بشار
الأسد :
مَلْعُوبَة
.. الْعَبْ غَيْرَهَا !..
بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف
لسنا من الذين
ننخدع لحظةً بأكاذيب قياصرة
النظام الدمويّ الإرهابيّ،
الجاثم على صدور أبناء شعبنا في
عاصمة الأمويين : دمشق.. منذ
أربعين عاماً ونيف.. لذلك فمن
البديهي أننا لا نُخدَع بألاعيب
أفراخ النظام الذين يتذاكون
علينا، متوهّمين أنّ أكاذيبهم
الساذجة يمكن أن تنطليَ على أي
طفلٍ من أطفال سورية المنكوبة
بهم!..
لقد توقعنا منذ
رحيل دكتاتور سورية وطاغوتها
الأكبر.. أنّ النظام القاتل
سيراوغ ويكذب ويستخدم سلاحه
الباطني الذي يتقنه عقيدةً
ومنهجاً.. من أجل أن يلتقط
أنفاسه، ويرتّب أوراقه، ويجدّد
دماءه الفاسدة ووحوشَه الضالة..
للاستمرار في نهج التسلّط
والقهر والقمع واللصوصية، التي
درج عليها منذ أن استولى على
السلطة تحت شعاراتٍ خادعةٍ
كاذبة، ثبت زيفها وبهتانها منذ
عشرات السنين.. كنا نتوقع ذلك
كله.. لكننا حقاً، لم نكن نتوقع
أنّ هذا النظام الجائر سيتصرّف
بكل هذه السذاجة والسطحية
والتخبّط.. خاصةً فيما يتعلق
بسلوك رئيسه الشاب، الذي ورث
الحكم على أسنّة أجهزة
المخابرات وقوانين الطوارئ
والأحكام العُرفية، وبسيف
الإرهاب والقمع ومصادرة أبسط
نسمات الحرية للمواطن السوريّ،
المنكوب بهذه العصابة
الإرهابية الحاكمة، التي لم
يمرّ على سورية مثيل لها طوال
تاريخها!..
نستبشر خيراً،
عندما نقرأ تفاصيل مقابلةٍ
أجرتها صحيفة (نيويورك تايمز) مع
الرئيس الوريث للجمهورية
السورية (بما فيها).. فمادام
النظام يتخبّط بدءاً من رأسه..
وما دام الرأس بهذه السطحية
والجهل.. فإن هذا يجعلنا نستبشر
خيراً.. بأن نهاية لصوص سورية
وعُتاتِها الإرهابيين قد
اقتربت بإذن الله!..
بشار الأسد يتحدث
إلى ملحق (نيويورك تايمز) وكأننا
نعيش في كوكبٍ آخر، يتحدث بلا
جمرك ولا ضوابط، ولا أصول ولا
أسس.. ولا أي شيءٍ يدل على أنه
يعيش في القرن الحادي والعشرين
المتخم بوسائل الاتصال والحراك
المعلوماتي الهادر.. يتحدث
بعقلية أهل الكهف، وسطحية أجهزة
مخابراته المعتَّقة، وسذاجة
القاطنين في جحور الجبال.. ظاناً
أن هذيانه يمكن أن يمرّ على
أبناء هذا العصر المتقدّم..
مستخدماً عباراتٍ كان من الممكن
تمريرها على عقول عوام الناس
منذ عقود، حين كان نظامه وحزبه
يهذي بالوحدة والحرية
والاشتراكية، بينما هو ينفّذ كل
ما من شأنه أن يشظّي الأمة
والشعب إلى شظايا لا نهاية لها،
ويقتل الحرية على نحوٍ لم يسبق
له مثيل لدى أعتى الأنظمة في
العالَم طغياناً وظلماً
واستبداداً، ويجعل من
الاشتراكية جسراً لاشتراك كل
لصوص النظام وعصابته وعائلته
الحاكمة.. في نهب الوطن والشعب،
وتدمير مؤسساته الاقتصادية
وجعلها قاعاً صفصفاً، وتهريب
عشرات مليارات الدولارات إلى
خارج سورية، بعد نهبها من جيوب
أبناء الشعب السوريّ وإيداعها
بالأسماء الشخصية للصوص النظام..
