موقف
الإخوان
المسلمين من الطغيان
العالمي
بقلم
فضيلة الشيخ/ محمد عبدالله
الخطيب
منذ أن بعث الله سيد الدعاة- صلى
الله عليه وسلم- إلى الناس كافة
بشيرًا ونذيرًا، ومن أول لحظة
واجه الداعية والدعوة حملات
المؤامرات والعداوات والحروب،
من طواغيت ذلك الزمن، من كفار
قريش وعباد الأصنام، ومن
المرابين وتجار الحروب اليهود،
وعلى مدار التاريخ استمرت تلك
الفئات، تتوارث الكراهية
للإسلام وأهله، لكن الأمة
الإسلامية عاشت عصورًا مرهوبة
الجانب، قوية الإيمان، صادقة
العزم، ترفع راية الجهاد في
سبيل الله، لرد العدوان
والمعتدين، وردع الطغاة
والمتآمرين، وصد البغاة
المجرمين.
وحين أصاب أمة الإسلام الوهن،
ودبت في جسدها العلل، بسبب
بعدها عن دستور السماء وعن
دينها وشريعة ربها، هجم عليها
هؤلاء الأعداء، فاستعمروها،
وشتتوا شملها، واستطاعت
الصهيونية في غفلة من المسلمين
أن تسلب جزءًا من أغلى أجزائها،
وتحتل قطعة من أعظم وأطهر بقاع
المسلمين، لتقيم عليها كيانها
الغاصب مع مواصلة السعي على
ساحة التوسع والعدوان للوصول
إلى حلم الوطن القومي من النيل
إلى الفرات إلى يثرب- كما يزعمون-
وإقامة المشروع الصهيوني على
أشلاء وأطلال العرب والمسلمين،
ولتصبح هذه القضية قضية الإسلام
الكبرى، الجرح العميق الذي يسيل
دمًا باستمرار، وكان الواضح في
هذه الفترة أن الغرب قد اعتمد
سياسة تمويت الإسلام والقضاء
عليه.
وفي هذه الفترة الحرجة من تاريخ
الأمة ظهر الإخوان المسلمون
بفضل الله وحده، الذين انبثقت
دعوتهم من لبِّ الإسلام وصحيحه،
ومن أبرز خصائصها أنها ربطت بين
القول والعمل من خلال التربية
الراشدة لأجيال مسلمة، كانت
ستضيع بين التيارات الغربية
الوافدة الحاقدة، وتضليل
الشيوعية الجاحدة والإلحاد.
لقد جعل الإخوان أكبر همهم إعداد
وتكوين أجيال مسلمة تحسن فهم
الإسلام الشامل المتوازن،
أجيال صالحة في نفسها، مُصلِحة
لغيرها، تتقن وتجيد العمل
الجماعي لخدمة الإسلام،
والعودة بهذه الرسالة لقيادة
الحياة، أجيال مؤمنة ترفع راية
القرآن.
لقد طبق الإخوان عملاً ما نادوا
به، وخاضوا المعارك الفعلية ضد
الصهيونية في فلسطين، وضد
الإنجليز في القناة في مصر،
وقدمت الحركة أعز أبنائها وأغلى
رجالها، وسِجِل الشهداء يحظى
بمن عبروا عن إيمانهم وأكدوه
بدمائهم الطاهرة الزكية،
فكانوا وسيظلون بإذن الله كما
وصفهم المؤسس- رحمه الله: "ولكنكم
روح جديد يسري في قلب هذه الأمة،
فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق
فيبدد ظلام المادة بمعونة الله"،
وكما قال فيهم أحد العلماء
الأبرار: "الإخوان المسلمون
يمثلون عقيدة الإسلام الخالد،
وعقلية المسلم الحق، إنهم لا
يفهمون الدين على أنه صومعة
منعزلة، ولا الدنيا على أنها
سوق منفصلة؛ وإنما يفهمون أن
المسجد منارة السوق، وأن السوق
عمارة المسجد، وللإخوان
المسلمين في الإرشاد لسان، وفي
الاقتصاد يد، وفي الجهاد باع،
وفي السياسة رأي".
