ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 17/08/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لقاء مع الجنرال طاووس

-2-

د. هشام الشامي

نشرنا في حلقة سابقة الجزء الأول من اللقاء الصحفي الذي أجراه بمناسبة عيد تأسيس الجيش العربي السوري الزميل الصحفي مسعود الصحاف مع أحد أعمدة و أركان و أساسات و مخضرمي الجيش العربي السوري ،الرفيق اللواء الركن الدكتور طاووس بن مهزوم النعام ( أبو نضال ) ، قائد الفرقة الأولى في الجيش العربي السوري ، و مدير دار نضال للنشر و التوزيع ، و رئيس تحرير مجلة جيش الشعب ، و رئيس مركز البحوث العسكرية و الاستراتيجية بدمشق ، و عضو الأمانة العامة للإتحاد النسائي العام ، و عضو في الأمانة العامة لطلائع البعث ، و عضو مجلس نقابة الفنانين السوريين، و رئيس لجنة إحياء التراث و الرقص الشرقي في النقابة، و رئيس رابطة خريجي الدكتوراه و الدراسات العليا ، و الحاصل على الدكتوراه في علوم أمن المجتمع من جامعات الاتحاد السوفيتي، و الذي تخرج من الكلية الحربية بحمص برتبة ملازم في عام 1965م ، و شارك في الهجوم على منزل رئيس الجمهورية الفريق محمد أمين حافظ في شباط 1966م ، و خلال حرب حزيران 1967م كان من المشاركين في عملية إخلاء الجبهة و مدينة القنيطرة من الرفاق و عوائلهم ، و بعد مشاركته في أواخر شباط 1969م باعتقال و محاصرة العقيد عبد الكريم الجندي رئيس المخابرات العامة و أعوانه، رُقي إلى رتبة رائد ، كما شارك بعدها بدور فعال في الحركة التصحيحية التي قادها الرفيق المناضل الراحل حافظ الأسد، و قام باعتقال الرفاق أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث ، ثم رُقي إلى مقدم و ضمه رفعت الأسد إلى سرايا الدفاع و ذلك أواسط عام 1973م ،و أثناء حرب تشرين التحريرية ، كانت مهمته حماية القيادة السياسية في العاصمة ، و بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان ، و دخول الجيش السوري لإنهاء الحرب هناك ، ترأس فوج من السرايا شارك مع قوّات من الوحدات الخاصة و الشرطة العسكرية باقتحام مخيم تل الزعتر الفلسطيني قرب بيروت، و رقي بعد هذه المعركة البطولية إلى رتبة عقيد ركن ، و في عام 1979م شارك في إخماد حوادث الشغب في مدينة اللاذقية ، و في عام 1980م ، شارك في حصار و تمشيط مدينة حلب أثناء أحداث الثمانينات ، و في نفس العام شارك في متابعة و ملاحقة فلول العصابات الإجرامية في إدلب و جسر الشغور و سرمدا ،  ثم وصل الجنرال طاووس في إجابته على سؤال زميلنا الصحاف إلى الحدث الهام و المصيري و الذي كان السبب في ترقيته إلى رتبة عميد ركن و ذلك بعد محاولة اغتيال السيد الرئيس الفاشلة  في حزيران من عام 1980م ، نتابع اليوم إجابات الجنرال 0

يتابع الجنرال طاووس قائلاً :

- بعد محاولة الاغتيال الفاشلة هذه ، اتصل بي المقدم معين ناصيف صهر القائد رفعت الأسد ، و قال لي : إن القائد يطلبك في مكتبه بسرعة ، فالحق بي هناك 0 و فوراً توجهت إلى مكتب القائد ، و وجدت المقدم ناصيف عنده ، و كانا ثملين و غاضبين ، و يقدح الشرر من عينيهما ، و يكيلا الشتائم و السباب على عصابات القتل و الإجرام ، و فور وصولي ، قال لي القائد : هل سمعت يا طاووس بما فعل الأخوان المجرمون ؟ و الله لأجعلهم عبرة للجميع ، الآن مهمتكم البدء بأولئك ( العرصات ) الموجودين في السجون ، اذهب مع المقدم معين بكتيبة و صفّوا كل ( الأخوانجية ) في سجن تدمر ، نحن نُطعمهم و نشربهم و هم يريدون قتل الرئيس ، سوريا لنا و ليست لهم ، لا أريد أن تطلع على أحد منهم شمس يوم غد ، اذهبا و نفذا المهمة هذه الليلة فوراً 0

