معدات
خاوية وتخمة بالشعارات
أبو
عمر الأسدستاني
يا جنرالات الصمود
والتصدي .. يا أبناء بشار الأسد ؟
وأحفاد حافظ الأسد؟ يا من قذفتم
الرعب في قلوب العدو في حماة
وحلب وجسر الشغور ؟ يا من فتحتم
تل الزعتر والبداوي ؟ يا من
سطرتم بأمجادكم في عنجر
والبوليفار سطوراً من العزة
والمجد في تاريخ صراعكم مع
العدو ؟ يا من كتبتم بدماء
الأعداء على جدران زنازينهم في
تدمر .. لقد مرّ الأبطال من هنا ؟
يا رفاق علي دوبا ومحمد الخولي
ومحمد ناصيف وآصف شوكت ورستم
غزالة وجامع جامع والعشرات بل
المئات من صناديد البعث
وجنرالاته ؟ ...
آن الأوان لتنهضوا
من غفوتكم ؟ آن الأوان لتهبوا
لتحرير الجولان ولدحر الأعداء ؟
لقد بات العدو على الأبواب ؟ لن
ننتظره ليفرغ من لبنان أولاً
ليأت دورنا في العدوان ؟ قوموا
يا أسود حماة ونمور تدمر وذئاب
لبنان وكلاب إسرائيل ؟
أناشدكم ببعض ما
ذكرت من أمجادكم .. أناشدكم
بشرفكم العسكري ؟ برجولتكم
ونخوتكم وكبرياؤكم وعزة نفسكم
؟؟ أن تتركوا إلى ما بعد
الانتصار تأليف كتب الطبخ
وموسوعات الزهور وسيرة مشاهير
النجوم ؟ دعوا البغايا تنتظر في
مخادعكم لحين عودتكم المظفرة
محملين بالمزيد من السبايا
والبغايا ؟ دعوا صور الأسود
وتماثيلهم المعلقة والموضوعة
في مكاتبكم وممرات منازلكم وغرف
نومكم تنتظر تلميعها ومسح
الغبار عنها إلى ما بعد التحرير
؟ دعوا كؤوس الخمر المترعة فوق
مناضد القمار ؟ قوموا الآن
وارتدوا بذاتكم العسكرية ولبوا
النداء ....
وفعلاً ...؟؟؟ هب
جنرالات الجيش العقائدي زرافا
وفرادى لحظة سماعهم لنفير الحرب
فمنهم من ترك طبخته على النار
لتحترق والآخر زهوره لتجف
والثالث صور الفنانات لتصفرّ
والرابع غادر مخدعه غير مبالٍ
بسباب الغواني الفاحش وطعنهن
بفحولته والخامس سكب على أوراق
اللعب ثـُمالة حليب السباع ...
وهبوا جميعاً مسرعين إلى
خزائنهم يرتدون لباسهم العسكري
المزين بنياشين بطولاتهم
وانتصاراتهم السابقة خرجوا
بعدها كالإعصار إلى جبهة القتال
يتحرقون شوقاً لنزال العدو
مقترعين فيما بينهم من سينزل
أولاً إلى ساح الوغى فتعلوا
أصوات الاحتجاج هنا وأصوات
الارتياح هناك إلى أن سُمع من
بعيد صوت زئير أسدٍ هادرٍ غاضب
مجروحٍ في كرامته ونخوته يشق
عنان السماء ليُسقط في طريقه
بضع طائرات إسرائيلية تحلق في
سماء لبنان قبل أن يصل صداه إلى
جنرالاته على جبهة القتال
قائلاً بغضب أسدٍ جريح سأقود
بنفسي الهجوم على إسرائيل ....
