ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 06/09/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

متى تعود الابتسامة إلى أهلها؟!

فلسطين .. المعاناة .. والعقوبات .. وسبيل الخلاص

عيسى القدومي

صور انسحاب آليات الاحتلال وجنوده من جنوب لبنان، وتوقف القصف الوحشي على أجساد ومساكن الآمنين العُزل، لا شك أن ذلك يُفرح كل مسلم عاش أياماً عصيبة وهو يرى الدماء والأجساد التي اختلطت ببقايا صواريخ وقذائف العدو...

ومن جانب آخر يعتصر الألم كل من يُتابع ما يحدث في فلسطين، حيث مازالت الآلة العسكرية اليهودية المجرمة تُمارس عربدتها وجبروتها على الأبرياء بلا رقيب ولا مُساءلة دولية؛ ففي كل يوم تُضاف حلقة جديدة من حلقات المسلسل الإجرامي الذي تُمارسه قوات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ورموزه، مستغلة بذلك حالة الصمت الدولي والعجز العربي والإسلامي، لتصعّد من جرائمها المتواصلة بحق السكان المدنيين في أرض فلسطين المحتلة، متجاوزة بذلك الأعراف والمواثيق الدولية والمبادئ والقيم الأخلاقية كافة.

سؤال لطالما رددناه: إلى متى تبقى قضية فلسطين بلا أي تقدم أو حل؟ شعب تُسفك دماء أبنائه صباحاً ومساءً، وتُمس كل ثوابته، وتُدنس مقدساته، وتُسلب أرضه، ويُسجن شعب بأكمله بجدار وأسلاك شائكة، وحصار خانق، ومليون ونصف النسمة في غزة وحدها يعيشون على 1.3% من مساحة فلسطين التاريخية بسجن لم يشهده التاريخ، وأكثر من 80% يعيشون تحت خط الفقر.

وتُحارب حكومتهم ويُسجن وزراؤهم، ويُعتقل رئيس مجلسهم التشريعي ونائب رئيس الوزراء، فيما سعى بعضهم لاغتيال رئيس وزرائهم بطرود مفخخة، ويُزج بقياداتهم في المعتقلات ويرزح قرابة عشرة آلاف أسير فلسطيني في السجون بمحاكمات جائرة أو دون محاكمات في زنازين الاحتلال... أهكذا تكون رعاية "الديموقراطية" في المنطقة؟! أهذا هو "الشرق الأوسط الجديد" الذي كنتم تُبشروننا به؟! أهذا هو "النعيم الاقتصادي" الذي ستنعم به المنطقة؟! وكلما ازدادت الوعود لا نرى على أرض الواقع إلا الدمار والمزيد من الدماء، وتقسيم للمنطقة يتبعه تجزئه، ومدن الضفة الغربية قُطّعت أوصالها... وسُجن سكانها وسُلبت مزارعهم ومياههم..

بالإضافة لتلك المعاناة أغلقوا جميع المعابر لقطاع غزة، وقصفوا محطات الكهرباء، ومنعوا وصول صهاريج الوقود، ليُحكموا قبضتهم على المليون ونصف المليون نسمة بالقتل البطيء، بل لبعض مرضاهم بالقتل الفوري بقطع التيار عن الأجهزة الطبية. هذا في غزة وحدها، أما في الضفة ومدنها فلها نصيب أوفر من القتل والهدم مهما هدئت الأوضاع هناك؛ فالحرب مستمرة والمعاناة تتفاقم لدرجة الموت، والأصوات التي تعالت حين مطالبتها بفك أسر الجندي الصهيوني، خمدت وبشكل مخز أمام الاعتداءات الوحشية، لأنها ذات وجهة واحدة، لا ترى إلا معاناة اليهود الغاصبين لأرض فلسطين!!

حصار اقتصادي ومعنوي شامل، وتدمير لبنيته التحتية من كهرباء وماء فلا يكاد يصل التيار الكهربائي في هذا الصيف أكثر من 3 إلى 4 ساعات يومياً في قطاع غزة، ونساء وأطفال ورجال عالقين لأكثر من أسبوعين على معبر رفح، وحينما يُفتح ذلك المعبر فلا يتعدى الأربع ساعات، معاناة يصعب وصف حال أهلها مهما سُطرت الكلمات وجُمعت العبارات.