    و فعلاً طرنا تلك الليلة مع مجموعة منتقاة من مخلصي جنود سرايا الدفاع بالطائرات المروحية إلى تدمر ، و بعد نزولنا قرب السجن خطب المقدم ناصيف بنا ، و بيّن أن مهمتنا القضاء على ألف سجين من مجرمي الأخوان المسلمين الموزعين على حوالي عشرة ( مهاجع ) داخل السجن ، ثم قسمنا إلى مجموعات ، كل مجموعة مهمتها مهاجمة مهجع واحد بالبنادق و القنابل ، و قتل كل من فيه ، و كنت مع المجموعة التي بقيت خارج السجن و التي كانت مهمتها حراسة الطائرات خارج السجن ، و بعد انطلاق المجموعات و اقتحام السجن ، سمعنا أصوات القنابل و الرصاص تعلو و تختلط مع صرخات الاستغاثة و التكبير من السجناء ، و بعد حوالي نصف ساعة هدأت الأصوات ، و بدأنا نسمع بعض أصوات الطلقات المفردة ، و التي اعتقدنا أنها طلقات تأكيدية تصيب الذين يُشك بأنهم لازال بهم رمق من حياة ، ثم عاد رجال السرايا الأشاوس من ساحة المعركة البطولية و قد تلطخت أيديهم و ثيابهم و وجوههم بدماء السجناء ، و علمنا أن أحد الرفاق قُتل و أصيب اثنان آخران ، عندما استطاع أحد المساجين من خطف بندقية أحد المهاجمين و أطلق النار عليهم ، ثم قام المقدم ناصيف بشكر الجميع على هذه المعركة الرجولية ، و صرف لهم مكافأة مادية رمزية مقدمة من القائد شخصياً 0

و هنا قاطع الزميل الصحاف اللواء طاووس قائلاً :

- بعد هذه المعركة التاريخية رُفعتَ إلى رتبة عميد ، أليس كذلك ؟ 0

عطس اللواء طاووس عطسة قوية ، تناثر معها الرزاز من فمه في كل اتجاه ، و قدح الشرر من عينيه ، ثم مد يده اليمنى نحو جيب خارجي منفوخ بجانب فخذه الأيمن ، و أخرج سيجاراً كوبياً ، قضم قطعة من إحدى طرفيه و بصقها ، ثم وضعه بين شفتيه ، و أشعل طرفه الأخر ، و سحب نفساً عميقاً من سيجاره ، و نفخ دخانه الكثيف ، ثم ردّ قائلاً : هذا صحيح 0

- الزميل مسعود : و ماذا عن المعركة التالية ؟

أخذ اللواء طاووس نفساً عميقاً ثم زفره بصوت مسموع و قال :

- المعركة التالية كانت في حماة ، و ذلك عندما شاركنا بقيادة القائد رفعت ، مع القوات الخاصة بقيادة علي حيدر ، و ألوية أخرى من الجيش كاللواء 47 ، و بمشاركة الطائرات و المدفعية و راجمات الصواريخ و الدبابات باقتحام مدينة حماة التي اختبأ بها مئات المجرمين من ( الأخوانجية ) ، و ذلك في ليلة الثاني من شباط عام 1982م ، و قد خطب بنا القائد ، و هاجم الأخوان و شتمهم ، و قال : إن أهالي حماة كلهم مع الأخوان حتى المسيحيين و البعثيين منهم ، و قال موجهاً كلامه لنا : إن مدينة حماة محللة لكم ، تفعلون بها ما تشاؤون ، و أنه سيجعل حماة أثراً بعد عين ، و سيدمرها فوق أهاليها و سوف نسكر جميعاً على أطلالها ، و سيقول التاريخ : كانت هنا مدينة اسمها حماة 0

