نشكرك
يا بشار على اعترافك بخيانتك
د.
منير محمد الغضبان*
لقد قدمت المقاييس
والمواصفات لأبطال الخيانة ولم
نفعل إلا تفصيلها عليك:
1. لكي لا نغرق في
الكلام النظري لنسأل أنفسنا
ماذا حقق لنا الانقياد اللاحكيم
واللاعقلاني والمتهور خلف بعض
حكمائنا الافتراضيين وعقلائنا
الشكليين خلال عقود مضت؟ لقد
حقق الكثير، لكن ضد مصالحنا،
ولنأخذ عملية السلام تحديداً
كمثال ونتساءل إن كانت فشلت أم
لا؟ (نحن العرب خلال مسيرة عملية
السلام تبنينا خيار عملية
السلام الوحيد وألفينا كل
الخيارات الأخرى... والنتيجة
أننا نحن الذين أصبحنا محرجين
أمام شعبنا العربي وفقدنا
احترامنا ومصداقيتنا أمام
أصدقائنا وخصومنا في آن واحد)
نعم الذي رفض ذلك المنطق
المقاومة في فلسطين والمقاومة
في العراق والمقاومة في لبنان.
وما عداهم فكلهم شركاء في ذلك.
لكن الفرق بين
الأنظمة العربية وبينك وحدك
أيها القائد الهمام أن لك أرضاً
محتلة وبقيت محافظاً على الخيار
الاستراتيجي السلام حتى اليوم،
ولم تطلق طلقة واحدة لتحريرها،
فأنت الغاطس إلى أذنيك فيما
توزع من خيانات، وليس لك أن
تتباهى أيها الأقرع بشعر ابنة
خالتك، وأنت أعظم من فقدت
مصداقيتك أمام أصدقائك وخصومك.
2. يقول الحاكم
بأمره: (( وبدأ الحديث عن السلام،
واستمر هذا الحديث عن السلام
حتى وصلنا إلى عملية السلام في
مدريد، ومر هذا الموضوع بمراحل
مختلفة، عندما اطمأنت منظمة دول
العالم المهتمة بأن عملية
السلام أقلعت من خلال المفاوضات
وسلمت العملية برمتها إلى
الولايات المتحدة، وبقيت
الولايات المتحدة
الراعي الوحيد لهذه العملية
وسلمتها لإسرائيل. وبالتالي كان
كل مقترح يأتي إلى العرب خلال
تلك الفترة إما أن يكون مقترحاً
إسرائيلياً أو مقترحاً صادقت
عليه إسرائيل. وعندما أدركت
معظم دول العالم أن العرب
أسقطوا خيار السلام الحقيقي،
واستبدلوه بخيار سلام استرضاء
إسرائيل والولايات المتحدة
أداروا ظهورهم لعملية السلام
ولنا)).
وأنت أيها الحاكم
بأمره، ماذا فعلت أمام هذا
الواقع؟ لقد أشعل الفلسطينيون
انتفاضتهم الأولى والثانية وهم
في ظل الاحتلال يرفضون السلام
الذي ذكرته. وأعلن العراقيون
حربهم على أمريكا وأمريكا جاثمة
على صدورهم يقتلون بمئات الألوف
ويرفضون هذا السلام المزعوم
الذي ذكرته. وتحركت المقاومة
اللبنانية لتحرير مزارع شبعا
التي لا تعدو ألف كيلو متر مربع،
ورفضوا منطق السلام الذي أوضحته.
وأنت ماذا فعلت؟ وقد مر على
مفاوضاتك ومفاوضات أبيك خمسة
عشر عاماً مع إسرائيل وأمريكا.
فهل أعلن أبوك أو أعلنت أنت
الانتفاضة السورية العظيمة
لتحرير الجولان، أم أنك وأباك
صبرتما خمسة عشر عاماً، ولا
تزال تطالب وترجو وتتوسل إلى
أمريكا وإسرائيل أن يفاوضوك وهم
يرفضونك، وحتى اليوم تعلن عن
استعدادك، ولا تعلن عن إلغاء
هدنتك مع إسرائيل. وترفض طلقة
رصاص واحدة من حدودك والأرض
العربية كلها اشتعلت بالنار
وأنت اشتعلت واحترقت معها
بالكلام والتأييد قائلاً للغرب:
لا تنظروا إلى كلامي. ولكن
انظروا إلى مواقفي، فسأحمي حدود
إسرائيل وسأحمي حدود الجولان
بيد إسرائيل من أي مغامر. والذي
يفكر بذلك فمصيره السجن أو
المقصلة. فمن الذي منعك أن تتحرر
من خيانتك وتنطلق مع المقاومين
الشرفاء لتحرير الجولان لا
لتحرير مزارع شبعا والعراق
وفلسطين، وقد أكدت أن كل مشاريع
السلام اليوم هي إما أن يكون
مقترحاً إسرائيلياً أو مقترحاً
صادق عليه الإسرائيليون؟
إننا نتقدم بجزيل
الشكر لك أنك قدمت لنا بفصاحتك
العظيمة الحجة التي ندمغك فيها
بخيانتك.