ومن ثَمَّ فإن من ثمار دعوة
الإخوان المسلمين وقطوفها
الدانية أنها استطاعت- بفضل
الله من خلال جهادها في هذا
القرن- أن تحقق عدة مكاسب في
الميادين المختلفة، فأكدت
الهوية الإسلامية للأمة،
وجعلتها حقيقة واقعة، وعاد
الانتماء للإسلام، ليكون موضع
فخر واعتزاز، وارتدت على
أعقابها كل التيارات المخالفة،
التي حرر الله المسلمين منها،
وانكشف الغزو الفكري، وانبرت
الأقلام والعقول تدافع عن حياض
الإسلام، وكشف الإخوان
المسلمون فساد ومفاسد
العلمانية والإلحاد، وجميع
الأفكار المستوردة، التي حاولت
أن تعزل الإسلام عن الحياة،
وتأكد فهم وإيمان القاعدة
العظمى من المسلمين بالإسلام
نظام حياة، ومبدأ ودعوة ودولة،
وعبادة وقيادة وجهادًا،
ومصحفًا وسيفًا.
وارتفعت شعارات الإسلام على ساحة
العرب والمسلمين تعلن أن الجهاد
من أجل الحق وإقامة العدل ودفع
الظلم وردع العدوان هو سبيل
الأمة، وهو شعار يحدد مسار
الدعوة ومنهجها وطريقها، ويؤكد
أن الإخوان ليسوا جماعة نظرية
تكتفي بالقول والمقالات ونشر
الأفكار، لكنها من خلال فهمها
للإسلام تنشط وتعمل في كل
الميادين ومنها ميدان الجهاد
التربوي، لتكوين وإعداد
الأجيال الملتزمة بشرع الله،
المؤمنة بربها، كما تتحرك في
دائرة الجهاد بالتعايش مع الأمة
كلها؛ تأمر بالمعروف، وتنهى عن
المنكر بأدب الإسلام، وصدق
الداعية، وحرصه على الاهتمام
بأمر المسلمين، وهي تُدلي
بدلوها في الجهاد السياسي،
مؤمنة بالقول المأثور: "إن
الله يزع بالسلطان ما لا يزع
بالقرآن".
لقد أكدت جماعة الإخوان المسلمين
على الاستعداد الدائم للانطلاق
نحو الجهاد بمعنى قتال المعتدين
الظالمين الذين استعمروا بلاد
الإسلام، وأذلوا المسلمين،
وحاربوا العزل الآمنين، مما جعل
الجهاد فرض عين في البلاد التي
يعتدي فيها الأعداء على
المسلمين الآمنين لاحتلال
أرضهم وتدمير ديارهم وسفك
دمائهم، والاعتداء على أعراضهم
ومصادرة حقهم في الحرية والأمن
ونهوضهم بدورهم الحضاري، مما
يوجب على الجميع دفع العدوان في
فلسطين، وفي العراق، وفي
أفغانستان، وفي الشيشان وغيرها
من الأقطار التي اجتاحها
الأعداء معتدين على المقدسات
والحرمات، ساعين لإذلال
المسلمين، وقد التزم الإخوان
المسلمون في هذا ما قرره وأكده
فقهاء الإسلام؛ وهو أن تخرج
المرأة مجاهدة بغير إذن زوجها،
والولد بغير إذن أبيه، والخادم
بغير إذن مخدومه؛ لأن هذا
الجهاد حق الأمة العام، وعلى
جميع المسلمين في أنحاء الأرض
أن يعاونوا إخوانهم، الذين
ظُلِموا واعتدي عليهم بغير حق،
ونزل فيهم قول الله- عز وجل: ﴿أُذِنَ
لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ
بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ
اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ
لَقَدِيرٌ﴾ (الحج: 39).