و فعلاً استمرت المعركة طيلة شهر شباط ، و كنا ننتقل من حي إلى آخر ، و بعد التمهيد المدفعي ، و القصف براجمات الصواريخ ، نقوم بالاشتباك مع من تبقى من المسلحين و بعد أن نقتلهم أو ندحرهم نهاجم من تبقى من الأهالي فنقتل شبابهم و من نشاء من شيبهم و أطفالهم و نسائهم ، و نغنم من البيوت و المحلات و المتاحف ما خف حمله و غلا ثمنه من الآثار و المصاغ و القطع النقدية ، و نترك للعناصر ما تبقى ليتقاسموه ، و قد خرجنا من معركة حماة بغنائم كبيرة جداً لا تحصى ، و لم نكن نتصور أننا سنجد كل ما وجدناه هناك ، هذا إضافة لقتل أكثر من ثلاثين ألفاً من أهالي المدينة ، و اعتقال عشرات الآلاف الآخرين ، حيث حولنا المدارس و المعامل و المؤسسات و المدارس إلى معتقلات لتعذيب و تصفية الآلاف ، كما تشرد عشرات الآلاف من أهالي المدينة بعد أن هدمنا أحياء بكاملها ، و لم يبق مسجداً و لا كنيسة إلا و هدمناهما ، و الحقيقة أنني شخصياً خرجت من معركة حماة برأسمال ضخم ، استثمرته فيما بعد في الشركات و المعامل و المؤسسات و المزارع و الفيلات العديدة التي هي باسمي و اسم زوجاتي و أبنائي العشرين اليوم 0

كان الجنرال طاووس يقطع كلامه لينثر دخان  سيكاره الكثيف داخل الغرفة باستمرار، كما كان ( حاجبه ) المجند يدخل باستمرار و يبدل فنجان القهوة الفارغ بآخر ممتلئ كلما فرغ من رشفه 0

و هنا قاطعه الصحاف قائلاً :

- اسمح لي سيدي بمناسبة ذكرك لشركاتك و مصانعك و مزارعك ،و قبل أن تكمل لنا تاريخك العسكري الطويل ، أن ترد على بعض المغرضين الذين يتهمونك بأنك تستغل جنودك في العمل عندك شخصياً ، فهم -  كما يقولون - موزعون بين شركاتك و معاملك و مزارعك أو في خدمة بيوتك و زوجاتك و أولادك ، فماذا ترد على أولئك المتفذلكين ؟ 0

- أنا لا أنكر أن أبنائي العسكر يعملون معي في بيوتي و مشاريعي العديدة ، و لكنهم هم من اختاروا أن يعملوا معي ، و ذلك لأننا و بعد انتهاء معارك البطولة في حماة و حلب و إدلب و اللاذقية و تدمر و لبنان و غيرها ، لم يبق للجنود من عمل يقومون به ، فأنا أحاول أن أملأ فراغهم ، و أنت تعلم أن الفراغ هو شيطان الشباب الذي يدمر حياتهم و مستقبلهم ، و كم من جندي أتاني لا يعرف شيئاً ، و تخرّج من معاملي صناعياً جيداً ، أو من مزارعي مزارعاً ممتازاً ، أو تعلم قيادة السيارات على سياراتي الكثيرة الفاخرة التي يحلم الشباب أن يركبوها، فأنا في الحقيقة أعلمهم بلا مقابل فهم مثل أبنائي ، و كم من جندي من جنودي بكى بين يديّ حزناً على فراقي عندما سُرّح من الجيش ،و طلب مني أن أبقيه على رأس عمله بأي مرتب أريده ، و لكنني أرفض ذلك ، حتى لا يقال أنني انتهازي و أستغل جنودي حتى بعد انتهاء فترة خدمتهم العسكرية ، أما خدمتهم لزوجاتي و أبنائي ، فهو شرف لهم كما يقولون و يكررون أمامي باستمرار ، و هم يتسابقون على نيل هذا الشرف دون أن أطلب منهم ذلك ، و باستطاعتك أن تسأل أي جندي من جنودي إن كنا أجبرناه على عمل غير راض عنه ، أما ما يقال عن أننا نأخذ من بعض الجنود رواتب شهرية مقابل عدم دوامهم والتحاقهم بقطعاتهم العسكرية ، فهي من باب تشجيعهم على العمل و الكسب ، فعندما يكون المجند ملتزماً بأموال سيدفعها شهرياً ، لا بد أن يجتهد و يكد و يكدح في خدمة الوطن و المواطنين ، و هذا كله في صالح الوطن و صالح المجند شخصياً ، و إلا فماذا ستزيدنا أربعة أو خمسة آلاف ليرة سورية شهرياً نأخذها من المجند ؟ ، و نحن نملك ثروة تقدر بملايين الدولارات ، و نحن في الحقيقة نسد أذاننا عن سماع مثل أولئك المغرضين الحاسدين ضيقي العين و لسنا بحاجة للرد عليهم0