في بنوك سويسرة وأميركة وأوروبة!..
لن نقف عند الكلام
المسطح الذي أتحفنا به جلالة
الرئيس.. حول التوتر الطائفي،
الذي كان نظامه الفئوي، وما
يزال، وسيبقى.. ركناً أساساً له
في سورية، وسبباً مباشراً
لتأزيمه في لبنان.. كما لن نقف
عند الكلام الركيك حول الاقتصاد
السوري المنهار والفساد
الاقتصادي المريع ولصوصه
الفاسدين.. أو حول القاتل
الحقيقي للرئيس الحريري.. ولا
حول أكذوبة تعديل قانون الطوارئ
(لا إلغائه).. ولا حول المقاومة
العراقية وعروض (جلالته) السخية
على أميركة، للتعاون الأمني ضد
الشعب العراقي الذي يقاوم
الاحتلال.. فهذه من الأمور التي
باتت مكشوفةً تماماً للمواطن
العربي والسوري، وهي من
اللازمات الممجوجة التي لا
تستحق النقاش!..
يقول الوريث بشار
الأسد لملحق (نيويورك تايمز) حول
مصافحته لرئيس الكيان الصهيوني
الغاصب (موشيه كاتساف) أثناء
جنازة بابا الفاتيكان : (إن الله
صنعه، وكل ما صنعه الله يجب
الاعتراف به، ونحن كسوريين، لم
نكن يوماً مغلقي العقول)!..
لم نكن نعلم حقاً،
أنّ الوحي قد نزل بأوامر الله عز
وجل على بشار الأسد، مجبراً
إياه على مصافحة الأيدي الملوثة
بدماء السوريين والفلسطينيين
واللبنانيين والعرب والمسلمين!..
كما لم نكن نعلم أن بشار الأسد
يتمتع بكل هذا الإيمان
والنرجسية والصوفية، التي
تجعله ينفّذ أوامر خالقه سبحانه
وتعالى، بكل هذه الشفافية
والصفاء الروحي.. مع أننا نعرف
تماماً أنّ بشار الأسد لا ينفّذ
أمراً من أوامر الله عز وجل، من
تلك التي تتعلق بأصول الحكم
والعدل وحفظ كرامة المحكوم
وضمان حريته الكاملة، وحفظ
كرامة الوطن والابتعاد عن
الفئوية والعائلية والمحاباة
في الحكم، والسعي لتحرير الأرض
المغتصبة، و.. و.. وغير ذلك من
التعاليم الإلهية المفروضة
فرضاً على الحاكم أو ولي الأمر!..
بشار الأسد ليس
مغلق العقل كما يقول، ولأنه غير
مغلق العقل.. فلزاماً عليه أن
يصافح رئيس الصهاينة الذين
يحتلّون الجولان السوري،
وفلسطين، وأجزاء من لبنان.. فهي
إرادة الله وصنعه، وما يصنعه
الله يجب الاعتراف به ولا جدال
حوله!.. ولله في خَلْقِهِ شؤون!..
نذكّر بشار الأسد
صاحب الجمعية العلمية السورية
للمعلوماتية.. بأنّ حقبة العصور
الكنسية الوسطى الظلامية، التي
تسوّغ للحاكم نزواته وهرطقته
وظلاميته وشذوذه.. قد انقضت منذ
مئات السنين، ولا مكان في القرن
الحادي والعشرين، لتبرير
السلوك الشنيع للحكام.. وأنّ هذه
البهلوانيات المضحكة تنطلي على
أمثاله من المشعوذين، ولا يمكن
أن تنطلي على المواطن السوري
مهما بلغ به العجز والكبت!..
