ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 28/08/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

محاولـة لفهـم السـياسـة الأسـدية – 1

الدكتور  خالد الاحمـد*

غمـز يسـار واذهب يمين :

منذ الثمانينات انتشرت نكتة سياسية في سوريا والعالم العربي خلاصتها أن نيكسون زار دمشق (1974) وفي طريقه من المطار إلى الضيافة مـر بدوار يصلح فيه الذهاب من اليمين أو اليسار ، ولما سأله سائق سيارة الضيافة : سيدي أتحب الذهاب من اليمين أم اليسار ؟ فأجاب نيكسون : غريب منك هذا السؤال ! ضع غماز اليمين واذهب من اليمين .

وبعد مدة غير طويلة زار الرئيس الروسـي دمشق وفي نفس المكان ونفس السائق ونفس السؤال فقال الرئيس الروسي : غريب منك هذا السؤال ! ضع غماز اليسار واذهب من اليسار .

وبعد مدة كان الرئيس الراحل حافظ الأسـد عائداً من رحلة خارجية ، ونفس السائق والمكان والسؤال فأجاب الرئيس الأسـد : غريب منك هذا السؤال ؟ متى تفهم عليّ ؟ ضع غماز اليسار واذهب من اليمين .

 

نـظام الشـعارات الفارغـة :

 

والنظام الأسدي من أكثر أنظمة العالم في طـرح الشعارات الجوفاء ، التي ينساق عامـة الشعب السوري ، وعامة الشعب العربي ، وأحياناً بعض المثقفين العـرب ، الذين انخدعـوا بشعار ( بلد الصمود والتصدي ) ، ودفعوا مليارات الدولارات لحافظ الأسـد ، التي حولها لأرصدتـه الخاصة ، وأرصدة أولاده ، وأشقائه ، وأنسبائه ، وأزلامـه من قادة الوحدات الأمنيـة الذين سهروا على تثبيت حكمـه وحكم أولاده من بعده ..وسوف نمشي مع هذه الشعارات واحداً بعد الآخر ، لنرى كم هو الفرق بين الشعار والتطبيق في الواقع ...

 

1- أمـة عربيـة واحدة :

 هذا شـعار حزب البعث ، شعار نبيل ونظيف ، محبب لدى العرب والمسلمين ، ترنمنا بـه وبكلماته ،في طفولتنا ، وفي شبابنا ، ورددناه آلاف المرات ، ولكنه أحد الشاعرات التي تاجر بـه الأسـد ، واستخدمه سلّماً صعد عليه ، من بداية (8/3/11963) ، وحتى ( 16/11/1970) عندما قاد الحركة التصحيحية ، وصار ( ملكاً ) على سوريا ، وترك حزب البعث هيكلاً فارغاً ، بعد أن حـل القيادة القومية مرتين ، وسجن أو طرد أعضاءها ...فكيف كان موقفه من الأمـة العربية !!؟

 

           أ ـ وقف مع الفرس ضد العراق البعثي العربي :

 

كنت بعيداً عن سوريا ، مواظباً على مطالعة الصحف السورية ، إبان الثورة الإيرانية ، وكنت مندهشاً ومتحيراً من تأييد النظام العلماني البعثي القومي العربي السوري للثورة الإسلامية الإيرانية كما تسمى ،وكانت هذه الأخيرة في بدايتها تطرح طرحاً إسلامياً صرفاً ، حتى كسبت تأييد الحركات الإسلامية في العالم فكيف تؤيد الصحف البعثية السورية ثورة تقول أنها ( إسلامية غير مذهبية )، وكانت الصحف السورية البعثية تنشر أخبار الثورة الإسلامية الإيرانية يومـياً بروح إيجابية مؤيدة لها على صفحات الجرائد السورية ، وكان ذلك لغـزاً محيراً لي ، يومذاك ، فالبعث السوري يقتل شباب الحركة الإسلامية وهم عدوه الأول ، ويقف مع الثورة الإيرانية الإسلامية ، إنها قضية محيرة ، لاتفهم إلا على مبدأ [غمز على اليسار واذهب على اليمين] .

