البحث
عن البطولة ..
بين
نَزعتَيْ التدمير والتسمير!
عبدالله
القحطاني
1-الدولة
الصهيونية المتحكّمة بقرارات
دولنا العربية ، عبر هيمنة
حليفتها أمريكا على هذه الدول ..
تسعى جاهدة إلى تدمير كل شيء في
بلادنا ، بدءاً بشخصية الإنسان
، وانتهاء بالأرض والماء
والهواء ..! وتدميرُها للإنسان
يشمل تدمير الحاكم والمحكوم ،
على حدّ سواء ، كلّ بما يناسبه .
والعنصر الأساسي المشترك
بينهما ، الخاضع للتدمير قبل
غيره ، هو الأخلاق ! وحين يتمّ
التدمير يَتبعه التَسمير ( أي
التثبيت بمسامير أو بما يماثلها
من وسائل التثبيت)! فالحاكم إذا
دمّرتْ أخلاقه ، اتّخذ مِن
كرسيّه وثناً يعبده ، وصار
تهديده بنزع هذا الوثن منه ،
يقصم ظهره ، ويجعله يحني رأسه ،
ويلبّي كل ما يطلبه منه القويّ
الذي يهدّده بنزع الوثن أو
إبعاده عنه ! وأهمّ ما يطلَب منه
في العادة ، هو أمران : * السلبية
تجاه أيّ خطر أو ضرر يأتي من
القويّ المتحكّم ، فيصيب جيرانه
أو إخوانه ، أو يصيب حتى وطنه (
وفي حالات معينة ، يطلَب منه
التعاون في صناعة هذا الخطر أو
الضرر)! ** المشاركة في تدمير
شعبه وبلاده ، بإفساد أخلاق
الشعب ، وتحطيم مروءاته ،
وتزييف وعيه .. ثمّ تدجينه
وتسميره ، وشلّ قدرته عن أيّ فعل
يقاوم فيه الشرّ والفساد
والخراب ، ممّا يوجَّه إليه ، أو
إلى شعبه ووطنه ..!
1- وبين
التدمير والتسمير القادمَين من
الخارج ، ومثيلَيهما النابعَين
من الداخل ـ عَبْر الحكّام
المدمَّرين المسمَّرين ـ يصبح
المواطن كتلة هلامية ، ليس لها
مرتكزات شخصية ! وكل ما يتبقى
لديها هو مجموعة من الأحلام (
أحلام : بالبطولة، والشجاعة ،
والحرية ، والعزّة ، والكرامة..
والجهاد ضدّ أعداء الأمّة الذين
يدمّرونها ويسمّرونها ..!)
2- وهنا
يَبرز (البطل !) .. البطل الذي
يدغدغ الأحلام ، ويستقطب
الأماني والطموحات، ويَمنح
الشعارات قيمتها وصدقها
وروعتها!
3- فمن هو
البطل ؟ وماذا يفعل ؟ لا تفكّر
الكتل الهلامية عادةً ، بحقيقة
البطل : مَن هو؟ ومن أين جاء ؟
ومَن وراءه ؟ وما أهدافه
الحقيقية ؟ ولحساب مَن يمارس
بطولاته؟ وما النتائج المتوقعة
لبطولاته ؟ ومَن يحصد هذه
النتائج ..!؟ المهمّ هو ما يفعله!
المهمّ هو البطولة : التصدّي
لأعداء الأمة بالفعل ( أو
بالشعار.. في الحدّ الأدنى !).