3. يقول الحاكم
بأمره: (( اليوم تكرر نفس
التداعيات بمجموعات لبنانية
تفشل في تحقيق مخططها لمصلحة
إسرائيل فتحرض لمجيء إسرائيل
عسكرياً لإنقاذها من الورطة
ولضرب المقاومة وبالتالي إلحاق
لبنان بالركب الإسرائيلي... في
عالم الأعمال عندما يفشل المنتج
بعيد طرحه في السوق ونحن نؤكد أن
المنتج هو منتج 17 أيار وهذا
المنتج هو منتج إسرائيل)).
ترى أيها الحاكم
بأمره هل تأييدك للمقاومة
وإمدادها بالسلاح وتشجيعها على
مهاجمة إسرائيل وخطف الجنديين
هو تحريض لمجيء إسرائيل عسكرياً
لإنقاذك من الورطة ولضرب
المقاومة؟ وبالتالي أنت منتج
إسرائيلي.
لقد كانت قوى 14 آذار
أشرف منك مليون مرة، فلقد دمر
لبنان كله ورفضوا بشرف وإباء أن
يمسوا المقاومة بكلمة،
واعتبروها تدافع عن شرف لبنان،
وأدركت المقاومة هذا الموقف
العظيم، فوقفت مع شركائها
موقفاً واحداً لإنقاذ لبنان،
واتخذ القرار اللبناني بنقاطه
السبع باسم لبنان كله. فما بالك
اليوم تريد أن تقول للمقاومة :
شركاؤكم منتج إسرائيلي. فوجهوا
صواريخكم نحوه إن أوقفتوها على
إسرائيل، وأنا معكم.
شكراً لك على
توصيفك. وما نعلم منتجاً
إسرائيلياً الآن يفوق من يريد
بث الفرقة في لبنان وتحويلها
إلى حرب أهلية، ونشكر ممثل حزب
الله في المجلس النيابي
اللبناني الذي رفضك ورفض توصيفك
بقوله: حزب الله لا يتبنى كلام
الأسد فيما يتعلق بقوى 14 آذار
رافضاً اعتبار فريق 14 آذار
عميلاً لإسرائيل.
4. ويتابع الحاكم
بأمره قوله : (( وهنا تكمن
الحقيقة الثالثة التي تؤكد
محدودية القوة الإسرائيلية رغم
تفوقها، ونحددها بقوة إيماننا
وثباتنا وإرادة القتال. وهذا
الأمر يجب أن يعزز الثقة في
نفوسنا ويمحو كل أثر للهزيمة
النفسية التي عززتها الدعايات
المعادية، والتي يرى أصحابها أن
المعركة محسومة لصالح إسرائيل...))
إن كان الأمر كذلك أيها
الأسد فما الذي تنتظره لتحرير
الجولان التي فرط فيها أبوك
لتمحو عار الهزيمة الذي لحق بك
وبأبيك؟ وأنت الذي تؤكد محدودية
القوة الإسرائيلية رغم تفوقها.
أنت أحد الرجلين: إن كنت
صادقاً فيما نقول، فلا بد أن
تهزم إسرائيل بقوة إيمانك
وثباتك وإرادة القتال عندك،
وشعبك يملك هذه العناصر جميعاً،
وهو الذي يطالبك بفتح جبهة
الجولان وتحريرها. وإما أنك لا
تملك قوة الإيمان ولا تملك
الثبات ولا تملك إرادة القتال،
فتنح عن سلطتك ودع شعبك الذي
يملك قوة الإيمان هذه. وإرادة
القتال هذه والثبات كفيل
بتحريرها حين يتحرر منك ومن
طغيانك وجبروتك، ومنعك له عن
القتال لتحرير وطنه.