لقد التزم الإخوان المسلمون ما
قاله وأوجبه وفرضه الإسلام الذي
أكد أن كل أرض دخلها الإسلام
وقام بها حكمه، وارتفعت فيها
مآذنه، يجب شرعًا أن تُحرَّر من
كل سلطان أجنبي كافر، وهذا فرض
عيْن على أهلها، ثم من حولهم،
الأقرب فالأقرب، حسب حاجات
الجهاد وأعبائه ومطالبه، حتى
يشمل المسلمين كافة، وعلى جميع
المسلمين في العالم أن يساعدوهم
وأن يمدوهم بالعون من مال ورجال
وعتاد حتى ينتصروا، فالمسلمون
حيثما كانوا أمة واحدة يسعى
بذمتهم أدناهم وهم يدٌ على من
سواهم.
وإذا كان الإخوان قد تعرضوا لكل
ألوان المحن، فإنهم قابلوا
البلاء بالصبر الجميل، فإن
الصبر كما يقول- صلى الله عليه
وسلم: "نصف الإيمان"، ولقد
تأسوا بالذين سبقوهم، فقد مستهم
البأساء والضراء، وزلزلوا، حتى
إذا استيأسوا جاءهم نصر الله،
وحين شكا بعض الصحابة للنبي- صلى
الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول
الله ألا تدعو لنا، ألا تستنصر
لنا؟! قال:"إن من كان قبلكم،
كان أحدهم يوضع المنشار على
مفرقه فيخلص إلى قدميه، لا
يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط
بأمشاط الحديد، ما دون لحمه
وعظمه، لا يصرفه ذلك عن دينه،
والله ليتمن الله هذا الأمر حتى
يسير الراكب من صنعاء إلى
حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب
على غنمه، ولكنكم تستعجلون".
مواقف صريحة:
ولقد أعلن الإخوان المسلمون
مواقفهم صريحة معلنة من كل
القضايا التي تهم الأمة
وتشغلها، وهي من صميم الإسلام،
في تأكيدٍ على أن المجتمع
الإسلامي مجتمع مفتوح النوافذ،
يتسع لكل الآراء والأفكار،
والأجناس والألوان، وأن
الأجيال تتابع على المشاركة في
الرأي، في حرية تامة وقلوب
مفتوحة، وأن اختلاف الرأي لا
يفسد للود قضية، وأن بين
المسلمين عهودًا مصونة: "نتعاون
فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا
بعضًا فيما اختلفنا فيه"،
ونؤمن بأن جميع أفراد المجتمع
الإسلامي على اختلاف مشاربهم،
يجب أن يعيشوا آمنين على
أنفسهم، وعلى أموالهم، وعلى
أولادهم، وعلى بيوتهم
وحرياتهم، وعلى مزاولة طاعتهم
لربهم، آمنين على دمائهم
وأعراضهم، وعقائدهم، ولا يوجد
مبرر واحد- مهما يكن- لأن تنتهك
حرمات الأنفس والبيوت،
والأسرار والعورات، ولو تحت
ذريعة تتبع الجريمة، أو التحقق
منها، فإن هذا لا يصلح ولا يجوز
في الإسلام أن تكون وسيلة
لانتهاك الحرمات، كما أنه ليس
من حق أحد أن يفتش عن بواطن
الناس، فلنا الظاهر والله يتولى
السرائر.
ومن هذا المنطلق أكد ويؤكد
الإخوان دائمًا أنهم مع
التعددية، وحق كافة المواطنين
في إبداء آرائهم التي تبني ولا
تهدم، ولهم الحق في تشكيل
أحزابهم وإصدار صحفهم،
والإعلان عن رأيهم ومزاولة حقهم
في الاختيار والمشاركة، كما
يؤكد الإخوان دائمًا أنهم ليسوا
أبدًا في تاريخهم كله، من
الساعين لإشعال فتنة أو خلاف،
فالفتنة نائمة، لعن الله من
أيقظها، بل هم دعاة خير وبر
وسلام، وأمن وأمان، ووحدة صف
وكلمة، وهم يلتزمون كافة الطرق
والوسائل المشروعة، وهم
يطالبون بتطبيق شرع الله في
حياة المسلمين عقيدة تملأ
القلب، وشريعة تنظم حركة
الإنسان في الحياة، وتحدد
السياسات والسلوك، كما أنهم لا
يكرهون أحدًا، حتى من آذاهم،
وافترى عليهم.
