ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 10/08/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لقاء مع الجنرال طاووس

-1-

د. هشام الشامي

بمناسبة عيد تأسيس الجيش العربي السوري أجرى الزميل الصحفي مسعود الصحاف ( مراسل القنوات السورية الثلاث – الأولى و الثانية و الفضائية – و مراسل الصحف السورية الثلاث – الثورة و البعث و تشرين – و مراسل مجلة جيش الشعب ، و مجلة المرأة ، و مجلة أسامة ) لقاء صحفياً هاماً مع أحد أعمدة و أركان و أساسات و مخضرمي الجيش العربي السوري ،الرفيق اللواء الركن الدكتور طاووس بن مهزوم النعام ( أبو نضال ) ، قائد الفرقة الأولى في الجيش العربي السوري ، و مدير دار نضال للنشر و التوزيع ، و رئيس تحرير مجلة جيش الشعب ، و رئيس مركز البحوث العسكرية و الاستراتيجية بدمشق ، و عضو الأمانة العامة للإتحاد النسائي العام ، و عضو شرفي في الأمانة العامة لطلائع البعث ، و عضو مجلس نقابة الفنانين السوريين؛ و رئيس لجنة إحياء التراث و الرقص الشرقي في النقابة، و رئيس رابطة خريجي الدكتوراه و الدراسات العليا ، و الحاصل على الدكتوراه في علوم أمن المجتمع من جامعات الاتحاد السوفيتي ، عن رسالته في ( فن تجييش و تهويش الشعوب في المسيرات التعبوية و المظاهرات الجماهيرية و الاحتفالات المهرجانية ) و التي اعتمدت كمرجع رئيسي و كتاب جامعي لا يمكن الاستغناء عنه في أساليب تنظيم المهرجانات الخطابية ؛ و سوق الجماهير الحاشدة ؛ و فنون الخطابة و الهتافة و التطبيل و ( التزمير) و التزلف و مسح الجوخ و الأحذية و( التشحيف ). و صاحب كتاب ( فن الطبخ ) و الذي أجاد فيه بوصف الطبخات الشعبية في الوطن العربي ؛ و أجرى دراسة مقارنة بين الطبخات الشرقية من جهة و الطبخات الصهيونية و الإمبريالية من  جهة أخرى ؛ و أثبتَ بالدليل العلمي القاطع ؛ تفوق الوجبات الشرقية عموماً و العربية بشكل خاص بنسبة الشحوم و الدسم و القيم الغذائية و المعنوية و الفوسفورية و التي تجعله حاضر الذهن و البديهة في الأزمات و الحروب ؛ و يملك القدرة على امتصاص الصدمات و اللكمات ؛ و تحويل الهزائم و النكبات الواقعية إلى بطولات و انتصارات خيالية. و صاحب كتاب ( أجمل الجميلات ) و الذي أثبت فيه بالدليل القاطع و بأسلوب منهجي علمي ؛ و بالصور و القرائن ؛ أن المرأة العربية هي الأجمل بين نساء العالم، و أن المؤامرات الإمبريالية و الصهيونية و الرجعية هي السبب في عدم حصول أي امرأة عربية على لقب ملكة جمال الكون .و صاحب كتاب ( تطور الفن العربي الأصيل و دوره في المعركة ) و الذي فصّل فيه كيف تطور الفن و الطرب ؟ من جيل أم كلثوم و عبد الحليم و عبد الوهاب و حتى وصل إلى هيفاء و نانسي و روبي اللواتي استطعن بمواهبهن الفطرية و إمكانياتهن البارزة و جمالهن الفتان و غنجهن الزائد و تحررهن و انطلاقهن من حشد جماهير الشباب أمل الأمة الواعد أمام الشاشات و في المحافل و النوادي و الأفراح و المناسبات ، و كان لهن الدور الهام و الأساسي في التنفيس و التخفيف من هموم الشباب العربي الذي يشكل أكثر من نصف المجتمع، و الذي كاد أن ينفجر و يُقضى عليه من شدة المآسي و المخازي و الهزائم و النكبات و النكسات و الكبت و الحرمان ، و بالتالي خلص إلى نتيجة هامة ، حين أرجع لهن الفضل في المحافظة على جيل كامل من العرب المستعربة و الذين كادوا لولا وجود هؤلاء الفنانات الماجدات و أمثالهن أن يلتحقوا بسلفهم العرب البائدة .