5. ولنستمع إلى
مقارنتك العجيبة الغريبة ((
نستطيع أن نجري مقارنة بين حرب
1982 قبل 24 عام والحرب الأخيرة في
لبنان منذ أيام. في العام 82 بدأت
إسرائيل حربها أو دخولها إلى
لبنان في 6 حزيران. وصلت إلى
بعبدا المشرفة على بيروت في 26
حزيران، أي في اليوم السابع
كانت إسرائيل على مشارف بيروت،
ثم تابعت عملية تطويق بيروت
واحتلالها. واليوم بعد خمسة
أسابيع تقريباً إسرائيل تجاهد
وتعاني لكي تحتل بضعة أمتار هنا
وبضعة مئات من الأمتار هناك،
وتحاول أن تصل لأقرب نقطة من
الليطاني وهي ستة كيلومترات ولم
تتمكن... في عام 1982 كان هناك
مقاتلون فلسطينيون ولبنانيون
أشداء، وقاتلوا فعلاً، لكن هذا
لا يكفي إرادة القتال لدى بعض
القياديين في عام 1982 لم تكن
موجودة على الإطلاق، أما الآن
فهناك إرادة قتال موجودة لدى
القاعدة ولدى القمة. وهناك نضال
شعبي ساعد على هذا النجاح هذا
فرق أساسي يجب أن نعرفه في الفرق
بين الحربين من الجوانب الأخرى
الإيجابية أيضاً لهذه الحرب
أنها عرت الوضع العربي بشكل
كامل)).
دعنا أيها الحاكم
بأمره نسأل أولاً هذا السؤال:
وأين كانت القوات السورية في
حرب عام 1982؟ ألم تكن في لبنان
حارسة أمينة؟ ولم تطلق طلقة
رصاص واحدة في الدفاع عن
الفلسطينين واللبنانيين، لأنها
لا تملك إرادة القتال! وتركت
بيروت تسقط بيد الإسرائيليين.
وفي هذا صفعة للمدافع عن
التخاذل والمتخاذلين الأستاذ
محمد حبش الذي يزعم
أنه لو كانت سوريا موجودة
اليوم في لبنان لما وقع ما وقع
بالشعب اللبناني. ألم تكن
موجودة بعشرات الألوف
بصواريخها ودباباتها وطائراتها
في لبنان يوم وقع الاجتياح
الإسرائيلي؟ وكما يقول المثل :
إذا كنت كذوباً فلا أقل من أن
تكون ذكوراً.
6. هذا من جهة، ومن
جهة ثانية دعنا أيها الحاكم
بأمره ننقل كلماتك بالنص لكن
بحذف حرب ال82 ووضع حرب 1967، ونترك
لك الحكم الذي أصدرته ((نستطيع
أن نجري مقارنة بين حرب 1967 قبل 40
عاماً والحرب الأخيرة في لبنان
منذ أيام. في العام 1967 بدأت
إسرائيل حربها أو دخولها إلى
سورية في 6 حزيران، ووصلت إلى
القنيطرة في اليوم نفسه. كانت
على مشارف القنيطرة ثم تابعت
عملية تطويق القنيطرة
واحتلالها ووصلت إلى مشارف دمشق.
واليوم بعد خمسة أسابيع تقريباً
إسرائيل تجاهد وتحاول أن تصل
لأقرب نقطة من الليطاني وهي 6
كيلو مترات ولم تتمكن. في عام 1967
كان هناك مقاتلون سوريون أشداء
وقاتلوا فعلاً. لكن هذا لا يكفي.
إرادة القتال لدى وزير الدفاع (حافظ
أسد) الذي أعلن سقوط القنيطرة في
عام 1967 لم تكن موجودة على
الإطلاق، أما الآن فهناك إرادة
قتال موجودة لدى القاعدة ولدى
القمة، وهناك نضال شعبي ساعد
على هذا النجاح، هذا فرق أساسي
يجب أن نعرفه في الفرق بين
الحربين، ومن الجوانب الأخرى
الإيجابية أيضاً لهذه الحرب
أنها عرت الوضع (السوري الثوري
التقدمي ) والوضع العربي بشكل
كامل)).
هل ظلمناك أو ظلمنا
أباك بشيء أيها الحاكم بأمره
والزعيم المقدام؟
نشكرك على أن قدمت
لنا المواصفات والمقاييس
والخيانة وبمواصفاتك وبمقاييسك
حكمنا عليك، فكنت بطل الخيانة
العظيم مع أبيك. وليس عجيباً أن
تذبح شعبك وتدمر بلدك وتكتم
أنفاسه وتخنق حريته
وتمنع الشعب من تحرير وطنه،
لكن العجيب أنك تدعي البطولة
والفتح المبين بانتصار
المقاومة في لبنان وفلسطين.
نهدي إليك باسم
شعبك هذا النداء:
أسـد علي وفـي
الحـروب نعامة
فتخاء تصفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى (يهودك)
في الوغى
أم كان قلبك في
جناحي طائـر
وتقبل تحياتنا.
*باحث
ثقافي إسلامي
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|