 ثم انفجرت الحرب العراقية الإيرانية أواخر عام (1980م )، والعداء الشخصي مستعر بين النظام البعثي السوري والنظام البعثي العراقي،ولم يخطر في ذهن عربي يومذاك أن سوريا البعثية القومية العربية العلمانية ؛ ستقف إلى جانب إيران العجم ( الثورة الإسلامية ) ضد عراق العرب البعثي القومي العلماني ، ووقفت جميع الدول العربية إلى جانب العراق، وفتحت دول الخليج العربي خزائن أموالها للعراق، وقدمت أموالاً طائلة لـه لأنها اعتبرته يدافع عن البـوابة الشرقية للعالم العربي ، ,انه يقف في وجـه الخميني الذي نادى صراحة وعلناُ بتصدير الثورة الإيرانية .

إذن كان العراق يعلن ويكرر أنه يحمي بوابة العرب الشرقية، وكانت إيران تطمح إلى مد الثورة الشيعية إلى العراق، ونصفه من الشيعة ، وفيه حزب شيعي قوي هو حزب الدعوة ، وإقامة تحالف مع نظام الأقليـة في سوريا، ومساعدة الشيعة في لبنان على استلام الحكم ، وهكذا تطوق إيران دول الخليج العربي عامة ، والسعودية خاصة، عدوها اللدود الأول ، وبلد الحرمين الشريفين ، قبلة المسلمين في العالم، وقدم النظام السـوري لإيران التسهيلات التالية :

1 ــ منعت العراق من تصدير نفطه عن طريق خط الأنابيب المار في سوريا ، وحرمت الشعب السوري من (650 ) مليون دولار سنويا ًكانت تعود على سوريا من خط النفط العراقي . ومازال موقفاً حتى سنوات طويلة [ أعتقد حتى وفاة حافظ الأسـد أو قبلها بقليل ]، وكانت هذه الخطوة أول رصاصة في قلب الاقتصاد السوري ، وضربة كبيرة للاقتصاد العراقي البعثي ، حيث بدأ انهيار الليرة السورية بعد ذلك بعام واحد .

2 ــ سمحت للطائرات الإيرانية بالهبوط في المطارات السورية في البادية السورية ، كي تتزود بالوقود ، لتعود إلى قصف العراق الشقيق في طريق عودتها إلى إيران .وهكذا تتزود الطائرات الإيرانية بالوقود والصواريخ من إيران فتقصف العراق الشقيق البعثي ، وتهبط في المطارات السورية على حدود العراق كي تتزود ثانية ثم تقصف العراق في طريق عودتها إلى إيـران .

3ــ اشترت سوريا النفط الإيراني المنقول بالناقلات محاولة لتعويض حصتها من النفط العراقي . وتشجيعاً للاقتصاد الإيراني إبان الحرب .

4 ــ استوردت الأسلحة من دول غربية على اسمها لصالح إيران ، عندما تظاهرت الدول الغربية أنها فرضت حظراً على مبيعات السلاح لإيران .بتحريض من السوفيات أنفسهم ( ) .

5ــ أرسلت ضباط أمن ووحدات خاصة لتدريب القوات الإيرانية ، ومساعدتها في جبهات القتال، ويقول نظام صدام أنه أسـر بعضهم في الحرب  .

6ــ سهلت وصول الشيعة الخليجيين إلى سوريا ومنها إلى إيران للتدرب على الأعمال العسكرية وعمليات التخريب . ومنحتهم جوازات سفر سورية لهذا الغرض .