ثم يقول وارث
سورية عن أبيه، الذي استولى على
عرشها بانقلابه العسكريّ منذ
أكثر من ثلث قرن.. يقول جواباً
على سؤالٍ بشأن اعتقال أعضاء
مجلس إدارة منتدى الأتاسي : (إن
الإخوان المسلمين إرهابيون،
قتلوا أكثر من 15 ألفاً في سورية)
ويتابع : (إن أعضاء منتدى
الأتاسي أطلق سراحهم بعدما
قالوا : إنهم لن يعيدوا الكرّة
مجدداً)، وذلك في إشارةٍ إلى
قراءة رسالةٍ من المراقب العام
للإخوان المسلمين في إحدى ندوات
المنتدى، التي دعا فيها إلى
الإصلاح والتسامح والشفافية
وضمان حرية المواطن السوري
وكرامته!..
لقد أشرنا غير
مرّةٍ، أنّ بشار الأسد أثبت أنه
لا يقوم إلا مقام (الميكروفون)
الذي يكبّر أصوات الحكّام
الفعليين لسورية، من مافيا
الأجهزة المخابراتية، وعصابات
العائلة الحاكمة المتسلّطة على
البلاد والعباد، راضياً كل
الرضى القيام بهذا الدور السيئ
المشبوه.. لذلك، فنحن عندما
نناقش كلامه، نعلم أننا نناقش
رؤوس الأفاعي التي تفحّ بصوته،
وتلسع بلسانه، وتُرغي بزَبَدِه..
لأننا نعلم أنّ الوريث بشار
يهرف بما لا يعرف، فتاريخ
الحقبة التي يتحدث عنها.. قد بدأ
قبل أن يتشكّل جنيناً في أحشاء
أمه، وما دار من أحداثٍ ساخنةٍ..
كان قد وقع عندما كان يلهو بمصّ
إبهام يده.. وما يذكره ويزيّف
حقيقته.. حدث وكان ما يزال يلهو
بأرجوحةٍ من أراجيح مدرسة (اللاييك)
بدمشق.. لذلك فكل ما يتحدث به.. قد
حُشيَ به حشواً من قبل الأفاعي
الحقيقية التي تحكم سورية،
ولذلك نقول لتلك الأفاعي
المسعورة التي تزداد تخبطاً
كلما اقترب يوم سقوطها الموعود..
نقول لها : على الذين يسكنون في
بيوتٍ زجاجيةٍ مهترئة.. ألا
يرموا الناس بالحجارة،
فالحقائق أشد وضوحاً من كل
باطنيتكم وتزييفكم وباطلكم!..
أما للوريث (غير
مغلق العقل) فنقول :
ليس هناك أشد
درجةً إرهابيةً من اغتصاب الحكم
بسيف الأجهزة القمعية
الإرهابية المجرمة.. وليس هناك
أشد إرهاباً من الحاكم
الدكتاتوري الذي يفصّل الدستور
على مقاسه ليستولي على السلطة،
أو الذي يرتقي بالرتب العسكرية
كما تُبنى ألعاب الدينمو، ويصبح
قائداً عاماً للجيش والقوات
المسلّحة بقرارٍ يُحاكُ خلال
دقائق، ويحوّل الجمهورية في
مهزلةٍ تاريخيةٍ ستذكرها
الأجيال.. إلى جمهوريةٍ وراثية،
وترتفع وتيرة الإرهاب والقمع
وانتهاك حقوق الإنسان للمواطن
السوري خلال أشهر من عهده
الوراثيّ.. إلى أرقام قياسية،
بشهادة منظمات حقوق الإنسان
المهتمة بما يعانيه لإنسان
السوري!..
