خلق الهزيمة
الداخليّة للمواطن العربيّ منذ
عقود من السنين تجاه ما يسمّى
بإسرائيل؟ أيْ: مَن المسؤول
حقيقة عن الوجود الصهيونيّ في
الأرض العربية منذ ما يزيد على
نصف قرن سوى الأنظمة التي
لاتُحسن غير خوض المعارك
الكلاميّة عبر الإذاعات وشاشات
التلفاز،ولم يُؤثَرْ عنها سوى
الانسحابات الكيفية وإعلان
سقوط أجزاء من الأرض العربية
العزيزة قبل وصول القوّات
الصهيونية إليها في كلّ المعارك
التي خاضتها بالرغم من أنّها هي
التي حدّدت زمانها ومكانها وليس
العدوّ الصهيونيّ؟ إذا كانت
عناصر المقاومة اللبنانية
والفلسطينيّة بإمكاناتها
المتواضعة وقدراتها التي
لاتُقارَن بما لدى إسرائيل قد
حقّقت انتصارات مذهلة ً على هذا
العدوّ،وتمكّنت من تحرير جنوب
لبنان وقطاع غزّة، واستطاعت
الصمود أمام الآلة العسكرية
اليهودية كلّ هذه المدّة!فماذا
لو دخل الجنرالاتُ العربُ،
أصحابُ النياشين الكثيرة
والرُّتب العالية، والجيوشُ
العربيّة الجرّارةُ هذه الحربَ
إلى جانب المقاومةِ
اللبنانيّةِ والفلسطينيّةِ
الإسلاميّةِ والعربيّة؟ هل
صمدت كلّ الجيوش العربية في
كلِّ الحروب التي خاضتها هذا
الصمود الذي يبديه رجال
المقاومة في لبنان
وفلسطين؟وماذا كانت النتيجة لو
أنّها صمدت؟وماذا لو طالت الحرب
فترةً أطول؟كيف سيكون موقف
الحكومة الإسرائيليّة أمام
مواطنيها الذين يعيشون في
الملاجىء منذ بدء العدوان
الصهيونيّ،ولايجرؤ الواحد منهم
أن يذهب إلى متجره أو مكان
عمله،بل حتى إلى بيت الخلاء،
خوفاً من صواريخ
المقاومة،فيقضي حاجته في
ملابسه كما نقلت وسائل الإعلام
عن بعضهم،وما لم تنقله أعظم؟وكم
تكبّدت الشركات السياحية
الإسرائيلية من خسائر بسبب
امتناع السيّاح عن السفر إلى
فلسطين المحتلّة؟ في سبيل من
يتحمّل الإسرائيليّ هذه
المخاطر والخسائر؟
أسئلة ينتظر المواطن العربيُّ
الإجابة عليها من أصحاب
الشأن،ولا أظنّهم يفعلون! هل
رأيتم حاكماً عربيّاً أدان
نفسه،أو اعترف بخطإ ما طوال
مسيرته الطويلة التي قلّما أصاب
فيها؟
لكنّ هذا المواطن،سواءٌ عرف
إجابات أسئلته أم لا،فإنّه بات
على يقين الآن أنّ زمن العربدة
الصهيونية في الأرض العربية
والمياه العربية والسماء
العربية قد أذن بالزوال،تحت
ضربات المقاومة وصمودها،وأنّ
عصراً جديداً يبزغ الآن،وأنّ
تغيير قواعد اللعبة لصالح العرب
والمسلمين يتمّ في هذه الأيّام،
وأنّ الآلة الحربيّة
الصهيونيّة بكلّ ما فيها،
وبالرغم من أنها لم تدّخر جهداً
على طريق التدمير شبه الكامل
للبنى التحتية في لبنان ومناطق
السلطة الفلسطينيّة،لم تتمكّن
من تحقيق أهدافها حتى
الآن،الأمر الذي يعني ـ فيما
يعني ـ أن مشروع الشرق الأوسط
الجديد الذي يعدُّ في مطابخ
السياسة الأمريكية في هذه
الأيام،وأُريدَ للبنان أن يكون
أولى حلقاته سيكون مصيره
المزبلة،بفضل وعي الشعوب
وإصرارها على التمسّك
بحقّها،والعودة الراشدة إلى
دينها مصدر عزِّها.وأولى تباشير
التقهقر الصهيونيّ قبولحكومة
العدوّ أمس الأوّل بمبدإ تبادل
الأسرى مع حماس،وهذه سابقة
خطيرة لها ما بعدها.لقد أرادت
ليَّ ذراع المقاومة الباسلة
فانلَوَت ذراعُها. فهل ستكتحل
عيونُنا بنهاية المشروع
الصهيونيّ في فلسطين وسائر
المنطقة؟ نسأل الله تعالى ذلك.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|