- الصحاف : شكراً سيدي اللواء على صراحتك المعهودة ، و الآن ماذا بعد معركة حماة ؟ ، هل كان لكم دور في معارك لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982م 0

يجيب اللواء طاووس بثقة و بدون تردد : - لم أشارك في معارك لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي ، و أنت تعلم أن الجيش السوري انسحب أمام الهجوم الإسرائيلي ، تنفيذاً لأمر القيادة العسكرية و السياسية ، و التي كانت ترفض أن تحدد إسرائيل زمن و مكان المعركة ، و باستثناء اللواء السوري الذي حوصر في بيروت مع القوات الفلسطينية و القوات الوطنية اللبنانية ، لم يشارك الجيش السوري في المعارك الدائرة ، رغم كل استفزازات العدو ، و قصفه لرادارات و دفاعات قواتنا الجوية ، و قصفه اللواء 47 في البقاع ، وإسقاطه أكثر من ثمانين طائرة سورية مقاتلة ، و قتله المئات من جنودنا المنسحبين ، أما اللواء الذي حوصر في بيروت فكان بسبب تلكؤ قيادته في تنفيذ أوامر القيادة العامة ، و قد عوقبت على ذلك 0 و كان دورنا في لبنان بعد انسحاب الجيش الصهيوني من بيروت هو ملاحقة فلول المنظمات الفلسطينية و حلفائهم ، حيث حاصرنا مع حلفائنا اللبنانيين من حركة أمل و القوميين السوريين و المردة و البعثيين ، ياسر عرفات و قواته مع حلفائه من التوحيد الإسلامي في طرابلس و مخيمات البدّاوي  و البارد ، و انتصرنا عليهم انتصاراً بيّناً ، و أجبرنا ياسر عرفات و قيادة المنظمات الفلسطينية على مغادرة طرابلس و لبنان نهائياً إلى تونس ، و بعد ذلك كانت مهمتنا تدريب و دعم عناصر فتح الانتفاضة ( جماعة أبو موسى ) التي انشقت عن ياسر عرفات ، و الجبهة الشعبية – القيادة العامة ( أحمد جبريل ) المنشقة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، و كذلك حركة أمل و بقية حلفائنا في لبنان ، و الذين كان لهم دور فعال في حرب المخيمات فيما بعد ، كما شاركتُ في قتال الجنرال ميشيل عون  عميل صدام حسين و فرنسا نهاية الثمانينات ، و أجبرناه على الهروب و استسلام قواته ، و أريدُ أن أشير أن لبنان كان فيه خير كثير لقواتنا المسلحة ، و أضاف إلى رصيدنا دخلاً ممتازاً ، و للأسف خسرنا هذا الكنز العظيم عندما أُجبرنا على الانسحاب من لبنان في نيسان 2005م إثر اغتيال رفيق الحريري ،رغم كل التضحيات و الشهداء التي قدمها جيشنا العظيم الباسل هناك 0

نكتفي بهذا القدر من اللقاء ، و سنتابع القسم الأخير منه ، و الذي يتحدث فيه الجنرال طاووس عن دوره أثناء الخلاف بين الرئيس و أخيه رفعت بعد مرض الرئيس ، و عن دوره في حرب الخليج الأولى ، إلى حلقة قادمة ....

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