وهكذا تناسـى حافظ الأسد أنه يجبر طلاب المدارس في سوريا على أن يهتفوا صباح كل يوم ( أمة عربية واحـدة ذات رسـالة خالـدة ) أهدافنا ( وحدة حرية اشتراكية ) ، فأين هذه الأمـة العربيـة الواحـدة عندما وقف مع الفرس ضد العرب ، وأين الوحدة ؟ بعد أن شـرذم سـوريا إلى طوائف يحقد بعضها على الآخر . وزرع بين الدول العربيـة أسـافين الكره والبغضاء إلى أجل غير مسمى . وأين الوحدة إذا وقف مع فرس إيران ضـد بعثـيي العراق !!!؟

 

   ب ـ قاتل الجيش السوري مع الجيش الأمريكي ضد الـعراق :

 

وقد يفهم بعضهم أن الرابطة المذهبية بين الأسد وإيران ، شجعته على الوقوف مع المذهب ضد القومية العربية ، ولكن وقوفه مع الامبريالية ( أمريكا ، وبريطانيا ، وفرنسا ، وكندا ، واستراليا ...وغيرها ) أي الامبريالية كلها ، بقضها وقضيضها ، وقف معها ضـد العـراق البعثـي العربي ، ومازال ينادي صباح مساء [ أمـة عربية واحدة ....ذات رسالة خالدة ] :

 

وأرسل حافظ الأســد قواته ( الجيش العقائدي البعثي العربي القومي ) لتقاتل جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية ( الأمبرياليةكلها ) ، هذه الدول التي يسميها حافظ الأسد الإمبريالية، وكم شتمها وعلمنا أن نشتمها، وحذرنا من مكرها وخداعها ، واتهم بعض العرب بأنهم عملاء لها ، وكان يلصق تهمة التعامل معها بكل من يعاديه ، وكان يجبر تلاميذ المدارس في كل صباح خلال عقد الثمانينات على ترديد مايلي :(يسقط الاستعمار والإمبريالية والصهيونية وعميلتهم عصابة الإخوان المسلمين)، ثم هاهو يقف إلى جانب الصهيونية والإمبريـاليـة والاسـتعمار، ضد دولـة عربيـة ، يحكمها نفس الحزب وهو حزب البعث الذي أوصله إلى السلطة في سوريا.

 

جـاء في كتاب [مقاتل من الصحراء للفريق خالد بن سلطان بن عبد العزيز ]عن معركة عاصفة الصحراء (1991)  : (ص 268) :

بعد غزو العراق للكويت ، أوفد الرئيس حافظ الأسد العماد علي أصلان ليناقش معي مايمكن أن تقدمه سوريا ، ويعرف عن الرئيس السوري بغضه الشديد لصدام حسين أكثر من بغضنا له بكثير ، كما أيقنت أنه ليس من السهل على سوريا بصفتها حاملة راية القومية العربية أن تضم قواتها إلى قوات أمريكا في شن حرب على دولة عربية أخرى ، وكان شـوارتـزكـوف ينظر إلى السوريين بعين الحذر ، ولم يتصل بهم طوال المدة ، وقال لي العماد أصلان : إن القوات السورية تفضل أن لاتعمل بالقرب من القوات الأمريكية ....،

 

الطائرات الأمريكية تحمي القوات السورية من الصهاينة !!؟؟:

 

  ويتابع الكاتب قوله : ثم أبحرت القوات السورية تحت الحماية الجوية الأمريكية !!أي حماية الطائرات الأميركية التي تقلع من حملة الطائرات في البحر الأبيض المتوسط ، [وهي الطائرات التي ساهمت في تدمير الطائرات العربية المصرية يوم (5/6/1967م) ، وهذه الطائرات الفانتوم نفس الطائرات عند الكيان الصهيوني ، والطيار الإسرائيلي هو طيار أمريكي أيضاً لأن كثيرين منهم يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية ].