إنّ هذه الطريقة
البهلوانية الساذجة في خَلْط
الأوراق، وتضييع الحقوق،
وتزييف الحقائق، وتحويل
الأنظار عن الجلاّد الحقيقيّ،
وقذف الضحيّة بارتكاب ما عانَت
منه لعقودٍ طويلة، من إرهابٍ
سلطويٍ فئويٍ فظيعٍ لم يخلُ
يوماً من أبشع الانتهاكات التي
يمكن أن يعاني منها أي إنسانٍ أو
شعبٍ أو فئةٍ على وجه الأرض.. إنّ
هذه الطريقة الساذجة.. قد عفى
عليها الزمن، وانتهت مدّة
صلاحيتها منذ عقود.. فأنت يا
وارث عرش سورية بحراب القتلة
الحقيقيين الإرهابيين.. تمثّل
نظاماً لم يعد قادراً على الهرب
من ماضيه وحاضره الإرهابيّ
المخزي، ولن تفلح كل محاولات
خلع عباءة الجلاّد الإرهابيّ
المحترف عن هذا النظام، الذي لا
يستطيع الحياة إذا لم يكن
متقناً تمام الإتقان كلّ
الأساليب الإرهابية العنيفة،
التي تبدأ بالقفز على السلطة من
على ظهر دبّابة، ولا تنتهي عند
لحظة الاستلام والتسليم، التي
يتحوّل فيها الحكم الجمهوري إلى
حُكمٍ عائليٍ وراثيّ،
والجمهورية إلى جمهوريةٍ
وراثية، و(السيد الرئيس) إلى (جلالة
الرئيس)، الذي يَمضي في نفس
الطريق والأسلوب والشكل
والمضمون الإرهابيّ المرسوم،
بدقّةٍ وأمانة، وإخلاصٍ لخطّة
ضياع البلاد والعباد، واستئثار
زمرةٍ فاسدةٍ بخيرات الوطن
وأجهزة حكمه ومراكز ثِقَلِهِ
وقوّته، على حساب الأكثرية
الكاثرة من هذا الشعب السوريّ
المغلوب على أمره، الذي لا
يستحقّ كل هذه المِحَن التي مرّ
-ويمرّ- بها منذ أكثر من أربعين
عاماً، على أيدي جلاّديه
وإرهابييه من أبناء جِلدته،
الذين يزعمون الآن أنهم يكافحون
إرهابه!..
نُطمئن وريث
النظام وأركانه، أنهم لن
يستطيعوا بِخَلْطِهم وتحريضهم
وتلفيقهم، أن يحوّلوا الأنظار
عن قضايا حقوق الإنسان السوريّ
الفاقعة الوضوح، التي
ينتهكونها على مدار الساعة منذ
أكثر من أربعة عقود، بتلبيسها
تهمة الإرهاب المزعوم، بهدف
التملّص من المسؤولية الوطنية
والإنسانية، على مستوى إحقاق
الحقوق ومعالجة آثار الحَيْف
والظلم والقهر والقمع
والاستبداد، الذي لحق بأبناء
الشعب السوريّ -وما يزال- طوال
فترة حكمٍ أحاديٍ شموليٍ
دكتاتوريّ، لا يستطيع الرؤية
إلا بمنظار الحزب الواحد،
ومناظير الأجهزة الأمنية
القمعية المنتفعة من استمرار
الظلم والاستبداد، التي تتسلّط
على رقاب الناس ومقدّرات
البلاد، وتشكّل العائق
الحقيقيّ لأيّ عملية تقدّمٍ
وانفتاحٍ وشفافية، تعيد للوطن
أَلَقَه، وللوحدة الوطنية
نورها، ولفئات الشعب لحمتها!..
ولا نعتقد أنّ منصِفاً عاقلاً
يمكن أن يفقد مَلَكَةَ التمييز،
بين آهات المقهورين وأنّات
الثكالى وعذابات المظلومين
المسحوقين المضطهَدين.. وبين
استبداد المستبدّين وعمليات
السحق والقمع والاضطهاد والقتل
والاغتيال والسلب والنهب، التي
مارسها جلاوزة النظام وما
يزالون يمارسونها بوضح النهار،
من أولئك الذين يشكّلون تركيبته
الأساسية، الذين اغتالوا الوطن
ومستقبله، ووضعوا حبال الذلّ
والعبودية في عنق المواطن
المسحوق، وقطعوا عن الشعب كلّ
نسمة حريّةٍ أو إحساسٍ
بإنسانيته ومواطَنَة أفراده!..