فإذا مارسَ الفعل ، وجابَه
العدوّ بمقاومة تَسرّ الكتل
الهلامية ، كان بطلاً ! وإذا
ضَرب العدوّ فأوجَعه ، كان
بطلاً عملاقاً ، تُرفع صوره ،
ويُلهَج بذكره ، وينادَى به
زعيماً للأمّة ..! وقد يُرفع قدره
إلى مصافّ العظماء الخالدين في
تاريخ الأمّة ..! فإذا أخطأ في
قول أو فعل ، فخطؤه عَين الصواب
..لأن البطل لا يخطئ ! وكلّما
ازداد إحساس الجماهير بالذلّة
والهوان ، ازداد تلهّفها لرؤية
البطل بين صفوفها ( وهي غير
مؤهلة بالطبع ، للتمييز بين
البطولة الحقيقية والبطولة
الزائفة ، ولا بين بطولة الفعل
الرشيد وبطولة الفعل الأحمق ،
ولا بين البطولة الموظّفة لحساب
الأمّة وتلك الموظفة لحساب أناس
آخرين على حساب الأمة ..! لأن هذا
التمييز يحتاج إلى قدرات خاصّة :
قدرات على حساب الواقع
وتعقيداته ..وقدرات على توقع
المآلات الناجمة عن الأفعال
الكبيرة ..!)
4- فإذا جرّ
البطل الأمّة إلى كارثة فظيعة ،
ثم وقف يعترف بتحمّله
المسؤوليةَ عنها، والتخلّي عن
موقعه في القيادة .. خرجت
الجماهير إلى الشارع تتوسّل
إليه أن يبقى قائداً لها ، لأنها
ستشعر باليتم إذا غاب عنها ..!
وإذا ألقى بمصيرها في يد دولة
أخرى ـ تحت ذريعة ما ـ فلا بأس ،
مادام هو يرى ذلك صواباً ، على
أن يظلّ رافعاً للشعارات التي
تحبّها الجماهير وتلتفّ حولها
..! دون أن تدرك أن هذه الشعارات ،
ربّما كانت حبالاً خانقة ،
تلتفّ حول أعناقها ..!
5- وإذا فعلت
الأقدار فعلها بالأمّة ،
واكتشفت ـ بعد نهاية دور البطل ـ
أنه كان مزيفاً، مصنوعاً في
دوائر غريبة عن الأمّة ، وأن
الذي كان مطلوباً منه هو دور
معيّن قد أداه ومضى في سبيله ..
إذا اكتشفت الأمة هذا ـ بعد فوات
الأوان ـ يكون دور البطولة
الزائفة قد فعل فعله فيها .. في
شعوبها وأوطانها وأجيالها ..
لتعود بعد ذلك تداوي جراحها ،
وتلملم ما تبعثر من كيانها ،
وتصحح ما زُيّف من وعيها..
بانتظار بطل جديد حقيقي ، غير
مزيف (وربّما يمنّ الله عليها
ببطل حقيقي ، وربّما يبتليها
ببطل مزيّف جديد ، يمارس أساليب
جديدة ، ويستخدم وسائل جديدة ،
ويبتكر في الخداع فنوناً باهرة
جديدة ، أكثر من سابقتها
إحكاماً ، لتضليل عقولٍ حسبتْ
الكؤوسَ المُرّة التي جرّعها
إيّاها أبطالُ الخِداع ، قد
شكّلت لها مَطاعيمَ واقيةً من
الخداع، وحصّنتها ضدّ الخداع
والمخادعين ..!).
6- فما دور
العلماء والمفكرين ، والمربّين
والموجّهين ، والقادة
السياسيين ، في الأمّة .. في
توعية أبناء الأمّة ، وإكسابهم
القدرة على إدراك الفروق ، بين
البطل الحقيقي والبطل الزائف ،
وبين الزعيم الحرّ المخلص
ونظيره المخادع الدجّال ..!
ونفترض هنا بالطبع ، أن هؤلاء
المندوبين لإكساب شعوبهم ملكةَ
التمييز ، يملكون هم أنفسُهم ـ
أو أكثرهم ـ هذه الملكة ،
ويملكون ـ كلّهم.. أوجلّهم ـ
الحدّ الأدنى المطلوب لمن في
مواقعهم ، من الوعي والإخلاص ..والتمييز!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|