وانتفض الأسد الشاب بدوره
تاركاً (الماما) وألعابه وراءه
واستل كعادته سيفه البتار لقتال
المغول والتتار وخرج طالباً
الشهادة في سبيل الله والوطن
ولاقاه لفيف من الوزراء
المتحمسين للجهاد في مقدمتهم
وزيرا الخارجية والإعلام ؟
والتقى الجمع المحارب على جبهة
القتال حيث بادر الأسد الصنديد
بشار فور وصوله بقيادة الهجوم
الساحق الماحق على إسرائيل
والذي سمي تيمناً (الغضب الساطع)
وما هي إلا سويعات حتى تحرر
الجولان بعد أن أخلاه الصهاينة
قبل يومين من القتال خوفاً من
ِطعان الأسود وعض الكلاب ؟؟
واستمرت جحافل الجيش العقائدي
في تقدمها السريع باتجاه فلسطين
المحتلة بعد أن عرّجت في طريقها
على لبنان مطيحة بقوات الجيش
الإسرائيلي يمنة ويسرة مقتلعة
خلال مسيرها المظفر المستعمرات
الصهيونية من أساساتها مزلزلة
أركان إسرائيل فوق رؤوس
المحتلين ؟؟ وتواصلت انتصارات
الجيش الفاتح وبدأت الضغوطات
الدولية تتكاثف وتتوالى حيث صدر
قرار من الأمم المتحدة بالوقف
الفوري للأعمال القتالية
لإنقاذ إسرائيل من براثن الأسد
الشاب وأُبلغ الفريق الركن بشار
قلب الأسد بالقرار وهو في ساحة
المعركة فمزق بغضب شديد القرار
الأممي قائلاً مقولته الشهيرة
... لن أُغمد سيفي إلا للصلاة في
المسجد الأقصى ؟؟ واستعر القتال
الشرس من جديد ولاحت من بعيد قبة
المسجد الأقصى الذهبية وسُمعت
أجراس الكنائس تُقرَع مرحبة
بالجيوش المحرّرة فخفقت القلوب
وانهمرت دموع الفرح
بالنصر المؤزر واشتدت أيادي
الرجال في القبض على أسلحتهم
حتى كادت تعتصرها وكأنهم يقولون
لفيروز لقد قرعنا لك أجراس
العودة بسواعدنا ودمائنا بعد
طول انتظار ... وأخذت أشعة الشمس
الساطعة المنعكسة من قبة الأقصى
تمسح بخيوطها الذهبية غبار
المعارك والبارود المتراكمة
على نياشين الجنرالات ورتبهم
وبدا الفريق الركن الصنديد بشار
بنياشينه ونجومه البراقة
اللامعة على صدره وكتفيه وسط
جموع الجنود يستنهض عزائمهم
ويشحذ قواهم تمهيداً للهجوم
الأخير لتحرير الأقصى والقدس
وجنوده بدورهم يهتفون له بجنون
بالروح بالدم نفديك يا بشار
يا فاتح القدس وقاهر التتار ؟؟
ورن جرس المنبه
بجوار سريري مستنكراً إفراطي في
الحلم ونهضت بدوري حانقاً
منزعجاً من هذه الساعة العميلة
التي استكثرت عليّ مجرد الحلم
بالنصر أو بتحرير الأقصى ولكنني
أبيت إلا أن أتمم الحلم الجميل
إلى نهايته فأسكتها بعنف وأغمضت
عيني على عجل لأتابع سير
المعارك آملاً أن لا أكون قد
فوّت على نفسي رؤية سكان القدس
وهم ينثرون الورود والأرز على
قائد الجيش المحرّر وجنرالاته
وجنوده ؟؟ ولكن لما عدت من جديد
وجدت نفسي في بداية الحلم أو
بالأصح في الواقع المؤسف المرير
أنظر إلى الفريق الركن وهو يلهو
بألعابه محدقاً بفرح طفولي غامر
إلى بذلته العسكرية .. يلبسها
حيناً ويخلعها حيناً آخر
متأملاً إياها بإعجاب شديد
ضاحكاً ضحكته الخالدة غير مصدق
لما يراه على كتفيه من رتب براقة
وعلى صدره من نياشين لامعة
ووجدت جنرالاته أيضاً يكملون ما
تعودوا على أدائه من مهام
فالأول منهمك بوضع خطة لتحضير
الفتة الشامية عوضاً عن خطة
الحرب ؟ والثاني يزرع وروده
بدقة وانتباه بدل أن يزرع حقل
ألغام في طريق المدرعات
المعادية ؟ والثالث يحدق
كالمراهقين بصور الممثلات
وعارضات الأزياء بدل أن يحدق
بالصور العسكرية للأقمار
الصناعية ؟ والرابع في مخدعه
يجاهد يائساً لنصب منصة إطلاق
لصاروخ قصير المدى لن ينطلق
أبداً من منصته رغم الجهود
المضنية التي يبذلها خبراء
الصواريخ من القيان والغواني
لمساعدته ؟ والخامس تشقق لسانه
من كثرة لعقه لصور وتماثيل
وأحذية آل الأسد ؟ والسادس قد
أفرغ زجاجة الخمر الثانية
(كامناً) على طاولة القمار
للاعبين الأعداء ؟ فيما انهمك
وزير الإعلام بتطبيق ما قرأه عن
كلينتون ومونيكا مع إحدى
المذيعات .. أما المعلم فقد بدا
قابعاً بذل يجتر لوحده شعاراته
الثورية كما حدث في اجتماع
وزراء الخارجية العرب ملفوظاً
بقرف من الجميع كالمومس
المنتهية صلاحيتها في بيت
البغاء .
