ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/08/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لماذا ينظر البعض بشكل أحول إلى العدوان على لبنان ...؟!.

د.نصر حسن

-(1)-

من المسلم به أن الكتابة لايمكن أن تنفصل عن تاريخ الكاتب أو المثقف ولاحتى عن قناعاته الفكرية والسياسية وحتى الدينية والمذهبية والطائفية,مهما كانت مرتفعة بدرجة إيمانها إلى حد الصوفية أو على الطرف الآخر التي تصل حد العدمية ,وهي مرتبطة بشكل كبير بأهدافه ودوره ورسالته.

لكن من الغرابة بمكان أن يتم قراءة الحدث ولاسيما إذا كان حدثا ً مركبا ً بحجم العدوان الهمجي على لبنان بمنظارمذهبي طائفي مسطح قطرعدسة رؤيته لاتتعدى ولاتساعد على رؤية سوى جزء بسيط من محتوياته الإجتماعية والسياسية ومكوناته العامة,منظار أحول ينظمه عصبية النظرة أو الإنتماء أو المصلحة الآنية أو التشويش وبالتالي محاولة التأثيرعلى الرأي العام سلبا ً وتثبيت مواقف نظرية جاهزة وتلبيس الواقع بها رغبة ً لهذه الإستراتيجية أو تلك , أو تنفيذا ً لمصلحة هذه الجهة أوتلك , أو الدوران العبثي المغلق في دائرة هذه العقدة أو تلك.

والغرابة تكمن في أن بعض المثقفين ينظرون إلى العدوان الهمجي الذي يتعرض له لبنان والذي اختلطت فيه دماء اللبنانيين من كل الألوان , من الزاوية الخاطئة ومن الإتجاه الخاطئ وبالمنظار الخاطئ , والنتيجة في مثل هذه المقاربة معروفة وبكل أشكالها هي خارج الحدث تحاول عبثا َ تصويره بناء ً على رؤى خاصة مستندة إلى قواعد جزئية لاصلة لها بواقع الحدث وأبعاده .

وكل الغرابة بهذه النمطية الثابتة بل الجامدة زمنيا ً ومكانيا ً وثقافيا ًً في طريقة التعامل مع الموضوع , ونعني تخشب بعض المثقفين في نظرتهم المذهبية السياسية الضيقة وكأنهم مربوطين بها مالهم منها انفكاك , وهنا لا نريد سجالا ًينتظره البعض بفارغ الصبر, ولا المشاركة في إضاعة الجهد وتعويم القصد , ولاحرف أولويات اللحظة الكئيبةالراهنة بين جذب وشد ,ولا ندعي فهما ً صائبا وتجردا ًنادرا ًً ولاتعديا ً على مقاربات الآخرين لفهم الحدث بقدر مايدفعنا الحرص على تصحيح بعض أفكارنا وتوضيح بعض قناعاتنا وكشف حقيقة تفاعلاتنا مع حدث نحن فيه ويخصنا جميعا ً ونعيشه جميعا ً وجدانيا ً اختياريا ً أوجبريا ً بهذه النسبة أو تلك.

والأغرب من كل ماسبق هو أن يكون بعض المثقفين أسرى , نعم أسرى الإستبداد أولا ً , وأسرى اللون ثانيا ً, وأسرى القناعة ثالثا ً, وأسرى الإتجاه ( يسارا ً أو يمينا ً) رابعا ً, وأسرى الإعلام خامسا ً, وأسرى الحرب النفسية سادسا ً, وأسرى الذات المنصهرة كليا ً في سواد الماضي دائما ً.

وحالة الأسر هذه هي مفاعيل الإنتاج عندهم , أي شكل التفاعل مع الحاضروالنظر إلى المستقبل , وكونها وليدة حالة الأسر تلك فهي دائما ً تقع في فصيلة رد الفعل على حدث معين , وفي أغلب الأحيان تكون من طبيعة الفعل نفسه ولكن هذه المرة عكس منطق أبو الفعل ورد الفعل( نيوتن ) نفسه , بمعنى تطابق الفعل مع رد الفعل في الشكل والإتجاه , وهذا معناه عمليا ً وسياسيا ً أن أفعال بعض المثقفين تصب في مصلحة الفاعل السلبي الأساسي في المنطقة العربية وفي لبنان الآن على وجه التحديد , وعليه يتطلب الأمر قليلا ً من التوقف والشرح والتوضيح وبعض التفنيد.

وتحت الرغبة الشديدة في عدم حشر الموضوع في إطار المساجلة التي تزيد الطين بلة , نولي اهتماما ً للموضوع نفسه وأبعاده السياسية والوطنية على لبنان والمنطقة ,وليس اهتماما ً بالواضع أو الكاتب أو المثقف كائنا ً من كان وأيا ً كانت انتماءاته وقناعاته ,فإن ضرورة التصحيح المبنية على حاجة الحوار والتفاعل على أرضية الفائدة المشتركة والتقارب في معالجة الأمور , وبكل الأحوال لسنا من دعاة التماثل ولا من مؤيديه .

لكننا من دعاة الحركة البناءة وتحريك الساكن وهو كبير وخامل جدا ً , الساكن الذي يشبه بركان نائم ينفجر عشوائيا ً ويحرق بدون النظر إلى اللون والثقافة والإنتماء والهدف الوطني والسياسي , الساكن في أعماق النفس والذي يعطي لشخصيتنا أبعادها البشرية والسلوكية والإنسانية على وجه التحديد,تحريك الساكن إلى الأمام وليس إلى الخلف , إلى المستقبل الذي يمكن أن نشارك في بناؤه بهذه النسبة أو تلك , لا إلى الماضي الذي لم نشارك فيه ونتخاصم ونختلف عليه ,بل والمصيبة أننا أسرى فقط مآسي ذاك الماضي , نترنم في حالة العذاب البلائية التي نحن فيها ...!,الماضي الذي يريده الكثيرون أن يكون عبئا ً أبديا ً علينا ,وليس نبراسا ً يضيء بعض ظلام عقولنا قبل واقعنا .