لعل وارث
الجمهورية المنفتح على (موشيه
كاتساف)، و(غير المنغلق) (إلا)
على شعبه.. لعله يملك كل الحق،
فهو عندما كان طفلاً يلهو في
باحة (اللاييك).. ربما سمع بأن
أكثر من مئةٍ وخمسين ألفاً من
أبناء الشعب السوري قد قُتِلوا
وسُجِنوا وفُقِدوا.. على أيدي
جلاوزة نظام أبيه الذي ورثه،
فحذف صفراً من أمام العدد (150000)،
ثم قَلَبَ الحقيقة رأساً على
عَقِب، فصارت النتيجة بطريقةٍ
بهلوانيةٍ سحرية : الإخوان
المسلمين قتلوا خمسة عشر ألفاً..
فهم إرهابيون!.. والعتب على
النظر والذاكرة والجهل وصغر
السنّ.. وكذلك على أحجيات
الإرهابي المعتَّق (غازي كنعان)
وأشباهه الإرهابيين!..
فالإخوان
المسلمون إرهابيون.. يا جلالة
الرئيس :
لأنهم هم الذين
مارسوا كل الممارسات القمعية
بحق المواطن السوريّ، ففقد كل
إحساسٍ بالمواطَنة الحقيقية،
عدا الشعور بالانسحاق والغبن
والكبت والقهر!..
وهم أصحاب نظريات
(العنف الثوريّ)، الذي أكّدت
عليه المؤتمرات القطرية لحزب
البعث، بهدف تصفية المعارضين
الذين أطلِق عليهم اسم (عناصر
الثورة المضادة).. بخططٍ
استئصاليةٍ!..
وهم مَن لفّقوا
قانوناً إرهابياً للقتل
المقنّن والإبادة الجماعية،
أطلقوا عليه اسم : القانون رقم
(49) لعام 1980م، الذي يحكم
بالإعدام، وبأثرٍ رجعيٍ، على كل
منتمٍ (مجرّد الانتماء) إلى
تنظيمٍ إسلاميٍ معيّن!..
وهم الذين يقبضون
على الرهائن بجريمة (قرابة الدم)
مع أحد المطلوبين المعارضين
للنظام، ثم يخفونها، وبعد عشرين
عاماً يُعثَرُ على هياكلها
العظمية في مقبرةٍ جماعية!..
وهم الذين هجّروا
أبناء سورية من وطنهم، منسلّين
من بين ركام بيوتهم المهدّمة
فوق رؤوسهم، أو من بين أنقاض
مساجدهم!..
والإخوان
المسلمون هم أصحاب العبارة
المشهورة : (سنصفّي خصومنا
جسدياً)، التي أطلقها الضابط (حافظ
الأسد) من ثكنة (الشرفة) في حماة
في الستينيات من القرن الماضي،
قبل أن يقفز إلى السلطة بسنوات،
مؤسِّساً بذلك لوطنٍ تحكمه
شريعة الغاب والأحكام العرفية
وسياط الجلاّدين.. علماً بأنّ
هذه العبارة أُطلِقت قبل
المواجهة بين النظام ومعارضيه
بحوالي عقدٍ ونصفٍ من الزمان!..
وهم الذين مارسوا
الاعتداء السافر على الحجاب
الإسلاميّ، وجرّدوا الفتيات
المسلمات بالقوّة والحديد
والنار من حجابهنّ الإسلاميّ
الذي فرضه الله عليهنّ، في
شوارع دمشق والمدارس السورية!..
وهم الذين قاموا
باحتلال البيوت أو بتهديمها فوق
رؤوس أصحابها، وباحتجاز
الرهائن من النساء والأطفال
والشيوخ والرجال، ثم بتعذيبهم
بشكلٍ وحشيٍ منظّمٍ في السجون
والمعتقلات!..
وهم الذين قاموا
بتهديم المساجد وإغلاق المدارس
الشرعية وتغيير المناهج
التربوية الإسلامية في بلدٍ
مسلمٍ، يعتنق شعبه الإسلام!..
وهم الذين مارسوا
انتهاك الأعراض واختطاف
الفتيات والقاصرات، والسطو
والسلب والنهب والاستيلاء
المقنّن على الممتلكات الخاصة
والمحلات التجارية ودور السكن
والأراضي الخاصة، بحجة معارضة
أصحابها للنظام!..