ولتحقيق هذه الجوانب دعوا وعملوا
من أجل وحدة الأمة، وأن تعتصم
بحبل الله، وأن تكون صفًّا
واحدًا يجمعه الحوار الهادف
البناء، وتحكمه الشورى في جميع
الظروف، وهي فريضة إسلامية قال
فيها الحق: ﴿وَشَاوِرْهُمْ
فِي الْأَمْرِ﴾ (آل عمران:
159).
كما كان موقفهم في غاية الوضوح من
الذين يفترون عليهم، ولا يكفون
عن الكذب عليهم، فالإخوان لا
يهاجمون أحدًا، ولا يردون عليه؛
لأن السهم الكاذب الذي يطلقه
يرتد إلى صدره ولا يصل إلى غيره،
يقول الإمام البنا: "ليس
لدينا وقت لتتبع المثالب، ولن
نرضى لأنفسنا صناعة المقالب
وترويج الاتهامات، ولو بالحق،
ولو عرفنا بلا قصد نقصةَ أحد، أو
عيبًا في إنسان لسترناه".
ويؤمن الإخوان المسلمون بأن
مستقبل العالم الإسلامي كله
مرهونٌ بمدى قدرة المسلمين، من
خلال مؤسساتهم على جعل الإسلام
المحور والمرتكز لوجودهم بكل
جوانبه، كما أنه مرتهن بمدى
قدرتهم على إحياء قيم الإسلام
العليا، ونظمه الكبرى،
وتطبيقها في حياتهم بكل جوانبها.
كما يرى الإخوان أن من أخطر
الأمور في حياة الأمة: غياب
الحريات والعدالة الاجتماعية،
وانتشار الظلم والاستبداد،
وأهم مطلب لجميع المسلمين:
إقامة العدل، ومطاردة الظلم،
وجمع الأمة الإسلامية على كلمة
سواء.
لقد قامت الرسالة الإسلامية على
المثل الأخلاقية، والقيم
الإسلامية، وهذه يجب أن تسود
الحياة، وعندما تغيب أو تضعف
تحل المصائب بالأمة، وينتشر
الفساد ويعم الضلال، ويجب على
الجميع السعي الجاد، لإحياء هذه
الفضائل، وتأصيلها في المجتمع
الإسلامي.
إن صيانة كرامة الإنسان من
الضرورات الشرعية، فلا يمكن أن
ينهض الإنسان بدونها، ومستقبل
العالم العربي والإسلامي مرهون
بمدى قدرتهم على تحقيق الواجب
الشرعي في حفظ كرامة الإنسان
ورعاية حقوقه: ﴿وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ
مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى
كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلاً﴾ (الإسراء:70)
حملات الهجوم على الدعاة:
وحملات الهجوم المسعورة على
جماعة الإخوان المسلمين اليوم..
تؤكد على مجموعة من الحقائق، لم
يعد في استطاعة الجهات التي
تقودها وتمارسها، أو التي تنوب
عنها أو تشاركها في هجومها، أن
تحجبها أو تطمس معالمها، منها:
- أنه بعد خمسة وسبعين عامًا من
قيام جماعة الإخوان المسلمين
ونهوضها بواجب الدعوة إلى الله
ومواصلتها لمسيرتها رغم المحن
والعقبات، قد تأكدت معالم
الرؤية الإسلامية للقضايا
والأزمات ومصادر وأنماط
الأخطار والمخاطر والتهديدات
التي تحيق وتحدق بالأمة من
المحيط إلى المحيط.. وسبل ووسائل
العلاج والمواجهة والحلول
الفاعلة لهذه القضايا والأخطار
والمخاطر.