و اللواء طاووس حريص أن يكون دوماً بكامل مظهره العسكري الميداني ، و قد امتلأ صدره بالنياشين العظيمة و الأوسمة المزخرشة ، و علت كتفه الرتب الرفيعة ، و قد ارتدى حذاء عسكرياً ( بسطاراً ) ضخماً ، و الناظر إليه يرى عظمة و كبر جيشنا المغوار ، فطوله يقارب المترين ، و عرضه تجاوز المتر ، و يحمل أمامه كرشاً مقذعاً ، أما رأسه الضخم و الذي تغطيه قبعة عسكرية دائرية يتوسطها نسر ضخم ، فتتصدره جبهة عريضة مسطحة ، ينتفخ في وسطها وريدان ضخمان ، و يبرز أسفلها عينان جاحظتان تكادان تخرجان خارج مقلتيهما ، و يتوسطهما بؤبؤان عسليان فاتحان ، يسبحان وسط بياضيهما المضرجان بالحمرة الزائدة ، أما شفتاه الضخمتان فيعلوهما شاربان طويلان مفتولان و مصبوغان بعناية زائدة باللون الأسود الغامق الذي أخفى كل بياض الشيب ، و ما فعلته السنون و الأيام بهذا الصنديد المخضرم ، و أما رقبته الطويلة فينتفخ بطرفيها الوريدان الوداجيان كساقيتين تجريان حول تلة تبرز في وسطها تفاحة آدم بوضوح .

و الحقيقة أن أبا نضال موسوعة ضخمة ، و تاريخ طويل ، من النضال و العلم و المعرفة و الثقافة ، و لو أردنا أن نذكر كل منجزاته و مؤلفاته و بطولاته و تضحياته و شهاداته و أعماله و خطاباته و مقالاته فلن يسعنا جمعهم في مئات و لا حتى آلاف المجلدات ، فهيهات هيهات أن نحيط به في لقاء صحفي عابر ، و يكفيه فخراً و اعتزازاً أنه شارك في كل المعارك البطولية الحاسمة و مواقع الصمود و التصدي و الممانعة، التي جرت على طول و عرض الوطن السوري ، و في محيطه العربي ، و استحق وسام الشرف من المستوى الرفيع و الذي قلّده به السيد رئيس الجمهورية بعد عودته من إحدى الغزوات الكثيرة كما سيرد في اللقاء . و الآن دعونا نستمتع بإجابات سيادة اللواء طاووس على أسئلة زميلنا مسعود .

الزميل مسعود : - يسعدنا و يشرفنا أن نرحب بك سيادة اللواء ، و نريد بداية أن نهنئكم بعيد تأسيس الجيش العربي السوري .

اللواء طاووس " يجيب من طرف لسانه، بعد أن أغمض عينه اليمنى و رفع رأسه قليلاً و أمال رقبته و أرخى شفته السفلى ": - أهلاً ، أهلاً ، شكراً .

س – سعادة اللواء ، دعنا نبدأ من حيث بدأت ، حدثنا عن التحاقك في سلك الجيش ، و ما هو سبب هذا الاختيار الصعب ؟.

