نحن
و تاريخ من الهزائم و القهر
مازن
كم الماز
mazen2190@maktoob.com
أنا أنتمي إلى جيل بقي ينتظر
انتصارا قادما لم يأت..من حرب
إلى أخرى..من هزيمة إلى أخرى..من
مجزرة إلى أخرى..انتظر آباؤنا
نصرا تحمله أنظمة جاءت باسم
التغيير و الاستقلال و التصنيع
الثقيل و هزيمة الاستعمار
واستعادة الأرض المحتلة..كانت
أنظمة جاءت على ظهور الدبابات
بعد نكبة فلسطين كرد على عجز
الأنظمة ما بعد
الاستقلال..اشتبكت هذه الأنظمة
مع القوى الفاعلة في الساحة
السياسية و الفكرية في طريقها
لتدعيم سلطتها و قامت بقمعها و
تهميشها مدعية أن مركزة السلطة
في يدها مدخل للتقدم و تقوية
الدولة و تعزيز استقلالها..كان
النظام يدخل صيرورة تشد كل
الخيوط إلى مركز واحد و يجري
تشذيب و تقليم المجتمع و النظام
ذاته ليتطابق مع مركزة السلطة
في شخص القائد و تحديد معيار
واحد للدخول في معادلة السلطة و
مقاسمتها و هو الولاء
للقائد..كان الصراع على السلطة
يطبع الفترة الأولى بين فئات
الحكم و كان صراعا شرسا و كان
ضمان ولاء القوى المختلفة عاملا
أساسيا في حسمه..من ثم كرس
النظام نفسه حاكما مطلقا و كان
استيلائه على المجتمع و اختزال
حركته بما يطرحه الحكم و ما كان
على أجهزة الأمن سوى ضمان
الإجماع الوطني حوله.. و كان
يحكم بقوة البيروقراطية و بهدف
الحفاظ على ميزاتها..و من
التأميم إلى الإصلاح الزراعي
إلى القطاع
العام و بناء الجيش
كان كل ما حاول بناؤه يصبح
عمل شكلاني أجوف من المعنى
مرتهن لمصالح البيروقراطية و
على رأسها النخبة الحاكمة..كان
الانهيار يستمر يغطيه رداء زائف
من الثورية الإنشائية..كانت
أزمة النظام تترقى فهو خاو
فعليا..و جاء السقوط في حزيران
1967..تغير الشرق بعد الهزيمة
المرة..فبعد الهزيمة قرر أجزاء
من البيروقراطية بعض ال"قادة
الثوريين" قطع حبلهم السري مع
الماضي و انتقلوا إلى الصف
الآخر..و تابع الآخرون حروبا كان
هدفهم النجاة من نارها و من حرب
إلى أخرى و مع مر السنين أصبحت
الأنظمة شبحا لتلك التي تلقت
الهزيمة في 1967..كانت مركزة
القرار في بنية النخبة الحاكمة
انتهت إلى سلطات عائلية تتحكم
بمفاصل البلاد و تستبيح البلد و
الشعب..كانت هزيمة الأنظمة في
حزيران تعرية لخوائها و عجزها
الحقيقي..كان الجانب الآخر من
الأنظمة ينتظر سقوط ال"خطاب
المقاوم القومي" ليعلن فشل
توجهات المقاومة و التحرر بقوة
الأمر الواقع و الاستفاضة في
الحديث عن عجز و تفتت و ضعف هم
مسئولين عن إقامته و تكريسه.. إن
انتصار هذا المنهج المتناغم
أولا مع المصالح الأمريكية
ثم الذي يلهث وراء إرضاء
أمريكا و يعتبر غضبها شر لا بد
من تجنبه بأي ثمن كان جرى بشكل
تدريجي اعتبارا من اتفاقيات 1979
و أصبح نهائيا بعد حرب الخليج
الأولى 1991..لقد انضمت الجبهات
الفلسطينية إلى هذه اللعبة
العربية الرسمية و بعد أن كانت
على أقصى اليسار انتقلت بفعل
عوامل تطور بيروقراطية المنظمة
و تأثير البترودولار إلى أقصى
اليمين..أذكر تلك المعارك التي
خاضتها القوات المشتركة في
لبنان في ذات المناطق التي تدور