لا شك أن الوضع الحالي في فلسطين بهذه الصورة هو أمنية وحلم يهودي لطالما عملوا من أجله... حصار وتجويع... قتل وتصفية... تهويد وتدنيس للمقدسات... تجاوز لكل الاتفاقات المبرمة والمعاهدات الدولية... تحالف دولي لقطع جميع التحويلات حتى ولو كانت لمسح دمعة أرملة وكسوة يتيم وإغاثة مسكين لا يجد كسرة خبز!! وشعب يستجدي "الكيلو من الطحين" لترجع بنا الذاكرة إلى المساعدات والإغاثات الدولية التي أعقبت نكبة فلسطين وتشريد اللاجئين ووقوفهم أمام توزيع الحصص الغذائية في مشهد لا يزول من الذاكرة، ليُعاد لنا المشهد من جديد بعد 58 عاماً من الذل والهوان، عقاباً لا للحكومـة الجديدة بل للشـعب الذي "ضل السـبيل" بانتخابـه ممثلين له على غير شـاكلـة من يهواهم النظام العالمي الجديد والاحتلال اليهودي وبعض دول الجوار!!

 

على ماذا يُعاقب الشـعب الفلسـطيني!؟

الحقيقة التي يجب أن تُعرف لمن يقرأ التاريخ المعاصر أن مأسـاة فلسـطين لم تبدأ بفوز هذا أو ذاك، بل هي مسـيرة ظلم عانى منه الفلسـطينيون لأكثر من مائـة سـنـة؛ فمأسـاة فلسـطين بدأت منذ اقتلاع أهلها من أرضهم، وإحلال شـتات اليهود في مسـاكنهم وممتلكاتهم وأرضهم، والتي كان من حلقاتها الحديثة الظالمة "الجدار العازل" ذلك الجدار الذي سجن شعباً بأكمله في أكبر سجن في التاريخ مساحةً، وأكثر عدداً من المساجين؟! وتبعه الانسحاب الأحادي الجانب الذي حوَّل غزة إلى سجن كبير، وإلى هدف سهل للقصف والحصار والتجويع والعقاب الجماعي والإذلال.

إذاً ما الجديد وما الذي تغيَّر على الشعب الفلسطيني؟ الذي تغيَّر تحت الاحتلال اليهودي والظلم الذي يعيشه المسلمون في فلسطين، ليس فرض هذا التجويع والإذلال، بل الأسباب التي يرددها الاحتلال لتبرير ممارساته بحق الفلسطينيين!!! إنه احتلال من نوع جديد لشعب لا حقوق له على الإطلاق، وممارسات لا يتقبلها حتى أخس الشعوب، ونريد منهم أن يرضوا بواقعهم كما هو؟!

متى نصحو لنعرف الحقيقة "حقيقة أن قادة الاحتلال في فلسطين أصحاب مشروع واحد" وهو تمكين ذلك الكيان الغاصب من أرض فلسطين ولن يكون ذلك إلا بتلك الممارسات الوحشية، وحواجز الإذلال الموزعة على أكثر من 475 بقعة يقف أمامها الفلسطينيون بالساعات بل بالليالي والأيام أحيانا ليذوقوا الذل والهوان، وهدفهم واحد هو الإذلال الذي عبَّر عنه رئيس حكومة الاحتلال الأسبق (إيهود باراك) بقوله: "إسـرائيل تعلمت أنه ليـس ثمة سـبيل لتحقيق النصر بالاحتلال، وإن الطريق الوحيد هو اختيار شـدة الإهانة!!"