وهم الذين
ارتكبوا المجازر البشعة
الرهيبة في المحافظات السورية،
التي تفوق بشاعتها مجازر دير
ياسين وقانا وصبرا وشاتيلا وكفر
قاسم ومجازر شارون الحالية!..
وهم الذين قاموا
بِمَحْوِ مدينةٍ رئيسيةٍ في
الوطن عمرها آلاف السنين من على
ظهر الأرض، هي مدينة حماة،
بأطفالها ونسائها ورجالها،
ومساجدها وكنائسها وتراثها
ومتاحفها ومدارسها ومستشفياتها
ومقابرها ومرافقها!..
وهم الذين
اقترفوا جريمة الهجوم
بالطائرات الحربية والأسلحة
الخفيفة والثقيلة، على أكثر من
ألف معتَقَلٍ سجينٍ من صفوة
الشعب السوريّ، مكبّلين
بالأصفاد في سجن تدمر الصحراويّ
الرهيب، وإبادتهم كلهم إبادةً
شاملةً كاملة خلال ساعات!..
وهم الذين قاموا
بتحويل أكثر من ثلاثين ألف
إنسانٍ مواطنٍ سوريٍ من مختلف
الدرجات والشرائح الاجتماعية
والعلمية والثقافية والمهنية..
إلى هياكل عظميةٍ في مقابر
جماعية، بأحكام المحاكم
العسكرية الميدانية الظالمة،
التي يديرها عسكريون أمّيّون
طائفيون حاقدون لا يعرفون (فك
الخط)!..
وهم الذين سحقوا
مئات العائلات والأُسَر على
بكرة أبيها، لمجرّد وجود شخصٍ
معارضٍ للنظام بين أفرادها!..
وهم الذين كانوا
يفقئون عيون أطباء العيون،
ويَشُلّون أعصاب أطباء
الأعصاب، ويسحقون عظام أطباء
العظام.. من المعتقلين قبل
تصفيتهم!..
وهم الذين أصدروا
قانوناً إرهابياً عُرفياً..
يقضي بحلّ كل النقابات المهنية
السورية المنتَخَبة انتخاباً
شرعياً، ثم قاموا باعتقال أعضاء
مجالسها الشرعية والتنكيل بهم!..
وهم الذين
اغتالوا غدراً وشذوذاً
إرهابياً : المؤمنة المسلمة (بنان
الطنطاوي) في ألمانية، والشيخ (نزار
الصباغ) في إسبانية، والأستاذ (صلاح
البيطار) في فرنسة، والقاضي
اللاجئ (عبد الوهاب البكري) في
الأردن، والصحفي (سليم اللوزي)
في لبنان، والشيخ الخزنوي في
دمشق.. وغيرهم!..
وهم الذين أرهبوا
جيلاً كاملاً من أبناء الشعب
السوريّ ونكّلوا بهم، من الذين
وُلِدوا مهجَّرين في مشارق
الأرض ومغاربها، وحرموهم من
حقوقهم المدنية والإنسانية،
وجرّدوهم من حقوق المواطَنة..
بحجة معارضة آبائهم أو أجدادهم
للنظام!..
وهم الذين قاموا
باغتصاب الوطن، واختطاف شعبه،
وتزوير إرادته بصناديق الـ (99.99%)،
وحُكموه بالحديد والنار
والقمع، والأحكام العرفية
وقوانين الطوارئ المستمرة منذ
ما يقرب من أربعة عقود!..
وهم الذين حوّلوا
الوطن إلى مزرعة، تحكمها شرائع
الغاب وعضلات الحشّاشين من
مافيات العائلة الحاكمة..
ونهبوا سورية ومارسوا أبشع
أنواع اللصوصية بحق ثرواتها
وأبنائها، وهرّبوا الأموال إلى
البنوك العالمية بأسمائهم
الشخصية أو بأسماء بناتهم
وزوجاتهم وحواريّهم!..