والظاهروالذي سيظهرفي العدوان على لبنان الآن وغدا ًوبعده ,الكثير من المعطيات الجديدة السياسية والوطنية لبنانيا ً أولا ً, وسوريا ً ثانيا ً, وإقليميا ً ثالثا ً , ودوليا ً رابعا ً , وبحكم المعايشة الزمنية المباشرة للمهتمين بما يجري وسيجري يجب التعامل العقلاني مع معطياتها وليس الإنزلاق إلى لون الوراء الذي يؤثر جزئيا ً في مجريات الحدث الحالي ,أو التزحلق إلى المستقبل على الإنعكاسات الطارئة المحلية والإقليمية , وبالتالي الغياب ومحاولة التغييب للآخرين بل الهروب من استحقاقات الحدث الجاري الداخلية والخارجية والإصرار على رؤيته بنسق واحد ولون واحد وطقوس واحدة.

والطافي على سطح الحرب العدوانية خطير للغاية وأخطر مافيه هو الكارثة الإنسانية والإجتماعية , يتبعها الخوف من الأيام القليلة القادمة من نجاح كل الأشرار في اللعب بالورقة الوطنية اللبنانية ,رغم أن مؤشرات الوعي لكل أطراف المعادلة اللبنانية يشيرإلى أنه مرتفع بما فيه كفاية لقطع الطريق على كل تجارالحروب والدماء والأوطان ومطبلي التحريروالتصدي والتمزيق والتفتيت وفرزالألوان وعزل الإنسان عن محيطه الوطني والقومي والإنساني.

-(2)-

وبكل الأحوال تشكل الحرب العدوانية الهمجية على لبنان حيرة وتردد عند الكثيرين من الذين يواكبون حركة الأحداث السياسية والثقافية , والمترددون في تأييد لبنان نعم لبنان وليس جزءا ً فقط لأنه منطقيا ً وموضوعيا ً الحرب موجهة إلى لبنان كله ويتصدى لها لبنان كله , كل من الموقع الذي هو فيه والذي حدده لنفسه بناء ً على المعطيات التي تحركه والموقع الذي هو فيه وحجم الشعور بالمسؤولية الوطنية والإنسانية الذي تفرضه مفرزات العدوان على لبنان.

وقد يكون بعض المترددين مصدره عجز في الرؤية وعجز في الفهم أو ضمور في الإنتماء الوطني ليأخذ حجم جزء , أوماض مهزوم وحاضرمذهبيا ً مأزوم بل وملغوم , وبحكم هذا التقدير وجدوا في تأييد التصدي للعدوان بعض الحرج , بعض الحرج الذي منعهم من أن يجدوا في التصدي للعدوان مسألة وطنية وليس عرضا ً لللونية وعضلاتها.

وقد يكون الإسترسال والإستكانة إلى الأسئلة غيرالموضوعية في اللحظة الكارثية الحالية نوعا ً من محاكاة أفكار الآخرين البعيدين والتكلم نيابة ًعنهم بكلام يضرالوحدة الوطنية في لبنان والتي يمكن أن تكون هي إحدى أهداف الحرب الأساسية الآنية والبعدية للعدوان ,بما يوحي بالتنافس على إمساك لبنان الدولة والشعب من رقبته , وهذا تنافسا ً يدفع لبنان نحو الكارثة وليس منقذا ً له بأي شكل من الأشكال .

 وبالمجمل إن كارثية العدوان على لبنان تفرض على الذين ترددوا في التأييد , وعلى الذين أيدوا لمعطيات بعيدة عن مجريات العدوان أن يعيدوا النظر في مواقفهم وأفكارهم وانتماءاتهم على أساس أن هزيمة المقاومة اللبنانية هي هزيمة للجميع وأن انتصارها بالمعنى المعنوي والنفسي هو انتصارا ً للجميع , بخلاف ذلك يصبح التطبيل للون والتصفيرللون آخرتهديد للوحدة الوطنية , والعمل المعيب على وضع ثمن العدوان والدماء والمعاناة الإنسانية في سلة النظام السوري الذي حاصرته المقاومة اللبنانية على غير توقع منه .

وأخيرا ًفي أحد أهم أجندة الجميع لمواجهة المستقبل في لبنان بعد توقف هذه الحرب الهمجية التي خطط لها كل الأشرار وكلهم خارج حدود لبنان والنظام السوري أحدهم , هو أن الإرتكاز على البعد الوطني اللبناني الذي تجلت فيه المقاومة بشكل أفرغ العدوان من هدفه الأساسي ,حيث الولاء للبنان وأن التضحيات التي قدمت هي ثمن الإصرار على وحدة وسيادة لبنان وليست قربانا ً لأحد , وأن التقاطعات الأخرى والإقليمية على وجه التحديد يجب أن تجيرلدعم خيار الوحدة الوطنية وخيار السيادة المعمد بالدماء , خيار يفرض على الجميع مسيحيين ومسلمين وسنة وشيعة وكل مكونات لبنان الحرص عليه والإرتفاع إلى مستواه وهو باختصار خيار الإرادة الحرة والوحدة والسيادة في وسط إقليمي مهزوم وملغوم ومتلون وفاقد الإرادة والإستقلال معاً.

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