وفتحت عيناي بسرعة
وقوة مذهولاً لانقلاب الحلم
الجميل إلى كابوس مريع
ما الذي حدث ؟؟ ماذا حصل ؟؟
لا يمكن أن يكون جنرالات الطبخ
والزهور والأسرّة والخمر
والبغايا والقمار هم جنرالات
البطولة والفتح والتحرير في
حلمي الجميل ؟؟ لا بد من وجود
خطأ فادح في مكان ما ؟ هل الحمى
هي السبب وراء هذه الكوابيس ؟؟
أم التخمة بعد عشاء دسم ؟؟
وتذكرت أنني نمت ومعدتي خاوية
شأني شأن أغلب العبيد في
أسدستان ولكن أعترف بأنني أكثرت
في الآونة الأخيرة من مشاهدة
نشرات الأخبار السورية ومسيرات
التأييد للمقاومة في مدينة دمشق
قلب العروبة النابض رافعة صور
السيد حسن نصر الله وأعلام
فنزويلا ؟؟ كما استمعت مطولاً
لنهيق عدة مسؤولين بشعارات
الصمود والتصدي ولمزاوداتهم
الثورية والنضالية إضافة لبعض
الندوات واللقاءات مع بائعي
الشعارات من القومجيين
المحليين والعرب على امتداد
فترة حرب لبنان ولكن على الأرجح
فإن سبب هلوستي في الحلم كان
رؤية الفريق الصنديد بشار وهو
يخطب أمام ما يفترض أنهم صحفيون
بعد عودته المظفرة من جبهات
القتال الحامية الوطيس تحت سرير
نومه وبدأ كعادته بالزئير
الفارغ في الهواء وبنثر رذاذ
لعابه الكريم في القاعة وعلى
الميكرفونات كلما تشدق
بشعاراته وثوابته ملوحاً بيديه
ذات اليمين وذات الشمال مما
أفقدني لتركيزي وبدأت أترقب
اللحظة التي سيطيح فيها
بالمكيرفون كما فعل في خطاب (عبد
ٍمأمور لعبد مأمور) ولكن
وللأمانة فإن منظمي الحفل
الثوري الساهر وضعوا هذا في
حسبانهم وأبعدوا الميكروفونات
لمسافة آمنة عن المجال الجوي
ليديّ الشاب بشار ؟ ولعل
التلويح باليدين المختلط
بالقصف المدفعي من فم الفريق
الصنديد مع أزيز الرذاذ
المتطاير في الهواء هو ما أثر
عليّ وجعلني أحلم بتحرير الأقصى
والجولان .
هذه هي أعراض
التخمة بالشعارات على مَعِدات
خاوية إذ يتشّبه لك القط بصورة
أسد والمهرج بصورة وزير
والرعديد بصورة جنرال وهو مرض
خبيث عضال أصاب الشعب السوري
بأكمله منذ ثلاثة وأربعين عاماً
, لم تفلح محاولات التكيف معه أو
علاجه بالمسكنات لأن علاجه لا
يتم بغير استئصاله فإلى متى
سنظل ننتظر ونخاف من إجراء
عملية الاستئصال ؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|