إنّ الدعاوى
العِراض، التي يطلقها ذوو العقل
(غير المنغلق) المنفتح على (موشيه
كاتساف) من أركان النظام
السوريّ ضد الوطنيين الشرفاء
والإسلاميين والجماعات
الإسلامية والوطنية المعارضة
للظلم والإرهاب الحكوميّ،
فيقلِبون بذلك الحقائق .. إنّ
هذه الدعاوى والمزاعم
الهستيرية غير المسؤولة، هي
صفحة أخرى من إرهاب الدولة
المنظّم المقنّن المستمرّ منذ
عشرات السنين!.. وهي لا تنكأ
الجراح فحسب، ولا تؤجّج نار
العداوة والبغضاء بين أبناء
الوطن الواحد فحسب.. بل تدعو إلى
المراجعة والتأمل مليّاً في
دعاوى أخرى أعرض منها، أُطلِقَت
خلال خطاب القسم الشهير، وأوهمت
الشعب السوريّ الذي يتوق إلى
الانعتاق والحرّية، بخطواتٍ
قادمةٍ مزعومةٍ من الانفتاح
وإطلاق الحرّيات، والتوقّف عن
الممارسات الشاذة والانتهاكات
المخزية المتعدّدة الأشكال
والألوان.. لحقوق الإنسان
السوريّ!..
إنّ دعاوى
الإرهاب التي يطلقها أركان
النظام السوريّ بالفم الملآن
هذه الأيام بزعامة الوريث غير
الشرعي، بلا خجلٍ أو حياء.. لا
تختلف عن دعاوى مجرم الحرب
الإرهابيّ : (آرئيل شارون)، الذي
يزعم أنه يكافح إرهاب الشعب
الفلسطينيّ المسلم، الذي يتوق -كما
يتوق الشعب السوريّ المسلم- إلى
الانعتاق والتحرير والحرّية!..
كما لا تختلف عن مزاعم الإدارة
الأميركية الإرهابية بأنها
تكافح الإرهاب، بينما هي في
حقيقة الأمر تمارسه في أبشع
صُوَرِهِ ضد الأمم والشعوب،
فمَن هو الإرهابيّ يا بشار
الأسد ؟!..
قلنا في بداية
حديثنا : نستبشر خيراً بسذاجة
النظام وسطحية وريثه، وتخبّطه،
واستهتاره بكل الأصول الوطنية،
وممارسة حقده الأعمى الموروث..
فإنما هي مظاهر السقوط المريع
والاندحار المدهش، وعلامات
الهزيمة والارتجاج، التي
تلاحَظ عادةً قبيل أن يهوي
الطغاة إلى أسفل السافلين..
فاستبشروا معنا خيراً أيها (الإرهابيون)،
المقتولون بالبنادق التي دفعتم
ثمنها من عَرَقِكم ودمائكم
وجيوبكم، لتحرير أرضكم المحتلة
في الجولان.. فارتدّت إلى صدوركم
على أيدي إرهابيي النظام الفئوي
العائلي.. واستبشروا خيراً كذلك
يا أيها المنفيّون عن وطنكم
بغير وجه حق.. ويا أيها القادمون
إلى الدنيا من بطون أمهاتكم (الإرهابيات)
في بلاد المهجر، المحرَّم عليكم
وطنكم السوريّ، ولم تولَدوا
بعدُ.. ويا أيتها الثكالى
والأرامل اللواتي لا تعرفن مصير
أزواجكنّ وأبنائكنّ المسجونين..
ويا أيها العجائز والشيوخ الذين
انتظرتم السنين الطوال، ثم
مضيتم إلى العالَم الآخر، وفي
حلوقكم غصّة الشوق للقاء
أبنائكم وأحفادكم، المغيَّبين
ظلماً في أقبية السجون
الصحراوية، أو المهجَّرين
المشرَّدين في أصقاع الأرض، أو
المدفونين في المقابر الجماعية!..
يا أولئك جميعاً :
استبشروا خيراً، فقد جنّ
النظام، وطاش حجره.. ولم يبق إلا
سقوطه، لتسقط معه كل الأكاذيب
وآثار الحقبة الدموية
الإرهابية، التي صنعها ولم تشهد
سورية مثلها على مرّ التاريخ!..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|