نتائـج
الحـرب السادسـة ـ 2
الدكتور
خالد الاحمـد *
تمهيـد :
في
الرياضيات كان الناس يتعاملون
مع مجموعة الأعداد الكلية ،
التي تبدأ بالصفر وتنتهي
بمالانهاية موجبة... وبعد صار
الناس يستخدمون أرقاماً لاتوجد
في مجموعة الأعداد الكلية ، مثل
الحرارة الأقل من الصفر ،
والخسارة ...إلخ ... وهذا دفعهم
إلى إختراع مجموعة الأعداد
الصحيحة التي تبدأ من الصفر
وتذهب يميناً حتى اللانهاية
الموجبة ، كما تذهب يساراً حتى
اللانهاية السالبة ، وهكذا شملت
الأعداد الموجبة والأعداد
السالبة بالإضافة إلى الصفر
ووسعت مدارك الناس في الأعداد
....
الفكر العربي قبل
الحرب السادسة :
ونحن العـرب عشنا
نصف قـرن أو يزيـد على مجموعـة
قيم خلاصتها
: أن جيش الدفاع الصهيوني
لايقهر ، لذلك يجب عدم التفكير
في الاستعداد لقتال الصهاينة ،
ويجب قبول المفاوضات والاعتراف
بالواقع ، والتنازل عن الأرض
المحتلة عام (1948) مقابل انسحابهم
من الأراضي المحتلة عام (1967) ،
وإقـامـة علاقـات التطبيع مع
الصهاينة [ والتطبيع مع
الصهاينة معناه أن نكون خدماً
لهم ، لأن عقيدتهم الصهيونية
ترى أنهم أحباب الله وأن الله
خلق بقية البشر خدماً لهم ] .....
وهذا جعل جيوشنا مؤسسات
انتهازية لاعمل لها سوى ذبح
المواطنيين من أجل المحافظة على
نظام الحكم القائم ....
الفكر العربي بعد
الحرب السادسة :
وخلال شهر ونيف
استطاعت المقاومة اللبنانية أن
تثبت لنا خطأ مقولاتنا السابقة
التي استعمرت أذهاننا نصف قـرن
، وصرنا نبني عليها
استراتيجيتنا العربية ... عندما
أكدت أن جيش الدفاع الصهيوني
يقهـر ، وقد قهـره رجال
المقاومة اللبنانية الاسلامية [
حزب الله أولاً ، ومجموعة الفجر
التابعة للجماعة الاسلامية في
لبنان ، وربما غيرهم ] ، هذه
المقاومة شطبت تلك المقولة
المزيفـة القائلة ( جيش الدفاع
الصهيوني لايقهر ) ، وقد قهرتـه
، وكبدتـه خسائر باهظة في
العتاد ، وصلت مليارات
الدولارات ، ومنها تدمير عشرات
الدبابات ، وإسقاط بضع طائرات ،
و(147) جندي صهيوني حسب اعتراف
الصهاينة ، وقناعتي أن العدد
أكبر من ذلك بكثير ، وقد حفظت من
خدمتي العسكرية أن خسائر
المهاجم أكثر بكثير من خسائر
المدافع ، وعندما يدعي جيش
الصهاينة أن خسائر المقاومة
الاسلامية تزيد على ثلاثمائة
جندي معنى ذلك أن خسائر
الصهيانة تزيد على خمسمائة جندي
وربما أكثر من ذلك بكثير
، وأصابت بضع زوارق وسفن
حربية ... وأهم من ذلك مشاهدتنا
للجنود الصهاينة يبكون
هلعاً وخوفاً أمام عدسات
التلفزيون ....
ومعنـى ذلك
اليـوم :
1- أن دويلة العصابات الصهيونيـة ، يمكن
محـاربتها ،عندما تكون الرجال
في جيوشنا مثل رجال المقاومة
اللبنانية ، وإذا أرادوا أن
تتخصص الجيوش العربية في حماية
النظام الحاكم فقط ، فليسمحوا
للحركات الاسلامية في العالم
العربي بتشكيل فصائل مسلحة ،
تتكفل بأن تستخدمها ضد الصهاينة
، كما فعل الاخوان المسلمون في
حرب (1948) وفي المقاومة السرية في
قناة السويس ... وقد بدأت أنشر
ذلك الكتاب ( الاخوان المسلمون
في حرب فلسطين ) على حلقات لهذا
الغرض ...