ولكن أنى لهم ذلك على الرغم من تفنن جنود الاحتلال اليهودي في اتباع الأساليب المبتكرة وغير المألوفة بهدف الإذلال والقهر للنيل من كرامة أهل فلسطين وإلحاق الأذى النفسي بهم، بدءاً من احتلال الأرض، وعمليات القمع والإرهاب والتعذيب حتى الاعتراف أو الموت، و تحويل المساجد إلى زرائب للحيوانات، وأوكار للخنازير والفجور، وجرف الأراضي، والقتل والتشريد، وهدم البيوت، وترك الأطفال والنساء والعجائز في العراء، والاغتيالات والتصفيات، والاستفزاز والإذلال، ومعاملة أهل فلسطين معاملة الحيوانات!!؟؟

 

عقاب من آخرين:

لم تقتصر المعاناة على الفلسطينيين الموجودين في فلسطين بل تعدى إلى من هم في العراق؛ فهم يمرون بأسوأ ظروف لم يعهدوها منذ أن وطئت أرجلهم أرض العراق التي قاربت الستين عاماً، تعايشوا خلالها هم وأجيالهم مع شعبها وتصاهروا وتآلفوا، وحالهم اليوم يعجز عن وصفه القلم، واقع مرير من تهجير إلى قتل وتعذيب وتنكيل واعتقالات، وتهديد مستمر لدفعهم للخروج من العراق بعد أن سُلب منهم أي وصف قانوني، فلا هم لاجئون أو مقيمون ولا هم وافدون أو مهجّرون!!!

مما دفعهم إلى توجيه النداءات تلو النداءات لوقف الاعتداءات عليهم، وتوفير الحماية لهم. ومازال مسلسل القتل اليومي على أيدي بعض الطائفيين العنصريين بلا حساب أو رقيب!!

 

الصبر الصبر:

وفي ظل هذه الأزمات التي يمر بها إخواننا في فلسطين فإن أهم ما نحتاج إليه نحن جميعاً ـ في هذا العصر الذي كثُرت فيه المصائب وتعددت أوجهها ـ الصبر، لأنه عادة الأنبياء والمتقين، وحلية أولياء الله المخلصين، فالصبر ليس حالة جبن أو يأس أو ذل، بل الصبر حبس النفس عن الوقوع في سخط الله تعالى وتحمل الأمور بحزم وتدبر, والصابرون يوفون أجورهم بغير حساب: "أُوْلَـئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً" [الفرقان:75]، وقال تعالى عن أهل الجنة: "سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ" [الرعد:24]، فهو المحك الرئيس لصدق العبد في صبره، واحتسابه مصيبته عند الله، قال سبحانه مُصَبِّرًا وواعِدًا بالحسنى: "ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون".

 

ما المطلوب منا؟

وقفة أمتنا الإسلامية والعربية مع قضية فلسطين وشعبها مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى... فالحصار إلى اشتداد، والاعتداءات في ازدياد، والآلام تتفاقم، والمعاناة ليس لها حدود...

لابد أن نكسر الحصار المفروض للتجويع والإذلال، ولا نُمانع أن وصفونا حينئذ "بالإرهاب"... فليتبرع كل منا للشعب المسلم المحاصر، ولنُسهم جميعاً في إيصال المال للأيتام الذين انقطعت عنهم الكفالات الشهرية بسبب قطع سبُل إيصال الأموال إلى فلسطين وبنوكها، فالآلاف منهم ينتظرون إيصال مخصصاتهم، أرامل وأُسر متعففة ومرضى وطلبة انقطعوا عن جامعاتهم ومعاهدهم، وبعضهم في السنوات الأخيرة، يأملون أن يُرفع الحصار عن الحوالات لإيصال مخصصاتهم الشهرية من المؤسسات الخيرية والتطوعية.