اللواء طاووس يتنحنح و يعدّل جلسته و يجيب :

ج- الحقيقة لم اختر سلك الجيش ، و إنما تستطيع أن تقول هو من اختارني ، أما كيف و متى ؟ فأقول لك بصراحة أنني حصلت على الثانوية في عام 1960م ، و بعدها لم استطع متابعة دراستي بسبب وضع والدي المادي ، و خصوصاً أن أخي الأكبر الرفيق الراحل المناضل الكبير صطام ( أبو قحطان ) كان يومها مسرّحاً من الجيش برتبة ملازم أول ، و كنا أنا و أخي صطام نساعد الوالد في حراثة و فلاحة الأرض ، كما كنت أُدرّس في مدرسة القرية الابتدائية بنظام الساعات ، و كنت أظن أن حياتي سوف تسير على هذا المنوال حتى النهاية ، و سأبقى فلاحاً بسيطاً طوال حياتي ، حتى كانت ثورة آذار الخالدة ، التي شارك فيها أخي أبو قحطان مع رفاقه ، و أطاحوا بنظام الانفصال البرجوازي الرجعي العميل ، و هنا أعيد أخي إلى الجيش و رُفّع إلى رتبة رائد ، و سُلّم الكلية الحربية بحمص ، و أول عمل قام به هو تسريح كافة طلاب الضباط الذين دخلوا الكلية في عهد الانفصال البائد ، و تم فُتح باب الترشح لدورة ضباط جديدة ، و سَجّل اسمي مع المنتسبين ، و فعلاً دخلت الكلية ، و تخرجنا منها بعد سنة و أربع أشهر فقط ، في أقصر دورة للطلاب ، و سُميت تلك الدورة عند تخرجنا بدورة البعث ، و هكذا كانت ثورة آذار المجيدة ثورة في حياتي و حياة عائلتي قبل أن تكون ثورة على الإقطاع و البرجوازية و الرجعية عملاء الإمبريالية و الصهيونية ، و أستطيع أن أقول لك أن ميلادي الحقيقي كان يوم الثامن من آذار من عام 1963م، و كنت قبلها أنا و عائلتي لا شيء يذكر .

س – هل يعني هذا أنك لم تكن تفكر أن تصبح ضابطاً ؟.

ج-  أبداً ، لقد كان أكبر حلم لي أن نملك ثوراً ، يساعدنا في حراثة الأرض الصخرية الصعبة التي كنا نعيش من مردودها البسيط مع عائلتي ، كنت و أخوتي العشر نعيش مع والدينا و جدتنا في غرفة واحدة ، ننام على الأرض و نلتحف السماء ، و كنا لا نذوق طعم اللحم إلا في الأعياد و المناسبات ، عندما تستطيع والدتي أن تتجرأ و تذبح إحدى الدجاجات التي كنا نبيع بيضها و لحومها في المدينة دون أن نأكل منها إلا القليل . و كنت أقطع على دراجتي الهوائية القديمة ، التي استعملها أخي من قبلي ، كل يوم أكثر من عشرين كيلاً ، ذهاباً و مثلها عودة ، في طرق جبلية ترابية وعرة متحملاً صعوبة طقس فصل الشتاء الشديد البرودة ، إلى مدرستي الإعدادية و من ثم الثانوية على مدى عشر سنين ، حتى استطعت أن أحصل على شهادتي الثانوية ، و رغم كل الصعوبات التي واجهتني أثناء ذهابي و عودتي إلى المدرسة و صعوبة مواد التدريس بحد ذاتها ، فقد كنت أرفض كل طلبات والدي المتكررة ، أن أترك المدرسة لأساعده في فلاحة الأرض ، لأنني كنت أجد في المدرسة فرصة للهروب من واجبات الأرض التي لا أحبها ، و فرصة أخرى للذهاب إلى المدينة حيث كنت أفضل حياة المدينة على حياة الريف الخشنة المتخلفة .

س- و ماذا عن ترقياتك ؟.

نفش طاووس ريشه ، و عدل جلسته، و مر بإصبعيه على طرفي شاربه الأيمن الطويل المقوس ، ثم أجاب :