فيها الآن المعارك مع القوات
الإسرائيلية..أذكر ذلك الدعم
الكبير و ضخ الأسلحة من ليبيا و
الاتحاد السوفييتي للمنظمة و
أذكر تهليل الناس للخسائر
الإسرائيلية..أذكر عندما كنا
نسمع أن قوة ال 17 تستلم خوات من
بيوت الدعارة و القمار في بيروت
الغربية كيف كنا نعتبر كلام
كهذا حطا من قيمة المقاومة و لم
نعرف أن مقاومة كهذه ستقود
لهزيمة لا بد قادمة..كنا قد
بدأنا ندمن فكرة أن حريتنا و
لقمة خبزنا قربان ضروري لصمود
شكلاني شفهي يرتهن لمصالح
البيروقراطية الحاكمة , هش معرض
للانهيار عند أول تجربة لأنه
بني على تهميش الشعوب و استلاب
أوضاعها و قهرها...في ذات الوقت
كان النظام السوري و الإخوان
يشتبكون في صراع دموي و كان كلا
الطرفين يستبيحان أي شيء و خاصة
دماء الناس الأبرياء الذين
ليسوا مع السلطة أو مع الإخوان و
ذلك في سبيل النصر! و قد توزعنا
بين هذا و ذاك بين من اعتبر
الضحايا الذين يسقطون مقدمة
لبناء دولة إسلامية و بين من رأى
فيهم وقودا لتأكيد أنه لا حياة
في سوريا إلا
للتقدم و الاشتراكية..عندما
دخل النظام في حرب لبنان 1982
دخلها مكرها و دخلها بأقل
الإمكانيات و خاضها بهدف أساسي
هو إحتواء الحرب و عدم وصولها
إلى صراع شامل قد يهدد وجوده و
خاضها بغرض إنهائها بسرعة بغض
النظر عن نتيجتها و لكننا آنذاك
هللنا للخسائر الإسرائيلية
المتواضعة و قصص البطولات في
السلطان يعقوب و غيرها..كان هذا
نموذجا تقليديا للحروب
العربية-الإسرائيلية..مرت
الأيام و استمر ترقي الفساد و
مركزة السلطة و فردانيتها إلى
أن أوصلانا إلى التوريث توريث
البلد و العباد من الأب إلى
الابن و تحول البلد إلى ما يشبه
ملكية خاصة للعائلة للنخبة
الحاكمة..و الآن يسيل الدم و يعم
الدمار في لبنان و فلسطين و يصبح
الموت الضيف الدائم لشوارع
العراق و ترى النهب و القمع
الممتد على امتداد الشرق يأتينا
من أنظمة تقاتل دفاعا عن وجودها
و تأكيدا لسطوتها على المجتمع و
من إسرائيل التي يتقدم مشروعها
اليهودي الأصولي على دماء و
أشلاء الناس من مجزرة إلى أخرى و
من أمريكا التي تريد تكريس
سطوتها الكونية في منطقتنا و في
سطوتها على آبار النفط الأغنى
في العالم و تريد ضمان شيء من
الأمن في عصر يقسم فيه العالم
بين نعيم الشمال و جهنم الجنوب و
ذلك لترويض أهل الجنوب الغاضبين
الذين يقضون أوقاتهم يحاولون
الوصول إلى أرض الأحلام إما على
مراكب الموت أو أمام السفارات
المحمية جيدا و من قوى أصولية
تريد مواجهة أمريكا بوسائل
إرهابية لا تؤمن بالعمل
الجماهيري أو بقدرة هذه
الجماهير على النضال و التغيير
و في سبيل فرض نموذجها على
المجتمع في
تماهي كامل مع شريعة القوة و
إلغاء الآخر حتى درجة استئصاله
التي بدأتها و كرستها الأنظمة
المستبدة و أمريكا و
إسرائيل..كان نجيب سرور أقدر على
أن يرى ما يجري..كان كرهه الفطري
للاستبداد دفعه لعدم تصديق هذه
الشعارات التي تنتهي قهرا و
قمعا فقال بسخريته السوداء
حتى الذي ينددون كما الضمائر
باللصوص
فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|