2- أن الاسـلام هو الحـل ، فقد أهلكت الدول
العربية ثلثي دخلها القومي على
جيوشها المحترفة ، والتي ينكر
كثير منها الايمان باليوم الاخر
ـ كما في الجيش السوري ـ [ عندما
كنت في خدمتي العسكرية دعيت إلى
ندوة عنوانها كيف نزرع إرادة
القتال عند الجندي العربي ؟
وتحدث الضباط عن ترفيه الجندي
وزيادة راتبه ومكافآته ...إلخ ...
ولما وصلني الدور : قلت أقترح أن
ننمي عند جنودنا ومعظمهم يؤمنون
باليوم الآخر ، نحبب لهم
الشهادة في سبيل الله ، ومايجد
الشهيد من مكافأة في الآخرة حيث
يكون مع النبيين والصديقين ....
وبهت الجميع حتى أكملت قام (
النقيب ....) فقال بلهجة ساخرة : هل
تريد منا أن نكذب على جنودنا
ياملازم خالد ونقول لهم في آخرة
وفي جنة ونـار !!!؟ وضحك معظم
الحاضرين ، ولم أجد من يدعم
اقتراحي ، فسكتت ] .
وقد تأكد لي أن أحد أهم
الأسباب التي مكنت الجيش المصري
من اجتياز قناة السويس وخط
بارليف هو قسم الشؤون الدينية
الذي قرره السادات في كل كتيبة
من الجيش المصري بعد هزيمة
حزيران (1967) ... ولاننس أن كل
كتيبة في جيش الدفاع الصهيوني
فيها ( حاخام ) وقسم للشئون
الدينية ، وقد رأيتم الجنود
الصهاينة يقرأون الكتاب المقدس
أمام عدسات التلفزيون خلال
الحرب السادسة ... كما نشر
الدكتور محمد شوقي الفنجري في
مجلة العربي الكويتية أواخر عام
(1972) مقالاً عنوانه : العقيدة
تهزم في الحرب من لاعقيدة لـه ،
وخلاصة الموضوع أن من أسباب
تغلب الصهاينة على العرب عام
(1967) هو أن الجيوش العربية وخاصة
السوري ، الذي فرغه البعثيون من
كل مؤمن بالله واليوم الآخر ، ثم
من كل ذي مروءة وشهامة عربية ،
وتركوه لأزلام السلطة
المدافعين عن حافظ الأسد
وأزلامه فقط ، والجيش المصري
زمن عبد الناصر ... عندما نكل عبد
الناصر بالاخوان المسلمين في
مصر ، ولم يترك في الجيش من يشك
في التزامه بالاسلام ، أو من له
قريب من الدرجة الثانية من
الاخوان المسلمين ... وقد سحبت
مجلة العربي من المكتبات بعد
توزيعها من أجل هذا الموضوع ...
3- الاسلام هو الحل معناه أن نسمح للدعاة
المسلمين العمل بين الشباب ،
وزرع الايمان بالله واليوم
الآخر ، وحب الشهادة في سبيل
الله ، وهذا يربي جيلاً مثل رجال
المقاومة الاسلامية ، يضربون
الصهاينة ضربات موجعة ، تؤدي
إلى تنازل اليهود عن الفكرة
الصهيونية ، وقناعتهم أن يعيشوا
يهوداً وليسوا صهاينة ، ونحن
المسلمين نقبل أن يعيش اليهود
بيننا تحت رايـة الحكم الاسلامي
، كما كانوا في الدولة الأموية
والعباسية وغيرهما ....
وعندئـذ يســود الســلام
الذي يدعي بوش وإدارتـه أنهم
يعملون من أجلـه ، وهم يعملون من
أجل الصهيونية ، التي ستنشر
الإرهاب ، وتفرخ الإرهاب في
العالم أجمع ، وسيستمر الإرهاب
مابقيت الصهيونيـة ....
*كاتب سوري في
المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|