ج – تخرجت برتبة ملازم في عام 1965م ، و بعد أقل من عام و في 23 شباط من عام 1966م ، شاركت في الهجوم البطولي على منزل رئيس الجمهورية الفريق محمد أمين حافظ ، و كنت يومها في كتيبة المغاوير التي يرأسها سليم حاطوم ، و أبليت بلاء حسناً ، و استطعت أن أقتل و أصيب عدداً كبيراً من حراس و مرافقة الرئيس ، و أصبت الرئيس نفسه بإحدى طلقاتي ، فرفّعت بعد هذا الهجوم رتبتين ؛ و أصبحت نقيباً ، و في حرب حزيران 1967م كنت من المشاركين في عملية إخلاء الجبهة و مدينة القنيطرة من الرفاق و عوائلهم ، و ضربنا وقتاًً قياسياً في سرعة الإخلاء و الإجلاء ، و استطعنا إخلاء آخر رفيق قبل وصول أول جندي إسرائيلي إلى القنيطرة بيومين ، و ذلك تنفيذاً لأوامر الرفيق وزير الدفاع آنذاك ، و بعد مشاركتي في أواخر شباط 1969م باعتقال و محاصرة العقيد عبد الكريم الجندي رئيس المخابرات العامة و أعوانه،والتي انتهت بانتحار الجندي أوائل آذار من نفس العام ، رقيت إلى رتبة رائد ، و شاركت بعدها بدور فعال في الحركة التصحيحية التي قادها الرفيق المناضل الراحل حافظ الأسد، و قمت باعتقال أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث ،وأتباع اللواء صلاح الجديد في تشرين الثاني 1970م ، ثم رقيت إلى مقدم و ضمني رفعت إلى سرايا الدفاع و ذلك أواسط عام 1973م ، و لذلك لم أشارك في حرب تشرين التحريرية ، حيث كانت مهمتنا حماية القيادة السياسية في العاصمة ، و قمت بنفس العام بإجراء دورة ركن ، و بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان ، و دخول الجيش السوري لإنهاء الحرب هناك ، كلفت بعدة مهام قتالية ، حيث ترأست فوج من السرايا شارك مع قوّات من الوحدات الخاصة و الشرطة العسكرية باقتحام مخيم تل الزعتر الفلسطيني قرب بيروت، و تمكنا بعد حصار مديد و معارك ضارية مع كل الفصائل الفلسطينية و قصف مدفعي و جوي مركز ، من اقتحام المخيم بالخدعة ، و ذلك عبر سيارات الإسعاف و الصليب و الهلال الأحمر و سيارات الإغاثة ، حيث لبسنا لباس الأطباء و الممرضين الأبيض و أخفينا أسلحتنا داخل سيارات الإسعاف و سيارات التموين و شاحنات المساعدات الإنسانية ، و عندما أصبحنا في وسط المخيم ، فاجئنا الجميع و فتحنا النار بكثافة ، و بذلك كسرنا طوق الحصار و حسمنا المعركة التاريخية لمصلحتنا ، و رقيت بعد هذه المعركة البطولية إلى رتبة عقيد ركن ، و في عام 1979م شاركت في إخماد حوادث الشغب في مدينة اللاذقية ، و في عام 1980م ، شاركت في حصار و تمشيط مدينة حلب أثناء أحداث الثمانينات ، و استطعنا بمشاركة الوحدات الخاصة و الفرقة الأولى من إخماد أحداث الشغب و الاضطرابات و التظاهرات التي كانت تحرّض عليها القوى الرجعية المعادية للثورة ، و أذكر أننا صباح العيد حاصرنا مجموعة من المشاغبين في حي المشارقة و حولنا عيدهم إلى مأتم جماعي ، و جعلناهم عبرة لمن يعتبر ، و في نفس العام شاركت في متابعة و ملاحقة فلول العصابات الإجرامية في إدلب و جسر الشغور و سرمدا ،و كنا نشكل محاكم ميدانية عسكرية تقوم بتنفيذ الإعدامات على الفور ، و أمام أهل المعدومين و أزواجهم و أبنائهم ، حتى يرتدع الجميع . أما الحدث الهام و المصيري و الذي كان السبب لترقيتي إلى رتبة عميد ركن فكان بعد محاولة اغتيال السيد الرئيس الفاشلة  في حزيران من عام 1980م...

* نكتفي بهذا القدر من اللقاء الهام مع سيادة اللواء الركن طاووس ، و سوف نتابع بقية المقابلة في الحلقة القادمة .

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