 يتابع كاتب  مقاتل من الصحراء :  ولفت نظري قدرة دولتين لم تكونا على وفاق من قبل على التعاون بشكل فعال لمواجهة خطر مشترك !! واستقبلت القوات السورية في ينبع وأصبت بخيبة أمل عندما عرفت أنهم أحضروا دبابات (ت 62) فقط ولم يحضروا (ت 72 )وعذرتهم لأنني أدرك أن عليهم حشد فرقتين على الحدود العراقية لمواجهة صدام !!! . وضعت السوريين غرب مشاة البحرية الأمريكية ، ثم عرفت أن الأمريكيين لايحبذون ذلك لأن دبابات السوريين تشبه دبابات العراقيين وخافوا من التباس الأمر عليهم ، لذلك استبدلت السوريين بالمصريين ، وسحبت الفرقة السورية إلى الخلف لتشكل احتياطي القوات المشتركة في المنطقة الشمالية ....

 

أطقم السيطرة الجويـة الأمريكية مقبولة عند الضباط الكبار السوريين فقط :

 

ويتابع الكاتب : وسارت عمليات التنسيق بين أطقم السيطرة الجوية الأمريكية والقوات المشتركة على مايرام ، وكانت العقبة الوحيدة هي أن السوريين لم يتحمسوا كثيراً للعمل مع هذه الأطقم الأمريكية ، ولست ألومهم على ذلك ، وبدا الضيق على شوارتزكوف وقال : سوف اسحبها فوراً ، قلت له : إننا بحاجة لها ، أرجوا أن تطلب من رجالك التحلي بالصبر ، وألا ترسلهم إلى السوريين الآن ، وفي اجتماع مع اللواء علي حبيب (قائد الفرقة السورية ) قلت له : أرجوك أن تخبرني إذا كان لديكم أوامر تمنعكم من العمل مع أطقم السيطرة الجوية الأمريكية ( وهي وحدات تميز الطيران وتتفاهم معـه ) ، فأنا أقدر موقفكم وسأدافع عنه ، أجاب : أبداً بل العكس ، ليس لدينا أية مشكلة معها ، نرحب بوجود هذه الأطقم معنا ، وأخبرني فيما بعد المقدم طيار عايض ثواب الجعيد أن السوريين في المستويات الدنيا رفضوا قبول الأطقم الأمريكية من قبل ، بينما كانت مقبولة من الضباط الكبار فقط ،  واستغرقت تسوية المشكلة أياماً عدة ، ثم وافق السوريون على العمل مع الأمريكيين، كما أنهم عاملوهم معاملة طيبة وأكرموا وفادتهم ، وعندما ذهبت لزيارة القوات السورية ، تناولت الغداء مع الضباط السوريين في حضور أطقم السيطرة الجوية الأمريكية أيضاً ، وسارت الأمور بين الجانبين على نحو أفضل مما كنت أتوقع .    

 

   هكذا لم يكن يتوقع الكاتب أن يتفاهم البعثيون مع الامبرياليين ، والكاتب معذور لأن كل إنسان عاقل لايستطيع أن يفهم ذلك ، لأنـه مخالف للمنطق والمألوف ، فلماذا نغمـز على اليسـار ثم نذهب إلى اليميـن !!!؟ لماذا نربـي أجيالنا على مدى بضع عقود على كـره الامبريالية ، ثم نتعـاون معها على محاربة اشـقائنا البعثيين في العراق .

هذه هي الراديكالية الأسـدية ، وكما قلت سابقاً ، ينتصر في الحرب من يأتي بجديد لم يخطر في ذهن أحـد ، أما أن يكون مخالفاُ للعقيدة أو التراث أو الشرف ، أو العهود ، فقد مهـد مكيافللي الطريق لتلاميذه ، وبرر لهم كل مايفعلونه من أجل الحفاظ على كرسي الحكم ، وهكذا فعل حافظ الأسـد .

 

هذه بعض ملامح السياسة الأسدية ، وسنرى بعضها الآخر في موضوع قادم بإذن الله تعالى ..

*كاتب سوري في المنفى

 المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