مطلوب منا وقفة مع البنوك العربية التي تمنع تحويل الأموال والمبالغ للشعب الفلسطيني ومؤسساته الخيرية، والتي ساهمت بحصار الشعب الفلسطيني بعد أن خضعت للضغوط واستجابت للأوامر حتى لا تتهم بمساندة "الإرهاب"!!! أليس لنا الحق كأمةٍ إسلامية وشعوباً ترى المعاناة ـ على الهواء مباشرة ـ في وضع تلك البنوك في القائمة السوداء، ولنحاسبها حول انهزامها في أول مواجهة!!؟؟

ومطلوب منا كذلك أن نعي المؤامرات التي تدور حول فلسطين وشعبها، وأن نعرف ما وراء تلك الأحداث، وكيف سُخّر الإعلام الغربي وغيره لتبرير الحصار وسياسة القتل البطيء للمسلمين في الأرض التي باركها الله للعالمين وفضَّلها لتكون مقام الطائفة المنصورة إلى آخر الزمان.

ومطلوب منا أيضاً أن نعرف أسباب النصر على أعدائنا، وألا نضخم قوتهم ونردد مقولاتهم بأن جيشهم لا يُقهر، فقد انكشف زيفهم وهم أجبن خلق الله تعالى، وأكثرهم رعباً وخوفاً إن كانت هناك مواجهة وحرب حقيقية والتي لم تحصل بشكل كامل إلى الآن!!

مطلوب منا أن نتوحد حول قراراتنا العربية والإسلامية التي تحق الحق وترد الباطل ـ وما ذلك ببعيد ـ كما توحد الغرب الأوروبي والأمريكي حول رُؤاه ومواقفه وقراراته بكل ما يتعلق بفلسطين وشعبها، واجتماعهم على وقف المساعدات المخصصة للحكومة الفلسطينية المنتخبة والشعب الفلسطيني بأكمله وموقفهم من الاعتداءات الصهيونية الظالمة. أليس في استطاعتنا ونحن نملك الكثير أن نقابل تلك القرارات، بمواقف وقرارات مماثلة حتى لا نترك إخواننا في فلسطين يواجهون الحصار والموت البطيء وحدهم؟!!

الآن مطلوب منا أن نقول (لا) لتقسيم المنطقة تحت مسمى "شرق أوسط جديد" ورسم خريطة المنطقة ـ بسايكس بيكو جديد ـ  مفكك على أُسس عرقية وطائفية ومذهبية يشتبك الجميع فيه مع بعضهم البعض بينما يتصالحون جميعاً وربما يتحالفون أيضاً مع الدولة العبرية، لتقودنا تل أبيب كالماشية بين يدي جزارها!!

ومطلوب منا ألا نُبرر لليهود ممارساتهم بالذرائع التي أرادوا أن يُقنعوا العالم بها لإكمال مسيرتهم في ضرب البنية التحتية والمؤسسات، وكل مظاهر الحياة على أراضي الضفة والقطاع.

ومطلوب أولاً وأخيراً من الشعب الفلسطيني أن يُوحد صفوفه ويتمسك بثوابته الشرعية ويُدافع عنها، وينبذُ الخلاف ويقف صفّاً واحداً في مواجهَة الاحتلال والمتغيّرات العالميّة والثبات على نهجِ الوَحدة القائم على الشريعة الإسلامية؛ الوحدة التي لا يُذّل فيها مظلوم، ولا يشقى معها مَحروم، ولا يعبَث في أرضِها باغٍ، ولا يتلاعب بحقوقِها ظالم.

والمطلوب من المجتمع الدولي الخروج عن صمته، والقيام بواجباته الأخلاقية والقانونية تجاه سكان القطاع والضفة، وتوفير احتياجاتهم الأساسية، وتوفير الحماية الدولية لهم ولممتلكاتهم، والعمل على تحريرهم من سجن يُعد الأكبر في التاريخ من حيث المساحة وعدد المسجونين، وألا تترك بواباته خاضعة لتصرف السجان اليهودي ليقتل ويُجوع ويُدمر.

ومطلوب من الشعوب الإسلامية في العالم أن تقدم المزيد من الدعم والمآزرة لإخوانهم، وليحذر المسلمون جميعاً في العالم من أن يكونوا سبباً في التخاذل أو التواني أو النكوص عن دعم فلسطين والمصلحين فيها، فنصرة الشعب الفلسطيني نصرة للمسلمين وأرضهم وعزتهم وكرامتهم...

والحمد لله رب العالمين.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