لقد صار مستقرًا في الأذهان، كما
في القلوب، فهمًا وإيمانًا أن
مكمن الخطر ومصدره إنما يتمثل
في البعد أو الغفلة عن الإسلام
إيمانًا وفهمًا وتطبيقًا.
كما أن سبيل النجاة والفوز يتمثل
في التزام الأمة إسلامها على
مستوى الإيمان العميق، والفهم
الصحيح، والتطبيق الدقيق، وفي
حرص وإصرار على التواصل،
ومواصلة المسيرة، والنهوض
بالدور الحضاري ليحق فيها قول
الله تعالى: ﴿كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ
الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً
لَهُمْ مِنْهُمُ
الْمُؤْمِنُونَ
وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾
(آل عمران: 110).
وإصرار الأمة اليوم- وبعد قرون
طوال من نزول الإسلام- على تحكيم
شرع الله، والعيش في ظلال ورحاب
الإسلام عقيدة وشريعة ونظام
حياة، هو في الوقت نفسه مؤشر
ودليل على مدى هذا الالتزام
بالإسلام وتأصله إيمانًا في
القلوب، وفهمًا في الأذهان،
وحرصًا على التطبيق من خلال
الجوارح.
كما أن مواصلة المجاهدين لجهادهم
بالنفس والمال في إصرار ضد
الاحتلال والاستعمار والصهاينة
في فلسطين وفي العراق وفي كشمير
والشيشان وبورما والفلبين، رغم
ما لدى قوى الطغيان والعدوان من
إمكانات مادية، ورغم تآزرها على
مصادرة حق المسلمين في ديارهم
وحريتهم وأمنهم ودورهم
الحضاري، لدليل على تأصل الرؤية
الصحيحة في أذهان وقلوب
المجاهدين، وحرصهم على أن
يكونوا في مستوى وعد الله كما
جاء في قوله عز وجل: ﴿إِنَّ
اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ
وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ
لَهُمُ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ
وَيُقْتَلُونَ وَعْداً
عَلَيْهِ حَقّاً فِي
التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ
وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفي
بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ
فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ
الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ
وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ﴾ (التوبة: 111).
أيضًا ثمة حقيقة تقول وتؤكد أنه
كلما اتسعت حلقات حملات الهجوم
على الدعاة، ومحاولات التشويه
لمسيرتهم، إنما كان ذلك دليلاً
على فاعلية العمل الدعوي
والجهادي وأثره وتأثيره، الأمر
الذي يوجب المزيد من العمل
لبلوغ المزيد من التأثير،
وتأكيد التواصل، وتوريث الفهم
الصحيح؛ استجابةً لقول الحق:
﴿وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ
الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ
يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ
الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾ (المائدة:
84).
أيضًا رسخت في القلوب والأفهام
حقيقة تؤكد أن على الأمة أن تعمل
في التزام لقول ربها وسنة رسوله-
عليه الصلاة والسلام- وأن تبذل
أقصى ما تستطيع البذل في
انتظارٍ لأجر وثواب خالقها، وأن
تأخذ بالأسباب دون استهانة أو
تفريط أو تقصير، أما الحصاد
والنتائج فيبقيان في قدر الله،
صاحب الشأن والأمر والنهي.
أما هذا الانتشار في الرؤية
والإيمان على كل الساحات وفي كل
القطاعات، ومن قِبل كافة القوى
وأهل العلم والتخصص وأصحاب
العطاء ومن كل الأعمار، فهو
يمثل حقيقة هي في حد ذاتها دليل
على أصالة هذه الأمة وتأصل
وتجذر عامل الإيمان في قلوب
أبنائها، واستعدادها للعمل
والجهاد من أجل ربها، وتمسكها
بعزتها وكرامتها، وحريتها
وأمنها، متمثلة قول الحق سبحانه:
﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ
الْمُنَافِقِينَ لا
يَعْلَمُونَ﴾ (المنافقون: 8).
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|