حقيقة
خطاب بشار الأسد
درويش
محمى
وأخيراً, وبعد طول
انتظار, تحرك النظام السوري
وفتح باب الجبهة السورية على
مصراعيه هذه المرة, للتخفيف من
وطأة المعارك ووقع الضربات على"المقاومة"
في الجبهة اللبنانية بعد سريان
وقف اطلاق النار, ولمساعدة
الأشقاء اللبنانيين بعد انتهاء
محنتهم ومعاناتهم وتعرض بلدهم
للخراب والدمار من جراء هول
الهمجية والحرب الخاسرة, التي
خطط لها في دمشق وطهران, واستمرت
اكثر من شهر .
وأخيراً, تجرأ
النظام السوري بإطلاق العنان
لقذائفه ومدافعه الرشاشة بكل
الاتجاهات, وعلى الجميع, من فوهة
رئيس الجمهورية, وعلى الهواء
مباشرة في القنوات الفضائية
والأرضية, من خلال خطاب خشبي من
على خشبة مسرح الكوميديا
السياسية في قصر الأمويين الفخم,
أمام حشد هائل من الصحافيين"الصفاقين"
من القومجية العرب, الملتزمين
المتزمتين بنهج البعث السوري,
والمستهلكين لاموال الشعب
السوري البائس .
ولأنني كغيري من
ابناء جيلي من السوريين, وطوال
حياتنا البائسة, لم نعرف سوى
قائد, واحد, عظيم, وكان دائماً
لقبه الأسد, أباً كان أو ابناً,
ولاننا نعرف "البير وغطاه"
ونعرف خفايا واسرار قيادتنا
ورئيسنا الوريث غير الشرعي
وطباعه ومواقفه, ومغزى ودلالات
خطاباته وشعاراته وحتى حركاته,
وبعد استماعي لخطاب الرئيس
ولمدة ساعة وربع الساعة, اكتشفت,
او بالاحرى توهمت انني اكتشفت
السر العظيم الذي يخفيه الرئيس
وراء خطابه القوي والمتفائل
والجريء, من ضعف واحباط وخوف,
واعتقدت لوهلة انني سأكتب افضل
مقالاتي ليوم الغد, واسجل السبق
الصحافي والفكري في عالم
الاعلام العربي, وربما الغربي,
الى ان جلست أمام الحاسوب اتصفح
الجرائد والمجلات والاراء,
فوجدت نفسي كغيري من الكثيرين,
الذين سبقوني في معرفة ذلك السر
الذي لم يكن عظيماً ولا من
يحزنون.
بالرغم من ذلك
اعتقد انني ربما, والله اعلم,
املك حقيقة قد لا يعرفها
الكثيرون, كون هذا الخطاب
الخشبي موجه لاسرائيل
والولايات المتحدة والغرب اكثر
منه للشرق والعرب, ويحمل في
طياته صيحة بائع متجول في سوق
شعبية, يعرض ما عنده من بضاعة
فاسدة للبيع, والدعوة لعقد صفقة
في البازار, سلم واستلم,
الاستسلام الكامل والشامل
والانبطاح التام والخروج من
التحالف مع ايران والتوقف عن
دعم المتطرفين من الحركات
الاسلامية وعدم ابتزازها
واستخدامها من الجانب السوري,
مقابل نسيان جريمة اغتيال رفيق
الحريري, والتوقف عن التحقيق في
القضية, او الاستمرار في
التحقيق مع تزوير الحقيقة,
وتقديم صك براءة للنظام السوري,
الهاجس الذي يؤرق القصر كل
القصر في سورية, وربما
التصريحات الاخيرة لوزير
الدفاع الاسرائيلي"عمير
بيرتس" بالبحث عن سبل كفيلة
للبدء بمحادثات سلام مع النظام
السوري, جزء من الطبخة التي يراد
تحضيرها قريباً, وبداية النهاية
للنفاق السياسي للنظام السوري .
التخبط واليأس
والتأزم الشامل, الذي ألم
بالنظام السوري بعد اغتيال
الرئيس رفيق الحريري, انعكس
بشكل واضح على ذلك الخطاب من
تهجم على النهج العربي العقلاني,
وتخوين الاوفياء, وقلب الحقائق,
والافتراء.
لا يمكن لأي كان,
الوقوف على حقيقة السياسة
السورية الحالية وأسبابها
ودوافعها, وفهم المواقف الشاذة
المراهقة للرئيس السوري, والحقد
الذي يحمله على الاحرار
اللبنانيين من قوى »14 اذار«,
بمعزل عن عقدة الخوف والهاجس
المرعب لمقتل رفيق الحريري,
الذي يقلق القصر في سورية
ويؤرقه, حيث يجول شبح الرئيس
الحريري في فنائه ولا يغادره
حتى يتم الكشف عن الحقيقة,
وتقديم الجناة للعدالة .
خطاب الرئيس السوري
كان خطاب"الشارع"على حد
تعبير المرتزق السوري "محمد
حبش" الموالي للنظام, وبالفعل
صدق الرجل ولو للمرة الأولى
والوحيدة في حياته, كان خطاب
شارع, بكل ما في كلمة الشارع من
معنى, وافضل ما يمكن قوله في هذا
الخطاب "سكت دهراً ونطق كفراً"
وليس أكثر.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|